أعادت الاضطرابات التي شهدتها الاقتصادات والأسواق المختلفة بسبب انتشار فيروس كوفيد -19 تعريف المشهد العام عالميا وفي دول مجلس التعاون الخليجي، ومع التأثير الكبير للأزمة على كل المؤسسات، حيث ان توقعات النمو غير المتفائلة تقر بعدم إمكانية حدوث تعافي ملحوظ حتى 2021.
وتؤكد الأرقام والدراسات الأخيرة من «أبردين ستاندرد إنفسمنتس» العالمية أنه ومع ذلك، يظهر عدد من دول مجلس التعاون الخليجي مثل الكويت والإمارات والسعودية في وضع جيد، بما يضمن أن يصبح هذا التعافي والانتعاش حقيقة واقعة، حيث ستقوم صناديق الثروة السيادية القوية (SWFs) بدور حيوي في مساعدة الاقتصادات على الانتعاش.
ويشير رئيس شركة «أبردين ستاندرد إنفسمنتس» في الشرق الأوسط وأفريقيا إدريس الرفيع إلى استجابت جميع دول مجلس التعاون الخليجي للأزمة بعمل محفزات اقتصادية - تتراوح بين تخفيض الإنفاق العام، وتخفيض رواتب الموظفين الحكوميين، وعمل تسهيلات في سداد القروض للشركات بعدم مطالبتهم بالسداد لفترات، وزيادة الإنفاق الصحي ودعم الرواتب للقطاع الخاص.
وقد بلغت هذه الباقات الاقتصادية - حتى الآن- أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي في الكويت والإمارات، وأكثر من 7% في السعودية.
تحديد معالم 2021
ويتوقع المتابعون للسوق العام المقبل حدوث الانتعاش الاقتصادي، ويعزز هذه التوقعات بتخفيضات إنتاج النفط إلى حد ما واستئناف الطلب من المستهلكين الذي سيقود النشاط في القطاعات غير النفطية.
وبشكل خاص، تعتبر كل من الكويت والإمارات والسعودية في وضع جيد يناسب هذه التوقعات المتفائلة، حيث يمكنهم إدارة عجز كبير نسبيا بسبب الأصول الخارجية العامة التي يملكونها، حيث يبلغ إجمالي الأصول الخارجية العامة نحو 2.6 تريليون دولار في كل دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى صناديق الثروة السيادية (SWFs) التي تدير ما يقرب من 70% منها، والمتنوعة عبر الأسهم العامة والدخل الثابت.
وقد حدد تقرير حديث صادر عن معهد صندوق الثروة السيادية (SWFI) أكبر 10 صناديق ثروة سيادية في العالم، حيث حلت هيئة أبوظبي للاستثمار في المرتبة الثالثة (579.6 مليار دولار في الأصول)، وحل صندوق هيئة الاستثمار الكويتي في المركز الرابع (533.6 مليار دولار)، واحتل صندوق الاستثمارات العامة في السعودية المرتبة التاسعة (360 مليار دولار).
ووفقا لتصنيف فيتش، بلغت نسبة صافي الأصول الخارجية السيادية إلى الناتج المحلي الإجمالي اعتبارا من 2019 نحو 470% في الكويت، و230% في أبوظبي، و70% في السعودية.
وسلط بحث معهد التمويل الدولي الضوء أيضا على النظم المصرفية السليمة في دول مجلس التعاون الخليجي، مدعومة برسملة قوية، وسيولة كافية ومستويات منخفضة نسبيا من القروض المتعثرة.
في انتظار الخطوة التالية
تعتمد وتيرة ومدى الانتعاش والتعافي الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي على الخطوات الاستباقية للحكومات، فيما يتعلق بالبرامج والحوافز لدعم الاقتصادات الأوسع، وخاصة الاستهلاك.
كما يعزز ذلك بدوره من إمكانات صناديق الثروة السيادية في المنطقة لتقديم دعم إضافي لاقتصاداتها، والدفع بالجهود الحالية لمساعدة البنوك المحلية والقطاعات الخاصة على مواجهة الآثار التي خلفتها أزمة كوفيد-19.