إعداد: محمد ناصر
تلوث البيئة.. مشكلة العصر والأزمة التي تعمل دول العالم على ايجاد حلول ناجعة لها لإنقاذ المناخ العالمي وما قد ينتج عنه من كوارث بيئية في حال تفاقم الوضع.
الكويت احدى الدول التي تعاني من تلوث البيئة، سواء كانت الكوارث بيئية او حتى طبيعية. دراسات جديدة نشرت وبينت انواعا مختلفة من التلوث تعرضت لها بيئة الكويت كالتلوث المائي الذي طال البيئة البرية الكويتية جراء تشكل البحيرات والخنادق النفطية، حيث أشارت إلى وجود ما يسمى «تلوث النفط الرطب» الذي يتكون من سائل أسود أو نفط شبه صلب يغطي طبقة سميكة من التربة في المناطق التي يتراكم فيها النفط السائل بسبب التضاريس المحلية، كالمنخفضات الضحلة وقنوات الصرف، لافتة إلى أن المستنقعات النفطية باقية ومستمرة في التغلغل في التربة.
وكشفت الدراسة أن مواد الرواسب تحتوي على معدل متدن من تركيزات الهيدروكربونات البترولية والذي يزيد على 19%، وأن التربة الكامنة والملوثة تحتوي على الهيدروكربونات البترولية بنسبة 4.3%.
وتطرقت دراسة اخرى إلى نوع آخر من التلوث يسمى «تلوث النفط الجاف» والذي يتكون من طبقة سوداء اللون، معتدلة الصلابة، لها سطح جاف شبيه بالقطران (والذي قد يحتوي على بعض التربة الملوثة)، وهي مغطاة بتربة بنية غامقة ملوثة بالنفط تعتلي تربة خالية من التلوث النفطي المرئي.
وبينت الدراسة أن مادة القطران على السطح في مناطق تلوث النفط الجاف تحتوي على معدل مجموع لتركيز الهيدروكربونات النفطية يقارب 7.3%، أما الطبقة التحتية المكونة من التربة الملونة والملوثة، فقد اكتشف أنها تحتوي على معدل 2.5% لمجموع الهيدروكربونات البترولية.
وخلصت الدراسة إلى أن التلوث المرتبط بالخنادق النفطية شمل ما يقارب 3.4 ملايين متر مكعب من التربة الملوثة، ولم تدرج في تقديرات المنطقة الملوثة الضرر الذي لحق بالتربة، والقشرة السطحية الواقية، والغطاء النباتي الذي يغطي مساحة إضافية قدرها 15 كيلومترا مربعا في المناطق المتاخمة لخطوط الأنابيب.
التسربات النفطية
في دراسة أخرى لمكتب اليونسكو الاقليمي تبين ان 75% من التسربات العالمية للنفط تحدث في منطقة الخليج، ومثل هذه الكوارث البيئية تكلف قطاع الطاقة مليارات الدولارات التي تنفق على عمليات التنظيف، علاوة على الأضرار التي تلحق بالحياة البحرية وبالمجتمعات التي تعيش حول الخليج، وقد كانت الكويت مسرحا لواحدة من أخطر كوارث التسرب النفطي التي شهدها العالم خلال الـ 100 عام الأخيرة، وذلك خلال الغزو العراقي لأراضيها وقيام قوات الغزو بفتح مصبات أنابيب النفط في مياه الخليج، كما تدفقت كميات كبيرة بلغت حوالي 22 مليون برميل توزعت على نحو 500 بحيرة نفطية في شمال الكويت وجنوبها، شغلت مساحتها ما يقارب 49 كيلومترا مربعا، اضافة الى مئات الكيلومترات المربعة من التربة الى تلوثت، هذا بجانب اشعال الحرائق في 727 بئرا، كانت لها تأثيراتها الكارثية على البيئة الكويتية.
وتشير بعض المؤسسات البيئية، الى وجود أكثر من 300 سفينة عسكرية ونفطية وتجارية وغيرها غارقة، يمكن ان تؤدي الى فقدان الكويت ودول الخليج للمورد الرئيسي لمياه الشرب التي يتم تحليتها من البحر وتعتمد دول الخليج عليها في تأمين المياه لشعوبها، ويبلغ عدد الغوارق في المياه الاقليمية الكويتية وحدها نحو 80 غارقا مختلفة الحجم والنوع، وخطورة هذه السفن الغارقة لا تقتصر فقط على نوعية حمولتها بل أيضا على طبيعة المواد والأجهزة التي صنعت منها حيث تحتوي على مواد كيماوية ومواد ذات طبيعة خطرة تستلزم الاسراع في عمليات انتشالها.
وتلوث مياه الخليج بسبب هذه الغوارق سيؤثر سلبا على محطات تحلية المياه في دول الخليج لعدم قدرتها على تحلية المياه الملوثة.
التسرب الإشعاعي
وتتعدد التأثيرات البيئية المتوقعة حال تعرض مفاعل بوشهر النووي الايراني لأي هجمات عسكرية أو تسربات اشعاعية، بسبب افتقاره لمعايير الأمان وعدم شفافية الأنشطة التي يقوم بها، وكون مدينة بوشهر تقع على خط زلازل نشط وأي زلزال كبير أو متوسط قد يؤدي الى انقطاع مياه التبريد عن المفاعل النووي، ما سيؤدي الى كارثة حقيقية، اضافة الى تلوث جوي وبحري بالقرب من الكويت، لأنها الأقرب الى المفاعل من أي مدينة خليجية أخرى.
مستويات منخفضة
فالكويت تتذيل قوائم مؤشرات الأداء البيئي حول العالم اذ حلت في المرتبة الاولى عالميا من بين 152 دولة من حيث سوء الأداء البيئي، وفقا لمؤشر الكوكب الحي للعام 2014 الصادر عن الصندوق العالمي للطبيعة في سويسرا وجمعية الحيوان في لندن، كما احتلت المرتبة 126 من أصل 132 دولة منذ أعوم عدة، وفق التصنيف السنوي لجامعتي يال وكولومبيا في الولايات المتحدة الاميركية، من دون ان تنجح الدولة في استغلال الامكانات الفنية والمالية التي تملكها لتحسين الوضع البيئي والتخفيف من التلوث الذي يفضي في النهاية الى «هلاك السكان واستنزاف مقدرات الدولة الطبيعية والمالية».
كما احتلت الكويت مرتبة متأخرة في قائمة الدول الأكثر تضررا من تغير المناخ والأخيرة خليجيا، على مؤشر التكيف البيئي العالمي (نوتردام) الذي صدر في العام 2014، ويقيس 180 بلدا.
وجاءت الكويت في المرتبة 81 عالميا في مؤشر البيئة، والمرتبة 108 عالميا من حيث حساسية الدولة تجاه التغير المناخي، والمرتبة 70 في جهوزية البلد لتحسين مرونته أمام الأضرار البيئية، وذلك حسب المؤشر الذي تصدره جامعة نوتردام ويقيس ضعف البلدان تجاه التغير المناخي والتحديات العالمية الأخرى.
وبالنسبة للمؤشرات الفرعية المتعلقة بإمكانية تعرض البلد للتغير المناخي، حلت الكويت في المرتبة 36 عالميا في خدمات النظام البيئي، والمقصود بها إمكانية تعرض المصادر البيئية لمخاطر التغير المناخي، وهي المصادر التي يعتمد عليها البشر في دعم حياتهم وأسلوب معيشتهم.
و76 بالنسبة لحساسيتها أمام الغذاء، والمقصود بها تعرضها الى مخاطر تتعلق بانتاج الغذاء أو الطلب على الغذاء أو التغذية بسبب التغير المناخي، و72 للصحة، والمقصود بها إمكانية تعرض الصحة العامة الى مخاطر.
وفي العام 2012 جاءت الكويت في المركز 13 عربيا والـ 126 عالميا من اجمالي 132 دولة في مؤشر الاداء البيئي لعام 2012 الصادر عن جامعتي ييل وكولومبيا الاميركيتين بالمشاركة مع المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس).
وأتت تلك التقارير التي رصدت جودة البيئة في الكويت نتيجة تزايد المتوسط السنوي لتركز غاز ثاني اكسيد الكربون في الهواء، لارتباطه بارتفاع انتاج كل من النفط والطاقة وما يصاحبهما من احتراق الوقود الناتج عن مصافي النفط ومحطات توليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه.
ارتفاع نسب تركز ثاني اكسيد النيتروجين عن الحد المسموح به، وترتبط هذه الانبعاثات بعمليات الاحتراق (التدفئة، وتوليد الطاقة وتشغيل محركات المركبات والسفن)، وهو من الغازات المسببة لأمراض التهاب الجهاز التنفسي.
ظاهرة الغبار العالق والمتصاعد خلال النهار.
وترجع تلك الظاهرة الطبيعية لعدة اسباب منها عدم وجود غطاء نباتي يحمي الأرض اضافة الى ضعف مستوى هطول الامطار.
إلا أن الهيئة العامة للبيئة أصدرت تعقيبا على تلك التقارير التي ابرزت مركز الكويت المتأخر بيئيا بيانا ذكرت فيه: ان تصنيف الكويت وفقا لتقرير جامعتي ييل وكولومبيا لمؤشر الأداء البيئي يقع في المرتبة 42 من جملة 178 دولة حول العالم في آخر تقرير نشر في 2014، فيما جاء تصنيفها في مؤشر الكوكب الحي ضمن مجموعة الدول ذات الاستهلاك العالي في الموارد الطبيعية نتيجة للنمط الاستهلاكي الذي تتميز به الدول ذات الدخل العالي مثل دول مجلس التعاون والولايات المتحدة الاميركية والدنمارك وبلجيكا والسويد وأن ذلك لا يرتبط بالأداء البيئي لهذه الدول.
وتؤكد الهيئة انها تعمل جاهدة ومنذ صدور قانون حماية البيئة الجديد رقم 42/2014 على متابعة مؤسسات الدولة لضمان تطبيق ما نصت عليه مواد القانون التي اكدت على ضرورة الانتهاء من استكمال البنية التحتية لإدارة المخلفات واستكمال تدوير النفايات الصلبة في الدولة خلال مدة 5 سنوات منذ صدور هذا القانون في العام الماضي.
النفايات
النفايات ايضا مشكلة محورية في ملف تلوث البيئة فقد كشفت آخر احصائية للمخلفات والنفايات في الكويت ان هناك نحو 16 مليون طن من النفايات والمخلفات تلفظها البلاد سنويا تأتي في مقدمتها مخلفات مواد البناء، فيما بلغت النفايات الاسكانية نحو 1.5 مليون طن في 2013 اضافة الى ملياري غالون نفايات سائلة في 2006. وذكرت الاحصائية الصادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء حول كميات المخلفات والنفايات خلال الاعوام ما بين 2004 و2013 ان المخلفات تبين الوضع البيئي المتردي في ظل هذه النفايات المتزايدة ومخاطرها وأنواعها.
عواصف التراب
تتعرض الكويت بشكل دوري لموجات متتالية من العواصف الترابية، وقد ازدادت حدتها في الأعوام الأخيرة وذلك مع هبوب الرياح الجنوبية الشرقية التي تتجاوز احيانا سرعتها 55 كيلومترا بالساعة، .
وفي يونيو 2011 نجح وفد الكويت المشارك في اجتماعات المنطقة العالمية للارصاد الجوية في ادراج العواصف الترابية ضمن برنامج الحدّ من الكوارث الطبيعية للمنظمة وفي برنامج الدورات التدريبية التي تعقدها المنظمة، كما تمكن الوفد من التنسيق مع المنظمة لتزويد ادارة الارصاد الجوية الكويتية بأي برامج لها علاقة بالعواصف الترابية، فضلا عن التعاون مع المركز الوطني للارصاد الجوية في كل من بلغراد وبرشلونة للاستفادة من برامج العواصف الترابية.