- الكندري: نراقب تصريحات وإجراءات الحكومة بشأن تعديل التركيبة السكانية
- الواقع الحالي تشكّل نتيجة سنوات من التجاهل والكويت لا تحتمل أي تهاون
- الفيلي: يجب عدم تحميل المواطن تبعات المشكلة فهو «الخاسر الأكبر» فيها
- استمرار تجارة الإقامات دون حلول يؤدي إلى زيادتها بشكل متضخم سنوياً
- دشتي: نحتاج إلى عمالة فاعلة والتركيبة الصحيحة 50% مواطنون ومثلها مقيمون
- العمالة المنزلية تفوق 750 ألف عامل أي أكثر من 50% مقارنة بالمواطنين
- سهر: إذا كانت الحكومة تستهدف تخفيض الوافدين إلى مليون فمن سيسد تلك الثغرة؟!
- هناك مهن أكثر دخلاً من الطبيب ولكن المواطن لا يقبلها بسبب النظرة المجتمعية
أسامة أبوالسعود
من جديد عاد ملف تجارة الإقامات ليتصدر المشهد بعد سنوات من صعوده الى واجهة الأحداث ثم خفوته في الفترة الأخيرة، وكان من اللافت حديث سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد خلال لقائه رؤساء تحرير الصحف عن الحزم في معالجة تلك القضية وما ارتبط بها من ملفات أخرى، مثل تعديل التركيبة السكانية وعدد من القضايا مثل مشكلات سوق العمل والصحة والأمن والميزانية وغلاء الأسعار وغيرها.
ورغبة في تسليط الضوء على تلك الظاهرة الخطيرة، ووضع أفضل الطرق لعلاجها، استطلعت «الأنباء» آراء عدد من النواب والخبراء الدستوريين والسياسيين وغيرهم، حيث حذروا الجميع من خطورة هذا الملف الذي لم يجد الحسم الحكومي منذ سنوات وآن الأوان لاقتلاعه من جذوره، مؤكدين ان ڤيروس كورونا المستجد كشف المستور في تلك الملفات والتي ظلت لسنوات تكبر ككرة الثلج وحان الوقت للتعامل الجدي معها، وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، أكد النائب عبدالله الكندري ان الخلل في التركيبة السكانية بات الملف الأهم على طاولتي الحكومة ومجلس الأمة خصوصا بعد المشكلات الكبيرة التي أفرزها هذا الخلل، مضيفا انه تقدم في وقت سابق مع النائبين أسامة الشاهين ويوسف الفضالة بطلب تكليف لجان «الشؤون الصحية» و«الداخلية والدفاع» و«تنمية الموارد البشرية» بمتابعة موضوع العمالة السائبة وتجارة الإقامات والشركات الوهمية، وفق المادتين ٥١ و٥٣ من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، واللتين تنصان على أن تعقد اللجان التي تشترك في بحث موضوع واحد اجتماعا مشتركا بينها بموافقة رئيس المجلس، وذلك بهدف بحث الموضوع المذكور ومراقبة جدية الإجراءات الحكومية واستمراريتها في هذا الجانب.
وقال الكندري: ما زلت مصرا على هذا الطلب خصوصا بعد تصريح سمو رئيس مجلس الوزراء حول اتخاذ إجراءات قانونية ضد عدد كبير من الشركات المتهمة بتجارة الإقامات، مضيفا ان الإجراءات الحكومية لم تتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى الخلل الواضح في عمل وزارتي الشؤون والداخلية، رغم اختصاص كل منهما بملف الإقامات وأذونات العمل، وهو أمر غريب يجعلنا نتساءل حول جدية الحكومة وفاعلية إجراءاتها.
معالجة شاملة
وشدد على أن المطلوب معالجة شاملة لهذا الملف والوقوف على أسباب المشكلة، واتخاذ الخطوات العملية الكفيلة بإنهائها، ومحاسبة تجار الإقامات وتشديد العقوبات بحقهم، فالسبيل الوحيد لحل المشكلات هو معالجة أسبابها وعدم الاكتفاء بالتصدي لآثارها، وإلا فسنعود إلى النقطة نفسها التي انطلقنا منها، مما سيفاقم المشكلة ويوصلنا إلى طريق مسدود، لافتا إلى أن الكويت لا تحتمل أي تهاون في معالجة هذا الملف.
الأزمات والمشكلات
بدوره، أكد الخبير الدستوري د.محمد الفيلي ان الأزمات تكشف المشكلات بوضوح ومن المنطقي وضع الحلول لتلك المشكلة المهمة، فاستمرار تجارة الإقامات دون حلول لا يؤدي الى نقصان حجمها بل الى زيادتها بشكل متضخم سنويا، مشددا على ضرورة وضع الحكومة لخطة واقعية دون السقوط في الحلول الاستعراضية التي يستدعيها توتر الأزمات، مؤكدا ان على الحكومة معالجة التركيبة السكانية فهي التي خلقت تلك التركيبة بسبب سنوات من الإهمال لتلك الملفات وعدم تحميل المواطن لها لأن المواطن في تلك المعادلة هو «الخاسر الأكبر».
الاستغناء عن الوافدين
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية د.إبراهيم دشتي انه من غير المنطقي تعديل التركيبة السكانية بحيث تكون نسبة الكويتيين 70% والوافدين 30% والمنطق يقول ان الأفضل ان تكون نسبة 50% مواطنين و50% مقيمين، لافتا في الوقت ذاته الى ان عدد العمالة المنزلية حاليا يفوق 750 ألف عامل اي أكثر من 50% مقارنة بالمواطنين، ونحن نحتاج الى العمالة الوافدة في أكثر من قطاع، ومنها شركات النقل العام والكهرباء والماء والنظافة وغيرها ونحن بحاجة لعمالة تساهم معنا في بناء الوطن وهذه نحتاج اليها بشدة أما مشكلتنا فهي العمالة الهامشية.
ولفت دشتي الى ان هناك الكثير من المهن التي لا يغطيها المواطنون، فحينما نحسبها بلغة الأرقام فلا بد ألا تقل نسبة العمالة في الكويت عن نسبة المواطنين، حيث يبلغ تعداد المواطنين مليونا و450 ألف مواطن وهو تقريبا العدد نفسه الذي نحتاج اليه من العمالة، وقدمنا دراسة عن تعديل التركيبة السكانية منذ 17 عاما ولو أخذت بها الحكومة لجنبتنا اليوم مشاكل كثيرة.
المسؤول الأول
وتابع: ڤيروس كورونا المستجد أظهر المشاكل على السطح وكشف المستور في تلك الملفات، متسائلا: من المسؤول الأول عن تجارة الإقامات؟ أليست هي الحكومة والمسؤول الثاني هو التاجر بلا ضمير الذي أتى بهذه العمالة مقابل مبالغ طائلة ورمى بها في الشارع؟ ولاحظنا خلال هذه الأزمة الوضع غير الإنساني الذي كانت تعيشه هذه العمالة فداخل 3 غرف يعيش 40 عاملا ويتم استئجار السرير للنوم على نوبات.
ورأى ان الحلول تكمن في مغادرة العمالة التي انتهت عقودها في المشاريع وعدم التحويل لها، داعيا الى ضرورة التزام الشركات بتوفير سكن آدمي للعمال تتوافر فيه الشروط المختلفة والحياة الكريمة وتوفير العلاج لهم.
ترشيد العمالة الوافدة
من جهته، أكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الكويت والمدير العام السابق للإدارة المركزية للإحصاء د.عبدالله سهر ان هناك فرقا كبيرا بين تعديل التركيبة السكانية وترشيد العمالة الوافدة، فالتعديل يجب ان يصبح الكويتيون أغلبية والوافدون أقلية فهذا «ضرب من الخيال»، مؤكدا أن دول الخليج عموما تعيش نمطا اقتصاديا واجتماعيا واستهلاكيا معينا تشكل العمالة الوافدة فيه رافدا مهما وهذا باعتراف الأمم المتحدة ذاتها.
وأوضح سهر ان المطلوب هو ترشيد العمالة بمعنى ان العمالة التي ليست لها أهمية لا تدخل البلد، وألا يكون هناك توطين لتلك العمالة بمعنى ألا تظل لسنوات طويلة تفقد معها سيكولوجية البناء والتنمية، فالحياة تتطلب التجديد والتطوير فهذا أكثر استقرارا وأمنا للكويت، مبرهنا على كلامه ان عدد الكويتيين اليوم يقارب مليونا و٤٣٠ ألف نسمة وهناك ما يقارب ٨٠٠ ألف عمالة منزلية أي كل ١.٨ كويتي له عامل منزلي واحد.
ولفت الى ان هناك عشرات المهن التي لا يعمل بها كويتيون من الحدادة والنجارة والسباكة والكهرباء وهؤلاء يشكلون من ٢٠ - ٣٠٪ من تعداد الكويتيين بما يقارب ٣٠٠ ألف نسمة علاوة على عمالة الشركات الإنشائية ما بين ٥٠ و١٠٠ ألف عامل وجميعها مهن لا يعمل بها المواطنون، مشددا على ان هناك عمالة أخرى في المزارع وصيد الأسماك واللحوم والألبان والمطاعم وأعمال الخدمات وغيرها، والقطاع الخاص لا يستطيع ان يستغني عن الكثير من المهن التي يشغلها وافدون لأسباب كثيرة اقتصادية واجتماعية ومهنية.
رؤية إحصائية
وذكر ان الكويت ووفق رؤية إحصائية صحيحة تحتاج الى ما لا يقل عن مليوني وافد على أرضها، فإذا كانت الرؤية الحكومية تخفيض عدد الوافدين إلى مليون وافد فمن سيسد تلك الثغرة؟
وللعلم فهناك مهن مثل الميكانيكي أكثر دخلا من موظف الحكومة والطبيب والضابط، ولكن لا يريد المواطن العمل بتلك المهن بسبب النظرة المجتمعية ويفضل عليها العمل الحكومي، وهذا يعود الى أسباب اجتماعية وليست اقتصادية، ما يعني ان يكون منظور تعديل التركيبة السكانية أشمل من المعنى الضيق والمحصور في قلب النسبة المئوية بل يتعدى ذلك لأنه يتضمن متغيرات أخرى مثل النواحي الاجتماعية والانعكاسات الاقتصادية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال ان يقل مستوى العمالة عن ٥٥٪ وافدين و٤٥٪ مواطنين وغير ذلك غير ممكن إلا لو رجعنا لأيام الغوص.
طالب الحكومة بمراجعة سياسة الكفيل بشكل جذري
المجيبل: المستفيد من «تجارة الإقامات» قوي والمتضرر ضعيف
وجه أستاذ الإعلام وعضو المجلس الأعلى للتخطيط د.ناصر المجيبل الشكر لـ «الأنباء» على تسليط الضوء على ملف تجارة الإقامات، قائلا أشعر بالأسى الشديد أننا في الكويت لم نلتفت الى ملف تجارة الإقامات بشكل رسمي حتى اكتوينا بنيرانه.
وشدد المجيبل على ان قضايا مثل تجارة الإقامات من القضايا الإنسانية المبدئية والتي كان من المفترض بترها مع أولى محاولات استغلال قانون الإقامة والكفالة، ولكن للأسف لأن المستفيد قوي والمتضرر ضعيف لم يكن القانون وتطبيقه منصفين، وأصبحنا نعيش يوميا آثار هذه الجريمة الإنسانية، وأعتقد أن على الكويت مراجعة سياسة الكفيل بشكل جذري، بالإضافة الى آثارها الإنسانية السيئة، فهذه السياسة تكلف الكويت من سمعتها الدولية الكثير.
وتابع: يعتبر نظام الكفيل منفرا للأجانب أصحاب المهارات والشهادات العالية خصوصا في ظل المنافسة العالمية والإقليمية لجذب الاستثمارات الأجنبية وأصحاب الكفاءات الدولية، ومن جانب إنساني فإن نظام الكفيل يتعارض مع مبادئ إنسانية أساسية، أهمها الحد من حرية الحركة، وملكية النفس عوضا عن مخالفة القانون باستخدام نظام الكفالة لتسليع البشر، وهناك حلول يجب ان تطرح للنقاش بين أصحاب العمل والمشرع للوصول لسياسة جديدة تنظم عمل الوافدين في الكويت بما يضمن لأصحاب العمل حقهم بالمساواة مع ضمان الوافد حقه وحفظه لكرامته وحريته ومنع اي استغلال للقانون.
الكردي والشريف لـ «الأنباء»: أموال الإقامات ربا وتتسبب في تدهور الخدمات وارتفاع الأسعار
أسامة أبوالسعود
أكد عضو هيئة الفتوى في وزارة الأوقاف والخبير في الموسوعة الفقهية د.أحمد الحجي الكردي انه من الواجب الالتزام بقوانين الدولة وقراراتها والأعراف التي تلتزم بها وعدم الخروج عليها مطلقا لأي سبب كان لقوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). وقال الكردي في تصريح لـ «الأنباء» ان الخروج على ذلك حرام شرعا كترك اي واجب من واجبات الله تعالى.
وعن الأموال التي تدفع نظير تلك التجارة المجرمة قانونا، وجه حديثه للكفيل والعامل بأن تلك الأموال مثل أموال الربا وهي غش وخديعة وكذب واغتصاب وكله ممنوع شرعا، ونتيجة تلك المخالفة إثم أمام الله واستحقاق العقوبة التي تقضي بها الدولة.
وعن الموظف الذي يسمح بذلك وهو يعلم انها مخالفة، بين انه مزور ومختلس ومشارك في الحرام ويستحق العقوبة في الدنيا والعذاب في الآخرة.
بدوره، أفتى عميد كلية الشريعة السابق د.محمد عبدالغفار الشريف بأن أخذ عوض مالي على الكفالة حرام شرعا لأن الكفالة عقد تبرع وإرفاق ولما قد يؤول إليه من ربا إذا دفع الكفيل شيئا عن مكفوله هذا كحكم شرعي عام.
وتابع الشريف: وفي حال إذا رافقته مفاسد تزيد الحرمة كالتحايل على قوانين البلاد ومخالفة ولي الأمر فهذا غير جائز شرعا، خصوصا إذا ترتبت على المخالفة مفاسد، مثل جلب عمالة فاسدة أو من المجرمين، مما يكون له تأثير سيئ على الأمن والاستقرار في البلد، وكذلك يؤثر سلبا على الخدمات المقدمة إلى الناس مما يدخل الضرر عليهم ويكون سببا في تردي الخدمات وارتفاع الأسعار، علاوة على ما يكلفه على الخزينة العامة من مصاريف كان يمكن استخدامها في رفع مستوى الخدمات وحفظ الأمن والنظام.