- برنامج «الفساد» يعود بحلة متطورة مع السنة الجديدة
أجرى الحوار ـ محمد بسام الحسيني
غادة عيد من أكثر الإعلاميات اللبنانيات جرأة ورصانة. على مدى 10 سنوات شكل برنامجها «الفساد» الذي يسلط الضوء على أوجه الفساد في مختلف الملفات والإدارات الرسمية في لبنان على محطة «الجديد» عبورا الى مرحلة جديدة في الإعلام العربي، ارتقى فيها هذا الإعلام الى مستوى يؤهله لأداء رسالته الحقيقية وهي الدفاع عن المواطن وحمايته بوجه السلطة. «لا يجب ان يكون الإعلامي صديقاً لـ «السياسيين» بل في حالة استعداد للمواجهة معهم في أي لحظة، فالإعلام ولد من رحم معاناة الناس وحاجتهم لمن ينقل همومهم وما يتعرضون له من ظلم.. وما يميز الإعلام الديموقراطي والحرّ هو انه إعلام المواطن لا إعلام البلاط»، هكذا تنظر الزميلة غادة عيد التي التقيناها بمناسبة زيارة خاصة تقوم بها الى الكويت زارت خلالها «الأنباء»
ودار معها الحوار التالي:
ما مناسبة زيارتك للكويت وكيف تنظر مقدمة برنامج «الفساد» الى الإعلام الكويتي؟
٭ انني في زيارة خاصة وتربطني صداقات مع عدد من الإعلاميين هنا، والكويت مثل لبنان بلد رائد في الحريات، والإعلام فيها يتحدث بإسهاب عن إدارة الحكم، بل ان الكويت أكثر بلد عربي يتناول إعلامه تفاصيل الإدارة متفوقا حتى على لبنان.
في لبنان الإعلام «مُتحاصَصْ» بين أهل السلطة، والمنابر الحرة فيه قليلة ومملوكة لسياسيين، أما في الكويت فهو أكثر حرية وتعددية في جهات ملكيته.
لم نشاهد برنامج «الفساد» منذ فترة فما سبب غيابه؟
٭ ارتأينا وقف البرنامج لمدة 3 أشهر للعودة بحلة متطورة في السنة الجديدة دون تغيير في المضمون والأداء، ولكن مع مواكبة للتكنولوجيا خاصة الشاشات التي تساعدنا في إظهار وعرض المستندات.
كم مرة أُحلتِ الى القضاء بسبب قضايا طرحها البرنامج؟
٭ ذهبت الى القضاء مرارا وهناك اليوم دعاوى عالقة وصدرت مذكرة توقيف بحقي لكنني بكل فخر لم أنفذها بل بينت حقي بعدم صوابية صدورها وسقطت.
يؤسفني انه في لبنان البلد الذي نعتبره بلد الحريات تُقبل دعاوى قدح وذم لا يفترض ان تُقبل، فهناك مادة قانونية تقول: يُبرأ الظنين من القدح والذم إذا تكلم عن الجانب المهني في عمل الموظف الرسمي وكانت معلوماته صحيحة، لكن هذا النص لا يحترم للأسف وكأنه مطلوب إخضاع الإعلاميين عبر الأحكام والغرامات التي تصدر ضدهم بـ 30 و40 مليون ليرة.
لكن ذلك لم يؤثر فينا ورغم كل المضايقات نستمر في الحديث بصوت عالٍ ولا تزيدنا المضايقات إلا شجاعة وجرأة.
هل تعرضت للتهديد بسبب ما تطرحينه؟
٭ تعرضت لتهديدات كثيرة وواجهت مافيات عديدة، منها مثلا مافيات «الغذاء» التي يتحدثون عنها اليوم و«مزاريب الهدر»، ففي كل ادارة مافيا.
أتعتبرين ان برنامج «الفساد» احدث تغيرا بعد كل ما طرحه من قضايا؟
٭ على المستوى العام قد
لا يكون احدث تغيرا جذريا، لكن على مستوى مواجهة الاشخاص للسلطة نعم لقد حققنا الكثير.
اي شخص مظلوم من فساد معين يستطيع ان يحتمي بنا ويأخذ حقه، لكن بالنسبة للسمسرات والرشاوى في المشاريع الحكومية فإنها لاتزال للاسف مستمرة.
إن عدم سكوت الاعلامي، ورفعه للصوت عاليا يؤدي الى اعلاء شأن المواطن بمواجهة السلطة، وانا اقول للسياسيين: على الاقل اذا استمررتم في السرقة، وهي اعتداء غير مباشر على المواطن من خلال انتهاك المال العام، فعلى الاقل لا تعتدوا عليه مباشرة بالتعرض لحقوقه الشخصية.
اصبحنا نرى مزيدا من برامج الصحافة الاستقصائية في العالم العربي، كيف تجدينها؟ وهل هناك برامج عربية تعتبرينها منافسة او مشابهة لـ«الفساد»؟
٭ افتخر بأنني اعطيت نموذجا للجيل الجديد بأن يكون اكثر جرأة، ولكن المشكلة فيما نشاهده ان هناك سعيا لتحقيق «السبق الاعلامي» بأي طريقة، وكأن ذلك غاية في حد ذاتها، وهذا خطأ، فنحن نهدف لمساعدة الناس وايصال صوتهم ضمن برنامج هادف، وهذا ما ميز برنامج «الفساد» وجعله يستمر ويحظى بمصداقيته على مدى السنوات التي لم يستثن فيها احدا من الانتقاد، بمن في ذلك اقارب شخصيين لي.
كما ان برنامج «الفساد» فريد من نوعه لأنه يواجه الكبار ولا يستقوي على الصغار، وفتح ملفات كثيرة فيما يتعلق بالقضاء ورجال الدين من مختلف الطوائف وسجن «رومية» الذي نقلنا ما يجري بداخله قبل الجميع، وبعد ان كان المسؤولون ينفون ما يجري داخله اضطروا للاعتراف وظهرت القضية على السطح.
واضح انك مازلت تشعرين بالحماس كما لو انك في بداية الطريق؟
٭ اتعامل مع كل شكوى اسمعها وكأني اسمعها لاول مرة، حتى لو كنت قد سمعتها عشرات المرات، وعلى فكرة الناس هم من يعدون فعليا البرنامج ولا نملك فريق اعداد كبيرا، فهم يزودوننا بالمعلومات ثم بما نطلبه من مستندات.
كما اننا نتعامل بصدق وشفافية ولا نستغل الناس او نوقع بهم، واذكر حلقة عن فتاة اغتصبها 4 رجال وقصتها شبيهة بقصة «فاطمة غل» التركية، حيث تعرضت لظلم القاضي، وظهرت معي في اول حلقة وهي مخفية الوجه، ثم تشجعت بعد ارتفاع معنوياتها واظهرت وجهها في الحلقة الثانية، رغم ان ذلك لم يكن اولوية بالنسبة لنا، فهدفنا ليس الاثارة الشخصية انما تسليط الضوء على قضايا الفساد وسبل معالجتها.
نلاحظ دائما أنك تعتزين بكونك من اسرة تلفزيون «الجديد» الذي حقق صعودا قويا في لبنان والعالم العربي خلال السنوات الاخيرة، هل يمكن ان نراك في غير مكان؟
٭ لا استطيع ان ارى نفسي على شاشة اخرى، «الجديد» هي الشاشة الاجرأ في تبني مواجهة الفساد، وصار الموضوع شعارا للمحطة، كما يردد صاحبها، تحسين خياط، الذي اعتز بثقته وتشجيعه ووقوفه الى جانبي في كل المواجهات، على الرغم من كل ما دفعناه من اثمان.