- المقترح النيابي بإنشاء شركة مساهمة كويتية لشراء وبيع وتسويق الإنتاج الزراعي ردة فعل سياسية سريعة غير موفقة
بقلم: بدر مشاري الحماد.. نائب رئيس جهاز المراقبين الماليين بالوكالة (سابقا)
[email protected]
من الأهمية التأكيد على التوافق السياسي في معظم القضايا المشتركة التي تطرح تحت قبة البرلمان، لاسيما تلك القضايا الاقتصادية المتفق عليها من حيث المبدأ، لذلك جاءت الحكومة التزاما بأحكام الدستور بتقديم برنامج عملها وآخرها برنامج العمل 2016/2017-2019/2020، والذي قدم تحت شعار (نحو تنمية مستدامة)، ويتضمن البرنامج عدة جوانب منها المتعلق بتنفيذ برنامج التخصيص، ويرتكز هذا الجانب إلى إعادة رسم دور الدولة في النشاط الاقتصادي بالتعاون مع القطاع الخاص في القيام بتلك الأنشطة التي تقوم بها الدولة، على أن ينحصر دور الدولة في مراقبة ومتابعة النشاط الاقتصادي بما يكفل تقديم أعلى جودة للخدمة بأقل التكاليف.
وفي إطار تلك الخطة التي تشتمل ذات ركائز رؤية الكويت 2035، قامت الحكومة بخطوات تنفيذية تجاه برنامج التخصيص، وذلك من خلال التخارج وبيع مساهماتها في بعض الشركات المحلية.
وفي هذا السياق تقدم عدد من أعضاء مجلس الأمة باقتراح بقانون إنشاء شركة مساهمة كويتية لشراء وبيع وتسويق الإنتاج الزراعي برأسمال يبلغ 50 مليون دينار، ويهدف هذا المقترح وفق ما يراه مقدموه إلى تعزيز القطاع الزراعي ليكون مصدرا من مصادر الدخل القومي ودعم المنتجات الزراعية الوطنية في مواجهة المنتجات المستوردة، ورفع المعاناة عن كاهل المزارعين الذين يتعرضون لخسائر تراكمية فادحة، وصولا إلى تحقيق الأمن الغذائي.
وإذ نقدر حرص مقدمي هذا المقترح واهتمامهم بالأمن الغذائي للوصول إلى نوع من الاكتفاء الذاتي في هذا القطاع الحيوي، خاصة في ظل أزمة وباء «كورونا» وما كشفت عنه من وجود خلل في منظومة القطاع الزراعي، إلا أن مثل هذا المقترح يجب أن يكون متسقا مع خطة التنمية وبرنامج عمل الحكومة والذي اقر من قبل مجلس الأمة بالتوافق.
فهذا المقترح في رأيي اعتبره ردة فعل سياسية سريعة غير موفقة، لم تأخذ بعين الاعتبار القرارات الاقتصادية التي سبق اتخاذها من قبل الحكومة في هذا الشأن.
والتساؤل المطروح هنا هل يعلم مقدمو هذا المقترح أن هناك شركة قد تأسست في عام 1976 بموجب مرسوم أميري تحت اسم «الشركة الزراعية للمنتجات الغذائية»؟ وهي شركة مساهمة مملوكة للقطاع العام تهدف الى تعزيز الإنتاج الزراعي المحلي بالإضافة إلى تقديم افضل المنتجات الزراعية، وان تلك الشركة تمتلك 28 فرعا وشبكة توزيع ومزارع محلية ومخازن، وقد قامت الحكومة بالتخارج من تلك الشركة من خلال برنامج تحويل المساهمات العامة الى القطاع الخاص، وذلك انسجاما مع التوجهات الحكومية المتمثلة في تعزيز دور القطاع الخاص والتخفيف من هيمنة الدولة على النشاط الاقتصادي.
فرغم تأكيدنا على أهمية الأمن الغذائي الذي يسعى إليه المقترح المقدم، إلا أن ذلك لا يعتبر مبررا كافيا في السعي لاتخاذ مثل تلك القرارات السياسية ذات انعكاسات اقتصادية عكسية، فهل نحن الآن أمام اتجاهات جديدة تعيد النظر في أهداف خطة التنمية ورؤية الكويت 2035 لتعيدنا الى المربع الأول؟.
إن الاستعجال في تقديم مثل تلك المقترحات ليس هو الحل الأمثل، فالحل يكمن في ممارسة الدولة لدورها الرقابي الصحيح والفعال على إدارة القطاع الخاص للأنشطة الاقتصادية بصفتها المشغل لتلك الخدمات، وان يقوم مجلس الأمة بدوره الرقابي على أداء الحكومة وفقا لما حددته أحكام الدستور.
ختاما، أتمنى ألا يهدر القرار السياسي القرارات الاقتصادية السابق اتخاذها وتحميل المال العام تكلفة مثل تلك القرارات.