قال مسؤول في الأمم المتحدة امس ان المنسق الدولي الاعلى لإعادة رفات الاسرى الكويتيين والممتلكات الكويتية من العراق يولي فورنتسوف توفي في موسكو الليلة قبل الماضية عن عمر ينـاهز الـ 78 عاما.
واضاف المسؤول الأممي لـ «كونا» نقلا عن اعضاء في مجلس الأمن ان فورنتسوف لم يحضر مداولات المجلس التي عقدت في وقت سابق من هذا الاسبوع بشأن قضية رفات الأسرى والممتلكات الكويتية لأسباب صحية.
وتلك هي المرة الاولى التي لم يحضر فيها فورنتسوف هذه المداولات منذ تعيينه من قبل السكرتير العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان في شهر فبراير من العام 2000 لتولي مهمة المنسق الدولي الأعلى تماشيا مع الفقرة 14 من القرار رقم 1284 الصادر في العام 1999.
وكان فورنتسوف يطلع مجلس الامن مرتين سنويا على مدى التقدم الذي تم احرازه في هاتين القضيتين.
وقد أعرب فورنتسوف مرارا عن أمله في نجاح مهمته نظرا لقيامه ببذل كل ما في وسعه و«تقليب كل صخرة»، على حد قوله، حتى يتم نقل رفات جميع الاسرى الكويتيين وغيرهم من الجنسيات الاخرى وعودة الممتلكات الكويتية المسروقة بما فيها الارشيف الوطني الكويتي.
وأعرب وكيل وزارة الخارجية بالنيابة السفير محمد الرومي عن بالغ الاسى لوفاة المنسق العام لشؤون الاسرى والمفقودين الكويتيين وإعادة الممتلكات السفير يولي فورنتسوف.
واشار السفير الرومي بمناقب الفقيد وجهوده الكبيرة والمتواصلة في متابعة البحث عن الأسرى والمفقودين الكويتيين وإعادة الممتلكات الكويتية التي نهبت إبان الاحتلال العراقي للكويت.
وتقدم السفير الرومي بخالص العزاء والمواساة الى السكرتير العام للأمم المتحدة والى الحكومة الروسية واسرة وذوي الفقيد.
ومن جانبه، أعرب مندوب الكويت الدائم لدى الامم المتحدة عبدالله المراد في حديث لـ «كونا» عن شعوره بالحزن والأسى لتلقي خبر وفاة المنسق الدولي الأعلى يولي فورنتسوف ووصفه بأنه «شخصية دولية مهنية تميزت بالجدية تعاونت مع الحكومة الكويتية واحتفظ بعلاقات ممتازة مع المسؤولين الكويتيين».
وتقدم السفير عبدالله المراد بخالص التعازي والمواساة لذوي الفقيد واسرته واقربائه.
وقال مسؤول في الامم المتحدة انه من المبكر جدا التحدث الآن عن خليفة يولي فورنتسوف في منصبه الحالي. ويحظى يولي فورنتسوف بمكانة رفيعة في بلاده وتقدير محلي وعربي واحترام عالمي وثقل دولي لما للقضية التي كان يعالجها من ابعاد انسانية كبيرة، ولمهارته وبراعته في استخلاص بواطن الأمور وكشف الخداع الذي كان يمارسه النظام المقبور.
دخل فورنتسوف بغداد في أصعب مهمة لمحاورة المخادعين والمنافقين وليحصل على الحقيقة من افواه الكاذبين. سلاحه كلمته وخبراته التي اكتسبها من دراسته السياسية ومهنته في الخارجية الروسية ودهاليز الأمم المتحدة، فصنعت منه خبيرا بالحيل العراقية.
لدغ من بغداد بعد ساعات من تعيينه منسقا دوليا لقضية الأسرى والمحتجزين الكويتيين ورعايا الدول الأخرى في السجون العراقية برفض المقبور وأبواقه لمهمته، لكن فورنتسوف مضى في طريقه عازما على الوصول الى نقطة ضوء في هذا النفق المعتم بإرادة العراق، لاسيما ان السعادة غمرته عندما كلف بهذه المهمة الانسانية لتكون تتويجا لجهوده الديبلوماسية في كل المجالات والقضايا الروسية والدولية التي بدأت في 1952.
وبعد عامين و10 شهور قضاهم منذ تعيينه منسقا في حوارات واتصالات عربية واقليمية ودولية وزيارات متكررة الى الكويت تلقى دعوة عراقية ملغمة في وقت ملغم، لزيارة بغداد لكنه قبلها على الفور بطريقة المثل الشعبي المصري «خليك وراء الكذاب حتى باب الدار» ولعلها تفتح باب الأمل لحل قضية 605 أسرى كويتيين.
هذا الخبير الديبلوماسي كان يتصور بفراسته ان علاقات بلاده المتميزة مع نظام صدام المقبور مفتاح يسهل مهمته الانسانية، واكتشف بمرور الوقت ان تفاؤله مجرد اضغاث احلام لأنه يتعامل مع نظام ليس ديكتاتوريا فحسب، انما نظام لا يعرف الانسانية في العصر الحديث.
فورنتسوف اليهودي الروسي ولد في 7 أكتوبر 1929 في مدينة سانت بيترسبورغ موطن الرئيس الحالي فلاديمير بوتين، وتخرج من معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية في مطلع الخمسينيات لينخرط مباشرة بعد تخرجه في السلك الديبلوماسي ليصبح أشهر رجاله خلال 5 عقود من الزمان.
يتحدث الانجليزية بطلاقة، اضافة الى لغة بلده، ونقلته مهارته المبكرة ليكون أحد أعضاء بعثة الاتحاد السوفييتي السابق الدائمة في الأمم المتحدة بين 54 و1958 وترقى ليكون مستشارا لهذه البعثة من 63 إلى 1965.
محطاته الديبلوماسية توالت في الولايات المتحدة من 66 إلى 1977.
كلف مهمات صعبة في الخارجية الروسية فرأس وفد بلاده في مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي في بلغراد وبعدها عين نائبا لوزير الخارجية في 1986 ثم سفيرا لدى أفغانستان بين 88 و1989.
عاد في مايو 1990 الى مسيرته الأولى لكن هذه المرة مندوبا دائما لبلاده في الأمم المتحدة فشارك في صياغة قرارات الشرعية الدولية ضد الاحتلال العراقي للكويت وبعد 4 سنوات اصبح سفيرا لروسيا لدى واشنطن لمدة 6 سنوات متصلة.
شغل منصب سفير الاتحاد الروسي لدى واشنطن منذ عام 1994، كما انه خلال الفترة من 90 الى 1994 مثل بلاده في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، كما عمل في عام 1991 مستشارا سياسيا للرئيس الروسي.
الصفحة في ملف ( pdf )