عمر راشد
العقاريون يستقبلون 2010 بتصريحات «متشائلة» جمعت بين التفاؤل والتشاؤم أو لنقل الواقعية، متفقين على أن العقار واجه أوضاعا متأزمة وحلولا «غائبة» في 2009 وانتهى العام دون حلول لها. وأفاد العقاريون «الأنباء» بأن المشكلات التي أزمت العقار تنوعت بين الغياب التشريعي للقوانين المنظمة له، وكذلك عدم وجود تصور لما سيكون عليه العقار في 2010. وقالوا في 2009 لم يتم حل المشكلة وهي بدأت تعطي إفرازات سلبية لبعض المشكلات الاقتصادية، وهو ما يعني أن العقار سيعاني من جراحه على الأقل في الربع الأول من 2010. ورغم غياب الصورة الواضحة عن أداء السوق وتطوراته في 2010، إلا أن خبراء ومحللين في السوق رأوا أن السوق العقاري سيشهد انتعاشا في قطاعاته، وإن كان محدودا بفعل الحاجة الملحة على بعض أنواعه وليس بفعل الأوضاع الاقتصادية وقانون العرض والطلب. وفيما يلي تفاصيل آراء العقاريين حول السوق في العام الجديد:
بداية قال الخبير العقاري حسين الغيص إن السوق سيشهد ارتفاعا 15% في حجم تداول العقار السكني الذي لن تقل نسبة مساهمته عن 50% في إجمالي حجم التداولات العقارية، مستدركا بأن هذا الارتفاع يأتي في ظل الطلبات المتزايدة على العقار السكني والتي تنبع قوتها من تكفل الدستور بضمان سكن لكل مواطن وتسليف بنك الادخار، مشيرا الى أن السوق بات متعطشا لزيادة هذا النوع من العقارات مع ارتفاع شريحة الشباب الذين هم دون سن الـ 20 عاما ما يعني أن التركيبة السكانية ستؤدي إلى مزيد من الطلب وهو ما سيحرك السوق في الفترة المقبلة.
وقال إن حجم التداول في العقار السكني سيحتل المركز الأول في حجم التداول العقاري الذي لن تقل نسبته عن 50% وبارتفاع 15% من حجم تداول السوق.
وعن توقعاته للعقار «التجاري» أوضح أن العقار التجاري سيكون مكانك «راوح»، مضيفا أن هذا النوع من العقارات أمامه 5 سنوات للتعافي لأنه مرتبط بتداعيات الأزمة المالية العالمية ولابد لتحركه من تدخل حكومي فوري وعاجل للعمل على زيادة الحركة على العقار التجاري.
ولفت الى أن «التجاري» مرتبط وبشكل رئيسي بعمل الشركات التي تعاني من أزمة سيولة واضحة وهو ما يعني أن الانفراجة في التجاري مرتبطة بزيادة السيولة لدى تلك الشركات.
وكرر الغيص ما ذكره آنفا من أن شح السيولة سيجعل من طرح أراضي المرقاب للبيع بالمزاد العلني عملية غير ناجحة بسبب عدم قدرة السوق على استيعاب طرح هذا النوع من الاستثمار الذي يساوي مئات الملايين من الدنانير والثاني أن الأفراد والشركات لا يملكون السيولة الكافية للشراء حاليا، مستدركا بأن بديل العمل في مثل هذا النوع من الاستثمارات هو طرح تلك الأراضي بنظام الـ b.o.t.
وقال الغيص: نحن في الكويت لا نملك استثمارا إلا في مجالين لا ثالث لهما وهما العقار والبورصة وهما مترابطان بشكل وثيق بسبب الرهونات، لافتا الى أن الأشخاص الذين استخدموا سيولة البنوك مقابل الرهونات العقارية قد استفادوا بشكل كبير من الأزمة في مواجهة آخرين قاموا باستخدامها في سوق الأوراق المالية وبشكل مبالغ فيه.
وقال في 2009 لم يتم حل المشكلة وهي بدأت تعطي إفرازات سلبية لبعض المشكلات الاقتصادية، وهو ما يعني أن العقار سيعاني من جراحه على الأقل في الربع الأول من 2010.
الانتعاش «مفقود»
بدوره رأى الخبير العقاري وأمين سر اتحاد العقاريين قيس الغانم أن وقود الطلب على السكني سيدفعه إلى الانتعاش، غير أنه تساءل ومن أين تأتي السيولة إذا سلمنا جدلا بأن تلك الفرضيات سليمة وصحيحة.
وأوضح أن المواطن لا يمتلك السيولة الكافية لبناء منزل، وحتى مع إسقاط الفوائد فإنه لن يستطيع تجميع السيولة المطلوبة لبناء بيت، لافتا الى أن البنوك لن تقرض المواطن حتى في حالة بناء بيت، موضحا أن أبواب الرهن العقاري لاتزال مغلقة أمام المواطنين للعمل.
وأضاف: أنا أتوقع ارتفاع الأسعار بالشكل المطلوب، وذلك لأن العقار السكني يواجه نقص السيولة فيما لايزال الكثير من العقارات الاستثمارية مرهون لدى البنوك وقيمتها تعاني من الانخفاض بسبب تداعيات الأزمة، ما جعل البنوك تطالب بضرورة رفع قيمة الرهونات لتعويض الخفض في الأسعار والتي تختلف باختلاف مناطق العقارات المرهونة.
واختتم الغانم بالقول إن المشاريع التنموية التي أعلنت الحكومة عن طرحها لا تزال مجرد حبر على ورق وهو ما يعني أن عام 2009 كان عام الأمنيات الناقصة رغم إثبات الحكومة قدراتها أمام مجلس الأمة إلا أن مشروعاتها المعلنة لم تجد طريقا إلى النور ما يعني أن 2010 سيستقبله العقاريون بعامل ثقة منخفض.
ولفت الى أن توقع الأسعار بشكل دقيق لن يكون فعالا بسبب الأوضاع السياسية المتقلبة التي تعيشها دول المنطقة في الوقت الراهن وهو ما ينعكس بشكل أو آخر على نفسية المستثمرين وترددهم لما ستؤول إليه الأوضاع.
حركة تصحيح
أما الخبير العقاري ورئيس شركة المناخ الوطنية للتقديرات العقارية عبدالعزيز الدغيشم فقال ان عام 2010 سيشهد حركة تصحيح للسوق العقاري في الربع الأول تنبع قوتها من حل أزمة الرهونات العقارية لدى البنوك، مضيفا أن الربع الثاني سيشهد استمرارا لتلك الحركة، فيما يبدأ العقار في الانتعاش في الربع الثالث.
ولفت الى أن «التجاري» سيستمر في حالة الركود التي يعانيها فيما يشهد الاستثماري تماسكا والسكني سيكون هو قائد التداولات في الفترة المقبلة.
ورأى الدغيشم أن هناك تحفظات واضحة من قبل البنوك فيما يتعلق بالرهونات العقارية وهو ما يعني ضرورة تعديل الأوضا ع خوفا من المجهول في الفترة المقبلة.
وأشار الى أن تلك التحفظات إضافة للأوضاع السياسية غير واضحة في دول المنطقة ستكون من بين الأمور التي تجعل الأمور غير واضحة للكثير من العقاريين في 2010.
وقال رئيس مجلس إدارة شركة المناخ الوطنية إن قانون إسقاط الفوائد لن يحل أزمة السيولة في السوق العقاري، مستدركا بأنها قروض استهلاكية ومقسطة صغيرة الحجم ولن تخرج الشركات ولا السوق من ورطته الحالية، آملا أن يشهد العام المقبل مزيدا من التطور التشريعي والتراجع عن قانوني 8 و9 لسنة 2008 في الرهن والتمويل العقاري وكذلك الإسراع بتعديل قانون 7 لسنة 2008 في تنظيم قانون الـ bot.
حالة من التردد
ومن جانبه قال رئيس مجلس إدارة اتحاد السماسرة محمد الهاجري ان السوق حاليا يمر بمرحلة تردد لا أكثر ولا أقل وهي حالة طبيعية لما تمر بها دول المنطقة والسوق العقـــاري بشكل عام من تذبذب وانعـــدام في الثقة بسبب غياب الحلـــول الحكومية الفعالة القـــادرة علـــى تخطي الأزمات الراهنة.
ولفت الهاجري الى أن العقار جزء لا يتجزأ من الوضع الاقتصادي العام وما يحدث في بقية القطاعات الاقتصادية يؤثر فيه بشكل أو بآخر، مستدركا بأن الخلط بين العمل العقاري والاستثمار في سوق الأوراق المالية هو في واقع الأمر مشكلة رئيسية يجب العمل على تخطيها. وقال إن «السكني» لم يتأثر كثيرا بالأزمة المالية بسبب وقود الطلب عليه من قبل المواطنين، فيما سيظل «التجاري» متأثرا بتداعيات الأزمة المالية.