- الشمري: مشاريع الثقافة والمعرفة هي التي تغير الصورة النمطية عن نبينا وديننا لدى الغرب
- عبدالمقصود: نصرة النبي صلى الله عليه وسلم تكون بإعلاء سنته واتباع منهجه
- صلاحي: الصوت الذي يتحدث عن الشخصية الصحيحة للنبي صلى الله عليه وسلم في الغرب خافت جداً
- الطريري: ينبغي علينا تجاوز انفعال اللحظة إلى جهد المشروع وتعريف الناس بسيرة نبينا
- يسري: الغرب ليس على درجة واحدة من العداء والغالبية العظمى من دوله تحتاج إلى أن تسمع عن نبينا وديننا
- بطل الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم.. جاسوس إسرائيلي و«حمساوي» سابق
أسامة دياب
أكد وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية د.عادل الفلاح أن الكويت كانت سباقة في التعامل الحضاري والمدروس مع مسلسل استباحة المقدسات الإسلامية، مشيرا إلى أن الوزارة عقدت مؤتمرا بالتعاون مع منظمة النصرة العالمية لتصحيح الصورة النمطية في الإعلام الغربي عن الرسول صلى الله عليه وسلم، موضحا أن المؤتمر جاء بتوجيه شخصي من صاحب السمو الأمير، وأعلن الفلاح خلال ندوة عقدتها الوزارة بالتعاون مع منظمة النصرة مساء أول من أمس عن إنشاء خلية عمل بالوزارة لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم بميزانية تقارب نصف مليون دولار.
في سياق منفصل فجرت التحقيقات المحمومة في الولايات المتحدة حول شخصية صناع الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم، مفاجآت عدة منها، اكتشاف أن فيلم «براءة المسلمين» لم يجر تصويره أصلا، وأنه غير موجود على أرض الواقع، وأن ما جرى تداوله مجرد «تريلر» إعلاني مدته 41 دقيقة، جرى تلفيقه، بتركيب أصوات على صور الممثلين، بعملية دوبلاج رديئة، فيما نشرت مواقع الكترونية ووسائل إعلام امس أنباء تؤكد أن بطل الفيلم المسيء هو مصعب نجل القيادي في حركة حماس حسن يوسف والذي عمل جاسوسا لإسرائيل نحو عشر سنوات بعد ارتداده عن الإسلام واعتناقه المسيحية وكان عمله في الموساد قد أدى إلى مقتل قياديين فلسطينيين منهم الرنتيسي وياسين .
هذا، وشهدت كابول وطهران وإسلام أباد أمس تظاهرات جديدة على الفيلم المسيء للإسلام والرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم التي نشرت في فرنسا. وفيما سعت الأمم المتحدة الى تهدئة غضب العالم الإسلامي عبر الدعوة لرسم حدود لحرية التعبير، أشارت منظمة التعاون الإسلامي أمس الأول إلى انها ستقوم بإحياء محاولات تهدف منذ أمد بعيد إلى جعل ازدراء الأديان جريمة جنائية دولية، لكن من غير المحتمل فيما يبدو أن تلقى المحاولة قبولا لدى الدول الغربية التي تصر على مقاومة فرض قيود على حرية التعبير. وقال أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام للمنظمة انه يجب على المجتمع الدولي «الخروج من مخبئه خلف ذريعة حرية التعبير» في إشارة إلى الحجج الغربية الرافضة لقانون عالمي لتجريم ازدراء الأديان تسعى اليه منظمة التعاون الإسلامي منذ أكثر من عشر سنوات. هذا ورفض قاضى أميركي أمس إصدار قرار يقضي بإزالة مقاطع الفيلم المسئ من موقع اليوتيوب.
وعودة إلى كلمة وكيل "الأوقاف" د. عادل الفلاح، التي ألقاها خلال الندوة التي أقامتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالتعاون مع منظمة النصرة العالمية بعنوان (إلا تنصروه فقد نصره الله) مساء أمس الأول بالقاعة الماسية في فندق شيراتون الكويت وبمشاركة نخبة من العلماء من جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة، فقد شدد الفلاح على ان الإساءة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حدث جلل، ترتعد منه الفرائص وتهتز من وقعه القلوب المؤمنة، موضحا ان الله جعل محبة نبيه صلى الله عليه وسلم وتقديره وإجلاله وتوقيره مقتضى عظيما من مقتضيات الإيمان، بل لا يصح الإسلام إلا به، فهذه المحبة من أعظم أصول الإيمان ومسائل العقيدة وقطعيات الدين التي لا يمكن لمسلم ان يتهاون فيها أو يتساهل بحقها، مشيرا الى انه من الطبيعي ان يستنكر المسلمون وتثور الشعوب جراء هذا الفعل الشنيع الهابط وان يغضبوا لأن الغضب مشروع بميزان الأحكام الشرعية المقررة ليكون وفق الهدي النبوي وبصورة سلمية حضارية لا تؤذي الآخرين ولا تنتهك حرمة أو تريق دما أو تنقض عهدا، حتى تكون غضبتنا للنبي صلى الله عليه وسلم شرعية ومعتبرة.
وأوضح الفلاح ان من أهم الاحكام الشرعية التي يجب أن تحكم غضبنا حفظ العهود والمواثيق وحماية السفراء والتجار وغيرهم ممن دخل بلادنا وعاش بيننا بميثاق أو عهد، فقد قال صلى الله عليه وسلم «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة 40 عاما» أخرجه البخاري، كما نهى نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم عن قتل الرسل حتى لما جاءه رسولا مسيلمة الكذاب مدعي النبوة وقالا بمثل قول الكذاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما»، قال ابن مسعود «فمضت سّنة ان الرسل لا تقتل».
وتابع: ألم يأن لنا أن يقود الفعل الحضاري الوسطي الراشد ردات الفعل المنفعلة والثائرة، بحيث ندرس الحدث ونستثمره لصالح المسلمين ونوظفه ضد غيرهم من مثيري الفتن بفعل حضاري يقيم الحدث ويضع التصور المجدي للتعامل معه وألا تترك الأمور للشعوب المندفعة التي يقودها الغضب الثائر، فتقع أخطاء لا تقرها شريعتنا ولا يرتضيها رسولنا صلى الله عليه وسلم.
وبين الفلاح: اننا في الكويت، من خلال وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، كنا سباقين الى التعامل الحضاري المدروس مع مسلسل استباحة المقدسات، فكنا أول من نادى واستضاف ودعم وساند بقوة المسار الاستراتيجي لمنظمة النصرة العالمية لتكون خطوات نصرة النبي صلى الله عليه وسلم وفق رؤية حضارية مدروسة لا تعتمد ردة الفعل، ولذلك استضفنا أول ورشة عمل للخطة الاستراتيجية العامة للمنظمة في الكويت، كما استضفنا المؤتمر العالمي الثاني للمنظمة واجتماع مجلس أمنائها بالاضافة الى استضافة أربعة اجتماعات للمكتب التنفيذي أسفرت عن قرارات عمل ومشاريع وورش عمل لآليات نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم إعلاميا واجتماعيا وشرعيا وغيرها من الانشطة، كما شاركنا المنظمة في عقد مؤتمر في هولندا يساهم في تصحيح الصورة النمطية في الإعلام الغربي عن الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك كله بتوجيه شخصي من صاحب السمو الأمير.
وقال الفلاح: نعاهد الله تعالى ألا ندخر جهدا أو نضن بوقت أو مال في دعم أي جهد حضاري يذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويظهر القيم العليا في شخصيته ورسالته وشرعته الى الناس كافة ونتعاون مع الجهات والهيئات التي تدعم التوجهات الوسطية المعتدلة، داعيا العلماء والمفكرين لاسيما من لهم صلات ووشائج بغير المسلمين أن يتواصلوا معهم تواصلا حضاريا يدعون من خلاله الى ضرورة احترام مشاعر المسلمين فيما يتعلق بمقدساتهم وعدم المساس بها لأن احترام شعائر الآخرين مما أقرته شرائع السماء وقوانين الارض، داعيا الشعوب الاسلامية الى تفويت الفرصة على المغرضين الذين يهدفون الى زرع بذور العداء في المجتمع الانساني بين المسلمين وغيرهم من أتباع الحضارات والديانات، مشيرا لقناعته التامة بأن المنصفين من غير المسلمين لا يقبلون بالإساءة لمقدسات المسلمين أو ثوابتهم.
وأعلن الفلاح أن مجلس الوكلاء بالوزارة قرر إنشاء خلية عمل لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم والذب عن عرضه بميزانية تقارب النصف مليون دولار لتنفيذ المشاريع المتعلقة بالنصرة.
ومن جهته أكد الأمين العام لمنظمة النصرة العالمية د.سالم الشمري ان النصرة مبدأ قرآني محكم وفعل ابتدائي يقتضيه الايمان والحب، وفعل استراتيجي عميق ومستمر وليس رد فعل طارئا، داعيا لضرورة بناء الجسور مع المؤسسات الغربية التي وقفت مع قضايا العرب والمسلمين.
واشار الشمري لضرورة تخفيف حدة الخلافات التي تعصف بالصف الاسلامي حول القضايا الفرعية والاجتهادية، مشيرا الى ان الاجتماع على المحكم من الدين هو عصمة من الخلاف المذموم، مشددا على ضرورة تقديم صورة واضحة وصحيحة عن الاسلام لغير المسلمين.
وشدد الشمري على ان النصرة الشاملة انما تكون بنصرة دين الله وانبيائه ورسله جميعا عليهم الصلاة والسلام ونصرة الصحابة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وآل البيت رضي الله عنهم اجمعين والاقتداء باخلاقهم وسلوكياتهم جميعا، داعيا الدول الاسلامية والمؤسسات والجمعيات الى تقديم النموذج الصادق المعبر عن الانتماء بالاتجاه الى البناء والتنمية والعدالة والحرية المسؤولة وابراز المضامين الاخلاقية والانسانية والحضارية لرسالة الاسلام والقيم العظيمة التي جاء بها.
واعرب عن اسفه لحالة التردد في التعامل مع المشروعات الحضارية، بينما يعتمد عليها الغرب اعتمادا كليا، موضحا ان مشاريع الثقافة والمعرفة هي التي تغير الصورة النمطية لدى الغرب عن نبينا وديننا، مشيرا الى ان دعم التعليم الاسلامي في اوروبا واجب شرعي، مستعرضا مع الحضور عددا من مشاريع النصرة مثل كتيب عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ترجم بخمس لغات ووزع في مونديال جنوب افريقيا واولمبياد لندن، افلام وثائقية قصيرة ومعارض في مجمعات تجارية كبيرة في الغرب.
ومن جهته اكد استاذ جامعة الازهر الشريف د.محمد عبدالمقصود ان نصرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم تكون باعلاء سنته واتباع منهجه، موضحا انه لو اننا كلما هوجم النبي صلى الله عليه وسلم تمسكنا بمنهجه لكان ذلك غاية النصرة.
وشدد على ان احياء ما امات الناس من سنة المصطفى والسبيل الوحيد لتفادي غربة الاسلام، لافتا الى انه علينا بذل الجهد الكبير في نشر سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فالذين يعادون الرسول يعادونه لما جاء به من منهج قويم هو الصراط المستقيم.
وبدوره اكد د.عادل صلاحي مؤلف كتاب النبي الانسان ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يحزن من اساءة الاخرين اليه ولكن حزنه كان اشفاقا على قومه من سوء المآل، مشيرا الى ان التطرف موجود في كل المجتمعات ولذلك يجب ان نعرف كيف نتعامل مع المجتمع دون ان نحمله وزر التطرف.
وبين صلاحي ان الشعوب الاوروبية غير متدينة ولكن الاحتكاك يولد ثقافة التقبل والثقة والاعجاب باخلاق المسلمين ويغير نظرتهم.
لنا، بالإضافة الى انهم لا يفهمون احترام المسلمين لنبيهم، وبالتالي لا يقدرون ردة الفعل على الإساءة له، معربا عن أسفه، لأن الصوت الذي يتحدث عن الشخصية الصحيحة للنبي خافت جدا، وعلينا ان نبذل جهودا كبيرة لإيصال هذا الصوت بالصورة الملائمة وتقويته، شريطة ان نعرف طبيعة المجتمع المستهدف ومكانة الفرد فيه، استخدام الخطاب المناسب، تنوع الأساليب بالإضافة لمعرفة مدى تأثير الجالية المسلمة في المجتمع.
من جهته، أكد استاذ السيرة الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن سعود، د.عبدالوهاب الطريري ان أهمية الملتقى هو انه جمع القيادات العلمية للخروج برأي رشيد لتقليل حالة الانفعال وتوجيه الفعل وردة الفعل.
وأوضح الطريري تفهمه لانفعال المسلم تحت وطأة التهاب حبه للرسول صلى الله عليه وسلم الذي أحبته مظاهر الطبيعة، فكل مؤمن يعتقد يقينا ان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم هو الذي فتح أعيننا وكانت عمياء وآذاننا وكانت صماء ولولاه لكنا في جهنم وبئس المصير، إلا اننا لا يجب ألا نزايد على حب الصحابة رضوان الله عليهم له، مستعرضا عددا من المواقف التي ضبط فيها الصحابة غضبهم وانفعالاتهم عند الإساءة للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنهم كانوا أتباعا راشدين للرسول صلى الله عليه وسلم.
وأشار الى انه ينبغي علينا تجاوز انفعال اللحظة الى جهد المشروع وتعريف الناس بسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم، معترفا بتقصير المسلمين في إبلاغ سيرة النبي للعالم.
بدوره أكد أستاذ جامعة الأزهر الشريف وعضو المكتب التنفيذي في منظمة النصرة العالمية د.محمد يسري ان الصورة الذهنية لدى الغرب عن النبي صلى الله عليه وسلم آيلة للانحسار حيث زاد عدد الطلاب الغربيين الذين يتعلمون اللغة العربية أو يدرسون الدين الإسلامي، بالإضافة الى تنامي الاهتمام بالإسلام في الجامعات الغربية، موضحا ان الغرب ليس على درجة واحدة من العداء، والغالبية العظمى من دوله تحتاج الى ان تسمع عن نبينا وديننا بصورة صحيحة.
وأشار يسري الى ثلاثة محاور في التعامل مع الإساءة لنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: الأول ان الأصل فيها ان تهمل وألا تسوق فذكرها سبب في نشرها، مستعرضا عددا من المقترحات لمواجهة الإساءة منها العناية بإنتاج الكتب الإسلامية بعدة لغات، إنشاء مراكز الترجمة العالمية للقرآن الكريم والمراجع، إهداء مكتبات متكاملة للجامعات الغربية وتشجيع إنشاء مراكز تعليم اللغة العربية بتراثها وحضارتها، ثانيا التصدي للشبهات عن طريق إنشاء منظمات عالمية للدفاع عن الأنبياء وتبني الرد المباشر والمناظرة وتنظيم الحملات الإعلامية واستخدام كل جهد ديبلوماسي، اما المحور الثالث فيتعلق بالعمل الجاد والسعي الدؤوب لتطبيق شريعة الإسلام.
وفي الختام قدم الأستاذ بكلية الشريعة د.علي العنزي مقامة أدبية جمع فيها بين الشعر والنثر مستوحاة من عنوان الندوة، حملت عنوان «عقد الولاء في نصرة سيد الأنبياء».