أوضح تقرير آخر لبيت الاستثمار العالمي (جلوبل) حول أسواق مجلس التعاون الخليجي، أنه باستثناء السوق السعودي، واصلت مرحلة الصعود التي شهدتها خلال شهر أغسطس 2009 بفضل الارتفاع في أسعار خام النفط والمؤشرات الإيجابية من الأسواق العالمية، وقد شهدت كل من عمان وقطر والكويت على وجه الخصوص مكاسب كبيرة، حيث ارتفعت هذه الأسواق بمعدلات 8.5، 7.0، 6.4% على التوالي.
وأوضح التقرير ان مشاعر المستثمرين الإيجابية استمرت منذ الشهر السابق تماشيا مع نتائج الشركات التي فاقت التوقعات، والتي تم الإعلان عنها خلال النصف الأول المنتهي في 30 يونيو 2009، ووفقا لتصريحات وزير الاقتصاد الإماراتي، فقد تغلب الاقتصاد الإماراتي على أسوأ ما في الأزمة وسيشهد المزيد من النمو بنهاية العام.
وذكر التقرير ان أسواق الأوراق المالية شهدت تداول 22.2 مليار سهم خلال شهر أغسطس 2009 بالمقارنة مع 20.6 مليار سهم المسجلة في الشهر السابق، وانخفضت قيمة الأسهم المتداولة في الأسواق هامشيا بالغة 38.4 مليار دولار في شهر أغسطس 2009 بالمقارنة بمستواها المسجل في الشهر السابق والبالغ 39.2 مليار دولار.
واشار التقرير الى ان النشاط الاقتصادي سيتحرك نحو الصعود تدريجيا خلال الربع الرابع من هذا العام وكذلك خلال الربع الأول من العام 2010. فقد ساعد ارتفاع أسعار النفط الأسواق على مواصلة انتعاشها، وقد ظلت أسعار سلة الأوپيك ثابتة حول 70 دولارا للبرميل لتكون في حدود 71.35 دولارا خلال شهر أغسطس أي بمعدل زيادة بلغ 10% عن متوسط مستوى شهر يوليو.
وبالتطلع إلى الأمام، نتوقع أن يواصل السوق تأثره بأسعار النفط والتحركات في الأسواق العالمية. ومع ذلك، يتوقع لنشاط التداول أن يكون منخفضا بفضل شهر رمضان المبارك وعطلة العيد التي تتبعه وكان للتباطؤ الاقتصادي أثره السلبي على معدل تحويلات مجلس التعاون الخليجي.
وبين التقرير ان مجلس التعاون الخليجي يعد أحد أكبر خمسة لاعبين في صناعة التحويلات العالمية، والتي بلغت 550 مليار دولار في العام 2008. ووفقا لتحويلات الأموال، فقد احتلت التحويلات الدولية مع السعودية المرتبة الأولى. ووفقا لتقرير البنك الدولي، يقدر إجمالي التحويلات الصادرة من السعودية بأكثر من 20 مليار دولار في العام 2008، مما صنفها كثاني أكبر دولة في العالم والأولي في مجلس التعاون الخليجي بمنظور تدفقات التحويلات الخارجة من الدولة. وتعد الولايات المتحدة – التي كانت أكبر دولة للهجرة – أكبر مصدر للتحويلات الخارجة، حيث زادت التحويلات المسجلة عن 47 مليار دولار في العام 2008 في الوقت الذي جاءت فيه سويسرا في المرتبة الثالثة بمبلغ 19 مليار دولار.
هذا ومع عدم وجود بيانات متاحة من البنك الدولي، تقدر صادرات الصناعة سوق التحويلات الإماراتي بحوالي 10.0 مليارات دولار في العام 2008 في الوقت الذي تقدر فيه أسواق الكويت وقطر بنحو 5 مليارات دولار لكل منهما.
وفي معظم الدول لا يشكل المهاجرين النسبة الغالبة من إجمالي السكان. ومع ذلك، أدى الاعتماد الكبير على موارد النفط والحجم الصغير نسبيا لعدد السكان إلى اعتماد دول مجلس التعاون الخليجي بقدر كبير على العمالة الأجنبية ونتيجة لذلك يشكل السكان المغتربون أكثر من 50% في المتوسط من إجمالي السكان وجاءت كل من الإمارات وقطر كأعلى دولتين (حوالي 80%) وجاءت السعودية في المرتبة الأخيرة (26%). وقد جعل الوجود القوي للسكان المهاجرين بأعداد كبيرة دول مجلس التعاون الخليجي ضمن أكبر الدول المحولة للأموال من حيث كل من إجمالي القيمة وكنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقد أصبح الشرق الأوسط أكبر المناطق تطورا في صناعة تحويلات وحوالات الأموال. وقد نمت تحويلات الأموال بمعدل سنوي يقرب من 15.0% في المنطقة بالمقارنة بمعدل النمو العالمي البالغ 8% في العام 2008. ويرجع النمو القوي في الشرق الوسط للكثير من العوامل. ومن أهم هذه العوامل: اتجاه العمال الأجانب، الذين لا يحظون بمهارات عالية ودخل مرتفع إلى ترك زوجاتهم وأفراد عائلاتهم في أوطانهم لتجنب التكاليف المرتفعة للمعيشة في دول مجلس التعاون الخليجي.
واشار التقرير الى انه وبالرغم من أنها سجلت معدل نمو قويا خلال الأعوام القليلة الماضية، إلا أن صناعة التحويلات في دول مجلس التعاون الخليجي شهدت تغيرات حيوية في العامين الأخيرين. حيث كان للتضخم المتزايد في دول الخليج أثر كبير على تحويلات العاملين المغتربين وأثر هذا الوضع على كل الدول التي تصدر عنصر العمل إلى المنطقة، وخاصة الهند وباكستان وبنغلاديش واندونيسيا والفلبين.
وفي الوقت الذي انخفضت فيه التحويلات للفرد نتيجة للتضخم المتزايد، فإن إجمالي التحويلات قد زاد حيث سعى العديد من الأفراد وراء فرص العمل في هذه الدول. وبالرغم من أن معدل زيادة التحويلات من دول الخليج يتباطأ، إلا أنه مازال إيجابيا. فقد شهدت باكستان وبنغلاديش على سبيل المثال نموا سريعا للتحويلات في العام 2009.
ويعزى هذا في جزء منه إلى حقيقة أن دول مجلس التعاون الخليجي – كمقصد رئيسي للمهاجرين الآسيويين – لم تقلل من توظيف المهاجرين. وبالإضافة إلى ذلك، فإن السبب الآخر وراء النمو في التحويلات بالنسبة لهذه الدول متمثل في انهيار أسعار الموجودات، والاختلافات بين ارتفاعات أسعار الفائدة وانخفاض قيمة العملة المحلية لهذه الدول مقابل عملات مجلس التعاون الخليجي والتي ترتبط بالدولار (فيما عدا الكويت) مما جذب الاستثمارات من المهاجرين.
وفقا لتنبؤات البنك الدولي ستتباطأ التحويلات من دول مجلس التعاون الخليجي نتيجة للانهيار في أسعار النفط مما سيؤدي إلى تباطؤ عام في أنشطة التوسع، والاستغناء عن العاملين من شركات القطاعين الخاص والعام نتيجة لضعف الرؤية المستقبلية، وقد أصبحت التوجهات العامة متشائمة مما أدى إلى فقد الوظائف، وشهد المغتربون العاملون حاليا إما تخفيض مرتباتهم أو خفض عدد الوظائف مما أدى إلى انخفاض التحويلات بالمقارنة بالسابق.
ووفقا لآخر التوقعات من جانب البنك الدولي فمن المتوقع أن تنخفض تدفقات التحويلات للدول النامية بنسبة 7-10% عالميا من 328 مليار دولار في العام 2008. وتوقع البنك الدولي انخفاضا بحوالي 9% في الحوالات من مجلس التعاون الخليجي نتيجة للانخفاض في النشاط الاقتصادي وارتفاع تكلفة المعيشة في هذه الدول. ومع ذلك، توجد إشارات بارزة على الصعود مرة أخرى وتعافي الاقتصادات.
ووفقا للتوقعات المعدلة من جانب البنك الدولي، يتوقع للنمو الاقتصادي العالمي أن يتراجع إلى 2 % في العام 2010 و3.2 % بنهاية العام 2011 بعد الانكماش بنسبة 2.9 المتوقعة في العام 2009. ومع ارتفاع أسعار النفط وتحسن ثقة المستثمرين فهناك إشارات قوية على أن اقتصاديات مجلس التعاون الخليجي على طريق التعافي. ونحن نتوقع أن هذا كله سيؤثر على التحويلات من مجلس التعاون الخليجي بصورة إيجابية ونتوقع أن يشهد العام 2010 معدل نمو موجبا نتيجة للقاعدة المنخفضة والنمو الاقتصادي السريع وفقا لتوقعات البنك الدولي.