آلاء خليفة
قال النائب السابق صالح الفضالة، ان الديموقراطية كانت تقوم على أساس التشاور والأخذ بالرأي والرأي الآخر.
وأشار الفضالة خلال ندوة «مستقبل الديموقراطية بالكويت» التي نظمها مركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية بجامعة الكويت صباح امس، وأدارت الندوة د.مريم الكندري استاذة العلوم السياسية بجامعة الكويت، الى ان النظام الكويتي قد تعلم من الماضي من الدول الشقيقة.
ولفت إلى انه في عهد احمد الجابر تم تشكيل أول مجلس شورى، إيمانا بمبدأ الديموقراطية، مشيرا الى الانتقال الى العمل المؤسسي لقيام الدستور، والتحول الى دولة دستورية يشار اليها بالبنان، وأوضح الفضالة ان الكويت أخذت دستورها من مصر الشقيقة التي لم تستطع تطبيقه في ربوعها خاصة بعد مذبحة الدستور، مبينا ان مجلس الأمة بدأ التردي عام 96 حتى وصلنا الى أسوأ الحالات وأسوأ المجالس عام 2008، ووصفه بانه مجلس عدو لنفسه، وتساءل الفضالة: هل الديموقراطية تتعلق بتعديل الدستور أم الأحزاب أم الدوائر، مشيرا الى قناعته بان جناح الديموقراطية هو الأحزاب ولا توجد ديموقراطية دون أحزاب، فهو ليس ضد الأحزاب ولكنه خائف على الكويت نظرا لوجود دول ضاعت بسبب الأحزاب مثل الصومال.
وأكد ان العراق احتلت الكويت بسياسة الحزب الواحد، مشيرا الى ان الصراع والتأزيم هما ملامح المجلس والحكومة، معربا عن تخوفه من مشاعر الخوف على مستقبل الكويت اثر هذه الاحداث التي تعتبر مرحلة حرجة لم يسبق ان مرت بها الكويت في السابق.
وتساءل: هل الديموقراطية بتعديل الدستور؟ مجيبا: لقد كنت رئيسا للجنة التشريعية في ذلك الوقت الذي اثيرت فيه مسألة تعديل الدستور، وبات واضحا ان تعديل الدستور كان بهدف تكتيف المجلس وان 16 مادة من المواد التي كان سيتم تعديلها أقل مادة فيها ستقيد المجلس ومن ثم رجعنا الى الشارع الكويتي وعملنا على تهييجه حتى تراجعت الحكومة عن تعديل الدستور، وقامت بتشكل لجنة لتنقيح الدستور عام 81.
تعديل الدوائر
وأوضح الفضالة ان تعديل الدوائر جاء بنتائج سيئة وسلبية لاسيما ان الدوائر الخمس حرمت سكان منطقة الجهراء البالغ عددهم اكثر من 400 ألف مواطن من وجود شخص يمثلهم تحت قبة عبدالله السالم، وقال الفضالة ان النظام السياسي بالكويت غير مقتنع بالعمل النيابي، والبلد سيضيع نتيجة وجود مجموعة من النواب يتعاونون مع الحكومة لوأد كل ملامح الديموقراطية ووقف جميع مشاريع التنمية.
واضاف هناك 28 مليارا عرضت خلال اللجنة التشريعية عام 76، مشيرا الى ان حل مجلس الأمة عام 86 جعل الفاجر المقبور صدام حسين ومن تعاون معهم من الاردن والسودان واليمن انه سيتمكن من الحصول على الكويت نتيجة قراءتهم الخاطئة لحل مجلس 86.
ولفت الفضالة الى ان هناك صيحات كثيرة لتعديل الدستور ولكنه متخوف من ذلك حتى لا يكون التعديل بهدف تكتيف المجلس وجعله مجلسا استشاريا.
تطور الديموقراطية
من جهته اشار استاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت د.عبدالله الغانم الى ان جزءا من تطور الديموقراطية يرتبط بالإرث التاريخي للبلد، مشيرا الى ان الارث التاريخي للكويت يتكون من عدة عوامل منها عوامل قوة وأخرى عوامل ضعف، كما لفت الى عدم اكتمال النضج وان من اهم عوامل القوة التي تميز الكويت عن غيرها علاقة الحاكم بالمحكوم والتي بها جزء كبير من الحرية، حيث يتنازل الحاكم عن جزء من الموارد المالية والذي كان واضحا في علاقته بالتجار.
مشيرا الى ان مجلس الشورى كان له دور كبير في تشكيل الديموقراطية وان الانقطاعات السياسية هي من اهم عوامل الضعف الموجودة موضحا ان العامل الخارجي كان له تأثير واضح في ضعف الديموقراطية من خلال الضغوطات الدولية والخارجية التي مورست على الكويت كالاحتلال العراقي الغاشم على الكويت.
ومن جهة اخرى، بين د.الغانم، ان الحراك السياسي يتمثل في وجود مؤسسات مدنية فاعلة، مشيرا الى انه عند زيادة المطالبات السياسية اوضحت ان الحراك السياسي لا يمكن ان يستوعب كل هذه المؤسسات المدنية فأصبح يخدم فئات طائفية وحزبية معينة على حساب فئات اخرى، بالاضافة الى النظام الحاكم، وهو ما اثر بشكل واضح في انحراف مسيرة الديموقراطية ضاربا مثالا على ذلك بانه عندما تم رفض الاستجواب لرئيس مجلس الوزراء خرج عدد من النواب يطالبون بحل المجلس، لافتا الى انه قد تمت معالجة مشكلة الأمية ولم نتمكن من حل المشكلة السياسية.
وفي ذات السياق اكد د.الغانم على ضرورة اعادة تثقيف المجتمع سياسيا حتى يمكن الحفاظ على الديموقراطية وذلك بالبعد عن المجاملات.
المفهوم الحقيقي للديموقراطية
اما النائب على الراشد فاكد ان المفهوم الحقيقي للديموقراطية بات محل نقاش، والكثيرون يتساءلون هل هناك ديموقراطية بالكويت أم لا؟ هل هي كاملة أم ناقصة؟ فضلا عن آراء اخرى تقول انه ليس لدينا ديموقراطية ولكن لدينا حرية.
وأشار الى ان لدينا ديموقراطية في الكويت ولكننا نحاول تحقيق المزيد من الحريات وعلاج بعض سلبياتها واستكمالها كونها غير مكتملة.
ولفت الراشد الى ان الديموقراطية بالكويت لا تتطور الا من خلال قانون ينظم الاحزاب السياسية، مشددا على ان الكويت مازالت توجد بها آليات للديموقراطية لكن تطويرها هو الذي يحتاج الى علاج.
وتابع فإن لدينا أحزابا ولكنها غير مشهرة وتعمل في الظلام وفي السراديب المغلقة، وأحيانا تعلن عن وجودها وتدافع عن أحقية وجودها لكن ما هي وكم عددها وما هي مصادر تمويلها، لا نعلم، مشيرا الى انه مع اقرار قانون لتنظيم الاحزاب ولكن بشكل مقنن وتكون الاحزاب تحت رقابة الدولة للتعرف على مصادر تمويلها.
وأردف قائلا: العم بويوسف قال انه «خايف على الكويت من الاحزاب»، وانا لا ألوم احدا على خوفه على الكويت من الاحزاب وان كنت اخاف عليها الآن من دون احزاب، فالوضع الحالي يشهد انحرافا نحو القبيلة والطائفية والفئوية، ولابد من وضع الية لتصحيح المسار من خلال قانون الاحزاب، لافتا الى انه الحل للخروج من الوضع السياسي الحالي والذي يتسم بالسوء وعدم الاستقرار.
الأحزاب والحياة السياسية
وقال الراشد: فالمواطن عندما لا يحصل على حقه من خلال القانون فسيلجأ الى القبيلة والطائفة وبالتالي لابد من إقرار القانون لمزيد من التنظيم، حتى لا نقلل من تحقيق مفهوم المواطنة وبالتالي يتحول الوضع الى «كارثة» حقيقية.
وشبه الراشد قانون الاحزاب بقانون المرور، فكما ينظم قانون المرور حركة السير والقيادة قانون الاحزاب فان الحياة السياسية بالكويت، وكما يتم توقيع عقوبة على مخالفي قانون المرور فلابد من توقيع عقوبة على كل من يخرج عن تطبيق قانون الاحزاب، موضحا ان الفوضى السياسية الحالية تحتاج الى اقرار القانون بأسرع وقت ممكن.
وقال الراشد: ولقد تقدمت مع اخوة نواب أفاضل بمشروع قانون للاحزاب السياسية، موضحا ان الكويت تتميز بعدد سكان قليل وإمكانيات كبيرة ولا يوجد مبرر واضح للممارسات العبثية التي تشهدها الساحة السياسية في الوقت الحالي والتي أدت الى التناحر وازمة الحوار.
أما فيما يخص الدستور، فقال الراشد: انا مع تعديل الدستور، ونحن في امس الحاجة ولكن في المقابل هناك تخوف من إجراء تعديلات تضر بالديموقراطية نظرا لوجود سوابق سيئة في هذا المجال.
وزاد: ولكن يجب الا يستمر هذا التخوف لأنه لن يتم إجراء اي تعديل يتنافى مع المادة 175 من الدستور والتي تقول لا يجرى اي تعديل على الدستور إلا لمزيد من الحريات، وبالتالي هناك ضمانة بعدم إجراء تعديلات تقيد الحريات الا في حال تم تغيير تلك المادة.
زيادة أعضاء المجلس
ومن ناحية اخرى، أشار الراشد الى اهمية زيادة عدد النواب نظرا لان النواب الحاليين غير قادرين على القيام بواجباتهم على اكمل وجه خاصة ان النائب الواحد يكون عضوا في اكثر من 3 لجان وبالتالي لم يتمكن من القيام بعمله بالكفاءة المطلوبة، لافتا الى ان بعض اللجان في مجلس الأمة اصبحت تستخدم لاحضار الوزراء بهدف تمرير المعاملات داخل مجلس الامة، وهذه مشكلة يعاني منها مجلس الامة.
على صعيد آخر، لفت الراشد الى ان هناك مشكلة في طريقة التعامل داخل مجلس الامة، فالاستجواب اصبح اداة يتباهى بها بعض النواب من اجل عرضها في برامجهم الانتخابية المقبلة، متابعا: حتى يقول انا استجوب الوزير الفلاني، وكلما علت النبرة يعتقد ان شعبيته ستزيد، حتى بات استجواب رئيس الوزراء هدفا لبعض النواب لتحقيق تلك الرغبة، واصبح النائب الذي يقدم مشاريع القوانين نائبا بلا صوت وبلا قيمة وهذا منحنى خطير.
وحذر الراشد من خطورة المرحلة الحالية والوضع الحرج الذي قد نفقد فيه الديموقراطية من خلال المكابرة والمزايدة والشعارات ولا ندرى الى متى؟ مشددا على انه ليس ضد الاستجواب كأداة دستورية بيد النائب لكن لابد من استخدامها بالشكل الصحيح.
كما اكد على ضرورة وضع قوانين لتطوير العمل، ولكن ليس من خلال الطريق الثوري حتى نحافظ على مستقبل ابنائنا وبناتنا، فالحوار افضل وسيلة للتفاهم من خلال الاستماع الى جميع الآراء، مضيفا: يمكن ان اطلق على الوضع الحالي بانه «محبط»، ولكن يجب الا نصل الى مرحلة اليأس، فهذه ديرتنا ولابد ان نفكر في كيف نطورها ونقضي على السلبيات التي تواجهها وان نصلح الأخطاء، فتصحيح الأخطاء ليس عيبا ولكن العيب ان نستمر في ارتكاب الخطأ، فمن لا يخطئ لا يعمل، ولابد ان نبادر جميعا لايجاد حلول لحل تلك الازمة ولانقاذ بلدنا مما هو عليه الان.