- ليس هناك قانون دقيق لدى «المركزي» يحدد المعلومة التي تطبق عليها السرّية
-
رفض البنوك الإفصاح عن حجم انكشافها والتسلح بقانون السرية المصرفية خطأ يكشف عدم الشفافية وخلل رقابي واضح
-
غياب الدقة في تحديد السرّية المستوجبة لعمل المصارف والخلط بينها وبين مبدأ الشفافية جعلها في قفص الاتهام
-
ليس هناك تشريع خاص في الكويت يتعلق بسرّية المعلومات المصرفية سوى بعض النصوص الواردة في قانون النقد والبنك المركزي
منى الدغيمي
تعد السرية المصرفية من أهم المبادئ التي يقوم عليها العمل المصرفي حيث تبث الثقة والطمأنينة لأصحاب رؤوس الأموال بشأن سرية أعمالهم المصرفية وجميع المعلومات ذات الصلة بثرواتهم فيعد ذلك حافزا قانونيا مناسبا وبيئة تشريعية ملائمة للاستثمار وتشجيع الادخارات الوطنية حيث أنها تجذب رؤوس الأموال والرساميل والاستثمارات الأجنبية.
لكن الأزمة المالية العالمية الراهنة أثارت أكثر من نقطة استفهام حول مشروعية السرية المصرفية واستغلالها كأداة للتستر على ضعف الرقابة وغياب الشفافية بتعلة عدم المساس بقانون السرية المصرفية، فعلى المستوى المحلي أثارت قضية سعد والقصيبي وأزمة دبي بلبلة في أوساط الساحة الاقتصادية وذلك عبر مطالبة المستثمرين البنوك بالافصاح عن حجم انكشافاتهم الصحيحة من منطلق الحق الذي تفرضه الشفافية المعترف بها كمبدأ من المبادئ الأساسية لحوكمة البنوك.
«الأنباء» ارتأت أن تتابع مدى تطبيق السرية المصرفية في الكويت والحد الفاصل بينها وبين الرقابة والشفافية، ولمسنا وجود اتفاق بين وجهتي نظر قانونية واقتصادية على أهمية التمسك بالسرية المصرفية والمحافظة عليها.
بداية من منطلق اقتصادي، أكد رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لشركة مجموعة الأوراق المالية علي الموسى أن الخصوصية هي حق دستوري وجزء من الخصوصية هي الذمة المالية، مشيرا الى أن البنك المركزي باعتباره يمثل السلطة الرقابية على البنوك فهو المعني الوحيد بالاطلاع على أدق التفاصيل التي تخص البنوك.
وأضاف أن السرية المصرفية والشفافية والرقابة ليست مترادفات، لافتا الى أن الشفافية لا تنفي فاعلية الرقابة ولا تقف حائلا أمام السرية.
وختم الموسى بقوله ان هناك تطبيقا للسرية المصرفية ولا تتعارض مع مبدأ الشفافية وعمل الرقابة، مستدركا بقوله ان هناك خلطا لدى الكثير من الناس بين المفردات الثلاث «الشفافية والرقابة والسرية» مما جعل السرية لفظا فضفاضا وغير دقيق.
فيما أكد الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور أن السرية المصرفية مطلوبة ولا يمكن الاستغناء عنها، مشيرا الى أن النظام المالي لا يمكن أن يكون مستقرا في حال انتهاك السرية المصرفية.
وشدد على ضرورة حماية السرية مهما كانت المبررات لالغائها، أو الحد من دورها، لافتا الى أن السرية المصرفية من القواعد المستقرة ذات الصلة بعمل البنوك، حيث تلتزم البنوك بموجب القواعد القانونية والأعراف المصرفية بحفظ أسرار العملاء وعملياتهم المصرفية.
وقال ان السرية المصرفية استخدمت كأداة للتستر على ضعف الرقابة داخل الجهاز المصرفي، مؤكدين على ضرورة تطوير العمل الرقابي نظرا لانه مكمن العلة وهو ما بيده أن يجعل السرية المصرفية أداة استقرار.
وأضاف أن مشكلة الكويت الأساسية هي مشكلة ضعف الجهاز الرقابي و«السرية» هي الغطاء أو الستار الذي تم من خلاله تعليل السوء الرقابي وغياب الشفافية، مشيرا الى أن رفض البنوك الافصاح عن حجم انكشافهم على قضيتي سعد والقصيبي تحديدا والتسلح بقانون السرية المصرفية خطأ يكشف عدم الشفافية وخلل رقابي واضح.
وتابع أن السرية المصرفية هي سلاح ذو حدين لكن لا يمكن الاستغناء عنها، لافتين الى أن غياب الدقة في تحديد مدى السرية المستوجبة لعمل المصارف والخلط بينها وبين مبدأ الشفافية جعلها في قفص الاتهام.
وكشف أنه ليس هناك تعارض بين السرية والشفافية فهما وجهان لعملة واحدة.
ومن جانبه رأى الخبير المالي علي النمش أن السرية المصرفية في الكويت يتحكم فيها البنك المركزي دون سواه وهو بمثابة ضابط الإيقاع ويحق له حجب المعلومة التي يراها تدخل تحت طائلة السرية، مشيرا إلى أن السرية غالبا ما تتناقض مع الشفافية والخلط بين مسار المبدأين وجه أصابع الاتهام نحو «السرية».
وذكر أن هناك قانونا وعرفا موجودا لدى جميع البنوك للحفاظ على سرية معلومات العميل سواء من حسابات أو مستندات أو جميع الأمور التي تتعلق بالعميل، مضيفا أن بنك الكويت المركزي لديه حرص تام على التشدد في ذلك وعدم السماح بتسريب المعلومات، لافتا إلى أن تسريب المعلومات يعتبر خطأ جسيما وجريمة كبرى.
الشكل القانوني
أما من وجهة نظر قانونية، فرأى الأستاذ مشاري الغزالي أن السرية المصرفية لم تدقق بشكل قانوني صريح وواضح في الكويت، مشيرا إلى انه لا توجد لوائح حتى لدى البنك المركزي تحدد ما المعلومة التي تطبق عليها السرية دون الأخرى.
وأفاد بأنه فيما يتعلق بسرية البنوك لا يوجد تحديد واضح لمدى سرية المعلومة سواء كانت متعلقة بمقدار الدين أو الموجودات أو المعلومات العامة، لافتا إلى انه توجد قواعد عامة ضمن قانون النقد ولم تنقح منذ سنة 1964 تقريبا وأصبحت غير مواكبة للمستجدات الراهنة وهي تتولى حماية السرية المصرفية.
واستدرك بأن السرية المصرفية غير معرفة قانونيا بشكل دقيق، مشيرا إلى أنها غالبا ما تتعارض مع قوانين الإفصاح والشفافية.
وعزا هذا الخلط بين السرية والشفافية إلى غياب قانون واضح وخاص لهما.
وطالب بضرورة تحرك الجهات المعنية لاسيما مجلس الأمة ووزارة التجارة والصناعة والبنك المركزي، لافتا إلى انه يوجد أكثر من سرية غير مقننة ومنظمة في الكويت تحتاج إلى تحديد وضوابط معينة تحكمها.
ثقافة «السرية»
فيما عقب مسؤول الدائرة القانونية بمجموعة شركات كويتية وعضو المنظمة العربية للعلوم القانونية سعد الريس بقوله ان القانون الكويتي الذي ينظم عمليات البنوك والنقد يراعي السرية المصرفية إلا أنه يفترض وجوده كقانون مستقل يتضمن تنظيم العملية السرية بصورة أوضح تخدم تحول الكويت لمركز مالي وتجاري في المنطقة.
وأكد الريس أنه يفترض بالمشرع الكويتي أن يعي خطورة مسألة سرية العمليات البنكية وأن المستثمر الأجنبي حرص كل الحرص قبل الدخول للعمل الاستثماري في الكويت على أن يدرس مسألة السرية بشكل عميق ودقيق بل لا يقف الأمر عند حد وجود تشريعات صارمة في ذلك بل يتعداها إلى سياسة البنك المركزي في التطبيق لذلك يجب على البنك المركزي الكويتي أن يقوم بشكل واضح بنشر ثقافة السرية في المعاملات المصرفية بشكل لا يخل بالمصلحة العامة وذلك ليعي المستثمر الأجنبي ذلك ويصل إلى مرحلة الأمان.
لا يوجد قانون خاص ينظّم سرّية العمل المصرفي في الكويت - بقلم المحامي: عبدالرزاق عبدالله
إن الحفاظ على مبدأ السرية في الأصل واجب أخلاقي وان إفشاء السر يكون خيانة للثقة ونقضا لمبادئ الأخلاق سواء كانت علاقة صداقة أو رابطة قانونية كالزواج أو علاقات المصارف بعملائها أو علاقة مهنية كعلاقة الطبيب بالمريض، وان من أهم الأهداف التي وجدت من أجلها القوانين هي حماية الناس، سواء كانت الحماية للجسد أو الأرواح أو الممتلكات أو الحقوق، والسرية وسيلة من وسائل الحماية. إلا ان سرية المهنة المصرفية تتخذ طابعا خاصا في ظل التطور المستمر لعمليات البنوك وسهولة الاطلاع على الحسابات والأسرار المصرفية، وأصبح ذلك يشكل التزاما أشد يقع على البنك لكتمان أسرار العملاء الذين يتعاملون معه، يقابله حق العميل في حفظ أسراره، ولكن هذا الحق ليس مطلقا ذلك انه قد يتعارض مع المصالح العامة أو الخاصة قد تفوق في أهميتها مصلحة العميل صاحب الحساب، وتبرر الخروج على هذه القاعدة وتعفي البنك من تحمل أي مسؤولية جزائية أو مدنية كما في حالة تنفيذ تعليمات الجهات صاحبة الاختصاص أو بناء على طلب القضاء.
وإذا كان الحفاظ على السر مرتبطا بالحرية الشخصية للفرد بمناحي حياته المختلفة، فإن طريقة وصول المعلومة يحدد مدى المسؤولية القانونية، ذلك ان الشخص يكون مسؤولا عن الأسرار التي تصل إليه عن طريق وظيفته أو عمله والتي يجب ان تبقى طي الكتمان، وحتى تكتمل للسر مقوماته لابد ان يكون محددا بصورة كافية والا يكون مما لا يعتبر أمرا معروفا أو ظاهرة أو شائعا للكافة بحيث إذا اطلع عليه الغير يكون في ذلك اعتداء على حق الشخص في كتمان تلك المعلومات التي تشكل السر. واغلب التشريعات تفرض التزاما عاما للمحافظة على الأسرار التي تكون الاتصال بها عن طريق المهنة أو العمل، ولذلك نرى ان المشرع في الكويت قد أجاز لصاحب العمل فصل العامل لديه إذا أفشى الأسرار الخاصة بالعمل.
ان أهم ما يوطد الثقة بين البنك والعميل هو الكتمان، لأن العميل حريص على سرية تعاملاته المالية، ومن حقه ان يحرص على ذلك لأنه متصل بالحرية الشخصية كما ذكرنا آنفا، حيث ان الدستور قد كفل الحرية الشخصية للمواطن، وان كل ما يتعلق بالحياة الخاصة للفرد هو جزء من كيانه فلا يجوز لأحد ان يطلع عليه أو ينشر عنه شيئا دون رضاه أو وفقا للقانون، لأن التعرض للأمور المالية للفرد فيه مساس بحقه في الخصوصية، فالذمة المالية محور مهم للشخص، فلذلك فإن حماية الأسرار المصرفية لصيق بالحرية الشخصية للأفراد عند مباشرة نشاطهم الاقتصادي لحرصهم على إخفاء مراكزهم المالية عن غيرهم من المنافسين لهم أو من أفراد عائلتهم، كما ان الحفاظ على سرية العمل المصرفي من مصلحة المصرف نفسه في ان تبقى أعماله مكتومة، ولذا تجد هناك تعليمات للعاملين في المصرف بعدم إفشاء الأسرار والمعلومات سواء ما كان متعلقا بأعمال المصرف نفسه أو خاصة بأحد العملاء، وقد ألزمت المادة 28 من قانون النقد والبنك المركزي وتنظيم المهنة المصرفية في الكويت أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي أو أي مدير أو موظف الا يفشي أي معلومات تتعلق بشؤون البنك أو عملائه أو بشؤون البنوك الأخرى الخاضعة لرقابة البنك المركزي تكون قد وصلت إليه بسبب أعمال وظيفته فيما عدا الأحوال التي يصرح فيها القانون وإلا عوقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تتجاوز 225 دينارا أو بإحدى هاتين العقوبتين مع العزل من الوظيفة في جميع الأحوال. ويتضح من ذلك مدى صرامة المشرع في حفظ السرية المصرفية، وان كان قد اقتصر على سرية المعلومات التي تصل إلى البنك المركزي وعلى العاملين فيه، ولم يتطرق إلى البنوك الأخرى والعاملين فيها. لكن كمبدأ عام إذا قصر المصرف في حماية المعلومات المصرفية الخاصة بالعميل، فإنه يتعرض للمساءلة القانونية من قبل العميل بطلب التعويض عن هذا التقصير، لما لحقه من ضرر سواء كان ماديا أو معنويا يتصل بسمعته ومكانته التجارية والاجتماعية، وليس هناك تشريع خاص في الكويت يتعلق بسرية المعلومات المصرفية سوى بعض النصوص الواردة في قانون النقد والبنك المركزي وتنظيم المهنة المصرفية، وهي نصوص آمرة للبنك المركزي وموظفيها فقط بضرورة كتمان الأسرار والمعلومات المصرفية التي تصل إليهم بسبب وظيفتهم سواء ما تعلق منها بأعمال البنك المركزي نفسه أو أعمال البنوك الأخرى الخاضعة للرقابة.
إلا أنه يمكن استخلاص نية المشرع في الاهتمام بالسرية بوجه عام بما في ذلك سرية البنوك من عدة قوانين بدءا من الدستور إلى عدة قوانين أخرى، فقد حظرت المادة 25 من قانون الخدمة المدنية على الموظف ان يدلي بأي معلومات عن الأعمال السرية ويستمر هذا الخطر حتى بعد انتهاء خدمة الموظف فإذا أخل بهذا الالتزام تعرض لعقوبات تأديبية مع إمكانية مساءلته جزائيا ومدنيا، وكذلك بالنسبة للوسطاء في سوق الأوراق المالية يجب عليهم عدم إفشاء الأسرار أو المعلومات التي تصل إليهم بحكم عملهم وإلا فرضت عليهم لجنة التأديب في السوق عقوبات تصل إلى حد الشطب وإلغاء الترخيص. وكذلك فإن الدفاتر التجارية للتاجر لها الحرمة ولا يجوز الاطلاع عليها إلا بأمر من المحكمة.
وخلاصة القول انه لا يوجد هناك قانون خاص ينظم سرية العمل المصرفي في الكويت، إلا ان التشريعات في معظمها تحرص على السرية وتراعي هذا الجانب في العديد من القوانين، كما ان العادة جرت على ان المصارف حريصة على كتمان نشاطها وخصوصا فيما يتعلق بعملائها.
وانني لأرى ان المادة الأقرب للتطبيق بخصوص سرية المعلومات المصرفية تتعلق بمبدأ حسن النية في تنفيذ العقود وشرف التعامل، وان حق التعويض يشمل الضرر الأدبي، فكل تعد على الغير في حريته أو في عرضه أو في شرفه أو في سمعته أو في مركزه الاجتماعي أو في اعتباره المالي يجعل المعتدي مسؤولا عن التعويض، وان العقد الذي يبرم بين العميل والبنك يلزم البنك ان يتصرف بحسن نية، ولاشك ان إفشاء أسرار العملاء، لا يعتبر عملا من أعمال حسن النية، بل يعتبر عملا خاطئا يتوجب على البنك إذا قام به ان يعوض العميل عما لحقه من ضرر أدبي في مكانته المالية والاجتماعية وما لحقه من ضرر مادي في تجارته وأعماله.
واقرأ ايضاً:
«الوطني» يوقف تراجع البورصة وأسهم الخرافي تدفعها للارتفاع «زين» تقود الصعود ..وعودة أجواء التفاؤل تزيد من تدفق السيولة المالية
«الأوسط» يحقق 14.3 مليون دينار أرباحاً صافية لـ 2009
«المركزي» يدقق على بطاقات الائتمان بالبنوك المحلية للتحقق من التزامها بضوابط الحماية والسلامة الجديدة
السرّية المصرفية سلاح ذو حدين وغالباً ما تتعارض مع قوانين الإفصاح والشفافية
الهارون لـ «الأنباء»: نستهدف تبسيط الإجراءات وكسر الروتين وتنظيم السوق العقاري في 2010
«الوطنية للاتصالات» في سوق قطر المالي بعد موافقة لجنة السوق على طلب إدراجها
زاوية اسبوعية اقتصادية تقدمها شركة «آيديليتي» للاستشارات ..والعنوان لهذا الاسبوع « مستوى الخدمة بالكويت»
البنوان: استمرار الأوضاع الحالية قد يدفع لإفلاس بعض شركات الاستثمار
السبيعي: أداء المحفظة الوطنية أفضل بكثير من أداء السوق والصناديق
«القرين لصناعة الكيماويات» تربح 7 ملايين دينار لـ 2009
مفاوضات معلقة بين «التمويل الخليجي» و«ويست إل بي» حول صكوك إسلامية
شركة مملوكة لـ «سفن» توقع عقداً في قطر
«الزمردة القابضة» أعدت خطة شاملة لإعادة هيكلة المجموعة خلال 2009
«الملا» تنظم ورشة عمل خاصة بتقنيات الزيوت
الكبار يروون تاريخهم في أول معرض يحكي تاريخ الكويت الاقتصادي
الماجد: عمومية «بوبيان» قد تطرح المتبقي من الاكتتاب على المساهمين