- انتصرنا سواء دخلنا غزة أو لم ندخلها لأننا كسرنا الحصار وكشفنا الحقد الصهيوني
- تمنيت أن أكون أول مصور كويتي يدخل غزة رسمياً وشرف لي أن أدخل الأراضي المحتلة معتقلاً
- لم أتردد ولو للحظة واحدة في قبول المهمة.. والكويت رائدة في مجال العمل الخيري
- القوات الإسرائيلية عزلتنا عن العالم بواسطة مروحية صغيرة قطعت البث وشوشت على الاتصالات
أسامة دياب
مصور «كونا» علي بوحمد حضر اسمه في تاريخ النضال ضد العدو الصهيوني بعد أن رافق قافلة أسطول الحرية للمساعدات الإنسانية الى غزة، حمد عاد الى وطنه صباح أمس، انه شاهد عيان على الانتهاكات الصهيونية ومخالفتها للمواثيق والأعراف الدولية، أكد ان الكويت مهمومة بالقضايا العربية والإسلامية ورائدة في مجال العمل الخيري ولذلك لم يتردد ولو للحظة واحدة في قبول مهمة مرافقة القافلة، وأشار إلى أنه كان يتمنى أن يكون أول مصور كويتي يدخل غزة بصفة رسمية إلا أن القدر شاء أن يدخل الأراضي المحتلة معتقلا وهذا شرف له.
ودحض بوحمد الادعاءات الإسرائيلية التي بررت الاعتداء على القافلة بتعرضهم للقصف منها، مشيرا إلى أنهم لم يقاموا الإسرائيليين لأنهم عزل وما فعلوه لا يتجاوز الدفاع الشرعي عن النفس، لافتا إلى أن الجندي الإسرائيلي جبان وضعيف وما يروج عن قوته وتدريبه هو محض دعاية إعلامية.
وشدد بوحمد على ان متابعة صاحب السمو الأمير لأخبار الكويتيين المصاحبين للقافلة بادرة أبوية تعكس حرصه على سلامة أبنائه وحافز على التفاعل مع القضايا الوطنية والإنسانية، مشيرا إلى أن القافلة انتصرت سواء دخلت غزة أو لم تدخلها لأنها نجحت في كسر الحصار وكشف العهر الصهيوني.
«الأنباء» التقت علي محمود بوحمد وقلبت معه أوراق الرحلة واستمعت لتفاصيل الساعات العصيبة.
فإلى التفاصيل:
كيف علمت أنك ستكون أحد المرافقين لقافلة «أسطول الحرية» للمساعدات الإنسانية والتي كان من أهدافها كسر الحصار الجائر على غزة؟
كمواطن كويتي كنت أتابع بأسى ما يحدث على الصعيد الفلسطيني وتجاوزات الكيان الصهيوني وانتهاكاته للأعراف والمواثيق الدولية، وخصوصا أن الفترة الماضية قد شهدت حالة من الحراك والتفاعل الإسلامي والعربي والعالمي مع الحصار المفروض على غزة من خلال حملة عالمية بمشاركة ناشطين وبرلمانيين من أكثر من 50 دولة، الهدف منها تقديم المساعدات الإنسانية لأهلنا في غزة ومحاولة كسر الحصار الجائر المفروض عليهم.
ولما كانت الكويت مهمومة بالقضايا العربية والإسلامية ورائدة في مجال العمل الخيري لم تتوان عن إرسال السفينة بدر محملة بالمساعدات الإنسانية. ولذلك لم أتردد ولو للحظة واحدة في قبول المهمة التي كلفتني بها وكالة الأنباء الكويتية (كونا) بصحبة الزميلة مني ششتر للقيام بالتغطية الإعلامية لقافلة «أسطول الحرية».
هل انتابتك بعض المخاوف قبل الذهاب؟
أبدا لم يخطر ببالي ذلك ولكن كانت تسيطر علي المشاعر الإيجابية والتفاؤل وخصوصا أنه لو قدر لي أن أدخل غزة كنت سأكون أول مصور كويتي يدخل غزة بصفة رسمية ولكنني أصبحت أول مصور كويتي يدخل الأراضي المحتلة معتقلا وهذا في اعتقادي شرف، كان لدي دافع لأضيف بصمة الى حياتي الشخصية بالإضافة إلى أن توثيق العمل الخيري واجب وطني.
كم استغرقت فترة الإعداد للرحلة؟
لم تستغرق فترة الإعداد للرحلة أكثر من عشرة أيام إلى أسبوعين منذ علمي بالتكليف حتى موعد السفر أنهينا إجراءات السفر بسرعة وكانت خطة العمل أن نذهب إلى اسطنبول، وللحقيقة عند وصولنا الى اسطنبول كانت الأجواء رائعة وملصقات القافلة تزين كل الشوارع وشاهدنا حالة من التفاعل الشعبي الكبير معنا.
بداية الرحلة
حدثنا عن بداية الرحلة من اسطنبول وتفاصيلها.
تحركت السفن ووصلنا أنطاليا وكان من المفترض أن نبيت ليلة بها ثم ننطلق ولكن حدث تأخير بسبب عدم تعاون السلطات القبرصية مع السفن الأوربية حيث كان المفترض أن تأتي السفن الأوروبية من أثينا إلى قبرص وصولا الى نقطة الالتقاء في المياه الدولية لتنطلق السفن الست بعضها مع بعض إلا أن تعنت السلطات القبرصية ومنعها دخول السفن الأوروبية أخر انطلاق القافلة حيث انطلقنا من أنطاليا مساء الخميس ووصلنا نقطة الالتقاء مقابل المياه الإقليمية القبرصية ولكن لم نتحرك إلا يوم الأحد. وإلى ذلك كانت الأمور طيبة ولا يوجد ما يعكر الصفو وتجمعت السفن وجاء إلى سفينتنا بعض النواب الألمان وأعلنوا تأييد الاتحاد الأوروبي لنا، وانطلقنا وكنا نتوقع أن نصل إلى غزة في خلال يوم واحد.
ماذا حدث بعد ذلك؟
يوم الأحد الماضي حوالي الساعة الـ 10 مساء تلقت السفينة اتصالا من السلطات الإسرائيلية تطلب منها التعريف عن نفسها، بالرغم من أننا كنا لانزال في المياه الدولية، فأجابهم القبطان أننا السفينة مرمرة قادمة من تركيا إلى غزة محملة بالمساعدات الإنسانية إلا أننا لم نتلق أي إجابة منهم، وكان تجاهلهم الرد دافع لاستشعار الخطر وخصوصا في ظل تحذير رئيس الهيئة الإنسانية الخيرية في تركيا بولند يلدروم من أن إسرائيل تضمر أمرا وعلينا أن نتخذ الحيطة ولذلك أمر بولند بضرورة نزول النساء والأطفال، الذين كان عددهم يتعدي الـ 70 شخصا من جنسيات مختلفة، لأسفل السفينة وقمنا بعمل دوريات مراقبة لحراسة السفينة. وخلال المراقبة لاحظنا وجود ثلاث سفن حربية إسرائيلية تراقبنا، وبعد انتهاء دوري في المراقبة ذهبت لأنال قسطا من الراحة إلى أن أيقظني شخص تركي فوجدت القوارب الإسرائيلية محملة بجنود الكوماندوز الإسرائيلية على بعد لا يتجاوز الـ 5 أمتار من السفينة وبدوا وكأنهم يتأهبون لاقتحام السفينة وعلى الفور أحضرت كاميراتي وبدأت توثيق الهجوم.
هل حذرتكم القوات الإسرائيلية قبل اقتحام السفينة؟
أبدا لم يجر بيننا وبينهم سوى اتصال واحد طلبوا فيه منا التعريف عن أنفسنا.
محاولة العزل
ماذا حدث بعد أن حاصركم الكوماندوز؟
لجأت القوات الإسرائيلية لعزلنا عن العالم بواسطة مروحية صغيرة قطعت البث وشوشت على أجهزة الاتصالات بالسفينة وبعد ذلك تعرضنا للقصف الناري الذي أسفر عن إصابة احد الناشطين وبالفعل تم نقله الى غرفة الإسعافات وذهبت لتصويره لتوثيق الحدث إلا أن الإصابات توالت وعجت بهم غرفة الإسعافات، إلى أن سمعت عن أسر الأتراك لأربع جنود إسرائيليين.
كيف تمت عملية الأسر وأنتم بلا سلاح وتواجهون جيشا نظاميا؟
استخدم الأتراك عملية بسيطة جدا حيث كانوا يسيطرون عليهم بالأيدي عند عملية الإنزال الجوي وهذا ما كشف مدى جبن الجندي الإسرائيلي وضعفه وان ما يروج عن قوته وتدريبه هو محض دعاية إعلامية.
ومتى قررتم الاستسلام؟
أسر الجنود الإسرائيليين افقد الصهاينة صوابهم وزادت حدة القصف الإسرائيلي والقنابل الصوتية والطلقات الحية وفي المقابل زادت خسائرنا من القتلى والمصابين فقرر القبطان أن نسلم أنفسنا.
خسائر في الأرواح
ما مدى صحة ما يروجه الجانب الإسرائيلي أن مقاومتكم كانت السبب في خسائر الأرواح؟
هذا الكلام عار عن الصحة فالناشطون على السفينة عزل وما فعلناه ليس مقاومة ولكن كان دفاعا شرعيا عن النفس ولم يتجاوز الاشتباك البدني دون أي سلاح ناري أو أبيض، وعلى إسرائيل أن تشعر بالخزي والعار لمهاجمتها قافلة للإغاثة الإنسانية وننتظر قرارات المجتمع الدولي في شأن الفعل المشين والذي يجب أن تتعدى الشجب والتنديد.
ماذا بعد أن قررتم الاستسلام؟
صعد الجنود الإسرائيليون الى السفينة وسيطروا على مقدمتها ومؤخرتها وحاصرونا في المنتصف وكان تعاملهم معنا يعكس الوجه القبيح للكيان الصهيوني، وأبلغ دليل على ذلك هو أنه كان لدينا مصاب بإصابات طفيفة فجاء جندي إسرائيلي وأطلق النار عليه بكل برود بالإضافة إلى جريح آخر ترك ينزف إلى أن نال الشهادة على الرغم من مناشدتنا لهم بضرورة إنقاذه، ظللنا على هذه الحال من الساعة الـ 5 صباحا وحتى الساعة الـ 8 صباحا، وتم تفرقتنا عن بعض وفقا للسياسة الإسرائيلية الشهيرة فرق تسد، وفي تمام الساعة الـ 10 صباحا فتشوا الجميع وصادروا كل متعلقاتنا الشخصية وتم تقييدنا بالقيود البلاستيكية دون مراعاة لشيخ كبير أو امرأة أو طفل وتركونا على سطح السفينة وتحت حرارة الشمس حتى الساعة الثانية ظهرا دون ماء أو السماح لنا بالدخول لدورات المياه. وبعد الثانية ظهرا أنزلونا إلى داخل السفينة إلى الساعة السادسة صباحا دون طعام أو ماء إلى أن وصلنا ميناء أشدود الإسرائيلي، وصعد إلى السفينة مترجمين أفادوا بأننا سنوقع على تعهد ونعود أدراجنا إلى بلادنا كما سنحصل على جميع متعلقاتنا.
من تسلمكم بعد وصولكم لميناء أشدود؟
الجيش الإسرائيلي سلمنا لشرطة فرقة المهاجرين بصورة غير شرعية، وسألونا خلال التحقيقات عن سبب دخولنا بصورة غير شرعية، فكانت إجابتنا أنه تم اعتراض سفينتنا في المياه الدولية التي تبعد عن المياه الإقليمية الإسرائيلية بـ 120 ميلا بحريا ولم ندخل لإسرائيل.
هل تعرضتم لاعتداءات أثناء التحقيقات؟
للحقيقة لم نتعرض لأي اعتداء بدني، لكن سلطات الاحتلال الصهيوني اتبعت معنا أسلوب الحرب النفسية وكانوا يعملون على عامل الوقت واستمرت التحقيقات من 6.30 صباحا وحتى الساعة 8 صباحا، وكانت تهمتنا أننا مهاجرون غير شرعيين، ووعدونا بأن يتم ترحيلنا لبلادنا فور الانتهاء من التحقيقات، لكن كانت المفاجأة أنهم رحلونا لسجن بئر السبع في سيارة عسكرية وعند وصولنا للسجن تسلمنا ملابس السجن ووضعنا كل 4 أشخاص في زنزانة ولم نكن نعرف مصيرنا.
من كان معك في الزنزانة؟
2 أتراك ومصري يحمل الجنسية البريطانية، وفي السجن تحدثت إلينا بعض المشرفات الاجتماعيات اللاتي قمن بطمأنتنا قائلات أن إسرائيل تورطت بالقبض عليكم وأصبحت في وضع لا تحسد عليه.
زيارة في السجن
من زاركم في السجن؟
بعض المحامين الفلسطينيين الذين تطوعوا للدفاع عنا وأعطونا فكرة عن بعض الأمور الإجرائية وما سيحدث لنا بالإضافة إلى زيارة قناصل الدول الذين التقوا برعاياهم إلى أن جاء القنصل الأردني واعلمنا بتوجه المسلمين والعرب إلى المملكة الأردنية الهاشمية وكان ذلك في تمام الساعة الخامسة عصرا إلى أن تحركنا من إسرائيل عند منتصف الليل في سيارات عسكرية للحدود الأردنية، وكان استقبالنا حافل عند الحدود الأردنية وكان سفيرنا في انتظارنا ووزعت علينا أجهزة هواتف محمولة من شركة «زين»، خصوصا أن القوات الإسرائيلية سرقت متعلقاتنا الشخصية بما فيها كاميراتي وبطاقات الذاكرة الخاصة بالكاميرات التي كانت تحمل توثيقا للجرائم الإسرائيلية.
ما طبيعة الأحاديث التي كانت تدور بينكم أثناء فترة الاعتقال؟
حوارات بسيطة في مجملها كنا نخفف عن بعضنا ونستبشر بالفرج القريب إلا أن الحدث الأبرز هو أن جنسياتنا ذابت وجمعتنا الهوية الإسلامية.
هل تفكر في تكرارها مرة أخرى؟
بالتأكيد، دعما لإخواننا في فلسطين.
كيف وجدت متابعة صاحب السمو الأمير لأحوالكم لحظة بلحظة؟
بادرة أبوية تعكس حرصه على سلامة أبنائه وتشجيعا لنا على التفاعل مع القضايا الوطنية والإنسانية، كما أشكر سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد على استقباله لنا في المطار، وأخيرا أقول اننا انتصرنا سواء دخلنا غزة أو لم ندخلها لأننا كسرنا الحصار وكشفنا الحقد الصهيوني.
الشعب الفلسطيني جبّار لتحمله الكيان الاحتلالي الغاصب منذ 1948
سألت علي بوحمد عن استفادته من تلك التجربة الصعبة، فأكد لي انه لم يكن يوما متفاعلا مع القضية الفلسطينية، لكن بعد ان رأى معاناة الشعب الفلسطيني على ارض الواقع ادرك انهم شعب جبار، اذ يتحمل التعامل مع هذا الكيان الفاجر منذ العام 1948، واضاف: وتجربتي كانت تجربة موت اضافت لشخصيتي وتعلمت منها الكثير.
تغطية كاملة للحدث