منى الدغيمي
كشف أمين سر مجلس الإدارة ومدير البحوث الاقتصادية في بنك الكويت الدولي د.صادق أبل عن أن الخطة الخمسية لعمل البنك الدولي مازالت في طور التنفيذ، مشيرا الى ان البنك يقوم بمراجعتها دوريا ويقوم بتطويرها وتعديلها وفقا لمتطلبات السوق. وأكد في حوار شامل لـ «الأنباء» أن البنك الدولي هدفه في الوقت الراهن التوسع محليا عبر فروع جديدة ولا يمانع من اقتناص الفرص الخارجية إن وجدت، لافتا إلى أن البنك يسير وفق خطة مرسومة ومدروسة بعناية فائقة. وأضاف أن آخر نشاطات إدارة البحوث الاقتصادية في البنك الدولي هو إعداد دراسة عملية تشغيلية عن سوق الودائع في الكويت. وعن وضع الاقتصاد المحلي في ظل الأزمة وما نتج عن هذه الفترة من تحولات ومستجدات على المستويين الاقتصادي والتشريعي قال في حواره ان قانون الاستقرار المالي سيساهم في حل مشاكل بعض الشركات المتعثرة واعتبره احد الخيارات التي أمام الشركات للخروج من الأزمة، ودعا الشركات لأن تدرس وضعها جيدا قبل اتخاذ قرارها بعدم دخولها تحت مظلة القانون. ورأى أن الطمع والتسرع في تحقيق أرباح سريعة ومعدلات نمو عالية قد ساهما في تفاقم الأزمة في بعض الشركات، لافتا إلى أن المشكلة الأساسية لاستفحال الأزمة في الكويت تفسر بسوء إدارة بعض الشركات وعدم وجود إدارات مخاطر جيدة في بعضها الآخر. وأضاف أن الأزمة كشفت أن النظام الإسلامي أكثر أمنا من التقليدي. وبالنسبة لسوق العقار الكويتي أكد انه لم يشهد أزمة، مبينا انه تراجع وتباطأ في معدلات البيع والأسعار واعتبر ان هذا يعد أمرا طبيعيا. وأكد أن السياسة النقدية في الكويت جيدة وديناميكية وفعالة خلال فترة الأزمة معتبرا إياها حزام أمان للقطاع المالي والمصرفي، ورأى أن معظم الدراسات الدولية لاسيما صندوق النقد الدولي اشاد بهذه السياسة، مشيرا إلى أن المشكلة بالنسبة للكويت أنها تفتقد سياسة مالية واضحة المعالم. وبخصوص اتفاقية الاتحاد النقدي بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي رأى أنها تشكل نقطة انطلاق مهمة في بناء مؤسسات الاتحاد النقدي، مبينا أن الهدف الأساسي من إنشاء البنك المركزي الخليجي هو ضمان استقرار الأسعار في منطقة العملة الموحدة في إطار التوظيف الأمثل للموارد الاقتصادية، وفيما يلي النص الكامل للحوار:
كيف تقيمون الوضع الراهن لبنك الكويت الدولي منذ أن بدأ نشاطه وفقا للنظام المصرفي الإسلامي؟ وما الخطط المستقبلية لتوسيع قاعدة مجالات أعماله؟
تحول بنك الكويت العقاري الى بنك يعمل وفقا للشريعة الاسلامية في يوليو 2007 وفي شهر مارس استأنف عمله المصرفي الإسلامي الشامل تحت اسمه الجديد وهو بنك الكويت الدولي، ومنذ ذلك التاريخ والبنك يسير وفق خطة مدروسة طموح لتوسيع نشاطه ومجالات عمله وفقا للشريعة الاسلامية، فقد استمر البنك في تقديم خدمات ومنتجات مصرفية اسلامية جديدة تلبي طلبات العملاء، وقدم وديعة الجود وبطاقات الميسرة ولاقت هذه المنتجات قبولا واستحسانا وطلبا من العملاء، اما بخصوص الخطط المستقبلية فان الخطة الخمسية لعمل البنك مازالت في طور التنفيذ حيث تم البدء فيها مع بداية التحول الى ما يقارب سنتين تقريبا والبنك يقوم بمراجعتها دوريا ويقوم على تطويرها وتعديلها وفقا لمتطلبات السوق.
مع انضمام بنك الكويت والشرق الأوسط إلى البنوك الإسلامية اعتبارا من العام القادم يصل عدد هذه البنوك إلى أربعة فهل السوق الكويتي في حاجة إلى هذا العدد؟ وكيف سيتنافس بنك الكويت الدولي مع هذه البنوك؟ وهل هناك خطط للخروج إلى الأسواق الخارجية؟
الطلب على المنتجات الاسلامية المصرفية في السوق المحلي يتزايد يوما بعد يوم ولا يضر الكويت ان تتحول كل البنوك فيها الى بنوك اسلامية، فالمنافسة شيء محمود لتقديم المنتج الجيد بسعر مناسب وجودة، حتى الآن هناك طلب متزايد على منتجات البنوك الاسلامية فالطلب يفوق العرض، فالسوق يستوعب الكل ولكل مصرف عملاؤه، نحن نرحب بانضمام بنك الكويت والشرق الاوسط الى الساحة المصرفية الاسلامية فعمل البنوك الاسلامية في الكويت عمل متكامل، اما فيما يتعلق بموضوع الخروج الى الاسواق الخارجية فالبنك الدولي هدفه في الوقت الراهن التوسع محليا عبر فروع جديدة ولا يمانع من اقتناص الفرص الخارجية ان وجدت، وانا اؤكد ان البنك يسير وفق خطة مرسومة ومدروسة بعناية فائقة.
يلاحظ أن الكثير من رؤساء مجالس إدارة الشركات أعلنوا خلال عمومية شركاتهم أنهم ليسوا في حاجة للانضمام إلى قانون الاستقرار المالي، ما أسباب ذلك؟
اعتقد انه مع مرور الزمن سوف نرى تبديلا في بعض وجهات نظرهم هذه، فلربما هناك تخوف من شروط القانون، ولكنني ادعو الشركات لأن تدرس وضعها جيدا قبل اتخاذ قرارها بعدم دخولها للقانون.
كيف تقيمون الواقع الفعلي للازمة التي تمر بها الشركات؟ وهل هي ناتجة عن سوء إدارة للاستثمارات أم ناتجة عن تداعيات الأزمة العالمية؟
اعتقد ان جزءا من المشكلة يعود الى تداعيات الازمة ذاتها ولكن المشكلة الاساسية في نظري انه يوجد في بعض الشركات سوء ادارة وعدم وجود ادارات مخاطر جيدة، ولربما ساهم الطمع والتسرع في تحقيق ارباح سريعة ومعدلات نمو عالية في تفاقم الازمة في بعض الشركات، هناك مثل تعلمناه في الدراسة هو «easy come easy go». فبعض الشركات كان يحب ان يسير بمعدلات عالية من النمو دون ان يأخذ نفسا ليقيم وضعه وامكانياته ومقدرته على الوفاء بدينه، والبعض الآخر تعثر بسبب الازمة وهذا يحتاج للوقوف معه ومساعدته لان المخاطر التي واجهته خارجة عن ارادته نحن نسميها مخاطر نظامية، انا اعتقد ان على شركات الاستثمار انشاء وحدات للبحوث والاستراتيجية في كياناتها لانها تساعد كثيرا في ترشيد قراراتها الاستثمارية.
الأزمة الراهنة
ما الخيارات التي تراها أمام الشركات للخروج من أزمتها الراهنة خاصة فيما يتعلق بآليات سداد ديونها؟
رفع رأس المال يعتبر فكرة جيدة والدخول في اندماجات فيما بينها لربما يخفف من حدة المشكلة وقانون الاستقرار المالي سوف يساهم في حل مشاكل بعض الشركات المتعثرة. تحتاج كل شركة على حدة دراسة وضعها من قبل شركات متخصصة في اعادة الهيكلة لكي تعطيها التوصيات المناسبة.
يعد قطاع شركات الاستثمار أكثر القطاعات التي تأثرت بالأزمة، ما أسباب ذلك؟ وما الاقتراحات التي تساعد هذه الشركات على الخروج من أزمتها؟
من الطبيعي ان تتأثر شركات الاستثمار بهذه الازمة لان الازمة ضربت مكونات العمل الاساسي لهذه الشركات فالله يعين هذه الشركات، تحتاج هذه الشركات الى تصنيف فالمتعثر قد يعيش مرة اخرى وينمو اما الشركات التي تعاني من عدم ملاءة ولا يوجد لديها امل في الاستمرار فاعتقد التصفية هي طريقها الصحيح.
هناك من يرى أن ضعف الرقابة على شركات الاستثمار زاد من حدة تأثرها بالأزمة العالمية، كيف ترون ذلك؟
مهما تشددت الرقابة على شركات الاستثمار فانك لا تستطيع ان تبعدها عن آثار الازمة فالاستثمار خاصة في الاوراق المالية والادوات الاستثمارية مليء بالمخاطر، فان لم تكن الادارة رشيدة ولديها خبرة كافية فانك لا تستطيع ان تمنعها من اتخاذ قرارات خاطئة او مليئة بالمخاطر، فمثلا عندما تضارب احدى شركات الاستثمار في الاسهم فانك لا تستطيع حسب القانون ان تمنعها، لانها تشتري وتبيع اسهما بصورة مضاربية بحتة ولكن وفق القانون، هنا يأتي دور نوعية الادارة وملاءتها ورشدها، فإدارات المخاطر والبحوث غير فعالة او غير موجودة في هذه الادارات، اما المشكلة الأخرى فانه بحكم طبيعة تكوين الجهازين الاداري والفني في هذه الشركات فان القرار يتخذ من قبل عدد محدود من الاشخاص أي انه يرجع الى اجتهادات شخصية لا غير دون استشارة احد، أي ان روح الفريق غير موجودة في بعض هذه الشركات، وهذا يجعل القرار الصادر غير مدروس او متسرع وبالتالي يؤدي الى انعكاسات سلبية على الشركة.
سياسة نقدية انكماشية
هناك تقارير ودراسات دولية تتهم الكويت بأنها اتبعت سياسة نقدية ومالية انكماشية في وقت يحتاج الى سياسة الإنفاق الرأسمالي الضخم للخروج من الأزمة، كيف ترون ذلك؟
السياسة النقدية كانت جيدة وديناميكية وفعالة خلال فترة الازمة وكانت بمثابة حزام امان للقطاع المالي والمصرفي، ومعظم الدراسات الدولية خاصة صندوق النقد الدولي اشادت بهذه السياسة، لكن المشكلة في انه لا توجد لدينا سياسة مالية واضحة المعالم، نعم موازنة الدولة المقترحة للسنة المالية الحالية غير توسعية، ففي مثل هذه الظروف يجب ان تتم زيادة الانفاق الاستثماري والرأسمالي لان الانفاق الحكومي يلعب دورا محوريا في تنشيط مكونات الاقتصاد المحلي.
هل سياسة خفض سعر الخصم جزء من
معالجة الأزمة التي تمر بها الشركات؟
طبعا هذه السياسة ساعدت من حيث انها خفضت من عبء الائتمان على هذه الشركات وساهمت في تنشيط بعض مكونات الاقتصاد المحلي، ولكن لا يمكن الاعتماد على سعر الخصم كأداة وحيدة في مثل هذه الامور فالسياسة المالية تكون اكثر فاعلية في مثل الحالة التي نمر بها.
في ضوء الأزمة الراهنة كيف تقيمون أوضاع الشركات التي تعمل وفق النظام الإسلامي والشركات التقليدية؟
هناك اختلاف جوهري في منهجية العمل فالضمانات والاستثمارات في الشركات الاسلامية موجهة لقطاعات حقيقية واصول موجودة فمهما انخفضت قيمتها فإنها تبقى اصولا ملموسة، اما التقليدية فمنهجية عملها مختلفة، الازمة اوضحت لنا ان النظام الاسلامي اكثر امنا من التقليدي.
هناك مخاوف من حدوث أزمة عقارية في الكويت شبيهة بالازمة التي حدثت في دبي، هل هذه المخاوف مبررة؟
السوق العقاري قي الكويت مختلف عن دبي، توسع السوق العقاري في دبي كان بمعدلات عالية جدا ولم يواكبه توسع في الطلب، وكان مدعوما بتوسع ملحوظ في التمويل، اما الكويت فالوضع مختلف، ارتفاع الاسعار كان بسبب المضاربات التي خفت مع صدور القانونين 8 و9 اي ان سوق العقار الكويتي لم يشهد ازمة بل تراجعا وتباطؤا في معدلات البيع والاسعار وهذا امر طبيعي في مثل هذه الظروف والدورات الاقتصادية تخلق هذه التقلبات، الآن عادت المضاربات على الاراضي السكنية مع الغاء القانونين اعتقد ان السوق بحاجة الى قوانين تنظمه اكثر، وخاصة في مجال السوق الثانوي وتبادل الاراضي.
كيف تقيمون سياسة المخاطر المتبعة لدى البنوك والشركات في الكويت قبل وبعد الأزمة؟
في البنوك سياسة المخاطر جيدة ومتقنة وتتبع احدث الوسائل والمفاهيم، اما بالنسبة للشركات فأعتقد انها تحتاج الى مزيد من الاهتمام.
نقطة انطلاق
وقعت دول المجلس مؤخرا اتفاقية الاتحاد النقدي بين الدول الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي، ما رأيك في هذه الاتفاقية؟
اعتقد ان اتفاقية الاتحاد النقدي بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي تشكل نقطة انطلاق مهمة في بناء مؤسسات الاتحاد النقدي والمتمثلة في المجلس النقدي والبنك المركزي وبلا شك سوف تتولى ادارة منطقة العملة الموحدة بين الدول الاعضاء لاحقا، وهي في الاتجاه الصحيح لتحقيق طموحات العملة الخليجية الموحدة ان شاء الله لاحقا، هذه خطوة أساسية للبدء في التنفيذ الفعلي لهذا المشروع الذي تنتظره الشعوب.
ما الاغراض الاساسية للبنك المركزي الخليجي المرتقب ؟
الهدف الأساسي من انشاء البنك المركزي الخليجي هو ضمان استقرار الاسعار في منطقة العملة الموحدة في اطار التوظيف الامثل للموارد الاقتصادية بما يحقق الاستقرار الاقتصادي، فمن مهامه مثلا رسم وتنفيذ السياسة النقدية للعملة الموحدة بما فيها سياسة سعر صرفها، وضمان التطبيق المتوافق لها في منطقة العملة الموحدة، ومن مهامه ايضا ادارة الاحتياطيات من النقد الاجنبي العائدة للعملة الاجنبية، ومن مهامه اصدار اوراق النقد والمسكوكات النقدية ونظم تسويتها ضمن منطقة العملة الموحدة، ومن مهام البنك المركزي الخليجي المرتقب ايضا القيام بأداء الوظائف التشغيلية والاحصائية والاستشارية اللازمة لممارسة اعماله واداء وظائفه، ووضع قواعد للرقابة الوقائية على المؤسسات المالية.
ما آخر نشاطات ادارة البحوث الاقتصادية في البنك الدولي؟
قامت الادارة في العام الماضي باعداد دراسات نوعية على مستوى عال من الاهمية بالنسبة لعمل البنك وهي ليست للنشر، ومنها على سبيل المثال لا الحصر دراسة عن سوق بطاقات الائتمان، ودراسة عن كفاءة اسواق الاسهم في دول الخليج، ودراسة عن سوق العقار في الكويت وكيفية قياس حركته، والآن نقوم بإعداد دراسة عن سوق الودائع في الكويت وهي دراسة عملية تشغيلية اي تساهم في اتخاذ قرارات وليست دراسة نظرية وبيانات ومعلومات فقط، والادارة تشكل ذراعا فنية لإدارات البنك الاخرى.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )