أسامة أبوالسعود
واصلت مساجد وحسينيات الشيعة احياء ليالي عاشوراء ذكرى استشهاد سبط رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وسيد شباب اهل الجنة الامام الحسين بن علي. وفي مسجد الامام زين العابدين بالسالمية قال السيد ابو القاسم الديباجي وكيل المرجع الديني الاعلى آية الله علي السيستاني ان الحسين بن علي عليهما السلام هو مؤسس صرح الثقافة العاشورائية، والوجه الثوري البارز في العالم والتاريخ والبطل الخالد وقائد الثورات ضد الطواغيت، وثمرة قلب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ونور عيني الزهراء عليها السلام، وقطعة من جسم وروح امير المؤمنين وعضد الإمام الحسن.
وتابع الديباجي قائلا: الإمام الحسين ( عليه السلام ) هو من زحف إلى آخر ثغور الايثار والعطاء لأجل الدفاع عن الاسلام امام الامواج المتلاطمة السوداء. وقد اطلق صرخته المدوية في العالم، وفي كل مكان وزمان، صرخة كالرعد الذي لف هيبته كل الدنيا، وكالبرق الذي انار كل العالم فكان علوه علو الشمس للدفاع عن شرف المسلمين وكرامة النفس الانسانية مع ثلة مؤمنة وفية فدائية تعشق الجهاد والشهادة.
واردف قائلا: كان الحسين ( عليه السلام ) مجددا لدين جده محمد ( صلى الله عليه وسلم ) الاصيل، وفكر علي كرم الله وجهه، وعاصفة عاتية لإطفاء مشاعل الفساد ودفن عار الظلمة والمستكبرين وقبحهم وحياتهم المظلمة.
وقال الديباجي: لم تكن ثورة الحسين ( عليه السلام ) لأجل الاطاحة بالطاغوت فحسب، وانما جاءت من اجل حفظ الافكار القيمة، وصيانة الاسلام من الايادي الخبيثة التي تريد العبث به، وقد تجلت فيه ( عليه السلام ) القيم الانسانية العالية مثل: الشجاعة والايثار والفداء والحرية والاستقامة والعفة والكرامة الانسانية فيها.
واضاف قائلا: ومن العوامل المهمة والاساسية التي خرج لها الحسين ( عليه السلام ) هي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث ان لهذه الفريضة «الامر بالمعروف والنهي عن المنكر» اهمية قصوى في الاسلام وهي واجبة على كل مسلم ومسلمة. فكما ان الحروب التي خاضها الامام علي ( عليه السلام ) في عصر خلافته المباركة كانت قائمة على هذا الاساس، فإن ثورة الحسين ( عليه السلام ) ايضا كانت قائمة على ذلك، فكان هذان العاملان المحركين الاساسيين له في هجرته ونهضته فأفاض على ثورته قيمة حضارية كبيرة وبه احتلت جدارتها وبقيت خالدة الى الابد بعنوان رسالة ومدرسة بناءة.
واردف الديباجي قائلا: ونتيجة لثورته وبطولته حدثت ثورات كثيرة في التاريخ الاسلامي بعد ثورته المباركة، استلهمت الروح الثورية والجهادية والتضحية والشهادة من نهضة الامام الحسين ( عليه السلام ) في كفاحها ضد العدو، وألطف من ذلك ان الثورة العالمية للامام المهدي ( عليه السلام ) ستستلهم انطلاقتها ومسيرتها من ثورة الامام الحسين ( عليه السلام ) لأن المهدي من آل محمد ( صلى الله عليه وسلم ) يقوم طالبا بثارات الحسين ( عليه السلام ) وهو مصلح البشرية جمعاء، ويكون شعار ثورة الامام الحسين ( عليه السلام ) هو الشعار البارز لثورة الامام المهدي ( عليه السلام ) حيث قال الامام الصادق ( عليه السلام ): لما كان من امر الحسين ( عليه السلام ) ما كان ضجت الملائكة الى الله بالبكاء وقالت: يفعل هذا بالحسين صفيك وابن نبيك؟ فأقام الله لهم ظل القائم ( عليه السلام ): وقال: بهذا انتقم لهذا.
وتابع: ان لثورة الحسين ( عليه السلام ) رسالة لكل فرد واصل ونسب وعصر، واكبر واعظم رسالة هي الاصلاح في أمة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
وأوضح ان الجميع يتكلم عن فلسفة ثورة الحسين ( عليه السلام ) ولكن لم يتطرق اي احد ويتحدث عن اهم فلسفة ورسالة ارادها الحسين ( عليه السلام ) في نهضته وثورته وهي الاصلاح في امة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فقد صرح بذلك وقال: واني لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي ( صلى الله عليه وسلم ) واريد ان آمر بالمعروف وانهى عن المنكر واسير بسيرة جدي وأبي علي بن ابي طالب عليهما السلام.
وختم الديباجي حديثه بالقول: نحن لدينا القائد والمتحدث والمعلم ولكن لدينا المصلح في الاسلام الذي يقوم بإصلاح امور المسلمين والوحدة بينهم، فالحسين ( عليه السلام ) بقيامه وثورته يدعو الناس الى نبذ الطائفية والفرقة والاختلاف بين المسلمين ونبذ العوامل الفكرية والبيئية والخارجية التي تؤدي بالامة الى التمزق والتبعثر والتشرذم، بل والى التكفير، واشهار السيوف واراقة الدماء واستباحة المحرمات، لذا يجب ان نحافظ على وحدتنا وعدم التفرقة وننضم جميعا تحت راية رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والذي كان هدفه تكوين مجتمع اسلامي متوحد كجسد واحد، اذا تألم عضو منه تألم سائر الاعضاء له.
الصفحة في ملف ( pdf )