ضاري المطيري
أوضح الداعية مشاري الخراز أن للإنسان رغبات كثيرة يحرص على إشباعها كرغبة اقتناء المال والزوجة وتقبيل الأولاد والأكل والشرب، لكن أعظمها رغبة العبادة مدللا على ذلك بأن غالب البشر كانوا يتعبدون لله ويتعبدون لغيره من النجوم والشجر والحجر، فحري بالمسلم أن يفرغ هذه الرغبة رغبة العبادة في الصلاة وإطالة السجود والركوع فيها، كان ذلك في محاضرة بعنوان «كيف تتلذذ بالصلاة؟» أقيمت مساء اول من امس في المسجد الكبير بعد صلاة المغرب مباشرة كحلقة ثانية من حلقتين متتابعتين، وقد كان الحضور حاشدا، حيث امتلأ المسجد الكبير وبدأ الناس يتوافدون من بعد صلاة العصر حرصا على حجز أماكن في الصفوف الأولى.
وأكمل الخراز ما ابتدأه في المحاضرة الأولى وهي شرح آيات سورة الفاتحة، وبين أن على المسلم أن يستشعر أنه يخاطب الله في صلاته وقراءته، فتجده يحمد الله ويثني عليه ويمجده ويسأله فيجيبه الله ويعطيه ويمنحه، وأضاف أن قول المصلي «الرحمن الرحيم» هو بمنزلة إجابة تساؤل أحدهم يقول «رب العالمين» هذه الربوبية ربوبية قهر وذل أم هي ربوبية رحمة ورأفة؟ فربوبية الله للعالمين إنما هي ربوبية رحمة وليست ربوبية قهر، وأوضح الفروق البديعة بين اسم الله «الرحمن» و«الرحيم» وأن الرحمن هي رحمة واسعة تشمل المسلم والكافر وسائر الدواب بينما الرحيم رحمة خاصة بالمؤمنين كما في قوله تعالى (بالمؤمنين رؤوف رحيم)، وأتبعها بفروق بديعة أيضا بين «مالك يوم الدين» و«ملك يوم الدين» وهما قراءتان صحيحتان توضحان معنيين مختلف أحدهما عن الآخر يحسن على القارئ تدبرهما.
ثم شرع الخراز يشرح قوله تعالى «إياك نعبد وإياك نستعين» موضحا أن كل الرسل بعثوا لتحقيق هذه الآية وهي الدعوة للتوحيد، وساق قصصا لبعض الصالحين الذين كانوا يتأثرون بها، ثم عرض الخراز مشهدا تلفزيونيا لإمام الحرم المكي الشيخ سعود الشريم وهو يبكي عند قوله تعالى «إياك نعبد وإياك نستعين» مؤكدا أن تدبر مثل هذا الآيات لا يقتصر على الأولين فقط فبالإمكان للمسلم أن يتأثر بها إذا قرأها بتأمل وأدرك معانيها.
وذكر تفسير قوله تعالى «اهدنا الصراط المستقيم» وذكر كلام ابن القيم الذي يبين أن في الدنيا صراط إذا التزمه المسلم واستقام عليه سهل عليه بإذن الله الصراط الذي يضرب على نار جهنم يوم القيامة والجزاء من جنس العمل، وذكر أهوال وصفات صراط يوم القيامة من دقته ونحافته والكلاليب التي تحيط به والنار المستعرة من تحته، وبين أننا نسأل الله في قراءتنا للفاتحة أن يجنبنا صراط الضالين الذين يعملون ويتعبدون الله دون علم وعلى غير سنة، وأن يجنبنا كذلك صراط المغضوب عليهم الذي علموا الحق فتركوه ورموه وراء ظهورهم عنادا وجحودا، ثم شرح معنى قول الإمام والمؤتم في صلاته بعد هذا الدعاء في سورة الفاتحة «آمين» أي اللهم استجب.
وبين الخراز أن لكل أية طعما ولذة يجب على المسلم أن يقف عليها ويستشعر معناها، فالإنسان إذا سمع في القرآن أوصاف الله أحب لقاءه وتعلق قلبه به أكثر فأكثر.
ثم شرع الخراز بشرح معاني الركوع وأوضح أن المسلم بتكبيرة الانتقال للركوع فإنه يقطع السرحان لأنه قال الله أكبر فليس شيء في باله وخاطره سوى الله، وبين أن الركوع في خضوع وذلة ومسكنة يجلب الخشوع واللذة كالسجود، فالإنسان يسجد ويركع تواضعا لله فيجزيه الله بالرضى والمغفرة وفي الحديث «من تواضع لله رفعه»، ومعلوم أن السعادة في الرفعة والعلو، فالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) واساه الله حين توفيت زوجته وعمه بأن رفعه إلى السموات، والجنة في أعلى السموات، والجنان تتفاوت بعلو بعضها عن بعض، فالله يرفع المؤمن الذي يتواضع ويخشع ويتذلل ويتضرع له سبحانه.