قال التقرير الشهري الصادر عن مؤسسة الخليج للاستثمار (مارس 2012) انه تلوح في الأفق عدة بوادر لانقشاع الضباب الكثيف وحالة عدم اليقين التي سيطرت على مسيرة الاقتصاد العالمي خلال الفترة الماضية.
وأشار التقرير الى ان البادرة الأولى في تحسن مؤشرات الاقتصاد الأميركي يفصح عنها انخفاض طفيف في معدلات البطالة وزيادة معدلات القروض الاستهلاكية، فضلا عن تحقيق قطاع المبيعات وخاصة السيارات نتائج طيبة وثبات أرباح وعوائد المؤسسات عند معدلات مرتفعة نسبيا.
ولفت الى أن اتفاق دول مجموعة اليورو على خطة الإنقاذ الثانية الخاصة باليونان يمثل بادرة طيبة أخرى لمدافعة ما هو أسوأ ليس عن الاقتصاد اليوناني فحسب بل وعن جدوى الاتحاد الأوروبي في حد ذاته واختبارا لقدرته على التعامل مع الأزمات وتجاوزها.
وتتلخص البادرة الثالثة في اتجاه حالة الاختلالات الدولية في الميزان التجاري نحو التحسن توطئة لاتجاه استمرارية تحققه نحو «التوازن الدولي»، إذ تحسنت خلال الأسابيع المنصرمة وضعية الميزان التجاري الأميركي نوعا ما في الوقت الذي تقلص فيه حجم فائض الميزان التجاري للصين وفي ذات الوقت فقد تزايدت واردات اليابان عن صادراتها بفعل ارتفاع قيمة الين في مواجهة الدولار والعملات الدولية الأخرى فضلا عن تقاعس نمو الاقتصاد الياباني المترتب على تبعات الهزة الأرضية الضخمة وما رافقها من فيضانات تسونامي في مارس من العام الماضي.
ولاحظ التقرير انه بالرغم من هذه البوادر الإيجابية إلا أن الاقتصاد العالمي لايزال في حالة نقاهة يدل عليها استمرار تراجع معدلات نموه المتوقعة وفق آخر التقديرات إلى حدود 3% تقريبا خاصة أن أهم مصادر النمو في الدول الناشئة كالصين والهند بدأت تظهر قدرا واضحا من التراجع بفعل انخفاض حجم الصادرات والسياسات النقدية الانكماشية التي اتبعتها هذه الدول من أجل كبح التضخم الصاعد خشية حدوث فقاعة في سوق العقار فيها لاسيما في حالة الصين.
وعكفت الجهات المعنية على ترجمة قرارات قادة دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم الأخير بالرياض في 21 يناير 2012 إلى أرض الواقع بنقل مهام المجلس من وضعية «التعاون» إلى حالة «الاتحاد»، بعد أن تحققت الكثير من الإنجازات الاقتصادية شاملة السوق الخليجية المشتركة وتوحيد التعرفة التجارية والمساواة في كل دولة في معاملة الشركات الوطنية التابعة لدول مجلس التعاون الأخرى فضلا عن تزايد عمليات تملك العقار لمواطني دول المجلس في الدول الأخرى وارتفاع حجم التجارة البينية وزيادة معدلات تملك مواطني دول المجلس لأسهم الشركات المسموح بتداولها وتزايد انتقال أعداد المواطنين والمشتغلين في دول مجلس التعاون الأخرى إلى غير ذلك من المؤشرات الدالة على ترسيخ معاني التعاون وتمكينه على ارض الواقع.
هذا وقد اتسم أداء الأسواق العالمية بالإيجابية خلال شهر فبراير في ظل التحسن المستمر لمعنويات المستثمرين في الأسواق الرئيسية.
وجاء رد فعل أسواق الأسهم إيجابيا فيما استعاد اليورو عافيته مقابل العملات الرئيسية الأخرى إثر موافقة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي على خطة إنقاذ مالي ثانية بقيمة 130 مليار يورو لليونان التي ترزح تحت وطأة ديون ضخمة.
واقتفت أسواق الأسهم الخليجية بشكل كبير أثر الأداء الإيجابي للأسهم العالمية مع تبني المستثمرين نظرة تفاؤلية حيال أداء الأسهم في أوائل العام في ظل الجاذبية الواضحة لعمليات التقييم.
وحذت الأسواق الخليجية بوجه عام حذو الأسهم العالمية من حيث العوائد المحققة خلال شهر فبراير.
فقد سجل مؤشر ستاندارد آند بورز للأسهم الخليجية مكاسب قدرها 7.59% بينما ارتفع مؤشر مورغان ستانلي للأسهم العالمية بواقع 4.66%، وكان الارتفاع هو القاسم المشترك بين جميع الأسواق الخليجية في ظل استمرار المعنويات الإيجابية لدى المستثمرين منذ بداية عام 2012.
وتبدو التوقعات بشأن اتجاه أسواق الأسهم الخليجية على المدى القصير إيجابية وتفاؤلية في ظل استمرار الارتفاع القوي لأسعار النفط نتيجة للتوترات الجيوسياسية في المنطقة، وستدفع أسعار النفط القوية فيما يبدو الحكومات إلى إعادة تفعيل المشروعات طويلة الأمد التي كانت قد علقت تنفيذها في ظل عوامل أساسية قوية وتحسن في معنويات المستثمرين بشكل عام.
وخفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني مستويات تصنيفها لديون 9 دول أوروبية، كما خفضت مستوى النظرة المستقبلية لها إلى «سلبية»، وإذا كانت اليونان قد تفادت تخلفا عن السداد في اللحظة الأخيرة عبر خطة الإنقاذ المالي الجديدة، فإن الشكوك لاتزال قائمة حول قدرتها على مدى أطول على سداد ديونها المربكة مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت ستحتاج أيضا في نهاية الأمر أموالا إضافية للإنقاذ.
وتحرك مؤشر «إتش إس بي سي ـ ناسداك دبي» للعائد على السندات والصكوك الخليجية التقليدية المقومة بالدولار الأميركي في نطاق ضيق تراوح بين 4.844% و4.193%، ومن ناحية أخرى تقلصت كلفة التامين على الديون السيادية لكل من دبي والبحرين والسعودية خلال الشهر في حين ارتفعت الكلفة لديون أبوظبي وظلت تكلفة التأمين على الديون القطرية مستقرة.
واستمر زخم النشاط القوي للسوق الأولية والذي بدأ في يناير، كما شهدت بداية شهر فبراير إصدارا من قبل شركة دولفين للطاقة.
وتم في السابع من فبراير تسعير الإصدار الأولي الذي يبلغ حجمه مليار دولار وزيادته بـ 300 مليون دولار إضافية عبر سند تم تسعيره في التاسع من الشهر ذاته، وذلك بفضل الطلب القوي من جانب المستثمرين، حيث فاق عدد المتقدمين للاكتتاب العدد المطلوب بأكثر من 8 أضعــاف.
وسيكون بالإمكان استرداد قيمة هذين الإصدارين بالكامل مع تحقيق عائد قدره 5.5%، على أن يحل أجل استحقاقهما في 15 ديسمبر 2012، وأعقب ذلك طرح بنك قطر الوطني صكا ضخما تبلغ قيمته مليار دولار ويستحق في عام 2017، وبلغ عدد المتقدمين للاكتتاب في هذا الصك مستوى يفوق العدد المطلوب بأكثر من 4 أمثال.