أسامة أبوالسعود
اكد وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية د.عادل الفلاح ان ملتقى تنادي الحضارات الثالث تحت عنوان «الهوية الكونية.. جسر للتواصل الحضاري» هو الملتقى الثالث من نوعه الذي تقيمه الوزارة ممثلة في قطاع العلاقات الخارجية، لاسيما من حيث طبيعة تنظيمها والأطراف المتحاورة فيها، والغايات والأهداف المرجوة منها في مجال التقارب والتفاهم والحوار الحضاري.
وأوضح د.الفلاح، ضمن الملتقى الثالث لمشروع تنادي الحضارات في الجلسة الخاصة للمهتمين والمختصين التي أقيمت أول من أمس على مسرح مكتبة البابطين المركزية، ان هذا الملتقى يعقد بعد ورشة العمل الأولى التي جمعت نخبة من المفكرين والمستشرقين ضمن مشروع «صلة» وذلك للتباحث والتدارس والتوافق على إيجاد ميثاق شرف ينمي العمل الاستشراقي، ويجعله رافدا من روافد التواصل الحضاري بين المسلمين وغيرهم، مشيرا إلى أن ذلك يدل وبقوة على أن عقلاء العالم متفقون على ضرورة إيجاد مناخ ثقافي وفكري جديد يمهد لتأصيل مفاهيم التواصل والتقارب والتعايش، مؤكدا أنه سيكون لذلك فائدة كبيرة على العديد من المقولات والتصورات، وفي مقدمتها محور ندوة «الهوية الكونية»، فهو من المفاهيم المحتاجة إلى كثير من البيان والتوضيح.
وتابع: ان المتأمل في موضوع «الهوية الكونية.. جسر للتواصل الحضاري» يقف على معطيات حاسمة، لعل أهمها:
٭ لا قوة ولا اعتبار لمفاهيم التعايش والتفاهم والحوار بين الشعوب والحضارات ما لم تتأسس على قواعد ثابتة من الاخوة الإنسانية والوحدة البشرية التي تمثل أساس الهوية الكونية.
٭ ان ما يشهده العالم اليوم من صراعات وحروب واحتكاك حضاري سلبي قائم على الكراهية والعنف والتشويه والإساءة والإقصاء يعتبر حجة قوية على حتمية الحوار الحضاري وضرورته الواقعية وأولويته الاستراتيجية.
٭ لقد صارت قاعدة ذهبية في الحضارة الإسلامية، تلك المقولة التي أطلقها الإمام علي رضي الله عنه حين جعل الأخوة متجاوزة للقرابة، ومتحدة بأخوة الإنسانية، وذلك في قوله «الناس إما أخ لك في القرابة أو أخ لك في الخلق»، هذه الأخوة الثانية، إضافة إلى العديد من النصوص في هذا المجال، هي التي نحتاج اليوم إلى إبرازها والتأكيد عليها، والانطلاق من مقتضياتها في التعامل مع «الهوية الكونية»، وإشهاد العالمين على أن الإسلام يمتلك مخزونا معرفيا وقيميا من شأنه أن يثري حركة التنوير الإنساني.
٭ ان الكسب الحقيقي للإنسانية اليوم لا ينحصر في المنجزات المادية التي بلغت حد المعجزات في العلوم والتكنولوجيا، إنما يتقوم الكسب الحقيقي للإنسانية فيما تضيفه إلى النوع البشري من وعي بذاته وهويته الكونية. وأوضح د.الفلاح ـ في الملتقى الذي أقيم لمدة يوم واحد فقط ـ انه من المؤكد أن الاشتغال بمثل مفهوم «الهوية الكونية» من شأنه أن يدعم هذا التوجه، إيمانا منا بأن الحوار الحضاري الهادف إلى الوحدة الإنسانية في المنشأ والمصير والعمران يبقى هو مستقبل مختلف الشعوب والأديان والطوائف والمذاهب والحضارات، لأنه ضامن أمانها ومحقق تعايشها وسبيل سلامها.
وزاد: إننا لا نريد لمثل هذه الندوات النوعية أن تتوقف عند حدود التحسيس بأهمية مفهوم «الهوية الكونية» ودوره في مجال الحوار الحضاري أو التنصيص على ضرورته وكونه الخيار المستقبلي الوحيد القائم على الحكمة والعقل والرشاد، إنما نأمل في أن تتواصل هذه الندوات محليا وعالميا، وأن يتنادى إليها مختلف القيادات الفكرية والسياسية والتربوية والاقتصادية.