شروق صادقي
جون كيتنغ
اكد وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير ان الازمة في العراق لاتزال «من أخطر الازمات في العالم وتنطوي على مخاطر جمة للشرق الأوسط والمجتمع الدولي بأسره».
وقال كوشنير في حديث خاص لوكالة الانباء الكويتية (كونا) قبل توجهه الى الكويت للمشاركة في الاجتماع الموسع لدول جوار العراق اليوم انه «ليس بوسع أحد البقاء غيرمبال ازاء الاوضاع في العراق، وحل هذه الازمة يتطلب حشد كل الطاقات».
وفيما يتعلق بالاجتماع الذي تستضيفه الكويت عبر الوزير الفرنسي عن ارتياحه لوجود «عملية تقوم بها دول جوار العراق وهذه ديناميكية متجددة للحوار الاقليمي»، مؤكدا ان الدعم الكامل والصادق من قبل بلدان المنطقة للاسهام في استقرار العراق واعادة اعماره «هو امر اساسي من وجهة نظري».
وحول ما اذا كان يرى تقدما ملموسا من النواحي السياسية والامنية والاقتصادية أو من ناحية المصالحة الوطنية في عراق اليوم، قال كوشنير ان المؤتمر الاول لدول الجوار والذي عقد في شرم الشيخ خلال مايو 2007 قام بانشاء ثلاث مجموعات عمل بشأن الطاقة واللاجئين والأمن مبينا ان تلك اللجان عقدت اجتماعات عمل لاحقا في اسطنبول وعمان ودمشق ورفعت توصياتها الى المؤتمرات الوزارية.
واضاف «يجب الان أن تصل هذه العملية الى نتائج واقعية وملموسة، وعلى سبيل المثال بشأن أمن الحدود والتعاون في المجال الأمني ومساعدة مليوني لاجئ وتخفيف الاوضاع الصعبة التي تواجهها البلدان المستضيفة لهؤلاء اللاجئين وهذا في مصلحة الجميع ولصالح استقرار المنطقة كذلك».
وردا على سؤال لـ «كونا» حول وجهة النظر الفرنسية بشأن مساعدة العراق وأي دورمعزز يمكن لفرنسا أن تلعبه الان بعد مرور خمس سنوات على حرب تحرير العراق قال كوشنير انه «في عام 2003 عبرت عن موقفي المعارض لنظام صدام حسين وللحرب لكن علينا ان نصب جل اهتمامنا الان على الاوضاع الراهنة».
واكد ان فرنسا «لن تتوقف عن القول لأصدقائها العراقيين إنه ينبغي لهم أن يبذلوا بأنفسهم أولا الجهود والطاقة اللازمة للشروع في عملية مصالحة وطنية وفقا لمنطق اشراك كل مكونات المجتمع العراقي في اطار مصالحة شاملة وكذلك تحديد تقاسم عادل للسلطات والموارد وهو ما يشكل شروط العودة الى السلم المدني، وأرى ان البحث عن توافق بين كافة مكونات المجتمع العراقي يشكل شرطا مسبقا لابد منه».
واضاف وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير «يمكن للعراقيين ان شاؤوا الاعتماد على فرنسا وكنت قد عبرت في مؤتمر اسطنبول عن استعداد فرنسا لتسهيل المصالحة الوطنية من خلال استضافة فرنسا ان اقتضى الأمر لمؤتمر تفاهم بين العراقيين يكون موسعا قدر الامكان وبعيدا عن التوترات الميدانية».
وتابع ان مثل هذا المؤتمر «يمكن ان يكون على صلة على سبيل المثال برئاسة الاتحاد الأوروبي التي ستتولاها فرنسا اعتبارا من مطلع يوليو المقبل ولمدة ستة أشهر».
وبين ان فرنسا مستعدة من ناحية اخرى وبالتعاون مع شركائها الأوروبيين لدعم الدور الموسع للامم المتحدة ومساندة تنفيذ القرارات الدولية لاسيما القرار 1770 الذي وسع من مهمة بعثة الامم المتحدة لتقديم المساعدة الى العراق وبوجه خاص في الميادين التي تمتلك فيها خبرة كبيرة مثل الحكم الصالح ودولة القانون والتأهيل والتربية والصحة وما الى ذلك «أما فيما يتعلق بالانخراط العسكري لفرنسا فهذا امر غير مطروح لسبب او لآخر».
ومن المقرر ان يعقد كوشنير خلال زيارته الكويت محادثات ثنائية مع نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح وهو ما علق عليه الوزير في حديثه بالقول ان تلك المحادثات المنتظرة «تندرج في اطار تقوية علاقاتنا الثنائية وستتناول الأوضاع الاقليمية والدولية والعلاقات الثنائية الفرنسية - الكويتية».
واوضح كوشنير ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ارسل اخيرا رسالة الى صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد «للتأكيد على رغبتنا في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين كما أنه تطرق فيها للأهمية الكبرى التي نوليها لأمن الكويت». واكد ان فرنسا والكويت «تتمتعان بوجهات نظر متقاربة للغاية ازاء العديد من المسائل وشاركت فرنسا في تحرير الكويت عام 1991 كما ان حوارنا السياسي قديم العهد، وبشكل متواز تشهد مبادلاتنا الاقتصادية والتجارية تقدما».
وقال كوشنير ان الكويت «قامت بتوفير 8.1% من النفط الخام الذي استوردته فرنسا عام 2007 بما قيمته نحو مليار دولار بينما ارتفعت الصادرات الفرنسية الى الكويت بنسبة 23% في عام واحد في الوقت الذي تبدي فيه الشركات الفرنسية اهتماما متزايدا بالآفاق التي تقدمها السوق الكويتية ولاسيما في قطاعات المياه والبيئة والصرف الصحي والطاقة والبنى التحتية الخاصة بالنقل».
وابدى كوشنير رغبة فرنسا في تعزيز العلاقات الثقافية والتربوية القائمة مع الكويت من خلال التشجيع على تعلم اللغة الفرنسية واقامة الشراكات بين المؤسسات الجامعية في البلدين واستقبال الطلبة الكويتيين في فرنسا مضيفا «اعتزم التباحث بشكل ملموس مع الشيخ د.محمد الصباح في الطريقة التي نستطيع بواسطتها احراز تقدم بشان التعاون في هذا المجال».
اما عن دعوته الى عقد مناقشات بشأن لبنان على هامش مؤتمر دول جوار العراق وحول مدى تفاؤله بأنها ستعطي دفعة جديدة لانهاء المأزق اللبناني قال كوشنير «من واجبنا أن نكون متفائلين لكن لا يمكن أن نكون متفائلين بمفردنا ولا أن نكون متفائلين نيابة عن اللبنانيين أنفسهم».
واوضح ان مقترحه «يهدف الى جمع أصدقاء لبنان من أجل اطلاق ديناميكية للحوار نرى انها معطلة حاليا فالخطوط العريضة للحل معروفة وهي تلك المتمثلة في خطة الخروج من الازمة والتي تبناها وزراء الخارجية العرب بالاجماع ودعمها دون تحفظ كل من فرنسا والاتحاد الأوروبي».
واضاف «كما تعلمون لن تتخلى فرنسا ابدا عن لبنان ولا نستطيع القبول بالطريق المسدود الحالي من دون ان نفعل شيئا لذا نسعى للسير قدما بالتعاون مع شركائنا لكن بلوغ حل سلمي لايرتبط بنا فقط اذ يقع على عاتق اللبنانيين أنفسهم عبر دعم شركائهم وتشجيعهم لهم حتى يتفاهموا فيما بينهم في المقام الأول».
وفيما يتعلق بالملف الايراني قال كوشنير ان ايران «تشكل بطبيعة الحال جزءا من الموضوعات الاقليمية التي سأتباحث بشأنها مع نظيري الكويتي ومع الوزراء الآخرين».
وتابع قوله ان انشطة تخصيب اليورانيوم الايرانية «التي تم تطويرها سرا خلال عشرين سنة تقريبا بدعم من شبكة دولية للانتشار النووي ودون وجود هدف مدني محدد أمر يشكل في الواقع مبعثا أساسيا للقلق للمجتمع الدولي برمته».
واضاف ان هذه المسألة «تثير اهتماما بالغا لدى كل من تحاورت معهم والذين أكدت لهم تصميم فرنسا على مواصلة منهج المسارين للجمع بين العقوبات المتزايدة في حال عدم امتثال ايران لالتزاماتها الدولية مع الانفتاح والحوار على أساس وجود عرض سخي من البلدان الغربية لطهران مقابل ايقاف انشطة التخصيب».
ووصل كوشنير الى الكويت امس للمشاركة في أعمال المؤتمر الوزاري الموسع لدول جوار العراق الذي يتوقع ان يشارك فيه ممثلون عن 29 دولة ومنظمة دولية مثل الامم المتحدة ومنظمة المؤتمر الاسلامي وحلف شمال الاطلسي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.
الصفحة في ملف ( pdf )