أعدت شركة بيتك للأبحاث المحدودة، التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي (بيتك)، سلسلة من التقارير المالية تناولت واقع القطاع المالي الإسلامي وآفاق تطوره في المرحلة المقبلة، لتناقش خلال المنتدى المالي الإسلامي العالمي الذي تنطلق أعماله اليوم في ماليزيا بتنظيم من الحكومة الماليزية والبنك المركزي، وتستمر أعماله أربعة أيام، ويناقش المنتدى في يومه الأول دراسة للشركة حول واقع قطاع التمويل الإسلامي العالمي والقطاع المصرفي الإسلامي تحديدا، متوقعة أن يصل إجمالي الأصول المالية الإسلامية إلى نحو 1.6 تريليون دولار نهاية العام الحالي، وأن يواصل القطاع المالي نموه القوي في 2013.
وأشارت دراسة «بيتك للابحاث»، والمقدمة إلى المنتدى الذي يحضره عدد كبير من المسؤولين ورجال المال والأعمال والمهتمين بتطور صناعة الخدمات المالية الإسلامية في آسيا والعالم، إلى أن هناك فرصا واسعة لتدويل التمويل الإسلامي وانتشاره عالميا، بسبب المرونة الكبيرة التي أظهرها خلال الأزمة المالية العالمية، والاعتراف عالميا بالمنتجات والخدمات المالية الإسلامية، وقدرة هذا القطاع على تعزيز السيولة وإدارة المخاطر، لافتة في الوقت ذاته إلى أن ثمة تحديات تعترض عملية الانتشار من بينها محدودية الأدوات.
وفي التفاصيل اشارت الدراسة إلى أن تركيز التمويل الإسلامي في المراحل الأولى من تطوره انصب على الدول ذات الكثافة السكانية الإسلامية الكبيرة، مثل مصر وماليزيا ودول الخليج (وخاصة المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة)، وعلى مدى العقد الماضي، تطور قطاع التمويل الإسلامي بصفته أحد العناصر متزايدة الأهمية في النظام المالي العالمي.
ولقي التمويل الإسلامي قبولا عريضا في العديد من البلدان نتيجة الاعتراف المتزايد بالقيمة العالية التي حققها التمويل الإسلامي للنظام المالي، ومن بين هذه البلدان المملكة المتحدة وسنغافورة وألمانيا.
وإدراكا لقدرات التمويل الإسلامي، أظهرت العديد من البلدان اهتمامها في أن تصبح مركزا للتمويل الإسلامي، وقامت بعض البلدان بإنشاء مراكز مالية مثل لندن وهونغ كونغ وسنغافورة.
وتوقعت الدراسة أن يصل إجمالي الأصول المالية الإسلامية العالمية إلى 1.6 تريليون دولار بنهاية 2012، مرتكزة على عدة عوامل أهمها: زيادة الطلب على الأصول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، والدور النشط الذي تقوم به بعض البلدان في جميع أنحاء العالم من أجل دعم تنمية وتطوير الأسواق المالية الإسلامية في بلدانهم.
ولاحظت الدراسة أن البنوك الإسلامية أظهرت مرونة كبيرة إبان الأزمة المالية العالمية، وذلك بالرغم من الاضطرابات التي تفشت عبر الأسواق المالية العالمية، وفي الوقت الذي تكبدت فيه أسواق الأسهم والرهن العقاري والتأمين خسائر مالية بعد انفجار فقاعة سوق العقار في الولايات المتحدة، أظهرت الميزانيات العمومية للبنوك الإسلامية عدم تأثر بنسبة كبيرة مقارنة بنظيراتها من البنوك التقليدية نظرا لعوامل عدة منها: محافظ الائتمان المحلي حيث كانت محافظ الائتمان محلية بصورة رئيسة أكثر من كونها أجنبية، مع وجود ضغط محدود على جودة الأصول، والتركيز على الخدمات المصرفية للأفراد حيث حدت برامج الولاء المرتفع للعملاء بالإضافة إلى استقرار الودائع من التهافت والسحب الكبير وغير الاعتيادي على الودائع من قبل العملاء، فضلا عن توفير الرسملة العالية والسيولة الكبيرة لمستويات ثقة أعلى نسبيا من البنوك التقليدية.
وقالت دراسة «بيتك للأبحاث» ان التمويل الإسلامي على مدى السنوات الـ 30 الماضية كان يتم تحفيزه بصورة كبيرة من قبل القطاعات المحلية، ولكن في السنوات الأخيرة أصبح تدريجيا القطاع الأسرع نموا في النظام المالي العالمي، ومع تطور سوق الصكوك على وجه الخصوص باعتباره عاملا رئيسيا يسهم في قيادة التمويل الإسلامي، كما أصبحت الصكوك وسيلة مهمة لجمع الأموال عالميا وكذلك تحفيز أنشطة الاستثمار وتوليد تدفقات مالية كبيرة من الخارج.
وسهل من تدويل التمويل الإسلامي وجعله ينهض عالميا تلك التطورات الأخرى التي طرأت على البنية التحتية المالية الدولية الإسلامية، مما دفع المؤسسات المالية الإسلامية إلى المبادرة بالعمل خارج حدودها المحلية، ويوجد حاليا ما يزيد على 600 مؤسسة مالية إسلامية تعمل في أكثر من 75 بلدا، تقدم مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات. ومع تدويل هذا القطاع، من المتوقع أن يساهم التمويل الإسلامي في زيادة كفاءة تحريك وتوزيع الأموال على مختلف المناطق.
وسوف يعزز هذا الاتجاه من الروابط المالية والاقتصادية العالمية بين مختلف البلدان، مما يجلب ويحقق تبادل المنافع لجميع المساهمين وأصحاب رؤوس الأموال.
فرص وتحديات تدويل التمويل الإسلامي وفقا لدراسة «بيتك للأبحاث».
تتمثل الفرص في الآتي:
٭ تعزيز السيولة والقدرة على إدارة المخاطر للمتداولين في قطاع التمويل الإسلامي.
٭ تعاون دولي بين الهيئات التنظيمية.
٭ الاعتراف المتبادل بالمعايير والمنتجات المالية عبر البلدان المختلفة من خلال الارتكاز على توسيع حجم المشاركة بين الممارسين والمنظمين والعلماء.
٭ تحسين بيئة الأعمال لتشجيع الأنشطة عبر مختلف البلدان.
٭ مواصلة تطوير البنية التحتية المالية الإسلامية في الأسواق المتخلفة.
٭ نظام ضريبي فعال لمعالجة أوجه التفاوت الكبيرة بين الدخل والثروة من جهة والدعم الحكومي من جهة أخرى اما التحديات التي يواجهها تدويل التمويل الإسلامي، فهي:
٭ مجموعة محدودة من الأدوات، التركيز على الاستحقاقات قصيرة الأجل، انخفاض عمق وسعة الأسواق الداعمة لوساطة الصناديق في النظام المالي الإسلامي.
٭ ينبغي أن يقوم النظام المالي بتسهيل نظام واضح للحوكمة وتدعيم النظام ضد الضغوط أو التهديدات الخارجية، بحيث يتم تقليل أي مخاطر يمكن أن تؤدي إلى سوء التخصيص أو الاختلاس.
٭ لايزال توافر القوى العاملة المؤهلة والمواهب الإدارية في مختلف البلدان غير منتظم، وبالنظر إلى أن برامج تنمية المواهب لم تبدأ إلا مؤخرا لتوسيع وزيادة أعدادها، فقد يستغرق قطاع التمويل الإسلامي وقتا أطول للوصول إلى نمو موحد عبر البلدان. وبصورة عامة، رأت الدراسة أنه من خلال إلقاء نظرة سريعة على القطاع المصرفي الإسلامي في مختلف أنحاء العالم، يلاحظ أنه قد نما بمعدل قوي يتراوح بين 15 و20% سنويا على مدى العقد الماضي، من نحو 150 مليار دولار في منتصف التسعينيات إلى نحو 1.1 تريليون في عام 2011.