دعا رئيس مركز الكويت للدراسات التنموية د.علي النقي السلطتين الى بذل مزيد من الجهد خلال الفترة القادمة للسعي الى تحقيق استقرار طويل الأجل وتنمية شاملة، لافتا إلى الدور الفعال الذي يلعبه الاستقرار السياسي في نجاح الخطة التنموية للبلاد وتنفيذ السياسات الاقتصادية.
وأكد النقي أن التنمية ترتبط بالاستقرار السياسي، ولا توجد تنمية للاقتصاد دون هذا الاستقرار، وبالعكس، مطالبا الحكومة باستغلال الفرصة التاريخية بوجود «أغلبية نيابية» للمضي قدما في استكمال تنفيذ خطة التنمية للمزيد من النمو وحل المشكلات التشريعية لمشاريع التنمية العالقة في البلاد.
ولفت النقي الى أن الخطة التنموية الحالية هي الأولى التي تقدمها حكومة كويتية بوجود البرلمان منذ سنوات طويلة، كاشفا أن ارادة النواب في دفع الحكومة نحو التنمية سعت للموافقة على الخطة لتنفيذ ما ورد فيها من مشاريع تساعد في تنمية البلد ونهضتها، ففي تاريخ 2/2/2010م وافق مجلس الأمة في مداولته الثانية على مشروع القانون بإصدار الخطة الإنمائية للدولة للسنوات (2010/2011 ـ 2013/2014) بموافقة 53 عضوا وتمت إحالة القانون إلى الحكومة.
مبينا أن القانون رقم 60 لسنة 1986 يلزم الحكومة بتقديم الخطة الاستراتيجية للتنمية، كما يلزمها بعد إقرار المجلس للخطة بتقديم تقرير كل ستة أشهر عن مدى تنفيذها للخطة للمجلس ليتسنى له محاسبتها.
وأشاد النقي بالخطوة الايجابية التي اتخذتها حكومة سمو الشيخ ناصر المحمد بتقديم التقرير نصف السنوي الأول لمتابعة الانجاز في خطة التنمية ـ وان جاء متأخرا ـ مؤكدا أن عملية متابعة تنفيذ مكونات الخطة تعد جزءا أصيلا من منظومة التخطيط التنموي لرصدها لمقدار التقدم والانجاز، مشيرا الى الجهود التي تلعبها الحكومة لتنفيذ المشروعات التنموية القائدة كونها أساس التنمية في البلد.
وأشار النقي الى الانجاز في تنفيذ خطة التنمية في السنة الأولى، وفقا للتقرير المقدم من الحكومة عن هذه الفترة، موضحا ان عدد مشاريع الخطة بلغ 884 مشروعا ما بين مشروعات انشائية بلغ عددها 493 مشروعا، ومشاريع تطويرية عددها 391 مشروعا.
ولفت النقي الى توقيع الحكومة عددا من عقود هذه المشاريع التنموية والبدء في تنفيذ البعض منها، وقال من بين هذه المشاريع الحيوية: مدينة صباح الأحمد، مدينة سعد العبدالله، مدينة جابر الأحمد، الطرق السريعة المعلقة «جمال عبدالناصر وطريق الجهراء»، مستشفى جابر الأحمد، محطة الصبية، تحويل محطة التوربينات الغازية بالزور الجنوبية للنظام المزدوج، مشروع ميناء بوبيان «مبارك الكبير»، توسعة وتطوير المطار الدولي «مبنى الركاب 2»، إنشاء 8 مستشفيات جديدة عامة وتخصصية، مشروع انشاء مدارس التربية، مشروع جسر الشيخ جابر، محطة الزور الشمالية، محطة الزور الجنوبية لتحلية المياه، ومشروع تطوير جزيرة بوبيان ومدينة الحرير، فضلا عن تحقيق تقدم إيجابي ملموس في بقية المشروعات.
وبيّن النقي أن الخطة السنوية حفزت من معدلات الإنفاق الاستثماري مقارنة بالأعوام السابقة، كونه أحد أهم المشكلات التي تواجه التنمية في الكويت.
وأوضح النقي أن التقرير المقدم من الحكومة كشف أن إجمالي الانفاق على مشاريع الخطة بلغ 734.78 مليون دينار، وكانت نسبة المشاريع الداعمة للسياسات منها 25.81%، كما بلغت نسبة المشاريع النمطية 74.19%، وبلغت النسبة الاجمالية للإنفاق على مشاريع الخطة بالنسبة للمخطط انفاقه 14.7% فقط، وبين النقي أن السبب الرئيسي في ذلك يرجع الى تأخر اعتماد ميزانية الدولة حتى قرب انتهاء الربع الأول من السنة المالية.
ولفت النقي الى أن التقرير ذكر أن نسبة الإنفاق على المشاريع الداعمة للسياسات كانت 18.03% وهي أعلى من نسبة الانفاق على المشاريع النمطية التي بلغت 13.81% ويرجع ذلك الى غلبة المشاريع التطويرية ضمن المشاريع الداعمة عن نظيرتها ضمن المشاريع النمطية، وعلى صعيد الجهات فإن نسبة الانفاق الأعلى على المشاريع كانت لدى جهات التنمية البشرية حيث بلغت 24.43%.
وبيّن النقي أن نسب تنفيذ المشاريع التي هي في نهاية المرحلة التحضيرية مضافا اليها التي دخلت مرحلة التنفيذ المباشر وفقا للتقرير قد بلغت 54.6% من جملة المشاريع البالغ عددها 884 مشروعا.
ولفت النقي الى المعوقات التي ساعدت في عرقلة عمل الحكومة خلال تنفيذ الخطة في الفترة السابقة، ذاكرا ان أهم هذه العراقيل عدم وجود المناخ المناسب للتنفيذ، مع عدم وجود استقرار سياسي خلال الفترة الماضية يساعد على الانجاز، فضلا عن أن عددا لا يستهان به من القياديين المناط بهم التنفيذ لم يكونوا على قدر يؤهلهم لذلك، بالاضافة الى استمرار التضارب المبهم بشأن سياسة تمويل المشاريع، وغيرها من المعوقات الأخرى.
وعتب النقي على الحكومة تأخرها في تحقيق الجانب الاستراتيجي بإنشاء مدن حدودية ومناطق حرة خصوصا في المناطق الشمالية والتي تعد من النقاط الحيوية في الخطة.
وشدد النقي على ضرورة تنظيم آلية لتمويل مشروعات الخطة، سواء كان ذلك عبر الأموال العامة بواسطة صندوق التنمية الكويتي، أو عن طريق الموافقة على القانون المقدم لإنشاء «الصندوق الوطني لمشاريع التنمية» برأسمال 10 مليارات دينار لتمويل شركات مساهمة كويتية لتنفيذ مشاريع التنمية.
وحول تخوف القطاع المصرفي من دفع تلك الاقتراحات، طمأن النقي القطاع المصرفي، مبينا ان القطاع سيظل محافظا على نشاطه وسيكون له دور كبير في تمويل المشاريع.
ورأى النقي ضرورة أن تساهم شركات المقاولات الكويتية ذات الخبرة العريقة في تنفيذ الخطة التنموية دون الاعتماد الكلى على الشركات الجديدة المزمع تأسيسها لتغطية تنفيذ المشروعات.
وختم النقي مطالبا بضرورة وجود الفكر التنموي الجاد لدى السلطة التنفيذية بأن يكون هناك توجه واضح ورؤية مستقبلية بالاضافة إلى شعور الساسة في السلطة التشريعية بأن البلاد بحاجة الى تحقيق التنمية الفعلية حتى تعود الى مسارها من جديد.