يحتفل الشعب الايراني والعديد من شعوب العالم هذه الأيام بالذكرى السنوية الرابعة والثلاثين لانطلاق الجمهورية الاسلامية الايرانية والقضاء على الحكم الاستبدادي الملكي.
تأتي هذه الاحتفالات والثورة لا تزال تعيش عنفوان شبابها وعطائها على الرغم من كل محاولات الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة وان أبناء شعبنا بفعل الارادة الصلبة برهنوا من جديد على تفوق امكانياتهم وقدرتهم على الابداع وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
ان سياسة ايران وهي تحتفل بالذكرى الرابعة والثلاثين لانتصار ثورتها بقيادة الامام الخميني الراحل تتمحور على المستوى العملي والميداني في المنطقة في الأولويات التالية.
1 - استتباب السلام والأمن في الجوار الايراني.
2 - توطيد علاقات المودة والصداقة مع العالم الاسلامي لاسيما البلدان المجاورة.
3 - التعاون السياسي والثقافي والاقتصادي مع جميع دول العالم ما عدا الكيان الصهيوني.
4 - المشاركة والتعاون الفعال مع المنظمات الدولية.
ويشكل تعزيز السلام والأمن في الجوار الايراني قلب السياسة الخارجية الايرانية.
إن الجمهورية الاسلامية الايرانية تقع في مركز منطقة حساسة وجيواستراتيجية في العالم وهي من أغني دول العالم من حيث احتياطي المعادن إذ تملك 10 % من احتياطي النفط و15 % من احتياطي الغاز العالمي. وهي همزة الوصل التاريخية بين آسيا واوروبا وتنعم بأكثر طرق الترانزيت امانا وأشدها توفيرا باتجاه آسيا الوسطي والقوقاز ولها شبكات خدماتية وانتاجية واسعة ومتنامية وطاقات بشرية مدربة وتعتبر شريكا اقتصاديا وتجاريا مطمئنا. وان التزامها وحرصها على التعاون الاقليمي وسعيها لتحقيق السلام والامن في المنطقة والعالم يعزز مكانتها وموقفيتها.
ويتم رسم السياسة الاقليمية وفقا لخواص المنطقة الحساسة التي نعيش فيها حيث يكتسب بلدنا اهمية خاصة لوقوعه ضمن بقعة هي عصب الاقتصاد العالمي وأود ان أشير إلى بعض النقاط المهمة في هذا المجال:
أ-علاقاتنا مع البلدان المجاورة لها اهمية خاصة لأن توطيدها ولاسيما مع دولة الكويت الصديقة يقوم على العديد من الاواصر الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والدينية الواسعة.
ان التخويف والتهويل الذي تمارسه القوى الكبرى ضد ايران وجعلها فزاعة لدول المنطقة ما هو الا محاولة لتضليل الرأي العام في حين ان طهران طالما مدت يد الأخوة والمحبة لجيرانها ولم تفكر يوما في الاعتداء على أحد مؤكدة أن تطورها النووي ومنجزاتها العسكرية هي لخدمة دول المنطقة والدفاع عن حياضها ضد أي اعتداء صهيوني قد يخطر على بال المغامرين.
ب- ان مبدأ عدم تجزئة الامن الاقليمي يبدو اليوم واضحا وجليا على مستوى المنطقة وان اعتماد دول المنطقة على بعضها في مختلف الابعاد يجعل استتباب الامن او انعدامه يشمل الجميع، لذلك على جميع دول المنطقة المساهمة في ارساء الاستقرار والامن من خلال التعاون وبذل الجهود.
ج - ان منطقتنا التي ذاقت خلال عقدين من الزمن تجربة حربين مريرتين ضد ايران والكويت هي بحاجة الى مبادرة عاجلة للحد من التوتر وان توفير الامن والاستقرار للمنطقة يمكن ان يتم على احسن وجه بواسطة دولها مما يضمن المصالح المشروعة للمجتمع الدولي إزاء مصادر الطاقة في المنطقة. وعلى هذا الاساس فان دول المنطقة قادرة من خلال تبادل الرأي المتواصل وتكثيف الجهود ان تصل الى ترتيبات امنية مقبولة لكي تستخدم ثرواتها في سبيل البناء والاعمار بدلا من صرفها لشراء المزيد من الاسلحة.
التعايش السلمي في ايران
ان تكريس التعايش السلمي بين أبناء الطوائف والأديان والمذاهب يعتبر سمة بارزة وتجربة غنية تمتاز بها الجمهورية الاسلامية حيث تحتضن أكثر من ربع مليون مسيحي والآلاف من اليهود يعيشون بأمان وسلام في ايران ويتمتعون بكامل حقوقهم المدنية والانسانية والسياسية بالتساوي مع المسلمين، ولهم نواب في مجلس الشورى الاسلامي يعكسون تطلعاتهم وطموحاتهم. إذ نجد في التعامل المتكافئ مع كافة المواطنين دون تمييز حيث يعيشون باحترام.
وهنا لابد من الاشارة الى أن اخواننا السنة يمارسون نشاطهم الديني والاجتماعي بكل حرية وان المنائر الشاهقة للمئات من مساجد أهلنا السنة في المحافظات الايرانية تواصل نشاطها وترفع الاذان حسب الفقه السني الى جانب المعاهد الدينية التي تقوم بتدريس الشريعة الاسلامية حسب الفقه السني.
السياسة الخارجية
في مجال السياسة الخارجية فإن الجمهورية الاسلامية الايرانية انطلاقا من مبدأ رعاية حسن الجوار فقد ركزت على تعزيز العلاقات الثنائية الاقليمية والدولية مع الدول الصديقة لاسيما دول الجوار العربية وفي طليعتها الكويت، وان التاريخ يبرهن على سلامة التعامل الايراني مع بقية الشعوب الصديقة. اننا حينما نقلب صحائف التاريخ لا نرى اي مؤشر يدل على اعتداء ايراني على اراضي بقية البلدان. بينما نرى ان اراضينا قد تعرضت لاعتداءات مكررة من قبل بعض دول الجوار والقوى الكبرى طوال التاريخ.
مكافحة الإرهاب والمخدرات
ان احدى التحديات الهامة لعالمنا اليوم هي مسألة الارهاب، ان الجمهورية الاسلامية الايرانية ومنذ نشأتها تعرضت لاعمال ارهابية داخلية وخارجية وكان العديد من رجالاتها ومواطنيها ضحية هذه الظاهرة النكراء. وانطلاقا من ذلك فإن الجمهورية الاسلامية الايرانية تهدف دوما الى مواجهة هذه الظاهرة المشؤومة بكل اشكالها والتعامل مع اصولها وأسبابها بشكل جذري بعيدا عن التعامل الانتقائي والمزاجي ومن جملة القضايا الدولية الأخرى هي قضية المخدرات وتبلور الاشكال المتنوعة للاستهلاك وأسلوب المكافحة. ان الجمهورية الاسلامية الايرانية وبسبب موقعها الجغرافي (مجاورتها للدول الرئيسية المنتجة للمخدرات ولاسيما افغانستان) فقد تحملت تكاليف باهضة بشرية ومالية في سبيل مكافحة عصابات التهريب وتوزيع المخدرات في حين انها لم تتلق الدعم الدولي المتناسب مع حجم المخدرات المهربة وأساليب عصابات وتجار الموت الحديثة.
الطاقة النووية
في مجال الطاقة النووية فإن الجمهورية الاسلامية الايرانية ترى ان الاستخدام السلمي للطاقة الذرية هو حق لا رجعة عنه لكل الشعوب ويجب ألا تستأثر به الدول المتسلطة والمهيمنة. ومن هذا المنطلق باشرت طهران وتحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاستثمار السلمي للطاقة النووية. ان استئثار بعض الدول في هذا المجال أدى الى فرض ضغوط سياسية وغير منطقية للحيلولة دون حصول الدولة المستقلة على العلوم والتقنيات الذرية السلمية ومارست أساليبها بالتطميع والمقاطعة ضد طهران، ومع تأكيد ايران المتواصل على الاستخدام السلمي لهذه الطاقة وتأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية على عدم انحراف البرنامج النووي الايراني فإن عددا من الدول حاولت تسييس الملف الايراني بغية حرف الرأي العام العالمي وأصرت على استئثارها بهذه التقنيات.
ان طهران جادة في إزالة القلق والشكوك التي تساور بعض الدول وقد برهنت على حرصها على بناء الثقة وحسن النية ومواصلة مشاريعها السلمية. ان ايران ومن خلال منطلقاتها الدينية ترفض المجازر والقتل دائما وتؤكد على عدم وجود السلاح النووي في خططها الدفاعية والعسكرية وطالما طالبت بنزع السلاح النووي من المنطقة والعالم بأسره وتخليصه من أسلحة الدمار الشامل، وان فتوى قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي حول تحريم استخدام السلاح النووي خير دليل على المنهجية السلمية للجمهورية الاسلامية.
دور الجالية الايرانية في بناء دولة الكويت الحديثة
ساهمت الجالية الايرانية في بناء دولة الكويت الحديثة وكان لها الدور الأساسي في مجالات الاعمار والبناء والانشاء حيث عكس ذلك مدى التلاحم الموجود بين الشعبين الجارين المسلمين.
ان قدوم المئات من العوائل الايرانية الى الكويت ودورها في التطور الحضاري والعمراني طوال السنوات الماضية أمر لا ينكر، ويتواصل عطاء ابناء جاليتنا اليوم في هذا البلد الطيب حيث يعملون بكل اخلاص وتفان وكأنهم يخدمون بلدهم الثاني ايمانا منهم بالروح الاسلامية والأخوية التي تجمع شعبينا وبلدينا.
السياحة الكويتية في ايران
تضاعفت خلال الأشهر الاخيرة زيارات المواطنين الكويتيين الى المدن الايرانية لاسيما الى مدينة مشهد حيث تنشط السياحة الدينية والعلاجية. ان ايران تتمتع بالفصول الاربعة طوال العام وهذا ما يستقطب السواح والزائرين من دولة الكويت وذلك بسبب اجواء الطبيعة الخلابة والمزارات الدينية العديدة.
التطور العلمي والتقني في ايران
حققت الجمهورية الاسلامية الايرانية خلال السنوات القليلة الماضية تطورات مذهلة في المجالات العلمية والتقنية كانت بمثابة نقلة نوعية أنجزتها طليعة من جيل الشباب نوجزها فيما يلي:
1 - المجلس الوطني الأميركي للمعلومات اعتبر ايران من احدى الدول العشرة في العالم المتميزة في مجال التقدم العلمي والتقني خلال العقدين القادمين مؤكدا ان مصادر الانتاج العلمي في ايران كانت ملفتة للنظر خلال الأعوام الأخيرة.
2 - حصلت ايران على المرتبة 13 بين دول العالم في مجال انتاج العلم حسب تقييم منظمة isi، وان المقالات والابحاث العلمية المقدمة لهذه المنظمة والموجودة على الموقع الالكتروني اسكوبوس وصلت الى 14 الف مقالة.
3 - حصول د.غلام علي بيمان على الميدالية الوطنية الأميركية للعلوم للعام 2013 وذلك بسبب اختراعه تقنية جراحة الليزيك للعين. وقد اختارت الاكاديمية الوطنية للعلوم في أميركا هذا الطبيب الايراني لأهمية اختراعه المذهل الذي أحدث ثورة كبرى في عالم طب العيون وجراحتها.
4 - يتواصل التبادل العلمي والهندسي بين ايران وحوالي 30 دولة في آسيا، افريقيا وأميركا اللاتينية في مجال علوم الجيولوجيا وكشف المناجم، وتقيم المؤسسات الايرانية دورات تدريبية وتأهيلية لتعليم المهندسين في هذه الدول باشراف خبراء ومتخصصين من ايران.
5 - تعتبر ايران من أولى الدول في العالم من حيث انتاج المحاصيل الزراعية المعدلة وراثيا. وقد نجح علماؤنا في التعديل الجيني للرز الايراني المشهور عالميا بنكهته وطعمه المميز وكذلك في انتاج المحاصيل المقاومة للآفات الزراعية والوقاية من الامراض الحقلية ومكافحتها.
6 - التطور العلمي في مجال النانو حيث نجح شبابنا في تقديم اختراعات رائعة كانتاج الواح الزجاج ذات التنظيف الذاتي والذي يستخدم في الابراج العالية التي يصعب الوصول اليها لتنظيفها أو انتاج الاصباغ والدهانات بسرعة تنشيف وجفاف فائقة أو بقية استخدامات النانو في الطب والهندسة وغيرها.
كلمة بمناسبة العيد الوطني الإيراني