شهدت أعمال النسخة الثانية من مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» التي انطلقت أمس في الرياض توقيع 25 اتفاقية اقتصادية ومذكرات التفاهم، مع عدد من الدول والمؤسسات والشركات، بقيمة إجمالية تفوق 50 مليار دولار، وذلك في إطار «برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية»، الذي سيتم الإعلان عن انطلاقه رسميا قبل نهاية العام الحالي.
وشهدت إحدى جلسات المؤتمر حضور ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وكذلك شهدت الجلسة الافتتاحية حضور نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد. وجرى خلال فعاليات المبادرة التي ستستمر للفترة من 23 إلى 25 الجاري توقيع عدد من الاتفاقات الضخمة التي وقعتها وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، من بينها اتفاق للاستثمار في إنشاء مجمع للبتروكيميائيات في جازان، مع شركة بان آسيا الصينية، حيث يستهدف المشروع إنتاج 1.25 مليون طن من مادة PTA «حمض التريفثاليك المنقى» و500 ألف طن من مادة PET «البولي إيثلين»، حيث سيقوم المشروع بتصدير 60-70% من إنتاجه، مما يشكل مساهمة إيجابية في الناتج المحلي.
وفي هذا الصدد، أعلن وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية م.خالد الفالح، عن الإطلاق المبدئي لـ«برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية»، وأن البرنامج هو أحد أبرز برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، وينفذ أكثر من 300 مبادرة، ويعمل على تطوير 11 صناعة منها صناعة السيارات والصناعات العسكرية والطبية والاستزراع المائي والسمكي، وكلها تستهدف رفع صادرات المملكة لتصبح 50% منها صادرات غير نفطية، مشيرا إلى أن استراتيجية البرنامج تهدف إلى تحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية عالمية، وذلك عبر التركيز على 4 قطاعات حيوية (الصناعة، التعدين، الطاقة، والخدمات اللوجستية)، حيث يستهدف البرنامج الإسهام في الناتج المحلي بتريليون و200 مليار ريال، وتوفير 1.6 مليون وظيفة، إضافة إلى جذب استثمارات ذات عوائد مجزية متوقعة تقدر بتريليون و600 مليار ريال بحلول 2030.
كما وقعت مذكرة تفاهم لإنشاء مصهر للنحاس والزنك والرصاص، في مدينة رأس الخير، بالتعاون مع شركة ترافيقورا السنغافورية، وشركة التعدين الحديثة، حيث يهدف المشروع لإنتاج 400 ألف طن من النحاس، و200 ألف طن من الزنك، و55 ألف طن من الرصاص، وغيرها من المعادن النقية كالذهب والفضة، حيث سيكون هذا المشروع أول مصهر للنحاس في دول مجلس التعاون، كما يسهم المشروع في دعم الطلب المتزايد على هذه المعادن الرئيسية.
وفيما يخص مشاريع الخدمات اللوجستية، قامت هيئة النقل العام بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة سي سي إي سي سي (CCECC) الصينية لتنفيذ مشروع الجسر البري الذي يربط سواحل المملكة الغربية بسواحلها الشرقية عن طريق المرور بالخط الحديدي القائم بين الرياض والدمام، حيث من المتوقع أن تتجاوز قيمة الاستثمار في هذا المشروع الضخم مبلغ 10.6 مليارات دولار.
إضافة إلى اتفاق يهدف إلى تصنيع عربات الشحن للخطوط الحديدية في المملكة بين الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار) وشركة جرين براير الأميركية، وتوقيع اتفاقية أخرى من قبل صندوق الاستثمارات العامة والمؤسسة العامة للخطوط الحديدية من جهة والتحالف الإسباني من جهة أخرى للبدء بالمرحلة الثانية من تطوير مشروع قطار الحرمين السريع.
وهذه الاتفاقيات تسعى إلى تمكين المملكة لتصبح مركزا لوجستيا عالميا من خلال تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى رفع حجم قطاع الخدمات اللوجستية في السعودية إلى أكثر من 70 مليار ريال خلال عام 2020.
2 مليار دولار صفقات مع «السيادي»
أشار رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل ديميتريف، خلال افتتاح الجلسة الأولى من فعاليات مبادرة مستقبل الاستثمار إلى أن السعودية تعتبر شريكا رائعا لبلاده، مؤكدا أهمية رؤية المملكة 2030. وجاء في كلام ديميتريف: «نفذنا صفقات مشتركة مع صندوق الاستثمارات العامة بقيمة ملياري دولار». وقال: «نهدف إلى تطوير النمو الاقتصادي، وذلك من خلال الشراكات، ونعتقد أن الشراكة هي المفتاح للعمل معا هنا، وقمنا بـ 45 استثمارا مع شركة مبادلة، كما قمنا بنحو 10 استثمارات مع صندوق الاستثمارات العامة، هذا بالإضافة إلى مشاركتنا مع أكثر من 20 صندوقا سياديا في العالم».
الفالح: حضور قادة دوليين دليل ثقة بالسعودية
قال وزير الطاقة السعودية خالد الفالح، في فعاليات اليوم الأول لمؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، إن المملكة تمر بمرحلة تحول كبير لم يسبق له مثيل «وسنستمر برحلتنا إلى المستقبل مع شركائنا الاستراتيجيين»، مضيفا: «ان الحضور الكثيف لقادة دوليين في مجال النفط والغاز اليوم ما هو إلا دليل على الثقة الكبيرة في مكانة المملكة». وبينما أشار الفالح إلى أن سوق النفط في وضع جيد الآن، قال: «سنراقب سوق النفط لكن هناك أوجه عدم تيقن في العرض والطلب، وسنعمل على تقييد المعروض النفطي في العام المقبل إذا اقتضت الحاجة».
أما على صعيد الطاقة، أوضح الفالح أن «مجال الطاقة قد شهد استثمارا مفرطا في بداية هذا العقد، وهذا ما أدى إلى حدوث اختلال، أوجب تدخل أوپيك (السعودية وروسيا تحديدا) للتدخل والتعاون بحزم، وقد نجحنا في استعادة الثقة بما سيكون عليه مستقبل الصناعة النفطية». وفيما نوه بوجود زيادة كبيرة في الاستثمار الحاصل في إنتاج النفط الصخري من قبل الولايات المتحدة الأميركية، شدد الفالح على أنه سيكون دائما هناك منتجون يعملون للحيلولة دون تذبذب أسعار النفط الذي يهدد الأسواق. وأكد أن النفط والغاز سيستمران في إشغال ثلثي مزيج الطاقة خلال 4 أو 5 عقود قادمة.
«أرامكو» توقع 15 صفقة بـ 30 مليار دولار
قال تلفزيون الإخبارية الرسمي السعودي إن شركة النفط العملاقة أرامكو السعودية ستوقع 15 صفقة قيمتها أكثر من 30 مليار دولار.
من جانب آخر، قال أمين الناصر الرئيس التنفيذي لأرامكو إن الاستحواذ المزمع على حصة في الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) سيستغرق وقتا بسبب قواعد مكافحة الاحتكار في الخارج. وأكد الناصر أن الحكومة السعودية ما زالت ملتزمة بالطرح العام الأولي لأرامكو لكن التوقيت سيعتمد على ظروف السوق وعوامل أخرى، مضيفا أنه لا يمكن إدراج أرامكو قبل الانتهاء من صفقة سابك.