- دور البرلمان أصبح محور نظام الحكم ككل في بعض الدول
أورد د.علي الصاوي في كتابه «البرلمان» عرضا عن نشأة البرلمان وتطوره، نبدأ بنشر أهم ما ورد في هذا الكتاب على شكل سلسلة من الحلقات الأسبوعية.
ماذا يعني البرلمان؟
هناك طريقتان للإجابة عن هذا السؤال، الأولى هي النظر الى البرلمان كأسلوب لمشاركة المواطنين في الحياة السياسية، والثانية هي اعتبار البرلمان مؤسسة مهمة من مؤسسات المجتمع الديموقراطي الذي يقوم على حرية المشاركة السياسية والتعددية الحزبية.
وفي الحقيقة، فإن كلا المعنيين يكمل الآخر، ولكنهما غير متلازمين. فمشاركة المواطنين في الحياة السياسية قد تأخذ صورا متعددة، حسب الظروف الثقافية والتقاليد الاجتماعية وطبيعة الدولة.
ورغم أن أهم وأحدث صور تلك المشاركة هو اختيار المواطنين مجموعة من النواب الذين يمثلونهم ويعبرون عن آرائهم، أي تكوين البرلمانات المنتخبة، إلا أن بعض المجتمعات قد تلجأ الى أساليب أخرى لذلك، فقد لا يوجد بها برلمان منتخب وإنما تقوم بتشكيل مجالس استشارية تضم مجموعة من القيادات الاجتماعية والرموز والشخصيات العامة بغرض التشاور معهم في شؤون الحكم.
وقد انتشرت البرلمانات المنتخبة في العالم المعاصر، وتطورت الى درجة كبيرة، وأصبح البرلمان مؤسسة سياسية كبيرة في الكثير من الدول، وازداد حجمه ليضم مجلسين، وأصبح يقوم بوظائف متعددة، أبرزها وضع القوانين والتشريعات، والرقابة على أعمال الحكومة، والتأثير في الشؤون السياسية الإقليمية والدولية.
بعبارة أخرى، فقد عرفت مختلف المجتمعات تلك النواة الأولى للبرلمان، وهي مناقشة الشؤون العامة وقضايا الحكم بطريقة جماعية.
وقد تطور اسم البرلمان مع تطور وظائفه وتزايد دوره في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فبعد أن كان مجلسا شكليا، عبارة عن مجلس للأعيان أو كبار الملاك، أصبح هيئة شعبية وتشريعية، تمثل مجموع المواطنين.
فعند نشأة البرلمان كانت وظيفته إتاحة الفرصة لمناقشة الأمور العامة، ولعله من الطريف معرفة أن المعنى الحرفي لكلمة برلمان في تلك المرحلة هو مكان التحدث، أو المكلمة. ثم تطور البرلمان وأصبح هيئة نيابية، تنوب عن المواطنين وتشارك في الحكم، وسمي المجلس أو الجمعية التي تضم ممثلي الشعب.
ومع انتشار أفكار الحرية والمساواة وحكم الشعب، أصبح للبرلمان سلطة وضع القوانين، وصار يسمى الهيئة التشريعية أو السلطة التشريعية.
أكثر من هذا، فإن دور البرلمان قد أصبح محور نظام الحكم ككل في بعض الدول، حتى أنها أصبحت تسمى الدول ذات النظام البرلماني، وأشهرها بريطانيا، حيث تتركز معظم السلطة السياسية في البرلمان، لأن زعيم الأغلبية البرلمانية هو الذي يتولى تشكيل الوزارة أيضا.