محمد أحمد
القدس هي المدينة الخالدة على مر العصور، تبارى الرحالة والزائرون والعابدون في اللجوء الى رحابها، كما تبارى المؤرخون في شرح أحوالها. وسجلوا الأحداث التي جرت على أرضها وتحدثوا عن الدماء التي أريقت على ترابها. صانها الولاة والخلفاء والملوك، واحترموا معابدها وحافظوا على آثارها، وكم دعا العلماء والصالحون الحفاظ على ما حوت واحتضنت من قبور وآثار.
وقد تمتعت بقدسيتها منذ تأسيسها إلى يومنا، إنها الأرض المباركة. وقد خصها الله بالعديد من الأنبياء حتى قيل إن بناءها تم على أيديهم عليهم السلام، وقد سكنوها حتى انه لم يبق فيها موضع شبر إلا وقد صلى فيه نبي أو قام فيه ملك.
ولما كان بيت المقدس مقر الأنبياء، أطلع الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم على أحوالهم ليطلعنا عليها. وأوحى إليه ما حل بقوم موسى عليه السلام من عزة وذلة وشرف وحطة. وقد انزل الله عليهم كتاب التوراة المنزل على موسى ليدلنا على ما سيكون لنا في مستقبل الزمان لنحترس مما وقعوا فيه. عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: إن الجنة لتحن شوقا الى بيت المقدس. وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: بيت المقدس بنته الأنبياء وعمرته الانبياء ما فيه موضع شبر إلا وقد صلى فيه نبي. وجاء في الحديث من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الاقصى الى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (أو وجبت له الجنة).
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصلاة في المسجد الأقصى تعدل خمسمائة صلاة في غيره من المساجد باستثناء المسجد الحرام والمسجد النبوي، وجاء في الحديث من مات في بيت المقدس فكأنما مات في السماء».
وظهر اهتمام المسلمين بالقدس والمسجد الأقصى في الحروب التي خاضها المسلمون دفاعا عن الأقصى، ان وصلت دماء المسلمين حول الأقصى الى سروج الخيل، ولا يوجد في التاريخ حرب تدوم قرنين من الزمن يكون محورها مدينة أو مسجد إلا لأن هذه المدينة وذاك المسجد يمثلان المنزلة المختارة في قلوب المحاربين. أما في أيامنا هذه فينطبق علينا قول الشاعر:
- نادى على أهله الأقصى فما انتفضت
- إلا الحجارة تفديه وتحميه
- رقت وما رق منهم واحد وبكت
- كل القلوب عليه غير أهليه
- يا ألف مليون مخلوق ولا أحد
- حتى الجراد يعادي من يعاديه
- يا الف مليون مخلوق لو ائتلفوا
- لزلزلوا الكون قاصيه ودانيه
- يا روح اسلامنا العملاقة اشتعلي
- وأشعلي الزمن القاسي بمن فيه
وعندما هانت على المسلمين مقدساتهم واشتروا الحياة الدنيا بالآخرة احتل الاقصى ودنست المدينة الطاهرة، وبدأت المأساة باتفاقية سايكس بيكو سنة 1915 التي تنص على اضعاف الروح المعنوية لدى شعوب المنطقة وتفتيت الوحدة الإسلامية، التي تتوافر فيها وحدة التاريخ والدين واللغة والآمال الى دويلات متناحرة غير قابلة للتماسك بحيث تكون دولة اليهود الاداة الوحيدة لضرب التقارب بين المسلمين. واتجهت الانظار لتهويد القدس واقامة هيكل سليمان حيث يقول بن غوريون لا معنى للقدس بدون الهيكل.
ويقول السفاح بيغن: لا حق للعرب والمسلمين في القدس، حيث ان المسجد الأقصى ليس الا معبداً يهوديا. وهكذا حقق اليهود بعض المخططات حيث نرى أن الدول العربية والإسلامية مشغولة بخلافات وحروب تنخر في عظام الأمة العربية كما ان بعض الزعماء شغلوا ببناء الامجاد الشخصية وتحقيق المكاسب المادية.
إن القدس الشريف جزء من التراث الحضاري الانساني والإسلامي الذي يجب ان يحظى باهتمام المسلمين ويكون على رأس القضايا العربية.
- رجس اليهود سيوف الجند تغسله
- صهيون لا ترعوي والسيف مغمود
- أرجاس خبث وحقد لا يطهرها
- غيث عميم بماء البحر مسدود
- جرح الأمور سريع البرء ملتئم
- وللاعادي ليالي كلها سود