يستذكر الكويتيون بكل الحب والوفاء الذكرى الثانية لرحيل الأمير الشيخ جابر الاحمد ـ رحمه الله ـ الذي انتقل الى جوار ربه في الخامس عشر من يناير 2006.
وسمو الشيخ جابر الاحمد هو الحاكم الثالث عشر من سلسلة حكام آل الصباح الذين ولاهم الكويتيون بمحض ارادتهم امانة الحكم عندما اختاروا صباح بن جابر الاول لهذه المهمة قبل اكثر من قرنين ونصف القرن.
وسموه ـ رحمه الله ـ هو الامير الثالث في عمر الدولة الدستورية التي بدأت بتوقيع المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح على وثيقة الدستور يوم 11 نوفمبر 1962 معلنا بذلك دخول الكويت عهدا جديدا ومرحلة جديدة.
وكان سموه ـ رحمه الله ـ قد تقلد مهام منصبه اميرا للبلاد في اعقاب وفاة سلفه المغفور له الشيخ صباح السالم الذي انتقل الى جوار ربه في الساعات الاولى لليوم الاخير من العام 1977.
ويعود تاريخ تولي سمو الشيخ جابر الاحمد ـ رحمه الله ـ لمسؤولية الحكم في البلاد الى عام 1949 عندما عينه والده الشيخ احمد الجابر الحاكم العاشر للكويت رئيسا للأمن العام في مدينة الاحمدي حيث اثبت حنكة في التصرف والدراية بالأمور والإلمام بالشأن الأمني والشأن الاقتصادي الذي كان متمثلا في الثروة النفطية.
واستطاع سموه ـ رحمه الله ـ في ذلك الوقت ان يحافظ على مصلحة الكويت وأهلها في المفاوضات بين الكويت وشركات النفط الاجنبية.
وفي فبراير 1959 اصدر الشيخ عبدالله السالم مرسوما بتعيين رؤساء الدوائر الحكومية واسندت دائرة المالية واملاك الدولة التي اصبحت وزارة المالية والاقتصاد في يناير 1962 الى سمو الشيخ جابر الاحمد ـ رحمه الله ـ فكان سموه اول وزير للمالية في الكويت.
واختير سموه ـ رحمه الله ـ رئيسا للوزراء في ديسمبر 1965 حيث شكل الوزارة الخامسة في تاريخ الكويت.
وفي 31 مايو 1966 صدر المرسوم الاميري بتعيين سموه ـ رحمه الله ـ وليا للعهد بعد مبايعته بالاجماع في مجلس الامة. وحمل سمو الشيخ جابر الاحمد ـ رحمه الله ـ منذ بدايات استقلال الكويت في عام 1961 قضية الكويت العادلة امام الاباطيل العراقية في ذلك الوقت، حيث دفعت الازمة التي افتعلها حاكم العراق الاسبق عبدالكريم قاسم في 25 يونيو 1961 مع الكويت وبعد استقلالها وادعاءاته الباطلة نحوها ـ دفعت سموه الى تحرك يشمل الدول العربية لشرح قضية الكويت العادلة امام اباطيل حاكم العراق في ذلك الوقت.
فقد ترأس سموه ـ رحمه الله ـ الذي كان رئيسا لدائرة المالية انذاك وفدا غادر البلاد في 5 يوليو 1961 لزيارة الرياض حيث اجتمع بالملك الراحل سعود بن عبدالعزيز وشرح له قضية الكويت، كما زار الوفد مصر واجتمع بالاسكندرية مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بقصر المنتزه بالمعمورة كما سافر الوفد الى السودان ثم ليبيا في 15 يوليو من ذلك العام وبعدها تونس في 18 يوليو والمغرب ومنها الى لبنان وبعدها عاد الوفد الى الكويت في 26 يوليو.
وكانت زيارة الوفد بفضل ديبلوماسية سمو الشيخ جابر الاحمد ـ رحمه الله ـ ناجحة، واكدت مواقف الدول العربية وتأييدها لقضية الكويت العادلة. واستطاع سموه خلال الاعوام الـ 28 التي قضاها في سدة الحكم ان يوثق ويزيد من العلاقة العفوية الوثيقة بين الحاكم وشعبه وذلك من خلال الرعاية الابوية التي خص بها سموه ابناءه المواطنين بمختلف فئاتهم على اساس المساواة الكاملة بين الجميع شبابا وشيبا، رجالا ونساء واطفالا.
وشهدت سنوات حكم سمو الشيخ جابر الاحمد - رحمه الله - كثيرا من الصراعات والاحداث في المنطقة، وكان الشغل الشاغل لسموه اهل الكويت، حتى اثناء المحاولة الدنيئة لاغتياله والتي جرت في 25 مايو 1985 على يد عصابة من الارهابيين.
وفي عهد سمو الشيخ جابر الاحمد ـ رحمه الله ـ تطورت الكويت في مختلف المجالات وفي جميع مناحي الحياة واصبح لها وزنها وثقلها الدولي سياسيا واقتصاديا رغم صغر مساحتها وقلة عدد سكانها، حيث وصلت مشروعاتها التنموية ومساعداتها الانسانية لمختلف قارات العالم. وجاء الاحتلال العراقي الغاشم في الثاني من اغسطس 1990 ليهدم كل ما بني في الكويت عبر السنين.
وكما قاد سمو الشيخ جابر الاحمد ـ رحمه الله ـ الكويت في السلم دافع عنها في الحرب وكله إيمان بأن الكويت سترجع لأهلها، واستطاع سموه بفضل من الله ثم بحنكته وتعاون ومساعدة الاشقاء والاصدقاء تحرير الكويت من دنس العدوان العراقي الغاشم.
وبفضل سياسة سموه الحكيمة عادت الكويت الى اهلها لتنهض وتواصل مسيرة الخير والعطاء من جديد وتبني وتعمر ما دمره العدوان.
لقد لعب سموه دورا بارزا على الصعد الخارجية اقليميا وعربيا واسلاميا ودوليا وهو دور مشهود لمسته الشعوب قبل القيادات في صورة انجازات لا تنكر.
وجاءت فكرة انشاء مجلس التعاون الخليجي ليضم دول الخليج الست احدى علامات وسمات اهتمامات سموه ـ رحمه الله ـ بالجانب الاقليمي المحيط بالكويت بصورة خاصة وبدول الخليج العربي بصورة عامة.
وعلى الصعيد الدولي فلم يكن سمو الشيخ جابر الاحمد اقل نشاطا واهتماما بهذا الجانب الذي يشمل التعاون مع دول العالم من خلال الجمعية العامة للامم المتحدة التي حرص سموه على حضور اجتماعاتها من منطلق انه مكان تجتمع فيه الدول على قدم المساواة وتسعى متآزرة لاقامة الحق والعدل ونصرة النظام والامن وتحقيق الخير والسلام.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )