- ملاحم الشجاعة والفداء .. حررت الكويت ودحرت الظالمين
- معركة «جال الأطراف» البطولية أسفرت عن مقتل 32 جندي وضابط عراقي
- السعودية صاحبة الدور المحوري في تكوين قوات التحالف لدعم قضيتنا العادلة
- معركة «جال اللياح» خاضتها قوات اللواء السادس وكبدت العدو خسائر جمة
- شعب الكويت استحق أن يسجل له التاريخ مواقفه البطولية بأحرف من نور
- قواتنا الجوية أسقطت عدداً من طائرات العدو ومنعته من قصف أكثر الأهداف الحيوية في وطننا
- أجساد الشهداء الطاهرة كانت جسر العبور إلى التحرير وعودة استقلال الوطن وشرعيته
- جريمة العصر الوحشية لم يسجل التاريخ لها مثيلاً وفاقت ببشاعتها ما اقترفه التتار والمغول والنازيون
- المرأة الكويتية شريكة الكفاح أثبتت مقارعتها الرجال بكل فعل وطني بطولي
- صمود الكويتيين وعزيمتهم وإيمانهم أبقت الكويت حرة أبية مرفوعة الراية عزيزة الجانب
اقترف نظام صدام حسين الحاكم في العراق في الثاني من اغسطس عام 1990 بعدوانه الغادر على الكويت الآمنة جريمة غير مسبوقة بعدوانيتها وممارستها الوحشية في تاريخ العلاقات العراقية ـ الكويتية، وفي المحاولات السابقة لضم الكويت، بل ان جريمة صدام حسين- وهي جريمة العصر الوحشية التي لم يسجل التاريخ لها مثيلا- قد فاقت في بشاعتها وظلمها ما اقترفه التتار والمغول والنازيون على مدى التاريخ في انحاء متفرقة من العالم.
كانت احداث الغزو العراقي على الكويت عدوانا قاتلا بكل المقاييس، وربما لم تحفل حادثة تاريخية بالمتناقضات كما حفلت به تلك الاحداث المأساوية المتمثلة في اجتياح القوات العراقية المسلحة بكل اسلحة الدمار الكويت.
ومن الظلم للمحاولات العراقية الطامعة السابقة ان نقارن بها عدوان صدام حسين الآثم فكل الطامعين العراقيين السابقين تصرفوا خلال محاولاتهم بحذر وإدراك للظروف المحيطة، وهو ما افتقر اليه صدام حسين عام 1990، فرغم ما تركته المحاولات السابقة من جراح نفسية لدى الشعب الكويتي لم تلتئم بسهولة، الا انها لم تصل حد العدوان العسكري على الكويت وتقويض كيانها والاعتداء على شرعيتها وشعبها الآمن.
فم تتوقف فوهات المدافع التي كانت مصوبة نحو ايران، إلا لتتجه الى الجار الشقيق.. الى صدر الكويت.
كان بعض الغدر العراقي صادرا من مقدمات العلاقات بين الطرفين الجارين لم تكن توحي بأي حال من الاحوال بمثل تلك النتيجة المفجعة، لاسيما خلال السنوات القليلة السابقة للعدوان، وتمثل البعض الآخر للغدر في ان العراق لم ينل دعما اقتصاديا خلال صراعه مع ايران فترة الثمانينيات من هذا القرن، كما نال من الكويت، فضلا عن سماح الحكومة الكويتية للجانب العراقي باستخدام موانيها ومياهها الاقليمية لتصدير نفطه خلال الحرب مما عرض سلامة الكويت للخطر.
واول ما ينبغي التسليم به خلال محاولة تحليل العدوان، هو استبعاد كل المعايير الاخلاقية والانسانية والقانونية، فأحداث العدوان منذ بدايتها الى نهايتها افتقرت الى الحد الادنى من البديهيات المسلم بها في عالمنا اليوم في العلاقات بين الدول مهما كانت درجة خلافاتها.
كذلك لابد من استبعاد كل المفردات التي استمرت تحكم العلاقات العربية ـ العربية على امتداد التاريخ المعاصر، وأظهرها عدم تعدي اي دولة على اخرى بالقوة المسلحة محاولة محوها من على الخريطة السياسية فيما سعى اليه صدام حسين.
يضاف الى ذلك ان عدوان صدام حسين على الكويت وان حمل ذات الأطماع التي حملتها المحاولات العراقية السابقة للاستيلاء على الكويت، الا انه حمل معه قدرا كبيرا من معاول الهدم والعدوان الوحشي، مما جعلها غير مسبوقة بأي مقاييس.
فلم يقتصر ذلك الدمار والعدوان على المنشآت بل لحق بالانسان وكافة الكائنات الحية والمقدرات الكويتية وأصاب العلاقات العربية ـ العربية في الصميم، الأمر الذي يصعب معه إعادة البناء ويتطلب وقتا طويلا لإعادة الترميم.
(البداية كانت طلبات لا تنتهي ترافقها اتهامات جائرة ترعد بالوعيد والتهديد وهو نهج عراقي مستمر لم ينقطع، حرصت الكويت على مقابلته بذات النهج الدائم المتزن القائم على الحوار الهادئ المعتمد على روح المودة والإخاء، ظنا منها انه امر عارض لابد ان ينتهي باحتوائه).
وكالعادة يقابل العراق روح المودة والإخاء الكويتية بأسلوب الخداع والتسويف فتستمر الزيارات والوفود وتنطلق التصريحات المطمئنة والوعود الكاذبة، وفي الوقت ذاته يستمر فيه الحقد والشر الذي لا ينتهي، والذي تزكيه وتغذيه أحلام الطغاة وأطماعهم التوسعية التي تكشف الحقيقة المرة بوضوح وهي ان مطالب النظام العراقي من الكويت لا تنحصر في المليارات التي قدمتها الكويت لهم، واستمروا يلهثون وراء المزيد، وليست هذا الجزء او ذلك من خطوط الحدود والجزر الكويتية... وإنما المطلوب هو الكيان بأكمله... والتاريخ الكويتي كله وهوية هذا الوطن وكيانه.
فلو كان النزاع محدودا لكان العدوان محدودا منحصرا بمواقع النزاع ومواطن الخلاف، لكن غزوا بهذا الحجم وعدوانا بذلك الغدر والوحشية الذي تطلب حشد جيوش العالم لمواجهته ورده يتبين بجلاء ودون أدنى شك ان الهدف ابتلاع كامل مستمر للأبد.
لقد أدرك ذلك بوضوح كل المحللين لتفسيرات الغزو وأحداثه وتداعياته التي تلاحقت وتضاربت واختلفت بالسرعة ذاتها، حيث بدأت بتبرير الغزو بالادعاء على انه لمساعدة العناصر الوطنية التي تود التخلص من نظام الحكم، وحين لم يجد كويتيا واحدا يستجيب له او يقبل به بديلا عن حكومته الشرعية، فإنه شكل حكومة ادعى انها وطنية وأعلن نيته على الانسحاب، وتختفي الحكومة ولا تظهر، فينتظر العالم الانسحاب، فإذا التعزيزات العسكرية تتدفق لتحتل كل مناطق الكويت.
ثم يكشف النظام العراقي سافرا عن أهدافه الحقيقية ونواياه التوسعية العدوانية بالإعلان عن عودة الفرع الى الأصل، ومحو الهوية الكويتية لوطن حر مستقل ليذوب مندمجا فيما أسماه الغزاة الغاصبون ـ (الأصل).
الأمر الذي يؤكد ان كل المماطلات والمحاكمات التي رصدها المحلل من خلال تصرفات وادعاءات النظام العراقي لم تكن خطوة نحو الحل، وانما كانت استنزافا وخداعا حتى يتم الابتلاع.
وقد استمر اسلوب المماطلة والتسويف والتلاعب بالحقائق والتضارب في المواقف خلال الاحداث التي تلت الغزو، ومع كل الزعماء الذين وفدوا الى بغداد بهدف منع وقوع الكارثة المدمرة.
وتعددت المسميات للعمل العسكري الذي شنه نظام صدام حسين على الكويت في الثاني من اغسطس الاسود لعام 1990، فبينما أسماه الجانب العراقي بالضم او عودة الفرع الى الأصل، ارتآه الملتزمون بالتعبيرات المحايدة (غزوا) ثم ان القانونيين اعتبروه (عدوانا) ومهما اختلفت المسميات فإن المعنى واحد هو الاستيلاء على الكيان الكويتي والتهامه.
صمود الشعب
في مقدمة المواقف المشرفة كان موقف شعب الكويت الشجاع صامدا ورافضا للاحتلال، فقد ظل يعمل ليل نهار لخدمة قضيته وتحرير أرضه من الغزاة وعودة شرعيته.
وكان إيمانه بربه ويقينه بعدالة قضيته هو سلاحه، فراح يقاوم المحتلين ببسالة ويتصدى لهم، ويرفض التعاون معهم، ويقدم الأرواح رسوخ الكون ورواسيه شامخا في تحديه للغاصبين المعتدين شموخ أعالي الجبال الشاهقة، وقف موقفا قل ان يقفه شعب قبله في مواجهة المحتلين، والتصدي والرفض التام لهم، والتعاون فيما بين افراده والتماسك ووحدة الموقف، فاستحق ان يسجل له التاريخ الموقف بأحرف من نور، واستحق كل التقدير والثناء من العالم أجمع ومن قيادته الشرعية ـ الأمر الذي عبر عنه سمو الأمير الراحل في كلمته الموجهة الى شعبه بتاريخ 5/8/1990 بقوله: «اذا كان العدوان قد تمكن من احتلال أرضنا فإنه لن يتمكن أبدا من الاستيلاء على إرادتنا، عزيمتنا وإرادتنا هما عزيمة وإرادة آبائنا وأجدادنا الذين واجهوا أعتى التحديات، فلم تلن لهم قناة، ولم يخضعوا لأي عدوان، وكويت اليوم هي كويت الأمس أرض العزة والكرامة، بلد الرجال ومنبت الأبطال، ولم تحن رأسها للغزاة، ولا خفضت جبينها للمعتدين، ويشهد التاريخ ان الكويت مرت بمحن كثيرة وآلام جسيمة وتعرضت لاعتداءات وغزوات متعددة على مر الزمن، ولكن بصمود الكويتيين وعزيمتهم وإيمانهم بقيت الكويت حرة أبية مرفوعة الراية عزيزة الجانب طاهرة التراب شامخة الكرامة».(46)
لقد صدقت مقولة «إن المحن تصقل الهمم وإن الشدائد تولد المعجزات» فكان أن ولدت كارثة العدوان لدى الشعب الكويتي البطل أفعالا عظيمة، وفجرت لديه طاقات دفينة مستترة وراء الأرض والاستقرار والرفاه ورغد العيش العزيز الكريم الذي أنعم الله عليه في ظل حكم أبوي عادل ورحيم، ومن رحم المحنة ولد بشر جدد، أشداء على العدو، رحماء بينهم يجابهون التحديات التي تمخضت عن العدوان، ويتصدون لها بالفعل الايجابي، فالصبي تحول الى رجل فعال يؤدي دوره الحيوي في الحياة اليومية لمجتمع المرابطين، فاستطاع ان يكون بديلا للعمالة الوافدة دون ان يكتنفه الإحساس بالتعالي او الدونية تجاه الاعمال والحرف اليدوية المتواضعة ولم تشغله معاناة الحياة اليومية عن دوره في ملحمة المجابهة والتضحية والفداء.
وتفجر الزلزال عن المعدن الأصيل للمرأة الكويتية فهي أخت الرجال وشريكتهم في الكفاح، فأثبتت نساء الكويت بالفعل والسلوك والممارسة انهن يضاهين الرجال في كل فعل وطني بطولي، ويكفيهن فخرا ان ما قدمته من اعمال قد رفع هامة الوطن عاليا، وهل هناك ما هو أعلى من الاستشهاد؟ وهو أبلغ فعل إنساني يمكن ان يقوم به الانسان المسلم في حياته، لذا كانت فتيات الكويت يتسابقن على تقديم كل ما يقودهن الى درب الاستشهاد.
وكانت الشهيدة منهن تغبط من أترابها ورفيقاتها في الخلية الفدائية.
ولقد مثل فعل المرابطة بالنسبة للكويتيين رجالا ونساء ـ من الذين أصروا على الصمود في ارض الوطن ـ تجربة نضالية سلمية فريدة، ثرية متميزة بكل ما فيها من تحديات وإصابات ومواقف وإحباطات وتضحيات وبطولات وانتكاسات ومواجع ودموع وأمل وثقة بالله العزيز الحكيم ونصرته وجلاء الظلم وانكسار العدوان.
وانبرى من هؤلاء المرابطين عدد كبير من الرجال والنساء انضوى في صفوف المقاومة الباسلة التي فجرت ملاحم اسطورية في تحدي الغزاة والتصدي لهم بشجاعة منقطعة النظير غير آبهين بطغيان عساكر الشر المدججين بالسلاح، ساعين مصممين على تحرير الوطن مهما كانت التضحيات، سالكين طريق الموت من اجل الوصول الى غايتهم ومبتغاهم الغالي النبيل.
وكان من المرابطين جنود مجهولون تطوعوا لتسيير قطاع الخدمات العامة طوال أشهر المحنة، ولكن لم يكن هؤلاء المتطوعون من الباحثين عن المجد والشهرة ولم يخطر في بالهم اي مطمع دنيوي البتة، وانحصر مطمعهم في رضا الله وتخليص الوطن من محنته بجلاء المحتلين واستقلاله وعودة شرعيته، لذا كانوا يمارسون مهامهم بمنأى عن الأضواء دون إحساس بمنة، فتراهم يسهرون الليل يكابدون المعاناة القمعية من عصابات السلطة المحتلة دون ملل او خشية، وبفضل همة المرابطين وعرقهم وتضحياتهم عاشت الكويت المحتلة دون ان تغيب عنها الخدمات العامة لاسيما الحيوي والضروري منها، فعملية إيصال المياه وتشغيل الكهرباء تولاها المهندسون والتقنيون والإداريون الكويتيون والمصريون العاملون في وزارة الكهرباء والماء، كما قام شباب وشابات كل في منطقته بعمليات النظافة، وقد تكون من المتطوعين والمتطوعات لجان شعبية في كل منطقة تضم فرق عمل ولجانا فرعية منها:
1 ـ لجنة التموين والإعاشة.
2 ـ لجنة التوعية والإعلام.
3 ـ لجنة الصحة العامة.
4 ـ لجنة الجمعية التعاونية.
5 ـ فريق عمل الفرن الآلي.
6 ـ فريق عمل المخابز الشعبية.
7 ـ لجنة الصدقات والزكوات.
8 ـ فريق النظافة.
9 ـ لجنة الخدمات العامة.
10 ـ لجنة الطوارئ.
وضم كل فريق عمل او لجنة فرعية عشرات المتطوعين من الجنسين ومارست المرأة الكويتية دورها بجدارة في أغلب الأنشطة والمجالات.
وهكذا تمكنت اللجان الشعبية من تسيير الخدمات الحياتية اليومية وتواصلت حركة العصيان المدني للاحتلال الغاشم، وحماية الرهائن الأجانب وإخفائهم عن الطغاة رغم معرفتهم بعقوبة عملها التي وصلت الى الإعدام.(47)
العطاء والتضحية
وإذا كنا قد سطرنا خلال الصفحات الماضية جوانب من المواقف المشرفة الشجاعة لفئة عزيزة من فئات الشعب الكويتي الأبي، وهي المجموعة الصامدة على ارض الوطن والتي رفضت وتحت أقسى الظروف وأصعبها الخروج من الوطن وفضلت الموت على ترابه والدفاع عنه مقدمة كبرى التضحيات، فلا بد من إضافة كلمة حق يشار فيها الى المعاني السامية النبيلة والعطاء والتضحية والبذل، كانت هي الصورة للشعب الكويتي بكل فئاته رجالا ونساء، شيبا وشبانا ـ حيثما وجد، في صورة أثارت إعجاب العالم وتقديره، وتأهل بها لنصر العزيز القدير وتأييده، فمع حلول الكارثة وغدر جار السوء واجتياحه للوطن وانتهاكه لشرعيته.. وتوالي أخبار القتل والإرهاب والسلب والنهب، والاعتداء على الأعراض والحرمات التي يمارسها جند الطاغية بخسة، بدأت منذ ذلك الحين مرحلة جديدة من حياة هذا الشعب الطيب المسالم بكل فئاته ونخبة من المقيمين الشرفاء الذين أبوا إلا ان يربطوا مصيرهم بمصيره، وتولدت من الجميع صور رائعة لنماذج نادرة من العطاء والتضحية.
ونحن في هذه السطور نسجل كلمة الحق لفئة من فئات الشعب الكويتي اضطرتها الأقدار والظروف لأن تكون خارج الوطن الحبيب، ولكن آلام البعد وصعوبة العيش خارج الوطن ومعاناتها النفسية الشديدة لما حل بالوطن والأهل في الداخل، وقلقهم على مصير من في الداخل لم تشغلها عن تأدية دورها تجاه وطنها في هذه الظروف الحرجة، وواصلت الليل والنهار في عمل مستمر دفاعا عن قضيتها العادلة وتعاونا بينهم ومع حكومتها الشرعية، في عملية تحد لكل الآلام والصعاب الناتجة عن العدوان والانخراط في التطوع لخدمة الوطن والمواطنين في ظروف الاغتراب الصعبة.
لقد ترتب على وجود أكثر من نصف الشعب الكويتي في الخارج خلال فترة الاحتلال البغيض مشكلات ومعضلات ضخمة واجهتها الحكومة الشرعية بحكمة، وتصدت لها من مقرها المؤقت في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية، كما هو الحال بالنسبة لسفاراتها وهيئاتها الديبلوماسية في البلدان التي استقر فيها الكويتيون، فلم يكن في مقدور تلك الجهات الرسمية مواجهة كل المستجدات والتحديات بعددها المعتاد، ففتحت المجال أمام ابناء الشعب الكويتي للتطوع والمشاركة، فكان ان تدافع الكثيرون بحماسة بالغة، رجالا ونساء لتلبية الواجب الوطني، وتشكلت عشرات اللجان وفرق العمل في كل مكان، وكان هدف الجميع هو العمل من اجل قضية الكويت العادلة وخدمة ابناء شعبها في منفاه الذي فرضته عليه ظروف الاحتلال الغادر لأرضه، كما دعمت الحكومة الكويتية اللجان والهيئات الشعبية التي أنشأتها عناصر طيبة، ورحبت بها وشجعتها وشارك في تأسيس بعض اللجان ثلة من وجهاء الدول المضيفة وكان دورها كبيرا ومميزا في اتجاهين: أحدهما في خدمة القضية الكويتية الوطنية والآخر في توفير الخدمات للآلاف من أبناء الشعب الكويتي الكريم ومساعدته وإغاثته، لاسيما في الشهور الأولى التي أعقبت وقوع الكارثة والتي يمكن اعتبارها بحق أصعب الفترات وأمرها على الإطلاق خصوصا لمن كانوا في الخارج.
ولم يتوقف عطاء الشعب الكويتي عامة من كان صامدا ومن كان مغتربا فقد كان الكل يكافح بشرف وثبات وعزيمة وصبر، وكان ايمانه برأيه وبعدالة قضيته سلاحه لتخطي كل الصعاب وتحقيق كل الأهداف والآمال بالنصر العزيز والتحرير، ودحر الظالمين فتحقق له ما أراد بعون الله وبمساندة قوى الخير من الشرفاء في العالم.
ويبقى ان نسجل بفخر ملاحم الشجاعة والفداء التي جابه بها جيشنا الباسل الغزاة بشرف وكرامة، رغم البون الشاسع بينه وبين الجيوش الغازية في العدد والعدة، لكن قواتنا المسلحة صنعت ملاحم أسطورية نادرة غابت صورتها الحقيقية وسط هول المأساة ما يجعلنا نحرص على عرضها بأمانة في الصفحات التالية:
ملاحم يوم الفداء الكويتي 2 اغسطس 1990:(48)
يشير العميد ركن د.محمد عبداللطيف الهاشم في كتابه الذي يحمل عنوان أعلاه الى المجابهة البطولية التي وقعت بين بعض قطاعات الجيش الكويتي الشجاع وجيش الغزاة المعتدين، والتي اتخذت بحق صورة الملاحم الفدائية الاسطورية، وذلك على الرغم من ضخامة الجيش المهاجم وكثرة عدده وعتاده وسرعة سيطرته الناتجة عن استعداده المسبق، وغير ذلك ما جعل الاعتقاد يسود بأن الاحتلال تم دون مقاومة تذكر من الجيش الكويتي، وكان هذا ما اعتقده حتى الكويتيين أنفسهم وأنا منهم، إلا ان ما ذكره مؤلف الكتاب من تفصيلات دقيقة للمعارك التي خاضها جيشنا الشجاع لمقاومة جيوش الظلم والعدوان ذاكرا مواقعها وكيفية وقوعها وعدد خسائر الغزاة من افراد وعدة وعتاد، مبينا عدد من استشهد من افراد الجيش الكويتي الميامين، ومن جُرح، الى غير ذلك من التفصيلات المقرونة بالأدلة والقرائن المادية التي يصعب ان يقدم على سردها غير من عايشها وشارك فيها، وذلك الى جانب روايات أخرى لشهود عيان منها رواية الدكتور المصري عبداللطيف، حيث يشير الى انه على الرغم من الثقة الكويتية بالوساطة العربية وعدم الاستعداد الكويتي للقيام بأي عمل عسكري ضد العراق الى جانب وجود اغلب الكويتيين خارج البلاد للسياحة، ووجود بعضهم على الشواطئ والبلاجات لقضاء عطلة نهاية الاسبوع، يضاف الى ذلك عدم استنفار القوات المسلحة واستدعاء المجازين والاحتياطي، فإن القوات المسلحة استبسلت في كثير من المواقع، فهناك معركة جال اللياح للواء السادس ومعركة المطلاع والأطراف للواء الخامس والثلاثين ومعركة الجسور شرق الجهراء التي خاضها اللواء الثمانون، ومعركة الجيوان التي شارك فيها الحرس الوطني وقوات رئاسة الأركان وقوات اللواء الخامس عشر واللواء الاحتياطي الاول، ومعركة الحرس الأميري من قصف قوات العدو وقتلت اعدادا كبيرة من الافراد، ودمرت كمية لا بأس بها من الاسلحة والمعدات وأسقطت بعض الطائرات المقاتلة والقاذفة وطائرات الهيلوكبتر المحملة بالقوات الخاصة والمظليين ومعارك القوات البحرية.
ويشير المؤلف الى تلك المعارك الخالدة والبطولات النادرة والتي ستبقى سجلا ناصعا في تاريخ الكويت العسكري المعاصر، ويقرر انها جديرة بأن تسطر بأحرف من نوع لتبقى نبراسا للأجيال القادمة في يوم 2 اغسطس 1990 حتى يوم التحرير والايام اللاحقة لتعمير هذا الصرح الشامخ (الكويت) وإعادة بنائه.
ويتأكد معنى الوفاء والتضحية بالروح في سبيل الوطن من خلال تلك المعارك غير المتكافئة ذات الفروق الشاسعة في العدد والعتاد والاستعداد، اما عدم الاستعداد للمواجهة فناتج عن تقدير الموقف السياسي والعسكري للكويت، وينطلق من مفاهيم الاصالة العربية والاسلامية وان «الحر يربط من لسانه» كما يقول المثل العربي، فقد أعطت العراق كلمتها لكثير من زعماء العالم وأولهم الرئيس محمد حسني مبارك وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله خلال جولات مكوكية بين بغداد والكويت والسعودية ومصر، حيث تعهد العراق بعدم استخدام القوة ضد الكويت، وكانت الوساطة العربية مبنية على ضبط النفس وعدم إثارة المشكلات ووقف الحملات الإعلامية بين الطرفين، وطلب الى الكويت إظهار حسن النية وعدم الاستعداد العسكري فالتزمت الكويت بالخط العربي واشتركت في مباحثات جدة بهدف إنهاء الخلافات، ورغم ما أظهره الوفد العراقي خلال المباحثات من تزمت وعدم استعداد للتفاوض الجاد، والتأكد من ان ما يريده العراق هو إملاء شروط فحسب، وعلى الكويت ان تقبلها، ولكن الوفد الكويتي عاد الى بلاده على امل اللقاء الثاني في بغداد لعل الموقف يتحسن بفعل الوساطات العربية ويعود الاخوان الى رشدهم ولكن ما حدث ليلة الثاني من اغسطس 1990 من اخلال العراق بتعهداته وعدم التزامه بوعوده لكثير من زعماء العالم، حيث اجتاح بقواته كالطوفان الاراضي الكويتية بوحشية وبربرية، فرض أهمية مقاومة العدو وعدم التسليم له دون قتال مهما كانت التضحيات فأعطيت الأوامر للقوات الموجودة بالتهيؤ وملاقاة العدو، فخرجت القوات الكويتية الباسلة لملاقاة العدو وفقا للأهداف والأحجام المحددة.
دارت معارك بل ملاحم يوم الفداء بين القوات الكويتية وقوات الغز العراقي فأبلت القوات الكويتية على عكس ما أشيع بلاء حسنا، وأوقفت القوات الغازية في كثير من المواقع وكبدتها خسائر في الارواح والأسلحة والآليات والمعدات، حيث قدّرت القوات الكويتية ان الوقت كان بحاجة الى البطولة والاستبسال اكثر من الشهادة، وفعلا أظهرت الكثير من البطولات وأعطت من الشهداء بقدر ما يخدم المعركة.
ويمكن ان نعدد المعارك المهمة في يوم الفداء «أنظر الكوادر للاطلاع على تفاصيل المعارك».
ثانيا: معارك القوات الجوية والدفاع الجوي
ان ما ذكرناه عن الوضع العام من حيث ضيق فترة الانذار وعدم الاستعداد لقتال العراق ينطبق على القوات الجوية، ورغم ذلك فإنها قامت بدورها بكفاءة نادرة وتصميم لا يلين من خلال صد العدوان فيما أتيح من وقت عملت على ثلاثة اتجاهات.
٭ مركز عمليات القوات الجوية: تمكنت وحدات الكشف والإنذار من رصد تحركات العدو رغم الإعاقة الالكترونية، وتم انذار وحدات القوات الجوية ومركز العمليات المشركة (رئاسة الاركان العامة وأعطيت الاوامر للطائرات الاعتراضية ووحدات الدفاع الجوي للتصدي للطائرات المهاجمة، كما اعطيت الأوامر لطائرات الاسناد لدعم مجهود القوات البرية والبحرية.
٭ الوحدات الجوية: رغم قصر فترة الانذار والقصف الجوي المعادي إلا أن نسور الجو والطواقم الارضية تمكنوا رغم تدمير العدو لمدرج الاقلاع من تجهيز الطائرات واعدادها لصد الهجوم، والإقلاع من طرق السير العادية وضرب تشكيلات العدو البرية على محاور تقدمها فكبدت العدو خسائر فادحة، ما دفع العدو إلى مهاجمة القواعد الجوية واقتحام قاعدتي علي السالم وأحمد الجابر صباح 3 أغسطس وأسر جميع من فيها، وذلك من خلال معارك غير متكافئة.
٭ الدفاع الجوي: رغم الإعاقة الالكترونية والقصف المعادي تمكنت وحدات الدفاع الجوي في المراحل الاولى بالتعاون مع المقاتلات من تنفيذ المهام التالية:
1 ـ استطلاع العدو من الجو وإنذار وسائل الدفاع الجوي والقوات الأخرى في الوقت المناسب.
2 ـ منع العدو من اختراق مجالنا الجوي (في البداية).
3 ـ وقاية الاهداف الحيوية بالدولة والتجمعات الرئيسية للقوات المسلحة.
4 ـ تدمير القوات الجوية المعادية.
وهكذا ومن خلال يقظة رجال الدفاع الجوي وتعاملهم مع الاهداف المعادية تم اسقاط عدد من طائرات العدو ومنعه من قصف أكثر الأهداف حيوية في الدولة إلا أن المعركة لم تكن متكافئة فتم حصار المواقع من البر والبحر، وأصبح الموقف يحتم إنقاذ ما يمكن انقاذه فصدرت الأوامر بالانسحاب مساء الخميس 2 اغسطس بعد أن كلفت العدو حوالي 50 طائرة مقاتلة قاذفة وطائرات هيليكوبتر محملة بالجنود وآليات مختلفة بما يعادل كتيبة، بالاضافة إلى اعداد غير محصورة من الاسلحة والمعدات والافراد وقد قتل ستة شهداء من الضباط الطيارين وخمسة من ضابط الصف وجرح أحد عشر ضابطا وأسر عدد كبير.
ولقد اوردت مقتطفات وجوانب فحسب مما قدمته قواتنا المسلحة الباسلة لمقاومة المعتدي الذي فاجأها بهجوم غادر وبحشود كبيرة جدا لا مثيل لها، ولكنها قاومت بشرف وشجاعة ما امكنها المقاومة، وكان القصد من إيراد تلك المقتطفات عن يوم الفداء والتضحية لقواتنا الباسلة تبديد الاعتقاد السائد بأن الكويت وقعت تحت السيطرة العراقية دون مقاومة من جيشها، ولأسجل للتاريخ ذلك الدور الكبير والشجاعة النادرة التي أدتها قواتنا ببطولة أسطورية جعلت من حقها أن يخلد التاريخ ما قدمته من فداء وتضحية في الذود عن الوطن الغالي، وما كان انسحاب قطاعات قواتنا من مواقعها القتالية الا نتيجة ادراك قيادتنا الحكيمة ان الاستمرار في المقاومة والمجابهة غير المتكافئة من حيث العدد والعتاد مع القوات الغازية ما هو إلا من قبيل العمليات الانتحارية التي لا ترضاها هذه القيادة لأفراد جيشنا البواسل ولن تصل الى نتيجة امام الجراد المسموم الهائج بحقد لامتصاص الدماء.
وكان سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء آنذاك الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح رحمه الله منذ الدقائق الأولى للهجوم في مقر القيادة يوجه معارك المجابهة والمقاومة دفاعا عن الوطن والمواطنين، ولكنه ادرك بما لا يدعو للشك ان الهدف الرئيسي للعدوان العراقي هو أسر واغتيال القيادة الكويتية وعمل فراغ دستوري وسياسي ليس على مستوى الكويت فحسب، وإنما على المستوى الدولي، لفرض الأمر الواقع على المجتمع المحلي والاقليمي والدولي، وتيقن سموه من عدم إمكان الاستمرار في المقاومة التي لا بد أن تودي الى تمكين الغزاة من تحقيق اهدافهم الاجرامية، فتحرك بحكمة وشجاعة لتفويت الفرصة على المعتدين الآثمين بأن توجه إلى قصر دسمان وأخرج صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح رأس السلطة ورمز عزتنا وسيادتنا وتوجه معه إلى حدود المملكة العربية السعودية الشقيقة، فنجح بتعضيد من الله سبحانه وتعالى في تحقيق سلامة القيادة الكويتية واضعا (الاسفين) الاول لفشل المخطط الاستراتيجي العسكري، ومن ثمة فشل المخطط السياسي والعسكري للرباعي العراقي ـ الاردني ـ اليمني ـ الفلسطيني لمنطقة الخليج والجزيرة العربية، والذي يهدف في النهاية إلى اعادة تقسيم المنطقة بينهم غنيمة حرب، ولكن الله كان حسبنا فنصر الكويت والمنطقة، وأفشل المخطط الإجرامي الآثم.
وأدى ذلك الفشل إلى محاكمات عسكرية لبعض قيادات الاحتلال العراقي لإهمالها وتقصيرها في أداء هذه المهمة (أسر واغتيال القيادة الكويتية) وصدرت ضدهم احكام بالإعدام رميا بالرصاص، وادعت زورا بأن من تم تنفيذ الإعدام فيهم ادينوا في اعمال السلب والنهب وجرائم الاغتصاب في الكويت، وهي بذلك تعترف بارتكاب قواتها لهذه الجرائم البشعة.
وتبقى في الصفحات البيضاء المشرقة التي سجلها الشعب الكويتي في ملاحم التضحية والفداء قائمة الشهداء الأبرار الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن الغالي رافضين الرضوخ للغزاة الآثمين مقدمين دماءهم وأرواحهم ذودا ودفاعا عنه فكانت أجسادهم الطاهرة جسر العبور الى التحرير وعودة استقلال الوطن وشرعيته وسيكون جزاؤهم من الله سبحانه وتعالى جنة الخلد، ومنا التخليد والعرفان وستظل اسماؤهم محفورة بأحرف من نور في تاريخ الكويت المشرف.
مواجهة المجتمع الدولي للعدوان
جاء العدوان العراقي على الكويت في الثاني من اغسطس انتهاكا فادحا للقانون الدولي المعاصر الذي يحرم استخدام القوة في العلاقات الدولية، ويقوم على اساس مبدأ احترام السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي للدول، كذلك جاء العدوان وبنفس الدرجة نكوصا على المواقف العراقية السابقة وعدوانا فاحشا على الشرعية العربية، وعلى التقاليد والقيم العربية والإسلامية.
وساق العراق دعاوى واهية ليبرر بها العدوان الغاشم منها دعاوى زائفة بحقوق تاريخية عراقية في الكويت فشلت في إقناع المجتمع الدولي، كما هو الحال بالنسبة لسابقتها من الادعاءات التي اقترنت بالمحاولات العراقية المتكررة لضم الكويت، والتي ذهبت أدراج الرياح لقيامها على محض مزاعم تتناقض مع الحقائق التاريخية والجغرافية والسياسية والبشرية ومع معطيات الواقع الدولي ولم تحل دون ظهور دولة الكويت على مسرح الحياة الدولية واكتسابها لعضوية المنظمات الدولية العالمية وفي مقدمتها الامم المتحدة والمنظمات الدولية الاقليمية وعلى رأسها جامعة الدول العربية، بل ان تلك المزاعم والدعاوى لم تحل دون بروز الكويت وتبوئها منزلة مرموقة على الصعيد العالمي ولاسيما في المجالات الاقتصادية.
كذلك يطرح العراق ادعاء بأن الاستعمار البريطاني هو الذي خلق الكويت وتناسى العراق بأن العكس صحيح تماما، حيث خلقت بريطانيا ما يسمى بالعراق الحديث تحت الانتداب البريطاني بعد ان حررت الولايات العثمانية في بلاد الرافدين، وجمعت شتاتها في كيان واحد مستفيدة من الظروف الدولية في مطلع القرن السابع عشر، كيان متميز مستقل وقعت برغبتها وإرادتها الحرة معاهدة حماية مع بريطانيا في 23 ينايرعام 1899 ولعل اهم ما يدعم ذلك الاستقلال الكويتي هو تحديد حدودها في الاتفاقية الانجليزية- التركية لعام 1913 كما ان مسلك حكومة العراق على مدى ثلاثين عاما انصرفت منذ استقلال الكويت وما قبل العدوان كان ينطوي على ما يتنافى مع مزاعمه بتبعية الكويت، ويؤكد استقلال الكويت وذاتيتها وتمتعها بوصف الشخصية القانونية الدولية التي لا يمكن النيل منها.
وكانت دعوة (صدام) الاخيرة والجديدة ان ثروة الكويت هي جزء من ثروة الامة العربية وبالتالي فإن الحاجة تدعو إلى اعادة توزيعها بما يحقق العدالة، ويخفف عن كاهل الشعوب العربية التي تعاني من وطأة الفقر والتخلف (49).
ونسي (صدام) ثروة العراق التي لم يحقق من خلالها العدالة في التوزيع ولم يخفف عن كاهل الشعب العراقي نفسه ما يعاني من فقر وتخلف.
ولما كانت تلك الادعاءات العراقية ظاهرة الفساد والبطلان، لذا كان من الطبيعي ان ادان العالم اجمع ذلك العدوان بكل قوة، وان سارعت المنظمات الدولية العالمية والإقليمية شجبه بكل حسم، ويبدأ المجتمع الدولي في مجابهة العدوان ومعاونة الكويت والدول العربية المهددة بالعدوان للدفاع عن اراضيها والحفاظ على حقوقها في ضوء الحق الطبيعي للدول الدفاع الشرعي فرادى او جماعات وهو الحق الذي اكدته المادة 51 من ميثاق الامم المتحدة، والمادة الثانية من اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين الدول اعضاء الجامعة العربية المبرمة في 13 ابريل 1950.
وكانت الوقفة الصلبة والحازمة للمجتمع الدولي المنبثقة عن إيمانه بحقوق الكويت الثابتة بوطنه الحر المستقل والتي تقوم على الاسس التالية:
1- الوضعية الدولية للكويت وجودا وحدودا والذي توافرت فيه عناصر الدولة وأوصافها ومقوماتها الموضوعية.
2- الاعتراف العراقي بالكويت دولة ذات سيادة والذي سبق اعلان استقلال الكويت عام 1961 وإلغاء اتفاقية الحماية بينها وبين بريطانيا ومن ذلك المذكرات المتبادلة بشأن الحدود عام 1932 ثم المراسلات التي تمت عام 1958 وغيرها والاتفاقية التي تمت بين البلدين عام 1963.
3 - حق الشعب الكويتي في تقرير مصيره بأن تكون السلطة العليا للكويت دون تدخل اجنبي، وقد ارتضى الشعب الكويتي نظام الحكم القائم منذ تأسيس الكويت في ذات الوقت الذي حرص فيه على استقلال بلاده بالمعنى السائد في ذلك الحين، وعزز ذلك الاستقلال بتكوين دولته المستقلة عام 1961 وفقا للمفاهيم الدولية المعاصرة، وأصبح عضوا في المنظمات الدولية والإقليمية وعرف الشعب الكويتي قبل العدوان حياة ديموقراطية كان له الرأي والرأي الآخر.
ولم يعرف بعد العدوان إلا صوتا واحدا يقول لا للعدوان، ونعم لسيادة الكويت واستقلالها وحكومتها الشرعية وأصر على حقه في تقرير مصيره بعد العدوان على دولته.
وقرر مصيره على الصعيدين الدولي والداخلي في المؤتمر الشعبي الكويتي الذي عقد في مدينة جدة في الفترة من 13-15 اكتوبر 1990 عندما التف حول حكومته الشرعية، متمسكا بدولته المستقلة ذات السيادة وبحكومته الشرعية ورفضه القاطع لاحتلال نظام الحكم العراقي لوطنه وإدانته له واعتباره عدوانا آثما على دولة الكويت المستقلة ذات السيادة والعضو في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.
4 - حق الشعب الكويتي في ثرواته الطبيعية: وهو حق يماثل في تقرير مصيره على الصعيد السياسي الداخلي والدولي، فالشعب الكويتي الذي ملك الحق الأول يملك الحق الثاني كذلك وله الحق في تحديد اوضاعه الاقتصادية، فقيام الدولة بتنظيم الاوضاع الاقتصادية لشعبها فوق اقليمها، هو ممارسة لسيادتها وهو الامر الذي اوضحته اللجنة الاقتصادية لعصبة الامم المتحدة عام 1937، ثم مرت الإشارة الى البعد الاقتصادي لحق الشعب في تقرير مصيره في القرار رقم 653 الذي اصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 يناير 1952 كأحد العناصر الأساسية للحق في تقرير المصير.
كما نصت المادة من إقرار العهدين الدوليين لحقوق الإنسان عام 1966 على الحق في تقرير المصير الاقتصادي، ونصت المادة 25 من العهد الأول على انه «ليس في العهد الحالي ما يمكن تفسيره بأنه تعطيل للحق المتأصل لجميع الشعوب في التمتع بثرواتها ومواردها الطبيعية والانتفاع بها كليا وبحرية».
الاتفاقيات الدولية
وبناء على كل ما تقدم من التأكد من وضعية الكويت الدولية المستقلة وكونها عضوا في المجتمع الدولي من خلال منظماته الدولية العالمية والإقليمية، واعترفت بها دول العالم بما فيها الجمهورية العراقية التي تبادلت معها التمثيل الديبلوماسي وأبرمت معها الاتفاقيات الدولية فقد كان استقلال الكويت عملا صحيحا لحق شعب الكويت في تقرير مصيره، وفقا للقانون الدولي، وأن هذا الحق في تقرير المصير له بعد اقتصادي يعني ان يكون لشعب الكويت دون سواه السيادة على مصادر ثرواته الطبيعية دون تدخل دول اجنبية في هذا الشأن، الأمر الذي يسقط ويبطل اي ادعاء عراقي بحقوق تاريخية بضم الكويت الى اقليمها، او اي مزاعم بأن هذا الضم انما يستهدف توزيعا عادلا للثروة العربية.
فكان هذا ما يفسر الوقفة الحاسمة والحازمة التي وقفها المجتمع الدولي في مواجهة العدوان العراقي منذ بدايته، والتي تمثلت في ذلك العدد الكبير من القرارات التي اصدرها مجلس الامن والتي صدرت عن المنظمات الدولية الأخرى العالمية والإقليمية، وجاء هذا الموقف للشرعية الدولية الى جانب كونه اعتداء على حقوق الشعب الكويتي وسيادته، ونظرا للآثار السلبية الفادحة التي نجمت اقتصاديا وسياسيا.
وفقا لما نقرر مطمئنين ان العدوان العراقي على الكويت لا يعد خرقا للقانون والمواثيق الدولية واعتداء على الحقوق الاقليمية لدولة الكويت فحسب، بل ينطوي على تصرف يتسم بالرعونة والحمق على المستوى السياسي تسبب في احداث آثار سلبية مدمرة على المصالح العربية العليا ذاتها، فضلا عن تأثيره السلبي الكبير على العالم بأسره.
لذا، أدان المجتمع الدولي جميعه ذلك العدوان الغاشم ادانة حاسمة، فسارع مجلس الامن الدولي الى اصدار العديد من القرارات التي تشجب ذلك العدوان، ويتضمن الجزاءات الدولية اللازمة لإزالته واعادة الحق الى اصحابه واعادة السلم والامن الدوليين الى منطقة الاحداث والحفاظ على الشرعية الدولية، وذلك وفقا للسلطات التي يتمتع بها مجلس الامن اعمالا للفصل السابع من الميثاق في حالات تهديد السلم والاخلال به ووقوع العدوان.
وتدرجت قرارات المجلس في القوة من مجرد الادانة والتأكيد على عدم شرعية الاعتداء العراقي على الكويت والمطالبة بسحب القوات المعتدية الى السماح باستخدام القوة، وكل الوسائل المناسبة الاخرى لردع العدوان واعادة الشرعية، علما ان قرارات المجلس بهذا الصدد ليست مجرد توصيات بل قرارات ملزمة لكل اعضاء المجتمع الدولي.
وكان اول قرار صدر عن مجلس الامن عقب العدوان مباشرة في 2 اغسطس 1990 القرار 660 والذي ادان فيه الغزو العراقي للكويت وطالب العراق بسحب جميع قواته فورا ودون قيد وشرط قد تناولت قرارات الادانة للانتهاكات العراقية لمواجهة اعلان العراق ضم الكويت وانتهاك المقار الديبلوماسية في الكويت.
ورغم كل تلك القرارات فقد استمر العراق في تحديه للمجتمع الدولي وقراراته ولم يستجب للمساعي الحميدة، التي بذلها السكرتير العام لهيئة الامم المتحدة لتعزيز التواصل لحل سلمي يستند الى قرارات مجلس الامن.
لذا، اصدر مجلس الامن قراره رقم 670 بتاريخ 25/9/1990 الذي يدين فيه معاملة القوات العراقية للمواطنين الكويتيين و«ارغامهم على مغادرة بلدهم وسوء معاملة الاشخاص والممتلكات في الكويت مما يعد انتهاكا للقانون الدولي»، و«يقرر المجلس في مواجهة ذلك او اي عقد مبرم او اي ترخيص او تصريح ممنوح قبل تاريخ هذا القرار..»، و«ألا يسمح لأي طائرة بأن تقلع من اقليمها اذا كانت تحمل اي شحنة الى العراق والكويت...»، وقرر كذلك «ألا تسمح جميع الدول لأي طائرة من المقرر ان تهبط في العراق والكويت بالمرور فوق اقليمها»، «كما يقرر في حالة التهرب من هذا القرار من قبل الدول او مواطنيها ينظر في اتخاذ تدابير موجهة نحو الدول المذكورة لمنع هذا التهريب».
وامام مضي النظام العراقي في تهجير شعب الكويت من وطنه ونزع هويته لتغيير التكوين الديموغرافي لسكان الكويت، واعدام السجلات المدنية التي تحتفظ بها الحكومة الشرعية للكويت في حملته الشاملة لتغيير اسماء الاحياء والشوارع والمناهج والكتب المدرسية وحرق كل ما يمت للهوية الثقافية لشعب الكويت بصلة، امام كل ذلك اصدر مجلس الامن قراره 677 بتاريخ 28/11/1990 بالاجماع يدين فيه تلك المحاولات العراقية وكلف السكرتير العام للامم المتحدة ان يودع لديه نسخة من سجلات سكان الكويت تصادق على صحتها حكومة الكويت الشرعية وتشمل تسجيل السكان حتى 1/8/1990 وان يضع بالتعاون مع الحكومة الشرعية الكويتية نظاما للقواعد واللوائح التي تنظم الوصول للنسخة المذكورة في سجل السكان واستخدامها.
تدمير المؤسسات
كذلك اصدرت المنظمات المختلفة للامم المتحدة كاليونسكو قرارات تدين اعتداء العراق على حقوق الانسان وما يقوم به من نهب وتدمير للممتلكات وتعطيل للمسيرة التعليمية كالقرار رقم 135 م ت/م ق4 الصادر من المجلس التنفيذي لليونسكو في دورته الخامسة والثلاثين بعد المائة بتاريخ 22/10/1990 حول «تدمير المؤسسات التربوية والثقافية والعلمية في الكويت»، وادان المجلس التنفيذي الاجراءات التي اتخذتها سلطات الاحتلال العراقي للكويت، واعرب عن «قلقه الشديد ازاء الوضع المؤلم والخسائر الاليمة التي نزلت بالشعب الكويتي المسالم وبانتهاك حقوق الانسان وتعطيل المسيرة التعليمية، والحاق الضرر المعتمد بالمؤسسات والممتلكات العلمية والثقافية وطمس الهوية الثقافية الوطنية لشعب الكويت».
وصاحبت قرارات مجلس الامن والمنظمات والهيئات الاخرى في الامم المتحدة التي ادانت العراق وممارسته ودعوته للانسحاب غير المشروط وجهود اخرى كثيرة قامت بها دول عديدة وشخصيات قيادية عالمية مرموقة سعيا للوصول الى حل سلمي ينهي المأساة ويوقف نزيف الالم والعذاب للمواطنين المسالمين في الكويت تنسحب بموجبه القوات العراقية المعتدية من ارض الكويت.
القرارات العربية
وعلى المستوى العربي، سارع مجلس جامعة الدول العربية بعقد دورة غير عادية في 2/8/1990 ادان فيها العدوان العراقي الغاشم على الكويت واصدر قراره الحاسم القاضي بما يلي:
1 ـ ادانة العدوان العراقي على الكويت ورفض اي آثار مترتبة عليه وعدم الاعتراف بتبعاته.
2 ـ استنكار سفك الدمار وتدمير المنشآت.
3 ـ مطالبة العراق بالانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات العراقية الى مواقعها قبل 10 محرم 1411هـ الموافق 1/8/1990.
4 ـ رفع الامر الى اصحاب الجلالة والفخامة والسمو رؤساء الدول العربية للنظر في عقد اجتماع قمة طارئ لمناقشة العدوان، ولبحث سبل التوصل الى حل تفاوضي دائم ومقبول من الطرفين المعنيين يستلهم تراث الامة العربية وروح الاخوة والتضامن ويسترشد بالنظام والقانون العربي القائم.
5 ـ تأكيد تمسكه المتين بالحفاظ على السيادة الاقليمية للدول الاعضاء وتجديد حرصه على المبادئ التي تضمنها ميثاق جامعة الدول العربية بعدم اللجوء الى القوة لفض المنازعات التي قد تنشأ بين الدول الاعضاء واحترام النظم الداخلية القائمة وعدم القيام بأي عمل يرمي الى تغييرها.
6 ـ رفض المجلس القاطع لأي تدخل اجنبي في الشؤون العربية.
7 ـ تكليف الامين العام بمتابعة تنفيذ هذا القرار واخطار المجلس بما يستجد.
8 ـ اعتبار المجلس دورته غير العادية في حالة انعقاد مستمر.
ونظرا لعدم التزام العراق بقرارات مجلس الجامعة وتحديه لها كما تحدى قرارات مجلس الامن وقرارات المؤتمر التاسع لوزراء خارجية الدول الاسلامية الذي صدر في 4/8/1990 والتي ادانت العدوان وطالبت بالانسحاب الكامل وغير المشروط للقوات العراقية من الكويت، وكذلك قرارات وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي المنعقد في القاهرة بتاريخ 2/8/1990 والتي ادانت العدوان ونتائجه لتفاقم الموقف وتعنت العراق في عدم الاستجابة للقرارات السابقة، وتطور هجwwwومها صوب الحدود السعودية وحدود الدول العربية الاخرى المجاورة، فقد دعا الرئيس المصري آنذاك محمد حسني مبارك الى عقد قمة عربية غير عادية في القاهرة، واستجابت كل الدول العربية لدعوة مصر، واصدرت القمة قرارها التاريخي في 19 محرم 1411هـ الموافق 10/8/1990 والذي نص على ما يلي:
ان القمة العربية غير العادية المنعقدة في 19 محرم 1411هـ الموافق 10/8/1990 بعد الاطلاع على قرار مجلس جامعة الدول العربية الذي انعقد في دورة غير عادية بالقاهرة يومي 2 و3/8/1990، وانطلاقا من ميثاق الامم المتحدة وبشكل خاص الفقرة الرابعة من المادة الثانية والمادتين 25 و51 وادراكا للمسؤولية التاريخية الجسيمة التي تمليها الظروف الصعبة الناجمة عن الاجتياح العراقي للكويت وانعكاساته الخطيرة على الوطن العربي والامن القومي العربي ومصالح الأمة العربية العليا قرر ما يلي:
1- تأكيد قرار مجلس جامعة الدول العربية الصادر في 3/ 8/ 1990 وبيان منظمة المؤتمر الاسلامي في 4/ 8/ 1990.
2- تأكيد الالتزام بقرارات مجلس الامن رقم 660 بتاريخ 2/ 8/ 1990 ورقم 661 بتاريخ 6/ 8/ 1990 ورقم 662 بتاريخ 9/ 8/ 1990 بوصفها تعبيرا عن الشرعية الدولية.
3- ادانة الاحتلال العراقي على الكويت الشقيقة وعدم الاعتراف بقرار العراق ضم الكويت اليه ولا بأي نتائج مترتبة على احتلال القوات العراقية للاراضي الكويتية ومطالبة العراق بسحب قواته منها فورا واعادتها الى مواقعها السابقة على تاريخ 1/ 8/ 1990.
4- تأكيد سيادة الكويت واستقلالها وسلامتها الاقليمية باعتبارها دولة عضوا في جامعة الدول العربية وفي الأمم المتحدة، والتمسك بعودة نظام الحكم الشرعي الذي كان قائما في الكويت قبل الغزو العراقي وتأييده في كل ما يتخذه من اجراءات لتحرير أرضه وتحقيق سيادته.
5- شجب التهديدات العراقية لدول الخليج العربية واستنكار حشد العراق لقواته المسلحة على حدود المملكة العربية السعودية، وتأكيد التضامن العربي الكامل معها ومع دول الخليج العربية الاخرى اعمالا لحق الدفاع الشرعي وفقا لاحكام المادة الثانية من معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين دول الجامعة والمادة 51 من ميثاق الامم المتحدة ولقرار مجلس الأمن رقم 661 بتاريخ 6/ 8/ 1990 على ان يتم وقف هذه الاجراءات فور الانسحاب الكامل للقوات العراقية من الكويت وعودة الشرعية للكويت.
6- الاستجابة لطلب المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية الاخرى بنقل قوات عربية لمساندة القوات المسلحة فيها دفاعا عن اراضيها وسلامتها الاقليمية ضد اي عدوان خارجي.
7- تكليف القمة العربية الطارئة امين عام الجامعة العربية بمتابعة تنفيذ هذا القرار ورفع تقرير عنه خلال خمسة عشر يوما الى مجلس الجامعة لاتخاذ ما يراه في هذا الشان.
وقد اعاد مؤتمر وزراء الخارجية العرب الطارئ الذي انعقد في 30-31 اغسطس 1990 التأكيد على المبادئ السابقة، وكرر مطالبة العراق بالانسحاب من الكويت واعادته الشرعية الى اراضيها وحكومتها وشعبها.
ورغم ما اتخذته المنظمات الدولية العالمية والاقليمية وكذلك الدول على اختلاف توجهاتها السياسية من مواقف موحدة حازمة ربما كان توحدها خلالها الاول من نوعه ضد العدوان العراقي الغادر على الكويت الا ان العراق ظل على تعنته وتحديه للعالم بدوله ومنظماته.
القوات الصديقة
ولما كانت القمة العربية بعد ادانتها للعدوان العراقي ومطالبتها بالانسحاب غير المشروط قد اجازت للمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي حق الاستعانة بالقوات الصديقة والحليفة لحماية اراضيها ورد العدوان عنها وتأمين سلامتها وكانت قرارات مجلس الامن المتوالية قد تضمنت تطبيق جزاءات متدرجة على العراق وصلت الى حد السماح باستخدام القوة المسلحة ضد هذه الدولة لاجبارها على الرضوخ للشرعية الدولية والانسحاب من الكويت، فبعد فشل كل الجهود السلمية ورفض العراق الانصياع لقرارات المنظمات الدولية والاقليمية واصراره على عدوانه وعدم الوفاء بالتزاماته، اصدر مجلس الامن القرار رقم 678 بتاريخ 29/ 11/ 1990 الذي يمنح العراق فرصة اخيرة حيث يلاحظ المجلس رغم كل ما تبذله الامم المتحدة من جهود ان العراق يرفض الوفاء بالتزاماته بتنفيذ قراره رقم 660 الذي يطالبه بالانسحاب غير المشروط والقرارات اللاحقة ذات الصلة، مستخفا بمجلس الامن استخفافا صارخا والمجلس اذا يضع في اعتباره واجباته ومسؤولياته المقررة بموجب ميثاق هيئة الامم المتحدة تجاه صيانة السلم والامن الدوليين وحفظهما وتصميمها على تأمين الامتثال التام لقراراته يطالب العراق الامتثال لقرار رقم 660 وجميع القرارات اللاحقة ذات الصلة، ويقرر في الوقت الذي يتمسك فيه بقراراته ان يمنح العراق فرصة اخيرة تتم عن حسن النية للقيام بذلك وباذن للدول الاعضاء المتعاونة مع حكومة الكويت ما لم ينفذ العراق في 15 يناير 1991 او قبله من القرارات سالفة الذكر تنفيذا كاملا ان تستخدم جميع الوسائل اللازمة لدعم تنفيذ القرار 660 والقرارات اللاحقة ذات الصلة.
ورغم كل تلك الفرص التي قدمها مجلس الامن للعراق للانسحاب من الكويت بالطرق السلمية وتنفيذ قرارات مجلس الامن تنفيذا كاملا الا ان العراق يرفض الانصياع للشرعية الدولية ويصر على الاستمرار في احتلاله للكويت ومواصلة ممارسته في اهدار حقوق الانسان بالكويت وفرض منطق القوة والعنف وتحدي الارادة الدولية.
وتبدأ معركة تحرير الكويت بعد نفاد مدة الانذار التي حددها مجلس الامن بين العراق والمجتمع الدولي ممثلا في دول التحالف التي تساند الحق والشرعية الدولية وذلك فجر يوم 24/ 12/ 1991 وبعد اربعين ساعة من الحرب البرية يرضخ العراق صاغرا منكسرا ويعلن انسحاب قواته في اكبر عملية هزيمة وهروب شهدتها الحروب المعاصرة تاركا اسلحته ومعداته في ليلة 25 /2/ 1991 وفي الساعة التاسعة من يوم الثلاثاء 26/ 2/ 1991 رفع علم الكويت على ساريته في قلب الكويت العاصمة.
وفي نهاية يوم الأربعاء 27/ 2/ 1991 ابلغ السفير العراقي الولايات المتحدة وممثلها الدائم في الأمم المتحدة رئيس مجلس الامن امتثال الحكومة العراقية الكامل غير المشروط لقرارات مجلس الأمن طالبا وقف اطلاق النار ومعلنا ان انسحابه من الكويت يتم خلال الساعات القليلة المقبلة.
إطلاق الأسرى
وفي ضوء ذلك، اصدر مجلس الامن قراره 686 في مارس 1991 ذكر فيه انه احيط علما بموافقة العراق على الامتثال الكامل لجميع قرارات مجلس الامن الاثنى عشر ونيته اطلاق الاسرى ويؤكد استمرار السريان الكامل لقبول العراق كل القرارات ويدعوه الى ان يقوم على الفور بالغاء اجراءاته التي تزعم ضم الكويت، وان يقبل من حيث المبدأ مسؤوليته بموجب القانون الدولي عن اي خسارة او ضرر ناجمة بالنسبة للكويت والدول المتحالفة ورعاياها وشركائها، نتيجة لغزو العراق للكويت واحتلاله غير الشرعي لها، باطلاق سراح جميع الكويتيين ورعايا البلدان المتحالفة الذين احتجزهم العراق وان يبدأ في اعادة كل الممتلكات الكويتية التي استولى عليها العراق وان ينتهي من اعادتها في اقصر فترة ممكنة.
ووافق المجلس في ذات القرار على ان يحدد العراق ممثليه العسكريين للاجتماع مع نظرائهم من قوات الكويت والدول المتحالفة لاتخاذ ترتيبات وقف اعمال القتال وقد تم ترتيب ذلك بالفعل وتوقف القتال.
وتستكمل الشرعية الدولية مراحل صيانة السلم والأمن الدوليين وانهاء آثار العدوان على الكويت واقامة ركائز السلام الدائم بين البلدين تحقيقا لمسؤولية مجلس الامن بموجب الفصل السابع من ميثاق هيئة الامم ويصدر مجلس الامن قراره 687 بتاريخ 3/ 4/ 1991 وفي ذات التوجه يرحب فيه «برجوع السيادة والاستقلال والسلامة الاقليمية وعودة الشرعية الى الكويت ويؤكد التزام جميع الدول الاعضاء بسيادة الكويت والعراق وسلامتهما الاقليمية واستقلالهما السياسي».
وينص القرار على أن «يؤكد من جديد ضرورة التأكد من النوايا السلمية للعراق في ضوء غزوه للكويت واحتلالها بطريقة غير مشروعة».
ويرسي المجلس القواعد التي يتم في ضوئها ترسيم الحدود بين الكويت والعراق فيقرر ان: «العراق والكويت بوصفهما دولتين مستقلتين ذواتي سيادة، قد وقعتا في بغداد في اكتوبر 1963 على محضر متفق عليه بين دولة الكويت والجمهورية العراقية بشأن استعادة العلاقات الودية - معترفين بذلك رسميا بالحدود بين الكويت والعراق، وبتخصيص الجزر (وأن هذا المحضر) قد سجل لدى الأمم المتحدة وفقا للمادة 102 واعترف فيه العراق باستقلال دولة الكويت وسيادتها التامة بحدودها المبينة بكتاب رئيس وزراء العراق بتاريخ 21 يوليو 1932 الذي وافق عليه حاكم الكويت في 10/8/1932.
ويطالب في ضوء ذلك بـ: أن يحترم العراق والكويت حرمة الحدود الدولية وتخصيص الجزر على النحو المحدد في المحضر المتفق عليه بين دولة الكويت والجمهورية العراقية المشار إليه الذي وقعاه ممارسة منهما لسيادتهما في اكتوبر 1963 المشار إليه، ويطلب من السكرتير العام للأمم المتحدة ان يساعد في اتخاذ الترتيبات اللازمة مع العراق والكويت لتخطيط الحدود بينهما مستعينا بالمواد المناسبة بما فيها الخريطة الواردة في وثيقة مجلس الامن 22412/8.
الأمن الجماعي
وأوضح القرار بجلاء ان مجلس الامن يقوم بإجراء ترسيم الحدود بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يعد عنصرا اساسيا في نظام الامم المتحدة للأمن الجماعي، ويجعل من مهمة مجلس الامن في هذا الصدد «أن يقرر ما إذا كان وقع تهديد للسلم او اخلال به او كان ما وقع من اعمال العدوان، ويقدم في توصياته ما يجب اتخاذه من تدابير طبقا لأحكام المادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدولي او اعادته الى نصابه».
ويمكن للمجلس بموجب الفصل السابع ان يتخذ «بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لإعادة السلم والأمن الدولي إلى نصابه».
واستنادا لهذه الصلاحيات قرر مجلس الامن في هذا القرار 687 «ان يضمن حرمة الحدود المذكورة بين الكويت والعراق وأن يتخذ جميع التدابير اللازمة عند الاقتضاء لتحقيق هذه الغاية» (51).
وفقا لذلك انشئت الهيئات التابعة للأمم المتحدة لتنفيذ جميع القرارات التي اتخذها بعد التحرير وهي الهيئات التالية:
٭ بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في العراق والكويت: وتتضمن ولايتها مراقبة الممر المائي (خور عبدالله) الواقع بين العراق والكويت والمنطقة المنزوعة السلاح والممتدة عشرة كيلومترات (6 أميال) داخل العراق، وخمسة كيلومترات (3 أميال) داخل الكويت، لردع انتهاكات الحدود من خلال وجودها في المنطقة المنزوعة السلاح ومراقبتها لها، ولمراقبة اي اعمال عدائية او يحتمل ان تكون عدوانية تشن من اراضي احدى الدولتين على الأخرى.
٭ اللجنة الخاصة للأمم المتحدة للإشراف على تدمير ما يملكه العراق من أسلحة كيماوية وبيولوجية: تشرف على ما يتصل بها من قدرات ومرافق والقذائف التسيارية التي يزيد مداها عن 150 كيلومترا او إزالتها او جعلها عديمة الضرر حسب الاقتضاء.
٭ لجنة هيئة الامم المتحدة لتخطيط الحدود الدولية بين الكويت والعراق: على النحو المحدد في المحضر المتفق عليه بين الدولتين الذي وقعه البلدان 4/10/1963 ويسجل لدى الأمم المتحدة.
٭ لجنة الأمم المتحدة للتعويضات: انشئت في إطار القرار 687 هناك منسق إعادة الممتلكات من العراق إلى الكويت الذي عينه الأمين العام بموجب قرار مجلس الأمن 686 وكذلك لجنة الجزاءات التابعة لمجلس الأمن، والتي أنشئت بموجب القرار 661 وقد عهد إليه برصد الحظر المفروض على عمليات «بيع الأسلحة إلى العراق وإمداده بها، والجزاءات ذات الصلة المنصوص عليه في القرار 687 وفقا للمبادئ المعتمدة وعلاوة على ذلك وفقا للقرارين 706 و712 لعام 1991 تتحمل اللجنة مسؤولية رصد قيام العراق بتصدير نفط او منتجات نفطية في حدود مبلغ 1.6 مليار دولار الذي تم إقراره لشراء مواد ذات طابع إنساني وتوزيعها داخل العراق بإشراف اللجنة.
وهكذا لم يكتف مجلس الأمن ممثلا للمجتمع الدولي بتحرير الكويت وإعادة الشرعية وإنما أصدر من القرارات التي تكفل امن وسلامة البلدين وتعيد الحقوق الكويتية السليبة الى اصحابها، وتقضي على آثار العدوان وتحرص على مراقبة العراق والكويت لمنع الإخلال بالسلام وتخطيط الحدود بشكل قاطع وفقا للاتفاقيات والمعاهدات المبرمة والمعترف بها بين البلدين، وتشكل لكل ذلك لجان مختلفة تحرص على تنفيذ كافة القرارات بكل تلك المواضيع.
ونستذكر بالوفاء الدور المحوري والأساسي للمملكة العربية السعودية في تحرير الكويت فقد كان لها قصب السبق نحو استقدام القوات الأجنبية وتكوين قوة التحالف والاتصال الداعم لقضية الكويت العادلة على كافة المستويات، واحتضان القيادة الكويتية والكويتيين وانطلاق قوات التحرير من اراضيها الطيبة المباركة، وكذلك موقف دول مجلس التعاون الخليجي العربية، وموقف جمهورية مصر بقيادة الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك وسورية التي دعمت قضية الكويت العادلة في كافة المحافل الدولية، والدول الصديقة ممثلة بالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.. وكافة الدول التي شاركت بقوة التحالف المباركة.
معركة معسكرات المباركية
كانت معسكرات المباركية مقر القيادة العامة للجيش لذلك كان العمل يجري على قدم وساق لاسيما في مركز العمليات المشتركة اثناء اجتياح القوات العراقية الحدود الكويتية وبحضور سمو ولي العهد واعضاء الحكومة، التي قررت الدخول في معركة مع العدو الذي اخل بعهوده، وفي تلك الاثناء وصلت القوات الغازية الى المعسكرات فتم تبادل اطلاق النار بين القوات الغازية والقوات الكويتية من الجيش والحرس، وتكبد العدو خسائر في الارواح والاسلحة والمعدات وخاصة جنود المشاة المنقولين في الباصات، وتم أسر 300 فرد من قوات العدو داخل اسوار الكلية الصناعية ومستشفى الصباح وخلال الاشتباكات واصلت القوات العراقية تقدمها وتركت قوة لمشاغلة قوات المعسكر وحرمانها من الخروج ومنع الدخول وظلت الاشتباكات مستمرة بين القوتين ومحاصرة المعسكرات بما فيها مقر القيادة.
وفي تمام الساعة 9.30 وصلت قوات فك الحصار عن وزارة الدفاع ورئاسة الاركان وهي بحجم سرية دبابات وسرية مشاة ميكانيكية من اللواء الخامس عشر واخذت مواقع مع القوات الموجودة وامتزجت بها، وبعد تقدير موقف متشرك اشتبكت مع العدو الساعة 1.00 بكل انواع الاسلحة حتى تم اسكات نيران قوات العدو بعد 30 دقيقة من بدء الاشتباك، ثم تم تقدير نوع وحجم قوات العدو ومواقعها خلف اسوار مستشفى الطب الاسلامي ومعهد الاتصالات السلكية واللاسلكية ووضعت خطة للهجوم على هذه القوات وتطهير المنطقة منها.
معركة «جال اللياح»
خاضتها قوات اللواء السادس في مقابل قوات العدو التي تقدر بفرقة مشاة ميكانيكية وفرقة مدرعة، حيث صدرت الأوامر في الساعة 3.15 بإرسال قوة الى منطقة جسر بوبيان ومنطقة ام العيش للدفاع عنهما، وتم إرسال فصيل دبابات لاحتلال منطقة تلال قوينيص وفصيل ميكانيكي الى منطقة محطة ام العيش، ولا أود الدخول في تفصيلات المعركة ويكفي ان أذكر ان خسائر العدو كانت عبارة عن 5 دبابات محملة بالجنود و3 باصات محملة بجنود المشاة وأعداد غير مؤكدة من الآليات والناقلات المدرعة والأفراد.
معركة شرق الجهراء
وتصدى فيها اللواء 80 ممثلا بسرية مشاة وسرية مدرعات صلاح الدين من قوات اللواء لقوات العدو حين صدر اليه الأمر الإنذاري الساعة 4.30 فجر 2 اغسطس 1990 للقيام بمهمة إسناد قوات المغاوير المشتبكة مع القوات العراقية عند المطلاع وقبل الوصول الى المنطقة المحددة كانت القوات العراقية قد اجتازتها، وفي الساعة 4.45 تم الاشتباك مع القوات الغازية عند جسر الجهراء الشمالي الشرقي واستمر الاشتباك مع العدو حتى تم إيقافه لمدة ساعة على الجسر المذكور،
فقام العدو بهجوم مضاد على مواقع تمركز قوات اللواء 80 بحجم لواء مدرع، وعلى الرغم من صغر حجم القوة المدافعة وكثافة قوات العدو استطاع اللواء 80 ان يطيل معركته مع العدو ليعرقل تقدمه اطول وقت ممكن باستخدام اسلوب الكر والفر حتى شملت معركة اللواء بالاضافة الى جسور الجهراء الشمالية الشرقية والشرقية كلا من منطقة شرق الجهراء السكنية ومنطقة السكراب ومعسكرات المشاغل المتوسطة الشمالية وفي الساعة 11.000 نفذت قوات اللواء معركة قطع التماس مع العدو، والانسحاب لاعادة التنظيم واختيار مواقع افضل لمعاودة التصدي للعدو الا ان كثافة الهجوم العراقي ازادت وانقطع الاتصال بالقيادة وحوصر الموقع من كل جانب وقد استشهد من اللواء الثمانين ستة افراد وضابط وأسرت مجموعة من الافراد والضباط مع قائد اللواء واحرقت ست مدرعات صلاح الدين بينما قدرت خسائر العدو المنظورة بثلاثة باصات محملة بالجنود احرقت على جسر الجهراء الشمالي الشرقي و4 آليات خفيفة، كما احرقت 6 دبابات على جر الجهراء الشرقي وقتل واصيب 35 جنديا في عمارات الجهراء الشرقية وأصيب اعداد من الدبابات والمدرعات والآليات والافراد غير المنظورة.
معركة «جال الأطراف» اللواء 35
تمركزت قوات اللواء في الساعة 4.45 بعد فجر 2 أغسطس في مواقع دفاعية عند منطقة «غار» جنوب «جال الاطراف» شمال الجهراء، وتم الاشتباك مع قوات العدو المتقدمة على محور المطلاع، الاطراف المتجهة الى الطريق الدائري السادس، واستمرت تلك المعركة ست ساعات تكبد العدو خلالها خسائر فادحة مما اجبره على الانسحاب واستمرار القصف المدفعي وكانت خسائره حتى 1.00 (25) دبابة محملة بالجنود و7 باصات محملة بالجنود المشاة و8 مدرعات و3 آليات محملة بالذخيرة واعداد غير مؤكدة من الافراد والمعدات، وفي تمام الساعة 1.00 من نفس اليوم ظهرت قوات العدو تتحرك على محور السالمي - الاطراف، الجهراء لنجدة القوات على محور المطلاع - الأطراف، فتم تغيير مواجهة الانسحاب ومع بداية الاشتباك اجبرت قوات العدو على التوقف وتدمير جزء منها واجبارها على الرجوع الساعة 1.30 وكانت خسائرها تدمير 6 عربات بي ام بي وتدمير دبابتين و72 سيارة اسعاف، وتدمير لاند كروز بي.تي.آر وجرح 39 جنديا وضابط وقتل 32 جنديا وضابط واستمرت مدفعية العدو في الرماية بعد تجمعه عند الاطراف شرق الفريدة واضطر اللواء الكويتي الى الانسحاب تخلصا من الحصار الناري واتخذ موقعا افضل للتصدي للعدو، وكانت خسائر اللواء 10 من العسكريين وتدمير 3 دبابات، 2 آلية وجرح 35 عسكرياً، ولكن استمرار القصف المدفعي على اللواء اثناء انسحابه الى المنطقة الجنوبية اضطر اللواء الى دخول الاراضي السعودية لاعادة التنظيم.
معركة جال المطلاع
في الساعة الثانية من يوم 2 أغسطس 1990م كلفت كتيبة المغاوير بمهمة حماية محطة ام العيش، فقامت سرية مغاوير بواجب حماية المحطة حتى وصلت سرية مشاة ميكانيكية من اللواء السادس وانسحبت لتقوم بتنفيذ المهمة الجديدة وهي السيطرة على المطلاع وفي الساعة 4.00 احتل فصيلا مغاوير مواقع كمائن على طريق المطلاع، وتم الاشتباك مع قوات العدو المتقدمة واحدثا خسائر كبيرة وخاصة بأفراد المشاة المحمولين على الدبابات والباصات حيث نجح المغاوير في الكمائن وسرعة تغيير الواقع والاغارة، وساعدتهم جغرافية ارض المطلاع في المراحل الأولى الا انها في الوقت ذاته حصرت ساحة العمل ما ادى الى محاصرتهم بنيران المدفعية فانسحبوا الى معسكر المغاوير لاعادة التنظيم واسعاف الجرحى، وفي هذه الاثناء حوصر المعسكر ودارت اشتباكات بين الطرفين استطاع خلالها بعضهم الانسحاب الى خارج المعسكر واسر من لم يتمكن من الانسحاب وكانت خسائر العدو في المعركة التي استمرت اربع ساعات ما لا يقل عن 100 قتيل وجريح، واعطب للعدو خمسة باصات محملة بالجنود اما مغاويرنا البواسل فقد جرح منهم 4 وأسر بعضهم.
معركة منطقة الشويخ الشمالي «المرحلة الأولى»
تم الهجوم على مواقع العدو في الساعة 11.45 بقوة سرية مشاة وفصيل دبابات وتم تدمير عدد كبير من قوات العدو الموجودة في تلك المواقع، وأسر 80 من ضباط وأفراد العدو وهروب من استطاع الهروب الى خلف شارع جمال عبدالناصر، وتم تطهير الموقع وترحيل الأسرى والجرحى الى داخل معسكرات الرئاسة وفي هذه الاثناء تقدمت ارتال العدو المدرعة والميكانيكية على هذا المحور من دوار العظام فتراجعت القوة الى معسكراتها حتى لا تنفصل عن باقي القوات وينفرد العدو بها ويدمرها وحتى تستطيع الدفاع من موقع افضل ما عدا دبابة واحدة كان باستطاعة طاقمها ان يشتبك مع العدو، وفعلا تم اشتباكهما ودمرت العديد من دبابات العدو وناقلاته المقاتلة لمدة 15 دقيقة وبعدها استطاع العدو تدمير هذه الدبابة واستشهد طاقمها بينما واصلت القوات اشتباكها مع العدو بكل الاسلحة المتوافرة حتى تم تدمير العديد من دباباته وهرب الباقي الى الخلف وانتهت المعركة الساعة 14.00 وتم اعادة توزيع القوات للدفاع عن وزارة الدفاع ورئاسة الاركان.
معركة طريق الجهراء «المرحلة الثانية»
زج العدو بقوات من الدبابات والناقلات المدرعة والمشاة في محاولة لتدمير القوات الكويتية في معسكرها ولكن جميع محاولاته باءت بالفشل حيث تم تدمير كل قوة تتقدم واجبارها على الهروب الى الخلف وتمكنت قواتنا من حرمان قوات العدو من سلوك هذا الطريق بقية يوم الخميس 2 أغسطس الا ان العدو واصل ضرب قواتنا بالمدفعية والهاون طوال فترة حرمانه من المرور وكانت رعاية الله سبحانه وتعالى تحرس قواتنا حيث كانت خسائرها قليلة جدا بالنسبة لخسائر العدو الكبيرة جدا.
معركة الرقعي «المرحلة الثالثة»
بعد حرمان العدو من المرور على طريق الجهراء واجباره على التراجع الى دوار العظام تحولت قواته الى طريق جمال عبدالناصر والطريق الدائري الرابع فتراكمت هناك وفي منطقة الرقعي وازاء الضغط الناري على قوات العدو من معسكر المباركية زادت كثافة قصف مدفعية وهاونات العدو على معسكرات المباركية من منطقة الرقعي فهاجمتهم قواتنا ممثلة بسرية مشاة من
مدرسة المشاة، وسرية مشاة من الحرس الوطني وسرية مشاة تدعمها بالنيران سرية من معسكرات سلاح الهندسة، وقاتلهم حتى أبادوا منهم الكثير.
وفي الساعة 15.00 وصلت قوات العدو وتركزت كتيبة مشاة تساعدهم الدبابات والمدفعية في منطقة الرقعي استعدادا لاقتحام معسكرات المباركية فانسحبت القيادة المشتركة الى مقر القيادة التبادلي، وأخذت تدير المعارك من هناك وتحت ضغط نيران العدو قررت الانسحاب الساعة 2.00 الى منطقة كيفان وانضمت إلى القوات الموجودة في تلك المنطقة، ولكنها انسحبت يوم 3 أغسطس لحماية السكان من القصف المعادي.
وقد خسر العدو أعدادا كبيرة من الجنود المحملين بالباصات والدبابات وأعدادا غير محصورة من الآليات والمعدات وأسر أكثر من 400 فرد منهم، واستشهد من القوات الكويتية 25 جنديا وضابطا وجرح 30.
معركة دسمان (الحرس الأميري)
في الثالثة من فجر الخميس 2 أغسطس 1990 تمت السيطرة على جميع الطرق المؤدية إلى قصر دسمان من قبل قوات الحرس الاميري، وفي تمام الساعة 5.00 وصلت طلائع القوات الغازية واشتبكت معها قوات الحرس الاميري المتقدمة، وأوقفتها ودمرتها ومنعتها من الوصول إلى حدود القصر، ولكن بعض المجموعات الصغيرة تسللت من خلال المنازل والشوارع الفرعية واحتلت جميع الهيئات والمباني المجاورة المسيطرة على القصر وقصفت قوات الحرس الاميري القائمة على حراسة القصر.
كما وصلت قوات العدو الرئيسية والتحقت بقواتها المتقدمة، ومع ذلك واصلت قوات الحرس الاميري دفاعها وبعد قتال استمر ساعتين تمكنت القوات المعادية من احتلال الباب الرئيس لقصر دسمان وأسرت بعض الضباط والأفراد ومن ثم تمت لها السيطرة على جميع المداخل والمخارج.
وفي هذه الاثناء وصلت تعزيزات من معسكر لواء الحرس الأميري بقوة سرية مدرعات صلاح الدين، وقامت بفك الحصار واطلاق سراح الاسرى وخلال عملية المطاردة بين قوات الحرس وقوات العدو، كانت سرية من اللواء تتقدم لحماية القصر فاشتبكت مع العدو بحجم سريتين فقتلت منهم اعدادا كثيرة وأسرت حوالي (170) فردا ساقتهم إلى معسكر الحرس الاميري، وواصلت مسيرها الى قصر دسمان حيث شاركت في قتال العدو وانضمت سرية حرس وطني ومفارز من قوات وزارة الداخلية الى قوات الحرس الاميري، وقاموا بأدوار بطولية بالدفاع عن قصر دسمان.
وفي الساعة 12.00 تم احكام محاصرة العدو للقصر بالقوات المدرعة والميكاينيكة وقوات الانزال البحري والجوي، ولاسباب انسانية اضطرت القيادة الى وقف النار والتفاوض مع العدو فأسر العدو المفاوضين من قيادة الحرس وبقيت قوة الحرس الاميري والقوة المساندة لها داخل القصر حتى يوم 3 أغسطس حيث صدرت لها الأوامر بالانسحاب.
ملخص
كتاب تاريخ الكويت الحديث والمعاصر
إن تاريخ الكويت الحديث والمعاصر هو حصيلة تفاعل الإنسان الكويتي مع بيئته الطبيعية ووسطه الاجتماعي ونظامه الإداري وسلطته السياسية، مما يجعل تجربة الكويت التاريخية سجلا حافلا بالأحداث غنيا بالتطورات، فكانت الذاكرة التاريخية للشعب الكويتي التي حافظت على وجوده وسجلت مآثره وأكدت سيادته على الساحة الدولية، وجعلت من الكويت عضوا فعالا ضمن الاسرة العربية الاسلامية، وهذا ما يجعل من دراسة الخلفية التاريخية للكويت مكونا اساسيا في ثقافة الطالب الكويتي، فلا يكتمل رصيده المعرفي وإحساسه بهويته الوطنية دون الاطلاع عليها والوقوف على تطوراتها واستيعاب احداثها.
وحتى يؤدي الكتاب الغرض المتوخى منه فقد جاء مضمونه متماشيا مع مفردات مقرر تاريخ الكويت الحديث والمعاصر، فشملت مادته تسع عشرة دراسة تاريخية متكاملة في مواضيعها، ومترابطة في سياقها، ومتجانسة في طريقة تناولها للقضايا التاريخية، توزعت على ستة محاور رئيسية متعاقبة حسب ترتيبها الزمني وتصنيفها النوعي، فالمحور الأول، يعالج تاريخ الكويت السياسي من خلال ظروف النشأة وعوامل النمو والتطور، بينما المحوران الثاني والثالث يتعرضان لعلاقات الكويت الدولية وما تميزت به من سمات ومميزات وما عرفته من مظاهر التأزم وفترات التوتر والاحتكاك، والتي عرف حكام الكويت كيف يديرونها لفرض سيادتهم وتأييد حضورهم الاقليمي والدولي، فحفظوا مصالح بلادهم واستجابوا لتطلعات شعبهم، اما المحور الرابع فيتعلق بالحدود الكويتية ـ العراقية، ويعرض المحور السادس والاخير الى حصيلة التجربة التاريخية الكويتية اعتمادا على التطورات التي عرفتها والاعتداءات التي تعرضت لها.
الهوامش
1- أ.د.عبدالله الغنيم ولجنة من المختصين من مركز البحوث والدراسات الكويتية، ترسيم الحدود الكويتية ـ العراقية، الحق التاريخي والإرادة الدولية، الكويت 1992 م ص 43-44.
2 - نوري الأمين (عضو المكتب السياسي لمنظمة العمل الإسلامي في العراق) جريدة صوت الكويت، الصادرة بتاريخ 26 جمادى الآخرة 1411 هـ الموافق 12 يناير 1991.
3 - د.جمال زكريا قاسم: الخليج العربي (دراسة لتاريخ الإمارات العربية 1914-1945) القاهرة 1980م ص 140-141.
4 - الباحثة: الكويت في ظل الحماية البريطانية، الكويت (الطبعة الأولى) 1408هـ/ 1988.
5 - الباحثة: الكويت في ظل الحماية البريطانية ص 269-271.
6 - د.جمال زكريا: ازمة العلاقات الكويتية ـ العراقية في عهد الملك غازي ص8.
7- Ministry for Foreign Affairs To His Britanic Majesty Ambassador, Baghdad 16th March 1936
8- F.O. 371/16008 Memorandum Right of Kuwait boats to draw water from Shatt El Arab 30th June 1935
9- الباحثة: الكويت في ظل الحماية البريطانية/ الكويت 1988م 1408هـ ص181.
10- جريدة الزمان العراقية 12 فبراير 1939م (الكويتيون يطالبون تقرير المصير).
11- د.جمال زكريا قاسم، الخليج العربي دراسة لتاريخه المعاصر 1645-1971م القاهرة 1974م ص183.
12- R/15/1/53/70 British Policy in Kuwait R.A.F Intelligence Summary for the month of March 1938
13- F.O. 371/23180 Peterson (British Embassy) Baghdad F.O. Tel dated March 1939
14- أ.د. يونان لبيب: دراسة بعنوان الكويت تفاحة آدم للنظم العراقية/ المجلة العربية للعلوم الإنسانية (عدد خاص) العدد 41 لسنة الحادية عشرة خريف 1993م ص105-106.
الكتلة الوطنية مجموعة من الشباب الكويتي كونت بجمع في الثلاثينيات ينادي بإصلاح البلاد في جميع النواحي والمطالبة بالمشاركة في إدارة شؤون بلادهم وقد تأثروا بالتوجيهات الوطنية والقومية السائدة في البلاد.
15- للمزيد حول محاولة العراق استغلال ازمة المجلس لضم الكويت يرجى الرجوع للباحثة، الكويت في ظل الحماية البريطانية.
16- جريدة الاستقلال العراقية الصادرة بتاريخ 7 فبراير 1938م.
17- د.يونان لبيب، المصدر السابق ص 106-107.
18- F.O. 371/16852 Extract From Section IIV. Kuwait of R.A.F. Monthly Interligence Summry of May 1938
19- الباحثة، المصدر السابق ص 184-185.
20- F.O. 371/16852 Fowele of Foreign Secretary to the Gov of India, Ls, Ju
21- مصطفى النجار: مصر سبق ذكره ص251.
22- بولارد، بريطاني والشرق الأوسط في أقدم العصور (مترجم) ترجمة احمد السلمان بغداد 1956.
23- الباحثة: المصدر السابق ص186.
24- ديكسون: الكويت: الكويت وجاراتها ج2 الكويت 1964م ص133.
25- د.نجاة عبدالقادر الجاسم: التطور السياسي والاقتصادي للكويت بين الحربين 1914-1939م / القاهرة 1973، ص190.
26- F.O. 371/23181 Political to Secretary of State for India 19th April- 1939
27- F.O. 371/23181 Political to Secretary of State for India 26th March - 1939
28- F.O. 371/23181 Political to Secretary of State for India 6th April- 1939
29- الباحثة: ذات المصدر ص193.
شغل نوري السعيد مناصب رئيسية في العراق لفترات امتدت لما يزيد على ثلاثين عاما منها وزير للخارجية ورئيس للوزراء عدة مرات ولعب دورا بارزا في السياسة العراقية.
30- أ.د.جمال زكريا - الخليج العربي دراسة لتاريخ الإمارات العربية 1941 - 1945 ص188.
31- R 15/53/70 British Policy in Kuwait, R.A.F Intelligence Summary for the Month of March 1938
32- R 15/53/70 British Policy in Kuwait, Peterson to Halifax, 2nd may 1938
33- د.جمال زكريا قاسم - أزمة العلاقات الكويتية ـ العراقية في عهد الملك الغازي ص19.
34- F.O. 371/23180 Peterson To F.O. 10th March 1939
35- أ.د.يونان لبيب، الكويت تفاحة آدم - المجلة العربية للعلوم الإنسانية العدد الحادي والأربعون السنة الحادية عشرة العدد 40 عدد خاص خريف 1993.
36- لجنة من المختصين - ترسيم الحدود الكويتية ـ العراقية (الحق التاريخي والإدارة الدولية) ص27-39.
37- لجنة من المختصين - المصدر السابق ص39.
38- أ.د.يونان لبيب - الدراسة السابقة ص112.
39- مجموعة من المختصين: المصدر السابق ص39-40.
40- الباحثة: الكويت في ظل الحماية البريطانية - ص446.
41- أ.د.يونان لبيب - الكويت تفاحة آدم - ص112-114.
42- الباحثة: ذات المصدر ص466-468.
43- البيان الثالث لحكومة الكويت، دائرة المطبوعات والنشر بتاريخ 15/7/1961م.
44- الباحثة: الكويت في ظل الحماية البريطانية ص468-473.
45- لجنة من المختصين: المركز الوطني لوثائق العدوان العراقي على الكويت - ترسيم الحدود الكويتية ـ العراقية.
46- كلمة المغفور له الشيخ جابر الاحمد الصباح التي وجهها الى شعبه بتاريخ 5/8/1990.
47- سليمان الفهد: شاهد على زمن الاحتلال العراقي للكويت / مكتبة مدبولي / القاهرة 1991/ ص83-88.
48- العقيد الركن د.محمد عبداللطيف الهاشم في ملاحم يوم الفداء الكويتي - الكويت/ أكتوبر 1991 ص84-135.
49- د.عبدالله الغنيم وآخرون: الكويت وجودا وحدودا - مؤسسة الكويت للتقدم العلمي - الكويت 1991 ص115-116.
50- الباحثة: تاريخ الأطماع العراقية في الكويت (كتاب يمثل الجزء الخامس من سلسلة تاريخ الكويت) الطبعة الأولى / الكويت 2002م 423هـ ص127-128.
51- القرار رقم 687 لمجلس الأمن في جلسته 2981 المعقودة 3 أبريل 1991م.