تناول التقرير الاسبوعي الصادر عن شركة الشال للاستشارات الاقتصادية تطور أسعار النفط وتأثيرها على الايرادات النفطية والموازنة العامة للدولة، كما بيّن اسباب الازمة المالية العالمية وتأثيرها على اسواق المنطقة والقطاع المالي في الكويت، مبينا اداء البورصة في الكويت خلال فترتين.
فالتقرير ذكر انه مع انتهاء شهر سبتمبر، يكون قد انتهى النصف الاول من السنة المالية الحالية 2008/2009، ومازالت اسعار النفط مرتفعة، ولكنها واصلت اتجاهها الهبوطي على نحو ملحوظ، مقارنة بمعدل شهر اغسطس، واقترب سعر برميل النفط الكويتي من مستوى الـ95 دولارا، وسجل ادنى معدل له منذ بداية السنة المالية الحالية، في الاسبوع المنتهي يوم 19/09، حين بلغ 86.50 دولارا للبرميل. وبلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي، لمعظم شهر سبتمبر، نحو 95.1 دولارا، منخفضا ما قيمته 16.1 دولارا للبرميل، اي ما نسبته 14.5%، عن معدل شهر اغسطس البالغ نحو 111.2 دولارا للبرميل.
وكان هذا المعدل قد بلغ، لشهر يوليو، نحو 130.2 دولارا، ولشهر يونيو نحو 123.2 دولارا، ولشهر مايو نحو 114.4 دولارا، ولشهر ابريل نحو 99.1 دولارا، اي ان معدل سعر برميل النفط الكويتي للاشهر الستة الاولى من السنة المالية الحالية، بلغ نحو 112.2 دولارا، وهو سعر يزيد بنحو 62.2 دولارا للبرميل، اي ما نسبته 124.4%، عن السعر الافتراضي المقدر في الموازنة الحالية، والبالغ 50 دولارا للبرميل، كما يزيد بنحو 46.2 دولارا للبرميل، اي ما نسبته 70%، عن معدل سعر برميل النفط الكويتي، للستة الاشهر الاولى من السنة المالية الماضية.
وكانت السنة المالية الماضية 2007/2008، التي انتهت بنهاية مارس الماضي، قد حققت معدلا لسعر برميل النفط الكويتي، بلغ نحو 75.6 دولارا للبرميل، اي ان معدل الاشهر الستة الاولى من السنة المالية الحالية اعلى بما نسبته 48.4% عن معدل السنة المالية الماضية، وهو امر طيب.
وطبقا للارقام المنشورة في تقرير المتابعة الشهرية لحسابات الادارة المالية للدولة – اغسطس 2008 – الصادر عن وزارة المالية، حققت الكويت ايرادات نفطية فعلية، حتى نهاية شهر اغسطس الماضي، بنحو 12.273 مليار دينار، وباعتماد المعدل الشهري لما تحقق فعليا، سترتفع الايرادات النفطية المحققة، خلال فترة 6 اشهر، الى نحو 14.4 مليار دينار، وربما اكثر، اذا اخذنا بالاعتبار بيع المكررات، اي اعلى بما نسبته 23.6%، عن الايرادات النفطية المقدرة في الموازنة لكامل السنة المالية والبالغة نحو 11.6526 مليار دينار، واذا افترضنا استمرار مستوى الانتاج والاسعار على حاليهما، فان قيمة الايرادات النفطية المتوقعة، لمجمل السنة المالية ستبلغ نحو 28.8 مليار دينار، وهي قيمة اعلى بنحو 17.15 مليار دينار، عن تلك المقدرة في الموازنة، ومع اضافة نحو 1.026 مليار دينار، ايرادات غير نفطية، فان جملة ايرادات الموازنة الافتراضية، للسنة المالية الحالية، ستبلغ نحو 29.83 مليار دينار، مقارنة باعتمادات المصروفات القياسية فيها، والبالغة نحو 18.966 مليار دينار، اي ان النتيجة ستكون تحقيق فائض افتراضي، في الموازنة، يقارب 10.86 مليارات دينار.
ولكن يبدو ان هذا المستوى من الايرادات لن يتحقق، لان اسعار النفط الى الانخفاض، وان استمرت على معدلها الحالي للاشهر الستة المقبلة اي ما بين 80 و90 دولارا للبرميل، ولنفترض انها ستبقى بحدود 85 دولارا لبرميل النفط الكويتي، فيفترض ان تنخفض الايرادات النفطية الى حدود 23.757 مليار دينار، والايرادات الاجمالية الى 24.575 مليار دينار بفائض محتمل بحدود 5.6 مليارات دينار.
وفي تحليل لتداعيات الأزمة المالية العالمية وتأثيرها على الاسواق المالية خلال المرحلة المقبلة، اشار التقرير الى الاهمية البالغة لأسواق المال في العالم لانها ببساطة تتيح قنوات رئيسية من التمويل المتنوع والاطول مدى لمشروعات تنموية يتوقف عليها أداء الاقتصاد وعمالته، وتلك الخلاصة الايجابية صحيحة بشكل اكبر في دول العالم التي تعتمد في نموها وعمالتها على القطاع الخاص، الا انها مشروع ازمة دائمة لنزوعها الى المغامرة على حساب الاستثمار، ومخاطرها او ازماتها اكثر احتمالا في الدول الاقل تقدما وتلك التي قطاعها الخاص ضعيف وقوانينها ونظمها رخوة، ودولنا نموذج لها، ومع العولمة الجديدة، وازدياد الاعتماد المتبادل دون حواجز، لم تدخر الازمة الحالية دولا في اقصى اليمين واخرى في اقصى اليسار، وامتد الاثر في جانبه النفسي ليشمل كل اسواق المنطقة.
ومتابعة الازمة تتيح مساحة واسعة للتعلم من تحليل مسبباتها وتداعياتها، من طريقة او طرق التعامل معها، ومن سلوك المتسببين فيها والمتعاملين في الاستثمار بأوراقها، ومن توظيفها وتوظيف حلولها سياسيا.
ويبدو ان احد المبررات الاساسية للأزمة كانت في طغيان نفوذ الشركات ومديريها التنفيذيين، فالقوانين والضوابط تلقى مقاومة شديدة من قبل تلك الشركات حتى أفرغت الكثير من الضوابط القانونية والمهنية من محتواها.
ففي احوال الرواج، يعم خوف شديد من الضغط على تلك الشركات بالالتزام بتلك الضوابط خوفا من ان يتهم من يقوم بالدعوة للانضباط بالتسبب في ايقاع الضرر بالوضع الوردي.
وعلى مستوى كل شركة اصبح المدراء التنفيذيون منافسين للمساهمين فيما يحصلون عليه من عائد ما دفعهم الى أخذ اعلى المخاطر لتحقيق اعلى عوائد شخصية لهم على المدى القصير، وازمة الرهن العقاري وسقوط مؤسسات مالية وعقارية عريقة، مثال صارخ لارتفاع مستوى الجشع لدى الادارات التنفيذية.
وعلى المستوى العام، يذهب البعض الى زمن ما بعد ازمة شركات الانترنت واحداث 11 سبتمبر، ويوجهون لوما شديدا الى السياسة النقدية شديدة التوسع التي اتبعها محافظ البنك الفيدرالي الاميركي الاسبق «آلن غرينسبان» وعلى مدى 4 سنوات متصلة.
وفي زمن يهدد فيه الركود اقتصادات الدول المتقدمة، تتحول الازمات الصغيرة او المتوسطة في تلك الاسواق الى حالة من الهلع وفقدان الثقة بما يحول الازمة الى الحجم الكبير، إذ وصفت الازمة الحالية بأنها الازمة المالية – وليس الاقتصادية – الكبرى منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي.
وفي المسؤولية عن الازمة لم يذكر أحد انها الادارة المسؤولة عن التداول، كما يحدث لدينا في الكويت، فالأسعار وتهاويها مسؤولية المتعاملين في السوق وأداء الشركات المدرجة وليست مسؤولية أو اهتمام ادارة البورصة.
وما يحدث حاليا في اسواقنا لا يقارن بما يحدث في اسواق العالم المتقدم وتحديدا الاميركية والاوروبية، لانها هناك ازمة انتقلت الى سيولة وملاءة القطاع المالي، ومنه قد تنتقل الازمة الى الاقتصاد الحقيقي.
بينما لدينا يبدو كل القطاع المالي محصنا ضد الازمة باستثناء احتمال هبوط مستويات الربحية لديه، والاقتصاد الكلي لا يعتمد بشكل مؤثر على أداء الشركات المدرجة، لذلك يختلف التشخيص، كما تختلف التداعيات جوهريا بين العالم المتقدم واسواق المنطقة، والجدول التالي يعرض للأداء المقارن بين اسواق الاقليم ما بين نهاية العام الماضي واقفالات يوم الاثنين الموافق 29/9/2008.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )