- دربه الطبيبان نور الدين وكيلي وكان ساعدهما ومعاصراً لما شهده عصره من الأمراض المتفشية حينها
- أدواته الطبية مازالت موجودة ومعروضة حاليا في موقع الصيدلية في كشك مبارك
- عمل في مستوصف دار الاعتماد من 1909 حتى 1918 وكان قد حصل على التوصية بالتجديد أثناءها عام 1914
- والده الملا عبدالله اقتطع جزءاً من منزله لإقامة مسجد عبدالله عبدالإله القناعي في شرق وفي الديوانية أقيمت حلقات تحفيظ القرآن
- نشأ في بيئة دينية حنبلية المذهب ولأسرته جذور في المدينة المنورة وبيتهم دخل في توسعة الحرم المدني
- تم تدريبه على أيدي أطباء المستوصف البريطاني عام 1909 ويصفه الطبيب خالد الجارالله في دراسته البحثية بـ «الفريق الطبي المتكامل»
- عرف علاجات الأمراض ومارس التطبيب العام وخلع الأسنان وتركيب الأدوية
- مستوصف دار الاعتماد عالج آلاف الكويتيين وكان القناعي متدرباً فيه ومزاولاً وذا خبرة
- فيما بعد بذل مجهوداً كبيراً في حماية الكويت من وباء الجديري وقام بنشر ثقافة التطعيم
تنشر «الأنباء» ورقة للسيد مشعل طالب العبدالإله القناعي قدمها أثناء مؤتمر «من الكويت نبدأ والى الكويت ننتهي» الذي انعقد خلال فبراير الماضي في مكتبة البابطين، وحيث كانت جريدة «الأنباء» حاضرة فيه كأحد الرعاة له كمؤتمر وطني يقام للعام التاسع على التوالي، ويتم من خلاله تكريم شخصيات كويتية وطنية قدمت للكويت، فإلى جانب تكريمهم يشمل برنامج المؤتمر عرضا لمناقبهم وآثارهم وما قدموه لبلدهم. د.عبدالإله ابن الملا عبدالله القناعي هو من ضمن تلك الكوكبة التي تم تكريمها باعتباره أول كويتي مارس التطبيب الحديث العام وطب الأسنان، كما مارس الأعمال الصيدلانية، وجميعها خبرات تكونت لديه أثناء عمله مع الأطباء في مستوصف دار الاعتماد البريطاني خلال الفترة من 1909 إلى 1918، حتى قام القناعي في أواخر عام 1919 بداية 1920 بافتتاح أول صيدلية بالكويت في كشك مبارك الصباح، مارس من خلالها تقديم العلاجات للمرضى وتقديم الدواء وكانت بمثابة العيادة الطبية المتكاملة الأولى من نوعها لمواطن كويتي يمارس فيها خبرته الطبية التي اكتسبها وفقا للتطبيب الحديث بالمزاولة. و«الأنباء» تنشر كلمة السيد مشعل القناعي حول مآثر تلك الشخصية ودورها وما قدمته من خدمات علاجية لأهل الكويت في وقت كانت البلاد في أحوج ما تكون إلى تقديم هذا النوع من الخدمات التطبيبية الحديثة والمتقدمة على المجتمع حينها ، وهي معلومات مبنية على الوثائق والمعدات الطبية التي ورثها المرحوم عبدالإله القناعي وما كتبه الباحثون عن أعماله.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..
أما بعد،
بداية نحن سعداء اليوم بأن تتاح لنا الفرصة من خلال هذا المؤتمر المميز في فكرته ، والذي أستطيع أن أصفه بمؤتمر الوفاء لعشاق الكويت.
منهم من ذاب ملحه واختلط بطين أسوارها على مر الأجيال، ومنهم من سال دمه الغالي من أجل ترابها الأغلى، ومنهم من أنكر ذاته في سبيل مجتمعه ونذر نفسه في خدمة وطنه وأهل بلده.
فاستحقوا أن نذكرهم وأن نستذكرهم دائما، وأن نتداول مناقبهم وآثارهم بين الحين والآخر.
لذا فإن من حقهم علينا أن نورث سيرتهم وعطاءاتهم جيلا بعد جيل، ومن العرفان لهم أن ندعوا لهم بالخير وأن يشملهم الله الرحمن برحمته .
الشخصية التي أنا بصدد الحديث عنها.. هي الدكتور عبدالإله القناعي.
فمن هو؟ وكيف كانت الحكاية؟ ولماذا يعرفه المعاصرون له بلقب الدكتور؟
هو عبدالإله بن ملا عبدالله بن محمد بن الشيخ أحمد بن محمد العبدالإله القناعي، ولد في الكويت عام 1890.
نشأ برعاية والده الملا عبدالله ، فتعلم القراءة وختم القرآن وأتقن علوم اللغة العربية فأحب الشعر والأدب وكانت له بعض المحاولات الشعرية ، واطلع على مبادئ الحساب فعرف قيد الحسابات وأصول البيع.
بداية عمل الابن عبدالإله في المستوصف البريطاني
كانت لوالده مكانة كبيرة لدى المعتمدية البريطانية، هذه المكانة الاجتماعية والتاريخية للملا عبدالله العبدالإله، منحت الفرصة في عام 1909 لابنه البكر عبدالإله ذي التاسعة عشرة من العمر حينها للبدء بالعمل في المعتمدية وكان ذلك في يناير1909 وبالتحديد كمساعد للطبيب، كما تشير الوثائق .
عمل عبدالإله ابن الملا عبدالله القناعي في مستوصف المعتمدية البريطانية منذ ذلك الوقت حتى إغلاقه في عام 1918.
ولا بد أن استطرد في هذا الموضع .. لأذكر ما يتعلق بالوضع الصحي وطبيعة الخدمات الصحية بالكويت قبل افتتاح أول مستوصف فيها ألا وهو المستوصف البريطاني، وقبل أن يبدأ عبدالإله بالعمل فيه عام 1909.
الوضع الصحي بالكويت قبل فتح المستوصف في 1904
يقول الباحث في تاريخ الكويت الصحي الطبيب الدكتور خالد فهد الجارالله في كتابه «تاريخ الخدمات الصحية في الكويت منذ النشأة حتى الاستقلال» الصادر في عام 1996 من مركز البحوث والدراسات الكويتية:
لم يعرف الكويتيون الطب الحديث الا في مطلع القرن العشرين عندما عين الإنجليز طبيبا في دار الاعتماد عام 1904 ثم أدخل أطباء الإرسالية الامريكية خدماتهم عام 1910. قبل ذلك اعتمد الكويتيون على التطبيب العربي او الشعبي وعلى تجارب المجربين، فكانت خيارات المريض قديما محدودة، فالمريض عليه تجربة من اشتهر بالطب الشعبي فإذا نفع حمد الله واذا فشل صبر واحتسب، وكان بعض الكويتيين ممن تيسر لهم الحال يسافرون الى الهند للبحث عن العلاج والدواء فإذا لم يفوزوا بشيء رجعوا ورضوا بقدرهم.
مارس التطبيب في الكويت العديد من الفئات، أولها أئمة المساجد وأصحاب المدارس القديمة «الملا أو المطوع» واشتهروا بالرقية. وفئة ثانية هم الحلاقون واشتهروا بالختان والحجامة وقلع الأسنان وفئة ثالثة مارست الطب العربي واشتهرت بتجبير الكسور وعلاج الجروح والكي وفئة رابعه هم العطارون واشتهروا بتركيب الأدوية من الأعشاب والنباتات.
ومن بعض الأسماء التي اشتهرت بالتطبيب – المقصود التطبيب العربي والشعبي - قديما من رجال ونساء نذكر منهم أحمد بن محمد الغانم، حمود الصانع، علي بن فضالة، إبراهيم بن غريب، عبدالرحمن المنيفي، عبدالله الماص، محمد العرادي كما اشتهر منهم الشيخ مساعد العازمي بالتلقيح ضد الجدري وأحمد الهندي بالختان ومن النساء أم حمود العازمية وهيا الناقة وبنت بو طيبان واخريات اشتهرن بالتوليد .
البداية كانت في 1909 والتجديد في 1914 لكفاءته
لذا فإنه ومما سبق نجد بكل وضوح أن الكويت لم تكن تعرف التطبيب الحديث قبل افتتاح المستوصف، كما يسجل من خلال ما سبق للمرحوم عبدالإله القناعي الريادة كأول كويتي امتهن التطبيب الحديث ومارسه واكتسب خبراته بالمزاولة منذ 1909، بانضمامه وعمله مع أطباء مستوصف دار الاعتماد البريطاني .
بل ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فلكفاءته - رحمه الله - تم التجديد له عام 1914 من قبل المعتمد البريطاني شكسبير حتى عام 1918 عندما أغلق المستوصف ومنح على أثرها عبدالإله شهادة خبرة تفيد بحسن أدائه وسلوكه.
التقارير الإدارية عن الوضع الصحي خلال فترة عبدالإله من 1909 إلى 1918
سوف أستعرض الآن وبشكل مختصر ومن خلال ما ذكر في كتاب الدكتور الجارالله السالف الذكر أيضا، ما أورده من معلومات مستقاة من التقارير الإدارية البريطانية المتعلقة بمستوصف المعتمدية البريطانية للفترة التي عمل فيها عبدالإله القناعي في المستوصف من 1909 وحتى 1918، وذلك للتدليل على كم الحالات المرضية وانواع الأمراض التي عالجها المستوصف والتي كان عبدالإله القناعي حاضرا فيها من خلال عمله، متدربا عليها بدعم أطباء المعتمدية الدكتور الجراح نور محمد من الهند ومن ثم الدكتور كيلي، اللذين اعتمداه مساعدا فيها ثم مزاولا لما تعلمه من خلالهما.
تقرير عام 1909
- ٭ لم تكن الصحة العامة جيدة بالكويت هذا العام ، فقد انتشر الجدري وسبب الكثر من الوفيات خصوصا بين الأطفال .
- ٭ عالج المستوصف 5582 مريضا بمعدل 50 حالة يوميا كان بينهم 615 طفلا .
- ٭ السجلات تفيد بأن أغلب حالات المراجعة لأمراض الجهاز الهضمي والديدان المعوية وأمراض العيون والملاريا.
- ٭ تم تطعيم 185 حالة لقاح الجدري فقط رغم انتشاره نظرا لقلة الوعي.
تقرير عام 1910
- ٭ كانت الصحة العامة بالكويت جيدة.
- ٭ استقبل المستوصف من يناير حتى نوفمبر 3745 حالة بمعدل 34 حالة يوميا ولعل سبب الانخفاض يعود إلى نشاط مستوصف الإرسالية الأمريكية «تم افتتاحها في ذلك العام».
- ٭ تم تطعيم 35 حالة .
تقرير عام 1911
- ٭ الصحة العامة كانت جيدة جدا ولم تحدث أوبئة هذا العام.
- ٭ استقبل المستوصف 3426 حالة.
تقرير عام 1912
- ٭ الصحة العامة جيدة والكويت خالية من الأوبئة.
- ٭ عدد المراجعين 3281.
- ٭ تطعيم 5 حالات.
- ٭ تم تطبيق الحجر الصحي بعد إصابة البصرة وبو شهر بالطاعون في فبراير.
تقرير 1913
- ٭ ظهر وباء الجدري منتصف ديسمبر حتى نهاية ديسمبر.
- ٭ عالج المستوصف 3398 حالة.
- ٭ تم تطعيم 172.
تقرير 1914
- ٭ تم علاج 3436 حالة في المستوصف هذا العام.
تقرير عام 1915
- ٭ أمراض العيون الرمد شائعة عند الأطفال منتشرة في سواحل الخليج نتيجة للجهل والغبار والذباب.
- ٭ عالج المستوصف 2831 حالة ويرجع الانخفاض إلى نشاط مستشفى الإرسالية الأميركية.
تقرير عام 1916
- ٭ الأمراض الشائعة هي أمراض العيون الرمد والأمراض المعوية.
- ٭ تم تطعيم 98 حالة
- ٭ هناك 87 حالة ملاريا والحالات بمجملها وافدة من البصرة والبحرين.
- ٭ إجراءات الحجر الصحي تمت بالتعاون مع الشيخ على 30 سفينة وتم رصد حالة جدري في إحداها.
- ٭ رصدت حالة طاعون واحده في المدينة وقد شفيت.
- ٭ عالج المستوصف 2823 حالة.
تقرير عام 1917
- ٭ عالج المستوصف 2615 حالة وتم إجراء 292 عملية وتطعيم 55 حالة.
- ٭ حدث وباء شديد للجدري مع نهاية العام وأدى إلى إزهاق الكثير من الأرواح.
تقرير عام 1918
- ٭ من يناير وحتى 31 أغسطس تم علاج 1714 حالة وكان هناك 155 عملية جراحية و26 حالة تطعيم.
خبرة كبيرة
لذا نجد مما ذكرناه من حقائق كم الخبرة الطبية التي تكونت لدى عبدالإله القناعي والتي أهلته للاستمرار بالعمل في هذا المجال بل وبرع فيه بدليل ما ذكرناه من تجديد الإنجليز له للاستمرار بالعمل عام 1914 أي بعد قضائه للخمس سنوات الاولى.
بعد إغلاق مستوصف المعتمدية في سبتمبر 1918، وجد عبدالإله أنه يجب عليه الاستفادة مما تعلمه من خبرات تطبيبية فكانت بداية فكرة أن يستقل بنفسه في افتتاح عيادة أو صيدلية يمارس فيها علاج مرتاديه وتقديم خدماته في وقت كانت الكويت في حاجة لمثل هذا النوع من التطبيب الحديث.
وهذا ما كان، فقد سافر إلى بومباي إلى التاجر الكويتي المقيم فيها حسين بن عيسى القناعي واستجلب منها ما تحتاجه عيادته من المعدات والأمصال وبعض التراكيب الدوائية والأدوية وتم افتتاح الصيدلية الإسلامية للعلاج وبيع الأدوية أواخر عام 1919 وأوائل عام 1920، والوارد المتوارث بأنه قدم العلاج للشيخ سالم المبارك فوهبه مقرها الحالي في كشك الشيخ مبارك الكبير وأعفاه من دفع الإيجار.
واستمر د.عبدالإله القناعي في تقديم خدماته حتى أواخر الثلاثينيات، وكان أن تأثر نظره وبدأت الدولة بتأسيس دائرة الصحة وبتقديم الخدمات الحكومية فيما بعد.
ريادة وأولوية
لذلك يعد عبدالإله القناعي أول كويتي مارس وقدم الخدمات الطبية العلاجية لأهل الكويت وفقــا للتطبيب الحديث والذي تدرب عليه ومارسه كما ذكرنا عندما انضم للعمـل في مستوصف المعتمدية البريطانية ، كما تسجل له الريادة أيضا في افتتاحه لعيادته الخاصة في إحدى جنبات كشك الشيخ مبارك أواخر عام 1919 بدايات عام 1920، فكانت أول مبادرة خاصة لكويتي في مجال العلاج وتقديم الدواء.
السيرة الكاملة
في عام 2005 صدرت السيرة الكاملة عن عبدالإله القناعي من خلال كتاب ومجهود مميز لمركز البحوث والدراسات الكويتية، من خلال دراسة للباحث د.خالد الجارالله تحت عنوان (دوا خانة).
في تمهيد الدراسة المذكورة يقول د.عبدالله الغنيم رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية ..ما يلي:
إن الباحث «يقصد د.خالد الجارالله» حرص على أن يقدم هذا البحث عن خبرة المواطن الكويتي الذي استطاع أن يفيد كثيرا من خبراته السابقة في افتتاح أول عيادة طبية شاملة يعالج فيها بمفرده الكثير من الحالات المرضية سواء في مجال الطب الباطني أوالجراحي أو طب الأسنان وغيره ، وأن يحتفظ للتاريخ بوثائق تعطي الدلالات الكافية عن مؤشرات الحالة الاجتماعية والصحية والاقتصادية للمجتمع الكويتي آنذاك .. فكان هذا الكتاب «دوا خانة»، وهو من ناحية يعد كشفا جديدا عن مهارة صاحب هذه الصيدلية أو العيادة الشاملة، قبل أن تقوم الكويت بإنشاء المؤسسات الرسمية لعلاج المرضى، ومن ناحية أخرى تعد استكمالا للدراسة التي قدمها الباحث واصدرها المركز عن تاريخ الخدمات الصحية في الكويت من النشأة حتى الاستقلال 1996.
أما الباحث د.خالد الجارالله في كتابه .. «دوا خانه» فيقول: وتأتي هذه الدراسة لتستكمل ما بدأناه من دراسات توثيقية لتاريخ الكويت الصحي، حيث أضاف ظهور وثائق لعبدالإله القناعي ودفاتر صيدليته بعدا جديدا لتجربة وممارسة أحد الرواد الأوائل من رجالات الكويت، هذا الذي مارس المهنة الطبية وأسس صيدلية أهلية لعبت دورا مهما في تقديم الكثير من الخدمات الصحية في حقبة زمنية كانت فيها الكويت في أمس الحاجة إلى تلك الخدمات.
عيادة طبية
ويصف د. الجارالله صيدلية عبدالإله القناعي فيقول: كان مخزن الدواء او الدوا خانه بمثابة العيادة الطبية التي مارس فيها علاجاته طيلة عقد العشرينيات والثلاثينيات من بدايات القرن العشرين.
حيث أضفت خبرة عبدالإله القناعي العملية التي اكتسبها طيلة سنوات اشتغاله في مستوصف المعتمدية (1909-1918) قدرة ومهارة في التعامل مع الحالات المرضية التي شاعت في تلك الفترة، فقد أظهر قدرته في التطبيب ووصف العلاج وتركيب الدواء وصرفه وعلاج آلام الأسنان وخلعها، وإجراء بعض الجراحات البسيطة، وفي تلك الفترة انتشر العديد من الأمراض المعدية، فكانت موجات الجديري الوبائية تعصف بالمدينة تعصف بالمدينة فتحصد الأطفال وبخاصة الصغار منهم.
وكان لعبدالإله دور خلال تلك الفترة في نشر ثقافة التطعيم والوقاية من مرض الجديري إلى جانب جهود الشيخ مساعد العازمي وجهود أطباء الإرسالية الأميركية، فباشر في إحضار الأمصال من التطعيم ضد الجدري من الهند وقام بالإعلان عن تقديم خدمة التطعيم للراغبين من الأهالي والمراجعين بأسعار رمزية.
تدوين علاجات الأمراض
وحول ما وجده د. خالد الجارالله في دفاتر ومدونات عبدالإله للتدليل على الأعمال الطبية التي قام بها القناعي، يقول: فالدفاتر تتضمن تدوينا لعلاجات مرضى وجرحى ومصابين، كما تفيد المقتنيات التي خلفها عبدالإله من الأدوات الجراحية والمعدات التشخيصية قيامه بمزاولة مهنة التطبيب.
ولم تقتصر ممارسة عبدالإله على علاج الأمراض الداخلية والجراحية بل قام بممارسة علاج الأسنان.
فكان بين الأدوية التي سجلها في دفاتره بعض المواد المسكنة والمخدرة التي استعملها في علاج آلام الأسنان، وكان من ضمن المقتنيات التي تركها لأبنائه أسنان كان قد خلعها لبعض مرضاه من الشخصيات المهمة من حكام ورجال بارزين.
طب عام
إن قراءة سريعة للحالات المرضية التي عالجها كما وردت في سجلاته تفيد بوضوح قيام عبدالإله القناعي بعلاج الجروح وإسعاف المصابين ووصف علاجات لآلام وجع الرأس والبطن والأمراض المعوية الطفيلية والحمى والشعب الهوائية وأمراض المسالك البولية وآلام الأطراف وأمراض الأذن والضعف العام وأمراض العيون وأمراض الجلد.
كما قام ببعض الجراحات البسيطة فيما يبدو بدليل اقتنائه أدوات جراحية مثل المشارط والإبر والخيوط والملاقط وغيرها من الأدوات الجراحية.
ويستمر الدكتور الجارالله في كتابه «دوا خانه» في استعراض ما توصل إليه في دراسته عن عبدالإله القناعي ويقول في الجانب الصيدلاني في شخصيته.
لقد تضمنت دفاتر الصيدلية توثيقا لمعرفة عبدالإله بالكثير من الأدوية والتركيبات التي استعملها في تلك الحقبة لعلاج العديد من الأمراض والعلل.
كما تضمنت سجلاته اشارات إلى معرفته لطرق قياس السوائل ووزن الأدوية، ووصف جرعات الدواء، واستعمال المكاييل الصيدلانية لأغراض صرف وتدوين الأدوية في السجلات وكتابعة التعريف بالدواء على العبوات الدوائية، بالإضافة إلى قيام عبدالإله بالأعمال الصيدلانية لتجزئة المحاليل والعقاقير وتحضيرها ومزجها، حيث دون ذلك في دفاتره واحتفظ بمعدات مثل السكاكين والمقصات الحادة لتقطيع المواد الدوائية الصلبة، وأدوات مزج المحاليل والسوائل اللزجة وذلك لغرض تحضير العقاقير بالشكل الصيدلاني المناسب للمرضى.
عبدالإله القناعي فريق طبي متكامل
ويرى د. خالد الجارالله أن عبدالإله جمع في شخصه أعمال الفريق الطبي المتكامل ، فكان الطبيب والممرض والصيدلي والمعلم الصحي في آن واحد. وأن قدراته ومعرفته بفنون التطبيب قد تزامنت مع فترة كانت فيها الكويت في أشد الحاجة إلى من يمارس تلك المهنة ويتحدث بلغة أهلها ويعرف طباعهم وعاداتهم، ولذلك وجد الكثير في شخصية عبدالإله الطبيب والحكيم الذي يرجع إليه عندما يلم بهم أي طارئ أو عارض والصديق الذي يلجأ إليه لطلب الرأي والمشورة.
توفي رحمه الله في مارس 1964 عن 74 عاما.
انتهت شهادة الباحث في تاريخ الخدمات الصحية د.خالد الجارالله بحق الطبيب بالمزاولة عبدالإله القناعي، إلا أن ذكراه وأعماله باقية في ضمير الكويت ومن عاصره وأهلها وأحفاد من حماهم من الأمراض والأوبئة وقدم لهم العلاج.
شكر
في النهاية تتقدم أسرة عبدالإله القناعي بالشكر للسيد عبدالله محمد العبدالإله الذي قدم الوثائق وأخرجها للباحثين، وللسيد محمد الشيباني من مركز المخطوطات والتراث ود.عبدالله الغنيم ود.خالد الجار الله والسيد عبدالعزيز الخطيب من مركز البحوث والدراسات الكويتية على ما قدموه من تحقيق وتوثيق لسيرة وأعمال الراحل، وللأخ يوسف الياسين والأمانة العامة لمؤتمر «من الكويت نبدأ وإلى الكويت ننتهي» وجميع الرعاة للمؤتمر.
رائد الكويتيين الأوائل في التطبيب الحديث
موسوعة الأوائل الكويتية للباحث عادل السعدون، الصادرة عام 2009، بحث مميز ومحقق حول الأوائل والمبادرين الكويتين ذكر فيه ريادة لافتة للدكتور عبدالإله القناعي في مجال الطب من الكويتيين في عدة مناح.
يقول الباحث السعدون بأن عبدالإله القناعي هو أول طبيب كويتي مارس المهنة بجدارة دون أن يكون مجازا طبيا ، وأن البداية كانت عندما عرض عليه العمل مساعدا لطبيب مستوصف المعتمدية البريطانية في 31 يناير عام 1909.
وأضاف أن القناعي افتتح فيما بعد أول صيدلية أهلية بالكويت عام 1919 وكانت بمنزلة العيادة الطبية وليست صيدلية فقط.
ووفقا لما جاء في موسوعة الأوائل الكويتية يسجل لعبدالإله القناعي أنه:
٭ أول طبيب كويتي بالمزاولة، مارس التطبيب الحديث.
٭ أول ممرض كويتي مارس المهنة بالخبرة التي تدرب عليها مع أطباء المعتمدية البريطانية.
٭ أول كويتي يفتتح ويؤسس أول صيدلية أهلية وكانت بمنزلة أول عيادة خاصة يفتتحها مواطن كويتي ويمارس فيها العمل بنفسه.
٭ أول من وثق أسعار الأدوية وتكاليف الدواء والمعدات الطبية والجراحية ووثق الأصناف والأشكال الصيدلانية للدواء.
٭ أول من وثق الكلمات والمصطلحات ذات العلاقة بالممارسة الطبية وكذلك توثيق الأمراض الشائعة في الكويت قديما.
وفي تحقيق للباحث محمد بن إبراهيم الشيباني حول وثائق عبدالإله القناعي نشر في جريدة القبس عام 2001 رأى فيه الباحث ان اول صيدلية بالكويت كانت لعبدالإله القناعي في تصحيح تاريخي لبعض المعلومات التي كانت دارجة، وأن عبدالإله أيضا كان أول كويتي مارس علاج الأسنان و خلعها بالإضافة للمجالات الطبية الأخرى، وأن ثاني صيدلية تم افتتاحها فيما بعد لمواطن كويتي كانت للمرحوم عبداللطيف الدهيم عام 1927.
عبدالرحمن عبدالإله عبدالله القناعي آخر الأبناء
بعد حضوره المؤتمرالذي شهد فيه تكريم والده و ذكرت فيه مناقبه توفي آخر أبناء الدكتورعبدالإله، وهو عبدالرحمن عبدالإله القناعي بعد اسبوع من تلك الاحتفالية عن 86 عاما، وكان قد ظهر رحمه الله في المؤتمر من خلال بث مصور روى خلاله علاقة الصداقة التي ربطت بين والده وبين الشيخ عبدالله السالم وبعض الأحداث، كما تعرض لبعض ذكرياته مع والده أثناء مصاحبته له في الصيدلية.. وأحداث تعلقت بحملة والده الصحية لتطعيم أهل الكويت من وباء الجدري، وذكر قصة طريفة عن الفداوي الذي بعثه الشيوخ مع والده لكي يساعده في إقناع بعض الذين لايرغبون في التطعيم ضد وباء الجدري، وكيف أنه ووالده كانوا يترقبون المارة في دروازة العبدالرزاق لكي يقوموا بدعم من وجود الفداوي معهم في تسهيل مهمتهم في تطعيم المارة من ذلك الوباء الفتاك، بسبب قلة وعي البعض وتخوفهم من التطعيم، وانهم قاموا بتطعيم أعداد مهولة من أهل الكويت في تلك الحملة، حيث كان والده يستورد تلك الأمصال من الهند .
ويظهر رحمه الله في الصورة التي التقطت بالقرب من الصيدلية بعد تجديدها وافتتاحها في مارس 2011 .
سمو الأمير أعاد افتتاح الكشك والصيدلية عام 2011
قام صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد بإعادة افتتاح كشك مبارك وصيدلية عبدالإله القناعي في احتفال كبير أقيم في مارس من العام الماضي 2011. والصيدلية الإسلامية للعلاج وبيع الأدوية لصاحبها عبدالإله القناعي تفتح أبوابها لزائري الموقع بالمباركية مقابل ساحة الصرافين بمواعيد تم تحديدها من قبل إدارة المتاحف التابعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. حيث بإمكان الزائر لأول صيدلية وعيادة أهلية بالكويت الاطلاع على المقتنيات الأصلية لصاحبها من الأدوات الطبية التي كان يستخدمها في التطبيب أوائل القرن الماضي، بالإضافة إلى دفاتر الحسابات وتوثيق الأمراض وعلاجاتها، ووثائق وشهادات أصدرها المعتمدون البريطانيون له، وبعض المقتنيات الخاصة ومنها إهداء من الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح.
والده الملا عبدالله بن محمد بن الشيخ أحمد القناعي
الحديث عن عبدالإله القناعي مرتبط بشكل أو بآخر بوالده الملا عبدالله العبدالإله الذي ولد عام 1865، أما وفاته فكانت عام 1926 وكان من الشخصيات البارزة في عصره فقد كانت له معرفة بعلوم الدين وهو حنبلي المذهب ومن جذور دينية ومحافظة وبيت علم فجده لأبيه الشيخ أحمد بن محمد العبدالإله القناعي أما جدته لأبيه فهي عائشة بنت الشيخ محمد بن حمد الهديبي من مشايخ مكة المكرمة والمدينة المنورة حيث دفن فيها . وكان الملا عبدالله قد اقتطع جزءا من منزله لإقامة مسجد عبدالله عبدالإله القناعي في شرق والذي مازال موجودا حتى يومنا الحالي، كما كانت تقام في ديوانه حلقات تحفيظ القرآن، وكان الملا حمد محارب المطيري من المعلمين فيها. الدكتور عبدالإله هو الإبن البكر للملا عبدالله وله من الإخوة أحمد ويوسف وحامد وعلي.
عمل الملا عبدالله إبان حكم الشيخ مبارك الصباح في الجمارك وكان ذلك في بدايات تأسيسها ثم انتقل للعمل بوظفية المنشئ العربي الكاتب للمعتمدية البريطانية عندما تم افتتاحها عام 1904، امتدادا للاتفاقية الموقعه بين الشيخ مبارك مع الإنجليز عام 1899. ولكفاءته وخدماته الجليلة تم تكريمه بوشاحين أوسمة ولقبين من قبل ملك بريطانيا وإيرلندا وإمبراطور الهند الشرقية جورج الخامس، اللقب الأول ( خان بهادور ) عام 1914 والثاني بدرجة أعلى وهو (خان صاحب) عام 1918، فكان أول مواطن كويتي يمنح هذه التشريف والتكريم من المقام السامي الإنجليزي، وقد شهد تكريمه في أحد الألقاب حاكم الكويت الشيخ سالم المبارك في حفل دعي له أعيان البلاد وكافة الوثائق المتعلقة بهذا الاحتفال الكبير والكلمات التي تم إلقاؤها تم نشرها بجريدة القبس عامي 2001 و2002، من خلال الباحث محمد بن إبراهيم الشيباني.