- كان يتلمس حاجات الناس ولم تفارقه الابتسامة في الخطوب
- ربـته والدتـه دلال الكليـب على صلة الأرحام وذوي القربى
- أخذ من والده عبدالرحمن الفارس الورع والدين وورث عن خاله عبدالله الكليب حب الخير والحياء
- فقـيـد الفــارس والكلـيب والخالد والرومي والشايع كان وطناً في رجل ورجلاً في وطن
كتب يوسف عبدالرحمن
فجعت الديرة امس بوفاة العم الغالي عبدالعزيز عبدالرحمن عبدالله الفارس – الذي وافاه الاجل المحتوم عن عمر يناهز 73 عاما.
بالامس خرجت الكويت قاطبة بجموعها لتشيعه الى مثواه الأخير في مقبرة الصليبخات وسط دعوات مشيعيه وزخات من المطر الندي الذي رطب ثراه.
بالامس ودعت الكويت «عزيزها» عبدالعزيز الفارس وهو من الشخصيات الوطنية الشعبية التي لها ادوار لا تنكر على مستوى الوظيفة الحكومية وايضا التجارة في مسيرة حافلة بالعطاء والانجاز.
بالامس صباحا ووري الثرى رجل من اطيب الرجال واودع عند رب رحيم غفور وسط جمع كبير من عيال الديرة الذين يذكرونه ويذكرون افعاله وهو الذي عرف عنه الالتصاق بأهله ومحبيه حتى في اصعب الاوقات.
وسنذكره دائما باللقب الذي يحبه «أبا سعود» صاحب الابتسامة التي تذكرك بأهل الديرة وتعطيك التفاؤل والامان، نعم بالامس فقدنا ابا واخا كبيرا وناصحا وحكيما.
نبذة عن تعليمه
العم عبدالعزيز عبدالرحمن الفارس – او كما نحب ان نسميه «أبوسعود» من مواليد عام 1938م، ولد في منطقة القبلة (فريج سعود) وهو واحد من الكويتيين الذين ولدوا وترعرعوا في بداية عصر النهضة التعليمية والتنمية الشاملة وحصل على الشهادة المتوسطة من مدرسة الشامية وعمل في وزارة الاشغال حتى تقاعده وساهم مع اخوانه في دعم الاقتصاد الوطني في بداياته من خلال ترؤسه شركة صناعات الفارس التي حققت نجاحا وطنيا غير مسبوق.
وعرف عن عبدالعزيز الفارس وطنيته وفزعته لاهل الديرة في الضراء والسراء وثباته على الحق وكرمه الحاتمي وتطوعه لحب الخير ومساعدة كل المحتاجين بصمت عجيب، بحيث لا تعلم شماله ما انفقت يمينه وحرصه على العمرة واداء العبادات والطاعات وعفة اللسان والابتسامة التي لم تفارقه حتى وفاته.
مدرستان
تأثر المرحوم باذن الله عبدالعزيز الفارس – بمدرسة والده المرحوم عبدالرحمن عبدالله الفارس طيب الله ثراه، وورث عنه الورع والتدين والتطوع من اجل رفعة البلد، والتاريخ الكويتي يذكر لوالده مساهمته في تطوير الكويت في بداياتها فقد ترك بصمة لا تنسى في التعليم والبلدية وتأسيس المكتبة العامة والرأي والحكمة في حوادث الكويت التي تحتاج الى رأي حصيف، ومن نفس المنهل اخذ من والدته دلال سلطان الكليب، طيب الله ثراها، حب صلة الارحام والتواصل لانها كانت، رحمها الله، مرتكزاً عائلياً لاكثر من اسرة كويتية عريقة (الفارس – الكليب – الخالد).
كما انه تأثر كثيرا بخاله عبدالله سلطان الكليب هذا الحادب على دينه الذي كان احد العظماء الذين اسسوا جمعية الارشاد الاسلامي عام 1952 التي هي نواة وامتداد لجمعية الاصلاح الاجتماعي، وقد ورث من خاله الحياء الشديد والعمل الصامت لخدمة الناس والمسلمين كافة كما ان لمجالس خاله وديوانيته اثرا بالغا في معرفة اخبار المسلمين في العالم.
ومن هاتين المدرستين تعلم الكثير وانعكس هذا على شخصيته في الحياة وهي في حقيقتها سجايا وخصال اهل الكويت.
أخلاقه
هول يمثل جيل المخضرمين (جيل الحشيمة) فقد عرف عنه طيبة القلب وشعبيته الكبيرة التي وصلت الى الكويت من ادناها الى اقصاها، وكرمه الحاتمي ودماثة خلقه وحياؤه الشديد وتواضعه، وحبه للتواصل الاسري مع الأصدقاء والمحبين في داخل الكويت وخارجها وهو صاحب فزعة لنصرة المظلوم وصاحب الحاجة وكانت الصفة التي تميزه حبه لبذل الخير من غير اعلان وبصمت مطبق.
وعلى الصعيد الأسري، فهو عميد الأسرة ومحب لأسرته الكبيرة والصغيرة يتواجد في مساء كل أحد في ديوان الاسرة بالمنصورية يرحب بالحضور ويجلس مع هذا ويستمع لذاك، ويقضي حوائج الناس بحياء وصمت دون منة تذكر وهو اب عطوف وجد يجمع اولاده وأحفاده كل يوم وهو العزيز دائما في قلوب اصدقائه ومعارفه وسيفقده جيرانه في قرطبة فكان نعم الجار للجار.
صامد في الاحتلال العراقي
كان صامدا اثناء الاحتلال العراقي الغاشم، وقضى اكثر من اربعة اشهر في منطقة المنصورية بمنزل وديوان اسرته وكان بحق شجاعا لا يخاف في الله لومة لائم، بطلا قام بطمأنة الناس وتشجيعهم على البقاء في الكويت المحتلة رغم ان العراقيين كانوا يبحثون عن اخيه الفريق عبدالله الفارس.
وكان كخلية النحل يدعم المقاومين ويوزع النقود على الصامدين ويقضي حوائج الاسر المحتاجة بصمت وحياء وهمة عالية حتى استهدفه المحتلون فأشار عليه ربعه واصدقاؤه بضرورة خروجه حتى لا يصلوا الى مبتغاهم، وفعلا خرج تحت إلحاح اهله وصحبه الى دولة الامارات العربية المتحدة وشارك في كل مظاهر شجب الاحتلال العراقي وكان من اوائل الداخلين الى الكويت المحررة لتفقد اهله وصحبه.
الأب الصالح
أنا شخصيا أتذكره في الثمانينيات يراجع مدرستنا (صقر الشبيب) يتعرف على أحوال ابنه سعود بكل ادب جم وخلق يسألك ويتجاوب مع طلبات المدرسين، رغم ان اخاه هو المربي الفاضل محمد عبدالرحمن الفارس والذي تخرج من مدرسته كل ابناء منطقة القادسية وهؤلاء الآن هم الخريجون في كل مناحي الحياة في الكويت ومنهم نجله سعود وهو ايضا مرتبط بالتربية والتعليم، لأن وزارة التربية اطلقت على احدى مدارسها في منطقة الفحيحيل اسم المربية (لطيفة عبدالرحمن الفارس) رحمها الله، وهي واحدة من اخواته الكريمات. وقد أسعدني جدا يوم ابلغني انه اصبح جدا بعد ان سمى نجله عبدالرحمن اول حفيد باسمه (عبدالعزيز) وتبعه نجله الاكبر سعود، ليخلد ذكراه حفيدان نأمل أن يكونا بإذن الله سمياه وعلى طريقه واخلاقه وصفاته.
واجب العزاء
أكيد أن فقد عبدالعزيز الفارس مصاب جلل لأنه رجل في وطن ووطن في رجل، عمل طيلة حياته من اجل رفعة بلده وشعبه ولم يدخر وسعا ولا جهدا إلا بذله في سبيل نصرة الكويت وشعبها.
ما رأيناه بالأمس من حزن وألم يعتصر قلوب محبيه لأنهم بصراحة فقدوا (أبا وأخا وناصحا وحكيما) احتوى الجميع بحلو عبارته وابتسامته وصدره الواسع وخلقه الطيب وحبه الأكيد في فعل الخير ومساعدة الناس كل الناس على اختلاف مشاربهم وأجناسهم ومذاهبهم.
رحم الله العم عبدالعزيز عبدالرحمن الفارس، رحمة واسعة وأثقل موازينه وأنزله منازل الشهداء والصديقين.
والعزاء كل العزاء للشعب الكويتي الوفي ولأسرته (الفارس ـ الكليب ـ الخالد ـ الرومي ـ الشايع).
نعم فقدت الديرة عزيزها «أباسعود» ولكنه باق في الذاكرة والقلوب الكل يدعو له بالرحمة والمغفرة فلقد كان مواطنا صالحا في اخلاقه وخصاله فإلى جنة الفردوس يا أباسعود الحبيب.