قال تقرير شـركـــــــة الاستثمارات الوطنية عن الأداء نصف السنوي لسوق الكويت للأوراق المالية انه بنهاية تداول النصف الأول عام 2010 بلغت القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة بالسوق 30.558.5 مليون دينار بانخفاض قدره 5.011.7 ملايين دينار وما نسبته 14.1% مقارنة مع نهاية النصف الأول عام 2009 والبالغة 35.570.2 مليون دينار، وانخفاض قدره 126.3 مليون دينار وما نسبته 0.4% عن نهاية عام 2009.
وأشار التقرير الى اختتام سوق الكويت للأوراق المالية تداولاته للنصف الأول من عام 2010 على انخفاض في مؤشراته العامة (السعري ـ الوزني ـ nic50) والتي حققت انخفاضات بنسبة 19% و11.5% و15.2% على التوالي بالمقارنة مع النصف الأول من عام 2009 كما صاحب ذلك انخفاض ايضا في المتغيرات العامة (القيمة ـ الكمية ـ عدد الصفقات) بنسبة 43.8% و32.7% و36.3% على التوالي وتزامن ذلك مع انخفاض متوسط المعدل اليومي لقيمة الأسهم المتداولة 59 مليونا بالمقارنة مع 105 ملايين للنصف الأول من عام 2009.
وحفل المشهد العام لسوق الكويت للأوراق المالية خلال النصف الأول من عام 2010 بالعديد من المنعطفات الاقتصادية والسياسية والتي كان لها أبلغ الأثر في تسيير دفة السوق سلبا أو إيجابا وإن كان الطابع السلبي قد غلب على مجريات تداول السوق خصوصا في الفترة الثانية من منتصف العام الحالي، حيث ابتدأ السوق نشاطه في الفترة الأولى من منتصف العام الحالي على تأرجح في ادائه وتحديدا خلال الثلث الأول منه والتي اتسمت بحدة عمليات المضاربة والمتركزة على الأسهم صغيرة رأس المال وذات النطاق السعري المنخفض، كما برز بشكل لافت تحرك أسهم المجاميع الاستثمارية المرتبطة ببعضها على مستوى الملكيات المتداخلة والتي تنوعت خلفيات التحرك عليها بين عمليات نقل بين محافظ مشتركة والتي تهدف في الوقت ذاته لتحسين أسعار أصولها ما أمكن علما ان ذلك التوجه قد سيطر على ما يقارب نسبة 80% من اجمالي تداولات تلك الفترة، كل ذلك مقابل ركود واضح كان قد أصاب التعاملات على الأسهم ذات الرسملة الكبيرة التي كانت متماشية في ادائها مع نسق المؤشرات العامة الموزونة.
نمط التداول
ولفت التقرير الى المؤثرات والمحفزات السلبية أو الإيجابية التي أثرت على نمط التداول وجعلت حساسية بعض المجاميع والأسهم عالية بدرجة أثرت على أسعارها القائمة بدرجة كبيرة خاصة في الفترة الأولى من منتصف العام، حيث أقر مجلس الأمة في مداولته الثانية قانون إسقاط القروض فيما أشارت الحكومة الى انها بصدد رد ذلك القانون نظرا لكلفته المالية حيث تتجاوز 1.8 مليار دينار وعدم تحقيقه للعدالة العامة ومن منطلق آخر خطت الحكومة والمجلس خطوة تنموية واقتصادية مهمة جدا عندما أقرت الخطة التنموية الخمسية للدولة بإجماع المجلس بميزانية قدرها 37 مليارا وهي تعتبر إنجازا مبدئيا على طريق التنمية المدروسة التي تفتقدها الدولة (آخر خطة تنمية تم إقرارها كانت في عام 1986) والنهوض بمكونات اقتصاد الدولة بجميع قطاعاته من خلال القيام بعملية تصحيح اقتصادية شاملة وغربلة لبعض قطاعات الدولة المتهالكة والتي بحاجة الى إعادة نظر في سياساتها وأسلوب إدارتها ومحاولة تطويرها لتتواءم مع الطموح الذي تسعى له الدولة من خلال خططها التنموية المستقبلية، أضف الى ذلك قيام المجلس بعد فترة بإقرار قانون هيئة سوق المال ليأتي خطوة رئيسية طال انتظارها من أجل تنظيم واستقلال سوق المال، وعلى الرغم من أهمية تلك الأحداث وحساسيتها فإن تفاعل السوق لم يكن تفاعلا طبيعيا وهو أمر متوقع لأسباب مرتبطة بعامل مادي كالتأثير الفعلي لقانون التنمية وعامل وقتي والمتعلق بقانون هيئة أسواق المال، حيث راوحت الأسهم القيادية مكانها، وبالرغم من تأثرها لأسباب استثنائية أخرى مثل حجم القضية التي تواجهها (اجيليتي) إلا انه قد بات الاتجاه السائد نحو تجيير تلك المحفزات للعمليات المضاربية التي فرضت نفسها على وقع التعاملات، إلا انها سرعان ما هدأت وتلاشت بعد ان سيطرت عليها عمليات جني الأرباح، وبدأت عوامل ومؤثرات جديدة بالظهور عملت على إعادة توجيه دفة التداولات وعمليات الشراء الى الأسهم الثقيلة والتي شهدنا من خلالها حراكا واسعا حققت فيها مختلف المؤشرات نتائج قياسية وذلك تفاعلا مع عوامل الدفع التي أعطته زخما طال معظم قطاعات السوق على اثر إعلان شركة الاتصالات المتنقلة ـ زين عن موافقة مجلس إدارتها لبيع وحدتها الأفريقية (عدا السودان والمغرب) وذلك بناء على العرض المقدم لها من قبل شركة بهارتي ارتل لمتد بقيمة تبلغ 10.7 مليارات دولار التي تفوق نسبة 10% من إجمالي القيمة الرأسمالية لسوق الكويت للأوراق المالية كما في نهاية ديسمبر لعام 2009، وتزامن هذا الأمر وخلال فترة قصيرة بإقرار مجلس إدارة البنك المركزي بتخفيض سعر الخصم بواقع 50 نقطة، ليصل الى معدل 2.5% وذلك بعد انجلاء مخاوف الضغوط التضخمية وهو ما عمل على زيادة الجرعة التفاؤلية بالسوق وسط إعلانات أرباح سنوية إيجابية لبعض الأسهم الرئيسية منها على سبيل المثال لا الحصر بنك الكويت الوطني الذي حقق خلال العام 2009 نموا في أرباحه بنسبة بلغت 4% حيث ساعد ذلك الزخم سوق الكويت للأوراق المالية على تخطي حواجز رئيسية على مستوى المؤشر السعري والذي كسر مستوى 7500 نقطة أو قيم التداول التي وصلت في هذه الأيام إلى مستوى 167 مليون دينار والطبيعي في هذا الأمر ان تكون هناك عمليات جني أرباح مدروسة من البعض وتبديل مراكز من البعض الآخر مما ساهم في كبح جماح الصعود الذي وصل له السوق واعادته الى وضعه الطبيعي من حيث حركة المؤشر او قيم التداول.
محفزات وقتية
الا ان العوامل السابق ذكرها جاءت محفزا وقتيا وآنيا سرعان ما فقدت تأثيرها عندما بدأت أزمة الديون السيادية لبعض الدول وعلى الأخص اليونان وبدأ تأثيرها يطول اقتصادات دول أوروبا وينسحب كذلك على الخسائر التي منيت بها عملتها «اليورو» حيث فقدت ما يزيد على 13% من قيمتها وليلقي بظلاله على باقي اقتصادات دول العالم مع استمرار تواتر الأخبار عن ان هناك دولا اخرى قد تعلن عن عدم قدرتها على سداد ديونها السيادية، أتت تلك الأزمة لتلقي بظلالها على أسواق العالم بمجملها وبالتبعية اسواق المنطقة والكويت حيث بدأت عمليات بيع مكثفة تطول أغلب الأسهم المدرجة بغض النظر عن ادائها التشغيلي او مستوى أرباحها وليبدأ المستثمرون العزوف عن التداول مما أدى الى اضمحلال قيم التداول وتناقصها لتصل في الآونة الأخيرة الى مستويات تقارب الـ 20 مليون دينار يوميا وهو مستوى متدن بشكل لم يشهده سوق الكويت للأوراق المالية خلال الأزمة التي عصفت بأسواق العالم منذ نهاية عام 2008 على الرغم من قيام شركة «زين» بالوفاء بالتزاماتها من حيث توزيع ما تم اقراره من أرباح بلغت 170 فلسا للسهم الواحد وبقيمة اجمالية تربو على الـ 640 مليون دينار وهي أعلى قيمة أرباح توزع في تاريخ السوق من قبل احدى الشركات المدرجة حيث كانت تشير التوقعات الى ان السوق بتلك التوزيعات قد يشهد انتعاشا جزئيا من خلال اعادة استثمار بعض تلك الأموال داخل السوق الا ان تشدد البنوك تجاه مدينها من حيث عدم السماح لهم بتصرفهم في أرباح «زين» والطلب منهم تحويل تلك الأرباح لزيادة ضماناتهم وكذلك استغلال بعض المستثمرين لدخول سيولة جديدة للسوق والقيام بعمليات تسييل على بعض الأسهم وان كان بعضها قياديا وتشغيليا أدى الى ضبابية الموقف العام داخل السوق وترك القطاع الخاص ليقوم بدور المنقذ وحده دون أدنى دعم من الجهات الرسمية والتي وقفت موقف المتفرج تجاه ما يحصل داخل السوق وكأن السوق لا يعتبر احد اهم الأجزاء والمكونات الرئيسية لاقتصاد البلد والدليل على ذلك ما نشره البنك المركزي من احصائيات حول نمو حجم ودائع البنوك لدى البنك المركزي خلال الخمسة شهور الأولى من عام 2010 بنسبة تقارب الـ 83% ولتصعد من 872 مليون دينار الى 1.59 مليار حيث شهد شهر مايو فقط زيادة الودائع بقيمة 323 مليونا، وجاءت نسبة الارتفاع كدليل واضح على وفرة السيولة وضعف قنوات استخدامها في ظل تردد المصارف في الإقراض تخوفا من المخاطر التي قد تنشأ من الأزمة العالمية وتبعاتها على الشركات.
التدخل الحكومي
وخلص التقرير للقول إن التدخل الحكومي المدروس من خلال زيادة الانفاق خاصة في الجانب الاستثماري او على المشروعات التنموية كفيل بتحريك باقي قطاعات الاقتصاد، لافتا الى ان المؤسسات التي كان لها دور سلبي من حيث سوء ادارتها واستغلال مواردها بطريقة غير مدروسة لا يجوز مكافأتها بأي حال من الأحوال في اي خطة توضع من قبل الدولة مستقبلا لمحاولة النهوض باقتصاد البلد يجب على الدولة ان تنظر بعين فاحصة الى كل العوامل الداعمة للاقتصاد مثل الناتج المحلي الاجمالي ومؤشر ثقة المستهلك والتضخم، وأسعار السلع وميزان التجارة وغيرها من العوامل التي بقياسها تخرج بصورة جلية عن حالة الاقتصاد، ومما لاشك فيه ان ما قامت به الدولة من اقرار قانون ضمان الودائع والاستقرار المالي هي خطوة على الطريق الصحيح ويجب ان تستكمل من خلال النظر بعملية تشجيع وحث البنوك على جدولة القروض على الشركات المنتجة ومحاولة الدولة شراء الأصول المتعثرة من القطاع المصرفي وإعادة جدولتها على البنوك بأسعار فائدة مخفضة، النظر بسعر الفائدة السائد، مساهمة الدولة من خلال أجهزتها الاقتصادية المعنية بالتعاون مع البنوك على اعادة فتح القنوات التمويلية للمشاريع الحيوية والمنتجة خاصة في ظل وجود خطة تنموية طموحة من قبل الدولة، او دخول الدولة بطريقة مباشرة لشراء حصص مباشرة في شركات او بنوك ناجحة وذات اداء تشغيلي جيد وذلك بهدف الاستثمار وليس دعم السوق بأي شكل من الأشكال، ودعا التقرير إلى النظر الى الجانب الاستثماري وإلى العوائد الممكن تحقيقها من تملك تلك الحصص على المديين المتوسط والطويل حيث كانت للحكومة تجارب ناجحة سابقة بهذا المجال أثبت الوقت مدى فاعليتها الاستثمارية وعوائدها المجزية وليس كما يحدث الآن من وجود محفظة استثمارية وطنية هدفها الرئيسي تثبيت الأسعار او الاستفادة من فروقاتها لتحقق من خلالها ربحا قصيرا او آنيا دون تحقيق الهدف المنشود.