قال تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي انه لابد من الاشادة بالروح القتالية التي ابداها فريق شركة «جلوبل»، فالعمل في ظروف غير مواتية وتحت اوضاع مالية غاية في الصعوبة على المستوى العالمي والاقليمي والمحلي، ودون دعم خارجي سواء كان حكوميا او خاصا من المساهمين، عمل في غاية الصعوبة، وبعد اكثر من سنة من الضغوط استطاعت «جلوبل» ان تصل الى اتفاق شامل مع دائنيها لشراء ثلاث سنوات مقبلة، فيها سداد مرحلي وتعويض عما تأخر سداده بزيادة تصاعدية في هامش العائد فوق سعر الخصم، وفيها عقوبة في حالة العجز تتضمن تحويل الديون الى مساهمات، وفيها ايضا عدالة لكونها تقضي بتحويل الرهونات الى مكان واحد للجميع، فيه حقوق متساوية.
وأوضح التقرير انه رغم كل الانتقادات التي وجهت الى الشركة ـ وبعضها محق ـ وذلك لتبنيها نموذج عمل شديد المخاطرة، وان كان مصمما اساسا لعملاء مغامرين يراهنون على اعلى مستويات العائد، الا ان الفريق استطاع ايضا ان يعدل جوهريا من نموذج اعماله لكي يتماشى مع اوضاع السوق في الحاضر والمستقبل، وأهمية ما قام به فريق «جلوبل» يتلخص في تقديم نموذج اعادة هيكلة قابل للتبني والتكرار من قبل آخرين في ظروف مماثلة او مشابهة، كما انه يخفف من سوء الظروف الكلية بسبب تعثر شركة بحجم شركة «جلوبل»، بما يساعد على دعم اوضاع مدينين آخرين، كما يقدم مثالا لامكانية التعامل مع اسوأ الظروف دون انتظار الدعم الحكومي، والواقع ان التدخل الحكومي او انتظاره يقتل روح الابداع في التعامل والتعلم في ظروف صعبة.
وبين التقرير ان العمل الاكثر صعوبة قد تم انجازه من قبل الفريق والعقبة الرئيسة قد تم تخطيها، وهي الحصول من الدائنين على اتفاق صعب، فيه الكثير من التنازلات المستحقة من كل الاطراف، الا ان الفشل بالوفاء بأي من التزامات مراحل الاتفاق يظل احتمالا قائما بما يعيد كل شيء الى نقطة الصفر، وتظل اصول «جلوبل» كثيرة ومعظمها غير سائل، وتحتاج الى كثير من الحظ لتكسب قيمها العادلة وجزء من الحظ هو في استمرار التعافي من الأزمة المالية دون مفاجآت غير سارة، وربما بعد ان تقطع الشركة مسافة على طريق التعافي، تحتاج الادارة التنفيذية الى العودة الى مساهميها لاقناعهم بالدعم لتعظيم العائد من الاتفاق، ويفترض ان تلقى الادارة دعم المساهمين بعد انجازها للاتفاق، ولكنه يظل امرا غير مضمون.
وأشار التقرير الى ان تجارب اعادة الهيكلة المالية والنهوض بعد عثرات صعبة تحدث على مستوى العالم المتقدم، ولكنها نادرة الحدوث لدينا، وكونها تحدث دون دعم مباشر فإننا نعتقد انها تستحق الاشادة والمراقبة والتعلم، وهي تشيع بعضا من روح التفاؤل ـ وهو أمر طيب ـ وتدفع بإمكانات التعاون الايجابي بين الدائم والمدين لتحقيق مصلحة مشتركة، وهو امر طيب ايضا، ولا يخامرنا شك في ان دعم مثل هذه التجارب دعم مستحق لانه في صالح اصحابها وصالح البلد كله.
حياد السلطات الإماراتية مقابل كل الدائنين هو تعامل مهني ومتفوق
مساعدة حكومة أبوظبي لدبي خطوة صحيحة على طريق طويل وقاسٍ
ذكر التقرير ان حكومة أبوظبي تدخلت، بداية الأسبوع الفائت، لدعم الموقف المالي لدبي العالمية، وكان ذلك في حدود توقعاتنا قبل أسبوعين، ولكن الشيء غير المعروف هو تفاصيل الاتفاق غير المنشورة، وخاصة منها ذات الصلة بكيفية التصرف في الـ 10 مليارات دولار الممنوحة، وما لا نعرفه، أيضا، هو ما اذا كان هناك مقابل – أصول مثلا – لهذه الأموال، وان كنا نعرف انها دين على شكل سندات وان أحد أسباب تأخر تدخل أبوظبي هو ضعف الالتزام بشروط التدخل الأول بقيمة مماثلة. ونعتقد ان تدخل حكومة أبوظبي تدخل محمود، وتوقيته مناسب، لجهة تزامنه مع دفع التزامات صكوك مستحقة على شركة التطوير العقاري «نخيل» إحدى شركات «دبي العالمية» بحدود 4.1 مليارات دولار حتى دون طلب المهلة التعاقدية الاضافية المحددة بأسبوعين، بما يدعم عنصر الثقة المصاب.
ولعل الأهم، هو حياد السلطات الاماراتية مقابل كل الدائنين، رغم ان الأموال جاءت من غير المدين، وهو تعامل مهني متفوق إذا قورن بتجربة مؤسسة النقد العربي السعودي وديون القصيبي وسعد للبنوك السعودية.
ولكي نضع التدخل في حجمه الصحيح، يعتبر التدخل المشروط محاولة صحيحة لشراء 5 شهور أو أقل، قليلا، والوقت عامل حاسم في تجاوز الأزمات المالية، وهو مشروط بتمكن «دبي العالمية» - ومعها «نخيل» - من النجاح في اعادة الهيكلة المالية والاتفاق مع دائنيهما على اعادة الجدولة، بما يخفف من الضغوط الحادة عليهما. أما مبلغ الـ 5.9 مليارات دولار المتبقية فسيستخدم في سداد بعض فوائد الدائنين الحاليين ودفعات المقاولين المتأخرة استحقاقاتهم، حتى يتمكن الجميع من الجلوس الى طاولة المفاوضات وتوفير رأسمال عامل للشركة، حتى نهاية أبريل القادم.
ولكن لابد من التذكير، أيضا، بأن هذا التدخل خطوة صحيحة على طريق طويل وقاس، فحجم التدخل مازال صغيرا أمام حجم الالتزامات على المجموعة البالغة نحو 59 مليار دولار، كما في 31/12/2008، وضمنها نحو 22 مليار دولار قروضا، بعد الدفعة الأخيرة، والتدخل الحكومي من قبل حكومة أبوظبي، يلغي المبدأ الذي أعلنته حكومة دبي المتمثل في انتفاء مسؤوليتها عن الديون التجارية للشركات التابعة لها، بما يفتح باب المطالبة بالمعاملة بالمثل في حالات مماثلة قادمة. من جانب آخر سيبقى حجم المخزون الفائض من الأصول – وتحديدا الأصول العقارية في دبي – كبير، جدا، ولابد من وقفة ومراجعة النموذج القديم وتعديله على نحو جوهري، حتى يتم استيعاب المخزون وتقنين التوسع المستقبلي.
وكما أكدنا، في أول تقرير لنا بعد الأزمة، نعاود التأكيد على ان أزمة دبي أكبر من أزمة شركة أو مجموعة شركات، وأصغر من أزمة دولة، وستتجاوزها دبي بعد مرور بعض الوقت وبتكلفة ليست قليلة، ولكن دبي تستحق منا كل التعاطف، ولابد من دعمها واختصار تكاليف أزمتها الى حدودها الدنيا، ومن مصلحة الجميع التعامل الإيجابي معها، وهو ما لم يحدث من قبل قمة دول مجلس التعاون الخليجي، الأسبوع الفائت، فالتكاليف غير الضرورية لن تتوقف عند حدود دبي، كما كانت المنافع في القديم مشتركة.
القمة الخليجية الـ 30 لم تتوصل إلى أي إنجازات اقتصادية
أوضح «الشال» ان تقاريره عادة لا تهتم كثيرا بتحليل نتائج مؤتمرات قمة دول مجلس التعاون الخليجي لأنها لا تتمخض، عادة، عن اقرار انجازات مشهودة، تجسد مستوى التعاون المتقدم السائد في تجمعات اقليمية أو قارية مماثلة، ولكننا نحاول في مثل هذه المناسبات، توثيق ما تذكره بياناتها الختامية. وفي بيان قمة الكويت الاخيرة (14 و15 ديسمبر 2009) كانت هناك اعلانات حول عناوين اقتصادية، رأينا ضرورة الاشارة اليها، دون المراهنة كثيرا على احتمالات تغييرها للواقع الراهن.الاعلان الاول كان حول انجاز الاتفاق بين ثلثي دول مجلس التعاون الخليجي على تمرير اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي، والاتفاقية هي بداية العمل، ولا تؤكد سوى تثبيت مقر السلطة المركزية النقدية في العاصمة السعودية «الرياض» ثم الاتفاق على تشكيل مجلس النقد أو نواة البنك المركزي الخليجي ووضع خطط وبرامج تنفيذ الاعداد لإصدار العملة الموحدة، وهو عمل قد يستغرق ما بين خمس الى عشر سنوات ـ ان صدقت النوايا.
وبلوغ مرحلة المواطنة الاقتصادية الموحدة، بين الدول الاربع على اقل تقدير، دونه عقبات جمة، أهمها قناعات القادة بالتنازل عن كثير من السلطات السيادية القطرية، وهو أمر تسبب في انسحاب دولتين من الاتفاق وتخلي ثالثة عن الارتباط بالدولار الاميركي وضياع 10 سنوات دون تحقيق اي شيء، وهي السنوات الممتدة من 2000 الى 2010.
والاعلان الثاني كان عن تدشين مشروع الربط الكهربائي الخليجي المشترك، الذي تم تشغيله التجريبي بين اربع دول، كانت بالمصادفة، الدول نفسها التي وقعت اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي، اي: البحرين والسعودية وقطر والكويت، وسيتم ربط الامارات في عام 2011، وسلطنة عُمان في عام 2012. ومفهوم الربط مفهوم متقدم الغرض الاول منه هو الاستغلال الامثل للطاقة والموارد، ولكن هذا الاستغلال الامثل لا ينطبق على الدول الاربع، أو حتى الست، لأنها جميعا تستخدم طاقتها حتى اقصاها في موسم الصيف، واذا استثنينا المدى القصير فإنه يصعب على اي منها ان توفر فائضا في زمن الذروة. اما الغرض الثاني فهو تغطية الحالات الطارئة، اي حدوث نقص رئيس، في اي من هذه الدول، لظروف قاهرة ـ حروب أو تخريب أو كوارث طبيعية أو غيرها ـ وقطعا، حينها ستكون عملية الربط الكهربائي مفيدة، وان كانت حوادث من هذا النوع نادرة الوقوع. وتبقى العملية مفيدة في الغرض الثالث منها لو تحقق، وهو امتداد الربط مع دول مواسم الذروة فيها معاكسة لمواسم الذروة في دول الاتفاقية مثل اوروبا، حينها يحدث خفض اقتصادي وحقيقي للتكلفة الكلية ولكنه هدف بعيد المنال.والاعلان الثالث كان حول مشروع الربط للسكك الحديدية والوقت مبكر جدا لاعتبار ذلك انجازا اقتصاديا، فضمن اهداف اعتماد المشروع اعداد دراسة الجدوى منه. ولئن كانت دراسة الجدوى بداية صحيحة، فإنها قد تكون ايضا نهاية المشروع اذا ثبت عدم جدواه. وخروج الدراسة بنتائج سلبية احتمال وارد، فالجدوى من عدمها ستعتمد على حجم الحركة المحتملة للبضائع والركاب، عندما يتفوق النقل بالقطارات على ما عداها من وسائط النقل. وحركة الركاب والبضائع، ما بين المنطقة وخارجها أكبر كثيرا وأضخم اهمية مما هي عليه بين دولها، لذلك لابد من انتظار نتائج الدراسة قبل تصنيف الاعلان على انه انجاز.
ولا معنى حقيقيا للاشادة التي وردت في البيان، بما تم انجازه على مستوى الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة، اذ لم يتحقق ما يستحق الاشادة، وما زلنا ـ رغم ذلك ـ نأمل ان نرى على ارض الواقع ما هو مخالف لحكمنا، فمن مصلحة الجميع ان تترجم كل الاعلانات الى انجازات.
أسواق المنطقة اجتازت مرحلة الهلع وطريق التعافي من الأزمة سيكون متذبذباً
بيّن التقرير انه رغم ان ازمة ديون «دبي العالمية»، بعد الاعلان عنها مباشرة، قد اثرت على كل اسواق العالم، بسبب تورط بنوك رئيسة عالمية في غالبية ديونها ـ 50 مليار دولار مثلا لبنوك بريطانية ـ وبسبب تلقي الاسواق الخارجية للصدمة مباشرة بعد الاعلان عنها، لأن اليوم التالي كان يوم عمل بالنسبة اليها، الا ان الاصابة الاكبر ـ وان جاءت متأخرة بعد عطلة عيد الاضحى ـ كانت لأسواق المنطقة. ففي الاسبوع الاول الذي تلا الازمة، حققت الاسواق الخمس ـ باستثناء السعودية وعُمان المغلقتين ـ خسائر تراوحت ما بين -0.2% لسوق البحرين للاوراق المالية الاكبر خسارة منذ بداية العام، و-12.5% لسوق دبي المالي. وفي اسبوع العمل الثاني بعد الازمة، شاركت كل من السعودية وعُمان خسائر الاسواق الاخرى وبمعدلات اعلى، اذا استثنينا سوقي دبي وأبوظبي اللذين استمرا في تعميق خسائرهما منذ بداية الازمة الى -21.6% للاول و-14% للثاني، بينما اختلط اداء الاسواق الثلاثة الاخرى بين زيادة الخسائر وانخفاضها. وانقلب أداء الاسبوع الثالث، الذي اعلن فيه عن دعم ابوظبي لدبي العالمية بـ 10 مليارات دولار، لتتحول كل الاسواق الى التعويض، ونجح بعضها في اطفاء كل خسائر الازمة، فيما نجح البعض الآخر في تقليص جوهري لحجم تلك الخسائر.
مرحلة الهلع
وواضح من الجدول ان كل الاسواق، في المنطقة، قد اجتازت مرحلة الهلع، ما بين اسبوعي العمل الثاني والثالث بعد الازمة، ونعتقد ان ذلك يعود الى مبررات ثلاثة. الاول: هو ان اسواق المنطقة، بشكل عام، كانت تمر بحركة تصحيح منذ بداية الخريف، بعضها مبرر لانعكاسات أزمة «سعد والقصيبي» وغيرها، على مستوى كل سوق، وبعضها الآخر غير مبرر نتيجة الشك في نضج الاسواق وتعاملاتها، لذلك لم تكن اسعارها مرتفعة مقارنة بأسواق ناضجة واخرى ناشئة. والثاني: هو الافادة من دروس سابقة وتسابق المصارف في دول المنطقة للاعلان المبكر عن انكشافاتها على «دبي العالمية»، بما وضع الازمة في حجمها الحقيقي وحال دون تضخم انعكاساتها بسبب الاشاعات التي كان يمكن ان تشكل تهديدا في ظل غياب المعلومة. والمبرر الثالث والاهم كان في الشعور العام بحتمية تدخل ابوظبي وقدرتها على علاج تداعيات الازمة، وهو الامر الذي تحقق مع بداية اسبوع العمل الثالث. وسيكون طريق التعافي من الازمة متذبذبا بين الاتجاهين الاعلى والادنى، وهو المسار المنطقي والصحيح، ولكن ستبذل محاولات حثيثة، في جميع اسواق المنطقة، لإقفال مؤشرات الاسهم على مستويات اعلى، مع نهاية الشهر الجاري، الذي يصادف نهاية العام الحالي.
ارتفاع مؤشرات السوق الأسبوع الماضي
أشار التقرير الى ان أداء سوق الكويت للأوراق المالية، خلال الأسبوع الماضي كان أكثر نشاطا، حيث ارتفعت جميع المؤشرات بما فيها المؤشر العام، وكانت قراءة مؤشر الشال (مؤشر قيمة)، في نهاية تداول يوم الخميس الماضي، قد بلغت نحو 456.8 نقطة بارتفاع بلغ قدره 23.3 نقطة، أي ما يعادل 5.4%، عن اقفال الأسبوع الذي سبقه، وبتراجع بلغ نحو 21.3 نقطة، أي ما يعادل 4.5% عن اقفال نهاية عام 2008.