- عرض «الخيامية» في الكويت يعطي رسائل مهمة للحفاظ على التراث
- عاطف: «الخيامية» يعبر عن فن موجود في مصر منذ العصر المملوكي أي منذ نحو 500 عام
- بركات: فن الخيامية كان يستخدم في الأعلام وفي صناعة كسوة الكعبة
أسامة أبو السعود
قال وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب ورئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشيخ سلمان الحمود إن الكوادر المصرية ساهمت في بناء النهضة الكويتية وتنميتها في مجالات متعددة.
وقال الحمود في تصريحات للصحافيين على هامش افتتاحه معرض «فن التطريز المصري التقليدي: الخيامية»، مساء أمس الأول، والذي تنظمه السفارة المصرية بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ضمن احتفالات (الكويت عاصمة الثقافة الإسلامية 2016) في بيت السدو: إن الكويت قلبها مفتوح قبل أبوابها لأشقائها المصريين ومصر لها مكانة في قلوبنا جميعا، ونتمنى لها دائما التقدم والازدهار والتوفيق».
وأوضــح أن الخبـــــراء والمختصين المصريين في مجال الثقافة والفنون ساهموا في تعزيز الجانب الثقافي في البلاد حيث شارك العديد منهم في تأسيس قطاعات ثقافية وفنية كويتية، مشيرا إلى جهود أستاذ المسرح والمخرج المصري زكي طليمات في وضع منظور المسرح الكويتي وتأسيسه.
وعن معرض «فن التطريز المصري التقليدي: الخيامية»، قال الحمود إن المعرض يعكس حضارة مصر العميقة سواء الفرعونية او الإسلامية او العربية كما يعكس علاقتها بالثقافة الإسلامية.
وأشار إلى أن فن (الخيامية) يعد من التراث المصري القديم المتجدد بفنانيه وبعمله «الراقي» معتبرا ان عرض (الخيامية) في الكويت يعطي رسائل مهمة لأهمية الحفاظ على التراث وتشجيع استمراريته لاسيما الحرفي منه.
وأوضح الحمود ان إقامة المعرض جاء ضمن فعاليات احتفالية (الكويت عاصمة الثقافة الإسلامية 2016) التي شهدت العديد من الفعاليات الثقافية منذ بداية العام، اذ سيقام الحفل الختامي للاحتفالية في 22 ديسمبر المقبل، داعيا الجميع الى المشاركة للتأكيد على أهمية الثقافة في حياة المجتمع الكويتي.
منصة للتبادل الثقافي
من جانبها، قالت الرئيسة الشرفية لجمعية السدو الكويتية الشيخة ألطاف سالم العلي: إن «الخيامية» هو فن تطريز تقليدي يقوم على زخرفة بالقماش المضاف (الابليك) ويعود تاريخه إلى المصريين القدامى، وبرز إبان العصر الإسلامي وأثناء الحكم العثماني.
وأوضحت أن (الخيامية) استخدم في عصر المماليك في عمل (شارات) مطرزة يقوم السلطان بمنحها إلى أشخاص كتقدير لهم، مشيرة إلى وجود شارع في مصر يسمى (شارع الخيامية) يضم حرفيين معاصرين يمتهنون هذه الحرفة التي يعكس إبداعاتها هذا المعرض.
وبينت الشيخة ألطاف أن المعرض يعد افتتاحا للموسم الثقافي 2016-2017 لبيت السدو الذي يعتبر بيت النسيج التقليدي في البلاد ومنصة لتقريب الفنون والتبادل الثقافي في مجال تراث المنسوجات، موضحة ان البيت يستضيف في كل سنة دولة من دول العالم لعرض تراثها ومنسوجاتها.
وشددت على ضرورة السعي للتأكيد على الهوية الكويتية والعربية والإسلامية والإنسانية وأهمية استضافة الدول والتعرف على ثقافاتها لتقوية الروابط في هذا الجانب، معربة عن سعادتها في استمرار نتاجات فنون الموروث اليدوي ومدى الإقبال على هذه النتاجات التي تؤكد على الهوية الثقافية وتثري الشخصية والخصوصية في أي بلد.
خليط بين الفن الإسلامي والفرعوني
من جهته، قال السفير المصري لدى الكويت ياسر عاطف: إن «الخيامية» يعبر عن فن موجود في مصر منذ العصر المملوكي أي منذ نحو 500 عام، وهو تراث حي حتى الوقت الحاضر، مؤكدا أهمية رعاية تلك الفنون من قبل الدولة والمجتمع والمحافظة عليه وإثرائه بتأثيرات فنية جديدة حتى لا يختفي ويزول.
وبين عاطف أن المنتوجات المعروضة في معرض (الخيامية) عبارة عن خليط ما بين الفن الإسلامي والفرعوني وتصاميم تقليدية بالإضافة إلى أنماط جديدة من وحي الشباب الذين تدربوا على أيدي الفنانين الكبار الذين يسربون الصنعة من جيل إلى جيل.
وأكد أن فن (الخيامية) له جمهوره على المستوى العالمي، حيث يعرض هذا الفن في عدة دول من العالم كمتحف الفن الإسلامي في ماليزيا وفي معرض هامبورغ في ألمانيا ودول أخرى.
استخدامات «الخيامية»:
وعلى هامش المعرض أقيمت محاضرة قدمتها حرم السفير المصري د.هبة بركات عن تاريخ فن «الخيامية» المصري التقليدي وكيف بدأ وتطور في عصور مختلفة وعن مجالات استخدامه.
وأشرفت د.هبة على عدد من ورش العمل التي استضافها بيت السدو للتعريف بهذا الفن مع الاستعانة بالفنان محمود عبدالفتاح والفنان احمد كمال كمدربين لفن الخيامية لشرح فنيات وطريقة عمل هذا الفن لجمهور بيت السدو.
وعرفت الدكتورة هبة بركات الحضور بفن الخيامية وتطرقت إلى تاريخه الذي يرجع إلى ما قبل العصر المملوكي وكان يستخدم في الأعلام التي كانت تستخدم في مقدمة المواكب أثناء الحروب وفي صناعة كسوة الكعبة، وكانت تعتمد على خامات قوية مكونة من عدد من الطبقات ذات ألوان زاهية تعلق في خشبة لتظهر من بعد، وكانت لكل مناسبة أعلامها الخاصة بها.
وقد تطور فن الخيامية وتعددت استخداماته وظهر استخدامه في إقامة السرادقات لتكوين مدن في الصحاري من الخيام التي كانت تصنع من خامات الكتان بشكل أساسي لما لها من خصائص في عكس الضوء والحرارة ولظهور الظل داخل الخيمة.
وأضافت د.هبة بركات أنه إذا كان في بداية استخدام الخيم كانت للضرورة لستر ما بداخلها عن الخارج إلا أنه بعد ذلك اهتم الصناع بالقيمة الجمالية للخيم وتفننوا في ابتكار تصميمات لها، ويعتبر عصر الخديو إسماعيل من أهم فترات صناعة الخيام في التاريخ، حيث شيد أثناء افتتاح قناة السويس مدينة كاملة مصنوعة من الخيام والسرادقات المصنوعة من الخيامية وجميعها كما هو ثابت يدويا مما اسهم في زيادة عنصر الإبهار لدى الضيوف الأجانب وكان هذا بمنزلة الإعلان الأكبر عن هذا الفن.
وأضافت أنه منذ بداية القرن العشرين تداخل هذا الفن في الحياة اليومية للمصريين واصبح يشغل جزءا من تفاصيل الحياة لدوره الوظيفي في إقامة سرادقات العزاء والأفراح والتجمعات المختلفة وبطبيعة الحال وفقا لقانون الحرف في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الذي كان يجمع أبناء الحرفة الواحدة في مكان واحد فقد تم تخصيص مكان يجمع أبناء الحرفة وسمي بشارع الخيامية تحت الربع وأمام باب زويلة بحي الدرب الأحمر بالقاهرة ومازالوا موجودين في هذا المكان حتى الآن.
وذكرت د. هبة أن فناني الخيمة استوحوا من الزخارف الإسلامية المطروحة في الأبنية المحيطة بهم التصميمات التي يقومون بتنفيذها في قطع الخيامية التي يصنعونها، فظهرت نماذج تعكس الزخارف المملوكية الإسلامية والخطوط العربية وظهر جزء ثان يعكس تطور الفن في القرن العشرين حيث تداخلت العناصر الفنية التي تمثل تراكم الخبرة الفنية لدى المصري منذ الفراعنة حتى الآن حيث ظهرت تشكيلات زهرة اللوتس في العديد من التصميمات مما يؤكد عدم انقطاع الفن المصري في مراحله المختلفة عن جذوره وشكلت الروافد المختلفة جذور التصميم للقطع المتباين لفن الخيامية فن الرسم والتشكيل بالخط العربي، كما ضمت قطع الخيامية القصص المصورة كقصة جحا كواحدة من اشهر القصص المصورة وكذلك إشارة المتصوفة والدراويش وكتابة القرآن الكريم .
أطلق (بيت السدو) ورشة عمل عن فن تطريز الخيامية على مدى 3 أيام من السبت وحتى أمس الاثنين، تحت إشراف اثنين من أمهر فناني الخيامية في مصر ليشاركا بخبرتهما في هذا المجال مع الملتحقين بالورشة.
ويبرز المعرض وورشة العمل حيوية ودقة فن التطريز المستمدة من تزيين خيم الزواج في العصور المملوكية والعثمانية والخديوية في مصر من حيث دقة الخيوط وروعة تصميمات المعروضات لتصحب الجمهور في رحلة تاريخية إلى شوارع القاهرة القديمة بآثارها وقبابها وبواباتها المنحوتة.