أظهرت دراســـة أعـــدتها إدارة بحـوث الاستثمار في شركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول (كامكو) أن نسبة الارتباط (correlation) بين أسواق الخليج والأسواق العالمية بدأت بالارتفاع بعد شهر سبتمبر من عام 2008 نتيجة للأزمة المالية وما ترتب عليها من اضطرابات في الأسواق المالية وأسواق الائتمان وذلك بناء على الأداء الشهري للأسواق منذ يناير 2006 وحتى شهر مايو 2010.
وكشفت الدراسة التي ألقت الضوء على مدى ارتباط أداء سوق الكويت للأوراق المالية وأسواق الخليج من جهة مع أداء الأسواق العالمية حيث ترتكز هذه الدراسة على مقارنة مدى ارتباط أداء الأسواق بعضها ببعض في الفترة التي سبقت الأزمة المالية وكذلك في الفترة التي تلتها، كشف ان المعيار الذي تم اعتماده في تلك الدراسة هو مراقبة الأداء الشهري للأسواق قيد الدراسة واحتساب عامل الارتباط فيما بينها بحيث تتراوح قيمته بين +1 و-1، وفي تحليل للأرقام فإن نتيجة +1 بين سوقين تعني أن السوقين مرتبطتان كليا من حيث الأداء أما نتيجة -1 فهي تعني أن لا علاقة في أداء السوقين على الإطلاق وأن الانخفاض بنسبة معينة في السوق الأول يقابلها ارتفاع بنسبة مماثلة في السوق الثاني.
وفي تحليل لأداء أسواق الأسهم الخليجية ومدى ارتباطها بعضها ببعض من حيث الأداء الشهري منذ بداية عام 2006 وحتى شهر مايو 2010، أوضحت الدراسة أن هناك ترابطا قويا بين تلك الأسواق وإن بنسب متفاوتة حيث تخطى عامل الارتباط الـ 0.5 وذلك نظرا لطبيعة الاقتصاد في تلك الدول التي تعتمد بشكل أساسي على إيرادات النفط كما أن هناك عددا كبيرا من الشركات تعمل في بيئة عمل مشتركة بالإضافة إلى نوعية المستثمرين والتي لعبت دورا مهما في تقارب أداء تلك الأسواق حيث ان النسبة الأكبر منهم هي من المتداولين الأفراد مما يزيد من نسبة الترابط في أداء تلك الأسواق.
وفي تحليل لترابط أداء الأسواق الخليجية في الفترة التي سبقت الأزمة المالية وتحديدا بين عام 2006 ومارس 2008، لاحظت أن الترابط في أداء تلك الأسواق كان ضعيفا بالرغم من النمو الاقتصادي الذي شهدته دول الخليج في تلك الفترة حيث كان لكل من تلك الأسواق المالية عوامل خاصة بها أثرت في أداء أسواقها المالية.
وضربت مثالا على أداء قطاع البتروكيماويات والقطاع المالي حيث كانا لهما الأثر الكبير في أداء سوق الأسهم السعودية وكذلك السيولة العالية التي ميزت السوق السعودي في تلك الفترة وأيضا الانفتاح على المشاريع الضخمة. أما في الإمارات وتحديدا في دبي، فقد تأثر أداء سوق الأسهم بأداء قطاع العقار والبناء والخدمات بالإضافة إلى القطاع المالي ودخول المستثمرين الأجانب إلى السوق. أما في الكويت، فقد شكل قطاع الاستثمار الرافعة الأساسية للسوق مدعوما بارتفاع السيولة والارتفاعات القياسية في أسعار الأسهم بالإضافة إلى الأداء القوي لقطاع البنوك وبعض الشركات الكويتية التي نجحت في التوسع إلى الأسواق الخارجية.
أما بعد الأزمة المالية فتشير الأرقام إلى ارتفاع كبير في عامل ارتباط الأداء حيث تراوحت نسب الارتباط بين سوق الكويت والأسواق الخليجية الأخرى بين 0.65 و0.79 وهي أعلى نسب ارتباط شهدتها تلك الأسواق نظرا لشمولية الأزمة المالية، حيث أتت النتائج سلبية على الاقتصاد وعلى النتائج المالية للشركات وبالتالي أثرت بشكل كبير على أداء المؤشرات المالية لتلك الأسواق مع وجود حالة من الخوف والذعر لدى غالبية المستثمرين.
جاء هذا الارتفاع نتيجة عدة عوامل لم تكن سائدة قبل الأزمة المالية ومنها التذبذب في أسعار النفط، والهلع والخوف الذي أصاب معظم المستثمرين (مؤسسات وأفرادا)، ومؤشرات التقييم التي كانت مرتفعة في الفترة التي سبقت الأزمة بالإضافة إلى التدفقات النقدية من المستثمرين الأجانب التي أثرت بنسب متفاوتة في تلك الأسواق. فعلى سبيل المثال نرى أن أداء سوق الكويت للأوراق المالية أصبح أكثر ارتباطا بأداء تلك الأسواق وكذلك سوق الأسهم السعودية هبوطا أو صعودا. أما في دبي وأبوظبي فإن عامل الارتباط كان مرتفعا جدا حيث وصل إلى 0.91 وذلك نظرا للعوامل المشتركة التي تؤثر في نتائج الشركات المالية بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية المشتركة.
وذكرت أن للأزمة المالية العالمية أثرا كبيرا على أداء جميع الأسواق المالية العالمية والخليجية حيث تخطى عامل الارتباط بين الأسواق المالية العالمية والأسواق الخليجية الـ 0.5 مقارنة مع عامل ارتباط ضعيف قبل الأزمة المالية في سبتمبر حيث لم يتخط الـ 0.2 في معظم الأحيان بين الأسواق المالية ومعظم الأسواق الخليجية.
وهذا يفسر حجم الأزمة المالية التي ضربت الأسواق المالية العالمية وتأثيرها على جميع الأسواق الخليجية، فعلى صعيد الأسواق نجد أن سوق المال السعودي وبورصة قطر كانا من أكثر الأسواق ارتباطا بأداء أسواق المال العالمية وبالتحديد مع كل من مؤشر s&p 500 وداو جونز حيث بلغ عامل الارتباط 0.85 و0.78 مع السوق السعودي و0.87 و0.84 مع بورصة قطر على التوالي. أما سوق الكويت للأوراق المالية فقد حل ثالثا في عامل الارتباط بينه وبين الأسواق المالية العالمية لتصل إلى 0.7 و0.74 مع كل من مؤشر s&p 500 وداو جونز.
الجدير بالذكر انه قبل بدء الأزمة المالية العالمية وبالتحديد ما بين يناير 2006 ومارس 2008 كان عامل ارتباط الأداء الشهري لسوق الكويت للأوراق المالية مع كل من مؤشر s&p 500 وداو جونز حوالي 0.09 و0.17 وذلك يفسر عدم وجود أي ترابط فعلي بين سوق الكويت للأوراق المالية والأسواق المالية العالمية قبل بدء الأزمة المالية في سبتمبر 2008.