محمد الحسيني ـ بروكسل
بلجيكا ليست دولة عادية، فإضافة إلى موقعها الاستراتيجي الذي ساهم في ان تكون عاصمتها الجميلة والأنيقة بروكسل عاصمة لأوروبا ومقرا لدول حلف شمال الأطلسي كانت بلجيكا على الدوام حاضرة بفاعلية في كل فكرة أو مشروع على طريق الوحدة الأوروبية، لاسيما ان النواة الأولى للاتحاد الأوروبي كانت في ثلاثي البينيلوكس (بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ). ومن يزور بلجيكا اليوم لن يتغير عليه جمال المكان ولا طيبة الشعب وبساطته، لكنه لابد ان يفاجأ بتصاعد غير مسبوق حول الانقسام القومي داخل البلاد بين الجزأين الفلامنكي (النيرلندي) والفالوني (الفرنسي) إلى جانب الأقلية الألمانية رغم ان بلجيكا بدأت رسميا الخميس الماضي الرئاسة الدورية نصف السنوية للاتحاد الأوروبي وهي بقيادة حكومة تصريف أعمال برئاسة ايف لوتيرم، وربما يستغرق تشكيل الحكومة الجديدة بعد ظهور نتائج الانتخابات الأخيرة التي فاز فيها الانفصاليون الفلامنكيون اسابيع أو حتى أشهرا يتنقل خلالها المنسق المكلف من قبل الملك بين الفرقاء لتأمين ائتلاف قادر على إدارة البلاد. وقد أفضت الانتخابات الأخيرة التي أجريت في 13 يونيو الماضي الى فوز حزب التحالف الفلامنكي الجديد بزعامة بارت دي ويفر خاصة ان الأخير متردد بشأن تولي رئاسة الحكومة. ومظاهر الانقسام بين القوميتين الرئيسيتين يلاحظها الزائر بشكل جلي في التلفزيون (التلفزيون الرسمي يبث بلغتين عبر موجتين مختلفتين من نفس المقر) والإذاعة والصحف والأحاديث السياسية والشعبية.
وقال أحد الديبلوماسيين الأجانب لـ «الأنباء»: في المقاطعات الشمالية هناك غالبية فلامنكية مقابل غالبية فالونية (فرنسية) في الجنوب ولولا وقوع بروكسل في الشمال وهي تضم عددا كبيرا من السكان الفالونيين وجهود الملك والمعارضة الأوروبية خوفا من انعكاسات التقسيم لكان التقسيم قد وقع فعلا.
وبعيدا عن السياسة تبقى معالم بروكسل، مدينة التماثيل، محافظة على هيبتها وأناقتها وجمالها ففي كل زاوية وشارع من العاصمة البلجيكية قصة أو معلم وخاصة في الساحات وأشهرها الـ «جران پلاس» والـ «جران سابلون» والكنائس وأشهرها السان ميشال والسان جاك وبازيليك بوكلبيرغ، إضافة الى القصر الصيني والبرج الياباني ومجسم الأتوميوم وستاد هيسل لكرة القدم ومباني الاتحاد الأوروبي وأشهرها مبنى البرلمان الأوروبي إضافة الى مقر الناتو وغيرها من المعالم الكثيرة.