- حق الحضانة للأم المطلقة لا يعني إلغاء دور الأب الولائي على أبنائه القصَّر
- ثبوت ولاية الأب على مال ونفس الابن القاصر باتفاق السنَّة والشيعة
وردت بعض التساؤلات الى الباحث الاسلامي الشيخ راضي حبيب حول حق تصرف الأب في منحة الزوجة والأبناء المتعلقة بالمكرمة الأميرية، فقال في تصريح صحافي: إن الكلام في هذا الشأن يندرج تحت حدود ولاية الأب، فإذا اتضحت لدينا المعالم الشرعية لهذه الحدود الولائية فسنقف على صحة تصرف الأب في مال الأبناء من عدمه.
وأضاف: سنستعرض بكلامنا آراء علماء الفريقين من السنة والشيعة، فولاية الأب على مال ونفس أبنائه ثابتة باتفاق السنة والشيعة، وقبل التطرق بالحديث إليها، فإنه من المسلمات أن الزوجة مستقلة في ولايتها على مالها ونفسها، وليس للزوج ولاية على مالها أو نفسها.
كما أنه لا ولاية لها على مال ونفس الأبناء شرعا وقانونا كما ذكر في قانون الاحوال الشخصية الكويتي في المادة رقم (209/أ) وأن مثل هذه الولاية في الأصل مختصة بالأب من دون الأم، ومن جهته تكون بعده للجد من الأب والأقرب ثم الأقرب حسب مراتب الإرث.
حيث استقر الفقه والقضاء في شأن الحضانة والإنفاق على أن ولاية التصرف في نفس الصغير وماله فقد جعلت للأب لأنه الأصلح لها من الأم كما جاء في نص الـ (طعن تمييز رقم 9/85 أحوال جلسة 10/6/1985).
وجاء في نص المادة رقم (209/أ) من قانون الأحوال الشخصية أن: «الولاية على النفس للأب ثم للجد العاصب».
وأشارت المذكرة التوضيحية إلى «أن الأب رب الأسرة، فهو عــادة أحرص الناس على مصلحة أولاده ومستقبلهــم».
الحضانة والولاية
كما قال: ويجب أن نميز بين «حق الحضانة» و«حق الولاية» وبين حق تسلم «النفقة» وتسلم «الهبة» للأبناء حتى نفصل بين عناوين الحقوق والواجبات بحسب معاييرها ومفاهيمها، ولا يقع تعارض أو خلط بين الحقوق، فإذا كان حق الحضانة ثابتا للام المطلقة فلا يعني ذلك سقوط أو إلغاء حق ولاية الأب بالتصرف والإشراف على نفس ومال أبنائه، على حد السواء اذا كانت الأم منفصلة أو مرتبطة بالأب نفسه. فكما أن الانفصال لا يخرج المرأة المطلقة عن عنوان «الأمومة» فكذلك لا يخرج الرجل المطلق عن عنوان «الأبوة»، فتبقـــى هذه العناوين ثابتـــة في حقهما في حال وقوع الطـــلاق بينهمــا.
وكذلك إذا كانت الأم حاصلة على حكم الحضانة، فهذا لا يعطيها حق الولاية على نفس ومال الولد لأن حدود الحضانة فسرت شرعا وقانونا على أنها تتعلق بجانب التربية الجسمانية في جميع شؤونها بتدبير طعامه وملبسه ونومه وتنظيفه كما نصت عليه المذكرة الايضاحية في المادة رقم (189) من قانون الاحوال الشخصية الكويتي 51 لسنة 1984.
الولد الفقير
وزاد: وأما مسألة واجب الإنفاق على الولد الفقير العاجز عن الكسب فهو يقع على عاتق الأب الموسر حتى يستغنى وبما أن الأب هو من يدفعها للابن، فقد أتاح قانون الاحوال الشخصية الكويتي تسلم الحاضنة لنفقة المحضون وأجرة مسكنه دون تحديد كونها أما أو خالة أو عمة أو غيرها ممن تتعهد بتربية المحضون من النساء، وهذا القانون بحسب نصه في المادة رقم (197) من قانون الأحوال الشخصية الكويتي أيضا لا يعطي للحاضنة حق تسلم هبة المكرمة الأميرية للمحضون لعدم انطباق عنوان النفقة أو الأجرة عليها، حيث ان مصطلح الهبة مغاير بالمفهوم عن مصطلحي النفقة والاجرة، وللأب حق التصرف بها بما يعود على الابن من مصلحة، وذلك من حيثيـــة الولاية بـخلاف المرأة الحاضنة لعـــدم انطباق عنـــوان الولايــــة عليهـــا.
وأكد الشيخ راضي: على أساس اتضاح ما تقدم فليس من النصرة لحقوق المرأة أن تكون على حساب إهدار حقوق الرجل كما طالب بعض النواب به الحكومة بطلب صرف المنحة الأميرية للمرأة المطلقة من لديها حكم قضائي بالحضانة، بمعنى إلغاء دور الأب الولائي على أبنائه إذا كان حق حضانة الأبناء ثابتا بحكم قضائي للام المنفصلة عن الاب.
التملك والتصرف
وتابع: وترتيبا على ما ذكرناه يجب أن نتناول نقطة مهمة وجديرة بالذكر حول مسألة ولاية الأب انه يوجد فرق بين القول بـ «حق التملك» للهبة وبين (حق التصرف) فيها بما تقتضيه مصلحة الأبناء غير البالغين أو البالغين غير الراشدين.
فمن هذا المنطلق تختلف الآراء الفقهية، حيث ان مفهوم حق التملك أوسع نطاقا من مفهوم حق التصرف الولائي للأب على أبنائه، حيث ان مفهوم ولاية التصرف مقيد بدائرة المصلحة التي تعود على الأبناء بالنفع المعنوي أو المادي، وعدم وجود المفسدة.
بخلاف القول بحق تملك الأب لهبة الولد، فهو يعني أنه مالك أصيل لا ينازعه أحد في ملكه، وهذا القول قد اختاره أهل السنة والجماعة فذهب المالكية للقول بالجواز كما جاء في الشرح الصغير (ج2 ص 288): وجاز للأب فقط لا الجد اعتصارها أي الهبة، أي أخذها من ولده.
كما يذهب الحنابلة في كشاف القناع (ج2 ص486): إلى أن الأب يقبض الهبة لولده الصغير والمجنون وقال أيضا: وللأب الحر أن يتملك من مال ولده ما شاء. ثم قال صاحب «كشاف القناع»: للأب فقط إذا كان حرا أن يتملك من مال ولده ما شاء ما لم يتعلق به حق كالرهن، مع حاجة الأب إلى تملك مال ولده ومع عدمها، في صغر الولد وكبره، وسخطه ورضاه، وبعلمه وبغير علمه. لما روى الترمذي.
وذكر انه حديث حسن، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم» وروى الطبراني في معجمه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبى اجتاح مالى، فقال: «أنت ومالك لأبيك». ولأن الولد موهوب لأبيه بالنص القاطع، وما كان موهوبا كان له أخذ ماله كعبده.
وجاء في مذهب الأحناف في الهداية (ج3 ص 182) أنه: إذا وهب الأب لابنه الصغير هبة ملكها الابن بالعقد، لأنه في قبض الأب فينوب عن قبض الهبة، ولا فرق بين ما إذا كان في يده أو في يد مودعه، لأن يده كيده.
التصرف دون التملك
أما بالنسبة للشيعة فيذهب الامامية إلى حق ولاية التصرف للأب فقط دون حق التملك بشرط ما يصلح شأن الولد، وهذا ما نصت عليه فتوى الإمام السيستاني في جواب الاستفتاء رقم (3) في باب ولاية الأب:
ما حدود ولاية الاب على غير البالغ او البالغ غير الرشيد؟ هل للولي التدخل في كل شؤونه أم في خصوص الامور المالية والزواج بالنسبة الى غير البالغ أو البالغة الرشيدة البكر؟ فهل له ان يحدد مكان الإقامة ومواصفاتها اذا كان الولد في حضانة أمه أم لأمه ذلك بلا تدخل الولي؟ وجاء في جواب الاستفتاء: الحضانة للاب بعد بلوغ الطفل سنتين وله التدخل قبل بلوغه او رشده في جميع شؤونه مع رعاية ما يصلح شأنه.
وختم الشيخ الحبيب كلامه: وعليه فلا داعي للمزايدة السياسية البرلمانية من بعض النواب من أجل تمرير مطالبات نسائية على حساب تضييع حقوق الرجال وهذا إما أن يكون من منطلق عدم الإنصاف في التغافـــل عن حق الأب أو اتهامه بعـــدم الأمانـــة دون المــرأة.
واقرأ ايضاً:
الدمخي: المكرمة الأميرية بادرة إنسانية ونناشد الحكومة الاقتداء بها لرفع معاناة الوافدين
العازمي: أدخلت الفرحة والسرور في قلوب الكويتيين بهذه الأيام الخالدة
العرادة: المكرمة الأميرية دلالة على تلاحم الأمير مع الشعب وتلمّسه لحاجات المواطنين
المرشاد: المكرمة الأميرية تفرّج كرب الكثيرين