أتى فصل الصيف حاملا معه مشاكله مع نصائح كثيرة بالحذر من ضربة الشمس على البحر إلى الحذر من احتراق البشرة أو الجلد، إلى الحذر من تناول أطعمة واشربة ملوثة وغير معلومة المصدر.
وكما نعلم فإن ضربة الشمس كثيرا ما يصاب بها الإنسان نتيجة التعرض والوقوف في وهج الشمس المحرقة لساعات طويلة خصوصا في الأماكن المزدحمة ومع زيادة الرطوبة النسبية يتأثر جسم الإنسان وخصوصا بشرته وجلده الذي هو أكبر وأكثر الأجزاء من الجسم تأثرا بأضرار الشمس وحرارتها ويترتب على ذلك فقدان كمية كبيرة من سوائل الجسم بسبب التبخر والعرق، إضافة إلى بخار الماء الخارج مع زفير الهواء أثناء التنفس، كل ذلك يؤدي إلى فقد حجم الدم السائر بالأوعية الدموية، ويتضاعف هذا النقصان في كمية الدم باتساع الشرايين وتمددها بالجلد وما تحته فيؤدي إلى زيادة نسبية في حجم ومساحة الأوعية الدموية دون ما يقابلها أي زيادة نسبية في حجم الدم، فتحدث كل مضاعفات هبوط ضغط الدم وفقدان السوائل والاملاح وبصفة خاصة إذا حدث ذلك في فترة وجيزة.
ويتأثر الأطفال وكبار السن أكثر من متوسطي العمر، كذلك تكون حرارة الشمس أكثر خطورة على مرضى السكر الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم مع تجنب العطش وذلك باستخدام السوائل بجميع أنواعها وبالذات السوائل التي تحتوي على أملاح مثل العصائر أو المياه الغازية وليس بالماء فقط، لأن التعويض بالماء فقط يؤدي إلى نقص الأملاح النسبي بالجسم، وبالتالي يشعر المريض بمزيد من الهزال والضعف لأن السوائل المفقودة من الجسم عند العرق تحتوي على كمية من الأملاح، ولهذا يجب عدم القيام بأي مجهود عضلي أو رياضي أو السير لمسافات بعيدة أو حتى كثرة الكلام لمدة طويلة.
النزلات المعوية
من أهم أمراض الجهاز الهضمي، نظرا لكثرة تناول الأطعمة خارج المنزل مما يؤدي للتسمم الغذائي وهو مصطلح عام يطلق على الأمراض الناتجة عن تناول طعام أو شراب ملوث بالبكتيريا، الفيروسات، الطفيليات، النباتات السامة والمواد الكيميائية ولكن أكثرها شيوعا يقع ويحدث بسبب التلوث البكتيري.
هو أيضا يحدث نتيجة تناول غذاء أو شراب ملوث ولكن يحدث عادة على شكل وباء يعرف بأنه الأعراض المرضية المتشابهة التي تحدث لشخصين أو أكثر تناولا طعاما أو شرابا مشتركا في وقت ومكان واحد أي يجب أن تكون هناك علاقة مشتركة في الوقت والمكان والأشخاص.
وأشهر أنواع التسمم الغذائي يتم بميكروب السالمونيلا.. وقد تكون الإصابة بها بسيطة أو شديدة جدا، وتبدأ أعراضها بعد ساعات قليلة من تناول أي أطعمة ملوثة بهذا الميكروب، ويعاني المريض من ارتفاع في الحرارة وغثيان يصل إلى حد القيء وآلام بالبطن مع إسهال مما يسبب الجفاف والهبوط بالدورة الدموية وخصوصا في الأطفال والشيوخ وعلى الرغم من خطورة هذه الأعراض إلا أن أغلب المرضى يتماثلون للشفاء في خلال أيام قليلة بالعلاج الناجح.
ويتم تشخيص هذه الحالات عن طريق فحص صورة الدم حيث تبدو كرات الدم البيضاء بأعداد كبيرة... أما مزرعة البراز ـ في المصابين فتكون إيجابية لميكروب السالمونيلا وبصفة خاصة في الحالات الحادة أثناء تفاقم الأعراض.. كما أن مزرعة الدم أحيانا ما تكون ايجابية لهذا الميكروب.
ومن الملاحظ أنه قد يختلط تشخيص النزلات المعوية التي يسببها ميكروب السالمونيلا مع التسمم الغذائي الذي تسببه الميكروبات العنقودية أو يختلط في التشخيص مع النزلات المعوية الفيروسية الأميبية أو الدوسنتاريا الباسيلية.. وعلاج هذه الحالات يكون عن طريق إعطاء المحاليل المناسبة خصوصا في حالة الجفاف، أو تعالج بمركبات الكلورامفنيكول أو بغيرها.
أيضا قد يصاب الإنسان في الصيف بالحميات المعوية الحارة (التيفود والباراتيفود) وحمى التيفود يسببها ميكروب السالمونيلا الباراتيفودية بأنواعها الثلاثة أ، ب، وتختلف فترة حضانة المرض من أسبوع إلى ثلاثة أسابيع، وتكون فترة الحضانة أقصر في حميات الباراتيفود عنها في حميات التيفود وتعتمد شدة الإصابة على كمية الميكروبات الملوثة للطعام الذي تناوله المصاب على درجة مقاومته ومناعته ضد هذا المرض، وتشكل حمى التيفود نسبة 80% من عدد الإصابات بالحميات المعوية الحادة في مصر، بينما تكون الإصابة بحمى الباراتيفود 20%.
ومن أعراض الإصابة بهذه الحميات أنها تبدأ بفقدان الشهية والصداع ويكون على هيئة ألم مستمر بالجبهة، ويكون الإحساس بالإعياء ظاهرة متغيرة ومتزايدة خلال فترة ظهور الأعراض.
ومن الجدير بالذكر أن هناك أعراضا غير شائعة لهذه الأنواع من الحميات وهي الرجفة وآلام الجسم وقرح الفم وقد يصاب المريض أحيانا بكحة جافة خصوصا في نصف الحالات المصابة، أما نزيف الأنف فهو من الأعراض نادرة الحدوث، وإذا حدث غثيان مصحوب بقيء في بعض الأحيان فإن ذلك يمثل 20% من المرضى ويكون بسيطا ولا يطول أمده وغالبا ما تكون مظاهر الاخراج طبيعية دون معاناة للقولون، لأن الميكروب يصيب الأمعاء الدقيقة ولا يؤثر على الأمعاء الغليظة باثولوجيا.
لابد أن نعرف أنه لا يوجد طعام معقم بمعنى أنه خال من البكتيريا ولكن لا تظهر أعراض على ما يتناوله لأن عدد البكتيريا به قليل ولا تستطيع إحداث ضرر في جسم الإنسان ولكن لو كان ذلك الطعام يحتوي على أعداد كبيرة من البكتيريا فإنه بالتالي يعتبر ملوثا وغير صالح للاستهلاك الآدمي.
من المعروف ان الجراثيم تفضل الأغذية ذات المحتوى العالي من البروتين مثل اللحوم بمختلف أنواعها سواء كانت طازجة أو مطهية وكذلك الألبان ومنتجاتها وتعرف هذه الأنواع بالأغذية سريعة الفساد أما البقول والحبوب والأطعمة الجافة وكذلك الأغذية ذات المحتوى العالي من السكر فهي بطيئة الفساد، حيث ان معظم الأغذية التي نتناولها مثل اللحوم والأسماك والبيض والحليب تعتبر من تلك الأغذية السريعة الفساد ولهذا يجب التعامل بحرص مع تلك الأغذية وحفظها في الثلاجة أو الفريزر ويجب عدم حفظها في درجة حرارة الغرفة لأكثر من ساعة.
يمكن ابقاء الطعام بعد طهيه مباشرة لمدة لا تزيد على ساعتين في درجة حرارة الغرفة وذلك لأن الطعام المطهي تكون درجات حرارته عالية لا تسمح بنمو البكتيريا وبذلك يظل هذا الطعام سلبي من تكاثر البكتيريا فيه ولكن بعد انقضاء تلك المدة لابد من تناول الطعام المطهي في الحال أو حفظه ساخنا عند درجة حرارة 60 مئوية أو باردا في الثلاجة عند درجة برودة 40 م أو أقل.
أما إذا تبقى طعام مطهي في درجة حرارة الغرفة لأكثر من ساعتين فنتخلص منه أفضل. نحن هنا لا ندعو للإسراف ونعلم أنه ليس من المستحب التخلص من الطعام الفائض ولكن إذا كان هذا الطعام سببا في حدوث تسمم غذائي فإن تركه أفضل من تناوله.
كيف تتجنب النزلات المعوية؟
لاشك أن التعامل مع الأطعمة بطريقة صحيحة يقلل من فرصة تكاثر البكتيريا في الطعام لهذا لابد من توخي الدقة والحرص عند تجهيز الأطعمة ومن النقاط التي يجب مراعاتها ما يلي:
النظافة الشخصية ومنها غسيل اليدين حيث انها تعتبر مصدر رئيسي لتلوث الأغذية ان كانت غير نظيفة لأن الميكروبات تعيش على اليدين وتحت الخواتم والأساور أعداد كبيرة من الجراثيم التي عند انتقالها للطعام تؤدي إلى تلوثه ولأن اليدين في تماس مباشر مع الطعام ولهذا يجب مراعاة غسل اليدين قبل إعداد الطعام بالماء الساخن والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية مع مراعاة خلع الخواتم أثناء إعداد الطعام.
وأيضا يجب غسل اليدين عند الانقطاع من عملية إعداد الطعام لفترة ثم الرجوع إليه مرة أخرى وفي كل مرحلة من مراحل إعداد الطعام لابد من غسل اليدين وفي حالة وجود جرح أو قطوع باليد يجب تغطيتها بضماد ومقاوم للماء مع تقليم الأظافر ومراعاة عدم لمس الفم والأنف أثناء إعداد الطعام.
يوصي الخبراء بعدم شراء أي منتج مجمد إذا ما لاحظت وجود دماء على الغلاف أو الكيس، حيث انه يدل على أن المنتج قد ذاب من الحرارة لفترة من الزمن ثم تمت إعادة تجميده.
ويذكر الخبراء أنه لا يجوز شراء أي منتج مجمد يلاحظ أنه غير جامد إلى حد الصلابة، وهو ما يدل على فشل عملية الحفظ بالتبريد، فهذه الممارسات تسمح للبكتيريا بالنمو والتكاثر وبالتالي يعتبر الغذاء فاسدا.
مراعاة الطرق السليمة عند فك تجميد الأطعمة وذلك بنقلها من الفريزر إلى الثلاجة قبل طهيها بنحو 24ساعة وتعتبر هذه الطريقة السليمة لفك الأطعمة المجمدة ولا ينصح بترك الطعام المجمد في درجة حرارة الغرفة عند فك تجميده.
تقطيع اللحوم والدواجن التي يراد طهيها إلى قطع صغيرة لضمان وصول الحرارة إلى كل أجزاء الطعام.
استخدام ألواح للتقطيع منفصلة ليكون للأطعمة النيئة مثل اللحوم والأطعمة التي تؤكل طازجة مثل الفواكه والخضراوات لمنع حدوث التلوث من الأطعمة النيئة إلى الخضراوات والفواكه.
عدم استخدام ملعقة واحدة أثناء الطهي لتذوق الطعام عدة مرات لأن ذلك يؤدي إلى انتقال الجراثيم.
يجب عدم قطع عملية الطهي ويستحسن أن يتم طهي الطعام في مرة واحدة وخاصة اللحوم والدواجن حتى تضمن القضاء على البكتيريا التي قد تكون موجودة بها.
إذا لم يتم تناول الطعام المطهو في الحال يجب حفظه اما ساخنا عند درجة حرارة 64 م في حافظات للحرارة أو يتم حفظه في الثلاجة عند درجة برودة 4 م.
عند إعادة تسخين المواد المطهوة المحفوظة في الثلاجة يجب التأكد من وصول الحرارة إلى جميع أجزاء الطعام وعدم جعله دافئا فقط.
طعامك والصيف
وكما أشرنا إلى ان النزلات المعوية والحميات تكون من أهم أمراض الصيف نظرا لارتفاع درجة الحرارة وكثرة الملوثات، فإن أطباء التغذية ينصحون بعدم تناول الوجبات الدسمة أو الثقيلة أثناء النهار والانتظار حتى نهاية درجة الحرارة بالليل، وهذا ميل طبيعي عندنا جميعا أثناء الصيف فجسم الإنسان له العديد من تداخلاته الغذائية، وهذا يجعلنا نفضل تلقائيا تأجيل وجبة الغذاء الثقيلة إلى ساعة متأخرة، وهذا عكس ما يحدث في فصل الشتاء، وتفسير ذلك أن عملية الأكل تكون مصحوبة باحتراق سعرات حرارية تؤدي إلى رفع درجة حرارة الجسم وإذا ما حدث ذلك اثناء النهار حيث درجة الحرارة المرتفعة فإنه يؤدي إلى متاعب، ويمكن أن نتجنب ذلك بأن نؤجل الغذاء حتى تهدأ الحرارة. ويرى علماء التغذية أن الطعام في فصل الصيف يجب أن يحتوي على أغذية مرطبة وملطفة للحرارة مثل الخضر الطازجة وأفضلها الخيار، فهو مرطب يعمل على تهدئة العطش وكذلك السلطات الرطبة كسلاطة الزبادي الغنية بالعناصر الغذائية، وكذلك الثوم النيء فهو مطهر للجهاز الهضمي ويفضل تناوله نيئا لأن طهيه يحوله إلى مادة عسرة الهضم.
أيضا الخضراوات المطبوخة كالفاصوليا والكوسة مناسبة جدا لفصل الصيف حيث انها لا تعطي سعرات حرارية عالية وقيمتها الغذائية جيدة، كما يجب أن نقلل من المواد الدهنية في الطعام، كذلك يفضل تناول اللحوم المسلوقة أو المشوية لسهولة هضمها، ومن المهم تناول المشروبات والسوائل بكثرة نظرا لاحتياج الجسم إليها، ويعتمد ذلك على مدى درجة الحرارة ونوعية الأكل فالأطعمة المقلية أو الناشفة تحتاج إلى سوائل كثيرة، بينما الخضر المطبوخة تحتوى على كمية كبيرة من الماء فيكون المطلوب من السوائل أقل.
ويجب الإكثار من تناول المشروبات والسوائل بالذات التي تحتوي على الأملاح المعدنية والفيتامينات ومضادات الأكسدة لوقاية الجسم من الميكروبات وتعويض الفاقد من السوائل والأملاح وأهمها العصائر الطبيعية والحمضية منها مثل عصير الليمون والبرتقال والمانجو، ومن المشروبات المفيدة خلال الصيف العرقسوس والتمر هندي والكركديه والشاي الأخضر حيث تقضي هذه المشروبات على ميكروبات عديدة بالجهاز الهضمي، والتي تسبب أمراض الصيف، مع خالص الأمنيات بالاستمتاع بصيف آمن من الأمراض.