- أميركا ستعمل مع أكبر اقتصادات العالم لتحديد مسار لنمو اقتصادي متوازن
عرضت الصين تقديم بعض الدعم امس لخطط أميركية لبناء اقتصاد عالمي أكثر توازنا، في حين يسعى زعماء العالم للاتفاق على سبل تغذية الانتعاش الوليد ومنع وقوع أزمات جديدة في المستقبل.
وسيجتمع زعماء مجموعة العشرين في الولايات المتحدة اليوم وغدا في ثالث اجتماع لهم منذ انهيار بنك ليمان براذرز قبل عام وتحول اهتمامهم الآن من مكافحة أسوأ كساد منذ ثلاثينيات القرن الماضي إلى مناقشة كيفية منع وقوعه مرة أخرى.
وستتركز المحادثات حول خطة أميركية لتصحيح الاختلالات الاقتصادية العالمية عن طريق تقليص الفوائض لدى الدول المصدرة الكبرى مثل الصين وزيادة المدخرات في الدول المدينة الكبرى ومنها الولايات المتحدة.
ويريد الرئيس الأميركي باراك أوباما وضع إطار عمل «للتقييم المشترك» يقدم بموجبه صندوق النقد الدولي توصيات بشأن تحقيق التوازن لمجموعة العشرين كل ستة أشهر حسب ورقة عمل حصلت رويترز عليها.
وفي كلمته أمام الأمم المتحدة، قال أوباما «إن العالم لايزال يستعيد عافيته من أسوأ أزمة اقتصادية يواجهها منذ الكساد العظيم»، وأشار الى أنه حول العالم هناك اشارات واعدة لكن توجد أيضا بعض الشكوك حول المستقبل. واشار انه سيعمل خلال قمة العشرين في بيتسبرغ مع أكبر اقتصادات العالم لتحديد مسار لنمو اقتصادي متوازن ومستدام، مما يعني استمرار اليقظة حتى يعود كل من فقد وظيفته للعمل.
وقالت وزارة الخارجية الصينية «نوافق على ان تعزز الدول سياسات تنسيق اقتصادها الكلي وأن تعمل معا على تحقيق تنمية متوازنة ومستمرة في الاقتصاد العالمي».
لكن بدا انها أقل ثقة بشأن عمل سياسي منسق وملموس قائلة ان توصيات المؤسسات المالية العالمية يجب ان تكون مجرد مرجعية وان الدول يجب ان تحدد بنفسها سياساتها الاقتصادية حسب ظروف كل دولة.
ويقول المحللون إن خطة أوباما ستقابل بمعارضة من جانب الصين إذا انطوت على ما يهدد النمو الاقتصادي.
وعلى الصعيد ذاته، قال مستشار كبير في البيت الأبيض قبل قمة مجموعة العشرين التي تعقد هذا الأسبوع، إن الولايات المتحدة لاتزال تعمل للتوصل إلى اتفاق مع شركائها في المجموعة من أجل الالغاء التدريجي لدعم الوقود الأحفوري.
وقال مايكل فورمان نائب مستشار الأمن القومي وكبير مساعدي الرئيس باراك أوباما لشؤون مجموعة العشرين ان واشنطن تأمل التوصل لاتفاق بشأن المسألة في قمة بيتسبرج التي تبدأ اليوم.
وأبلغ فورمان الصحافيين في تصريحات حظر نشرها «حتى طرحنا على الطاولة الرغبة في ابرام اتفاق للالغاء التدريجي لدعم الوقود الأحفوري، نعمل بالتعاون مع باقي دول المجموعة لنرى إن كان بإمكاننا التوصل لاتفاق يسهم مساهمة كبيرة في هذا الاتجاه».
وقال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو في بيان «هدفنا هو حماية دافعي الضرائب ومنع تكرار الأيام الصعبة في خريف 2008 عندما اضطرت الحكومات لضخ المليارات في القطاع المصرفي».
وأضاف «النظام الأوروبي يمكنه كذلك أن يلهم النظام العالمي وسنناقش ذلك في بيتسبرج».
من ناحية اخرى دعا رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ امس الدول الاعضاء في مجموعة العشرين، الى توجيه «رسالة قوية» ضد الحمائية عشية القمة التي ستضم الدول الغنية والناشئة في بيتسبرغ.
وقال في بيان قبل مغادرة العاصمة الهندية متوجها الى الولايات المتحدة ان الهند «تريد بعث رسالة قوية في بيتسبرغ ضد الحمائية على كافة اشكالها في تجارة السلع والخدمات والاستثمارات وتدفق الاموال».
واضاف ان الاقتصاد العالمي «اظهر بوادر تحسن» منذ بدء الازمة المالية «لكننا لم نخرج بعد من النفق».
وسيدعو سينغ خلال قمة مجموعة العشرين الى «عودة النمو» واستقرار القطاعات المالية في اقتصاد الدول النامية وهما محرك التجارة وتدفق الاموال والاستثمارات في الدول الناشئة.
واكد انه «حتى ان شهد نمونا الاقتصادي تباطؤا في 2008/2009 بـ 6.7% فإن الهند تشارك في قمة بيتسبرغ بكل ثقة».
واوضح ان «نمونا رهن بالطلب الداخلي اساسا ومعدل الادخار لدينا متين» ونسبة السيولة تحسنت والهند «دولة تجذب الاستثمارات».
وتقدر توقعات النمو في الهند هذه السنة بـ «اكثر من 6%» بعيدا عن نسبة 9% السنوية التي اعلن عنها في السنوات الثلاث التي سبقت بدء الازمة الاقتصادية العالمية.
واعلن البنك الدولي الثلاثاء الماضي ان مجلس الادارة وافق على قروض للهند تزيد عن اربعة مليارات دولار منها ملياران لدعم النظام المصرفي.
ومنح البنك الدولي لإعادة الاعمار والتنمية القرض الرئيسي للدولة الهندية للسماح لها بـ «مواصلة تطبيق برنامجها للنهوض الاقتصادي» وخصوصا «تقديم دعم مالي للمصارف العامة».
وفي السياق، اعتبر رئيسا الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني والاسترالي كيفين رود أن محاربة المضاربات المالية ينبغي أن تكون لها أولوية في قمة مجموعة العشرين في بيتسبرج، وشددا على ضرورة وضع المزيد من القواعد الشفافة .
وذكر بيان صادر عن رئاسة الوزراء الايطالية ان هذا المضمون جاء في رسالة لرئيس الحكومة الايطالية وكيفين رود الى الرئيس الأميركي باراك أوباما، طالبا فيها بمزيد من القواعد الشفافة والفعالة إذ «ان الأزمة المالية في العامين الماضيين أبرزت العديد من المشاكل التي يجب التصدي لها على الصعيد الدولي، وأن نركز في النقاش على المضاربات المالية والتلاعب في الأسواق، لاسيما فيما يتعلق بالمواد الأولية».
ووفقا للبيان الصادر عن الحكومة الايطالية امس الأربعاء رأى برلسكوني ورود أن «الأنشطة المضاربية تفضي في جزء كبير منها إلى تقلبات في الأسعار مع ما ينتج عن ذلك من تأثير سلبي قوي على حياة الناس»، وأضافا انه «إذا كانت الوساطة المالية ضرورة فإن التقلبات المفرطة في أسواق السلع الأساسية لايمكن أن تفسر إلا على الأسس الاقتصادية مما يشكل تهديدا للنمو العالمي».
وشددا على أن «التدابير الرامية إلى زيادة شفافية السوق والحد من الاستخدام المفرط للدين تعد ضرورة مطلقة لمكافحة التلاعب في السوق والحد من المضاربة المزعزعة للاستقرار»، وقال اننا نود أن يتم التركيز في قمة بيتسبرج على التدابير الرامية إلى تحقيق مزيد من التقدم على صعيد منتجات وأسواق المالية أكثر شفافية وأفضل تنظيما، وذلك بهدف مكافحة التجاوز على السوق وتخفيف المخاطر النظمية.