- مرسي: من الضروري كعرب أن تكون لدينا قاعدة بيانات علمية لمأثوراتنا حتى لا يأخذها غيرنا وينسبها إلى نفسه وهو ما حدث بالفعل
- الأمم المتحدة وضعت اتفاقية لحماية التراث وقعت عليها 160 دولة منها الكويت
أسامة أبو السعود
ضمن أنشطة المقهى الثقافي لمعرض الكويت الدولي للكتاب تحدث د.أحمد مرسي ود.محمد غنيم في ندوة «قضايا المأثورات الشعبية» التي أدارها د.نبيل بهجت بحضور الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب محمد العسعوسي وحشد من أساتذة الجامعة والمهتمين.
في البداية، أكد د.مرسي أن قضايا المأثورات كثيرة ومنها قضية المصطلح ما بين «الفلكلور» و«المأثور» إلى ترجمة المصطلح بأنه «دفتر النسوان» وانتهاء بتسمية اليونسكو بأنه «التراث اللامادي للشعوب»، أما مجمع اللغة العربية فيسميه «المأثورات الشعبية»، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة وضعت اتفاقية لحماية هذا التراث وقعت عليها 160 دولة منها الكويت ومن ثم أنشأت كل دولة لجنة لهذه المهمة.
وشدد مرسي على تنوع هذا التراث بين الحكايات الشفاهية وما يصدر عن اللسان وكذلك الأساطير والاحتفالات الشعبية والعادات والألعاب الشعبية والمهارات والحرف الشعبية، منتقدا عدم الاهتمام بهذا التراث الثري والمتنوع حيث ينظر إلى إبداع البسطاء نظرة دونية رغم أنهم أصل الثقافة وكثير من المبدعين يعيشون على ما يستقونه من هؤلاء الذين يعبرون عن الهوية ونسق القيم.
ودعا إلى الاهتمام بكل ما هو إيجابي والاستفادة منه وتسجيل حتى ما هو سلبي في سجل لأنه لا يوجد في العلم شيء اسمه «سقط المتاع». فكل ما نحفظه قد ينفع في المستقبل، مشيرا إلى ما تقوم به شركات الأدوية من إرسال باحثين يقومون بعملية جمع ميداني للوصفات الطبية الشعبية ثم يختبرونها في معاملهم ويكتشفون المواد الفعالة وتكون النتيجة تصنيع دواء يدر الملايين،مؤكدا أن الصين وحدها تربح عشرة بلايين دولار من منتجات طبية عشبية، ما يعني إمكانية أن يصبح هذا التراث مصدر دخل للدولة ولهؤلاء البسطاء إذا ما توافر العقل الرشيد الذي يدرك أن هذا التراث مصدر للتنمية الاقتصادية مثل صناعة السدو في الكويت على سبيل المثال.
قاعدة بيانات
وأضاف مرسي انه من الضروري كعرب أن تكون لدينا قاعدة بيانات علمية لمأثوراتنا حتى لا يأخذها غيرنا وينسبها إلى نفسه وهو ما حدث بالفعل، داعيا الى إعداد سجل عام وقوائم حصرية وتقديمها إلى اليونسكو فمثلا يمكننا أن نسجل النخلة كتراث وندون كل ما يتعلق بها من حكايات وأغنيات وصناعات وحرف.
وأشاد بجهود الكويت في الحفاظ على تراثها وعلى التراث العربي عموما، ولا أقول هذا الكلام لأدغدغ مشاعر الكويتيين ولكنها حقيقة.. فهي ثاني دولة بعد مصر تنشئ مركزا للفنون الشعبية.. ومنذ زرتها عام 1970 والتقيت الراحلين أحمد مشاري العدواني وعبد العزيز حسين لمست مدى الاهتمام بالتراث والثقافة وهو ما نلمسه في إصدارات المجلس وكذلك مجلة «العربي». كما قام الراحلان صفوت كمال وأحمد البشر الرومي برصد الأمثال الشعبية المقارنة وآمل أن تستمر الكويت في ريادتها.
وذكر مرسي أنه قدم مبادرة لإعداد سجل عربي للتراث اللامادي تحت مظلة جامعة الدول العربية والكويت صاحبة الفضل في تبني هذا المشروع وهي من دفعت التكلفة لكن للأسف دخل المشروع أضابير جامعة الدول العربية ولم يكتمل، وهو ما أتمنى أن تقوم به الكويت.
وردا على هذه النقطة كانت للأمين العام المساعد محمد العسعوسي مداخلة أكد فيها حرص الكويت على تدوين ورصد جميع المأثورات الشعبية بشكل مهني وهناك لجنة وطنية لهذه المهمة ومن بعدها سيتم العمل على السجل العربي.
أما د.محمد غنيم فأشار إلى أنه تخرج في مدرسة د.أحمد ابو زيد لكنه يعتبر نفسه من مريدي د.أحمد مرسي.. كما وجه الشكر للكويت وللمجلس الوطني على استضافته في الدورة الأربعين لمعرض الكتاب، مشيرا إلى أن هناك مساحات واسعة من الاجتهادات في قضايا المأثورات والتراث اللامادي تتعلق بالمصطلح وكذلك بطرق الجمع الميداني وكيفية التحليل.
وأكد أننا نهتم بالثقافة الشعبية لأنها هي التي تشكلنا منذ الصغر وحين يموت الإنسان لا تموت هذه الثقافة بل تستمر عبر الأجيال. ورغم إقراره بأن هناك مراكز عربية مهتمة بالتراث والمأثورات لكنها تفتقر إلى وجود رابط بينها، دعا غنيم إلى إنشاء اتحاد يجمع ما بين هذه المراكز كلها ويوفر مادة متكاملة للباحثين والمهتمين للاطلاع عليها وتحليلها. كما تطرق إلى ثراء هذا التراث اللامادي وتنوعه حيث توجد في المجتمع الواحد ثقافات فرعية متنوعة ففي مصر على سبيل المثال هناك ثقافة البحر والنهر والمجتمع الزراعي والساحلي والصحراوي وفي الجنوب نجد ثقافة النوبة والصعيد إلى درجة أن عمامة الرأس مثلا تزيد لفة كلما توغلنا ناحية الجنوب.
وأشار إلى مركز الحضارة والتراث في المنصورة وجهده الأكاديمي وما أقام به من مؤتمرات عربية لمد الجسور خصوصا أن لدينا لغة مشتركة وتراث مشترك وكثير من العادات والتقاليد المتشابهة.
وردا على سؤال حول تشابه التراث في الخليج أكد د.مرسي أن ذلك يرجع إلى وحدة الأصل والتقارب الجغرافي خصوصا أنه لم تكن هناك حدود إلا في الزمن القريب.