- «اليونسكو» أكدت ضرورة وضع نظام رقابي يسمح بتقويم ومتابعة ومحاسبة المقصرين
- البنك الدولي: إصلاح التعليم في دول الشرق الأوسط لم يُواكب الاحتياجات الاقتصادية المتسارعة
- دراسة معهد الأبحاث أكدت عدم رضا المواطنين عن الخدمات التعليمية رغم ارتفاع الإنفاق الحكومي إلى المرتبة 17 عالمياً
- «الأعلى للتخطيط»: تكلفة الطالب الكويتي تفوق المتوسط السنوي العالمي بمقدار 11 ضعفاً
- 18 سبباً لتراجع مؤشرات الجودة وتدني مستوى التعليم في الكويت
- غياب الاستقلالية المالية بوزارة التربية سببٌ جوهري في تأخر الخدمات ونقص المعلمين
- من الخطأ أن تتحمل الدولة وحدها التكاليف المتزايدة للتعليم.. فيجب الشراكة بين القطاع التربوي وقطاعات الإنتاج
- على السلطة التشريعية استيعاب أن إصلاح التعليم لن يتحقق بمفهوم المُسكنات المؤقتة
- التربية قضية دولة ومجتمع وحكومة ومجلس أمة ولا تخص جهة بعينها فقط
- يجب فرض ضريبة لا تقل عن 5% من أرباح الشركات والبنوك يتم توجيهها للإنفاق على تحسين التعليم
- من محاور إصلاح التعليم أن تتضمن مرحلتا رياض الأطفال والابتدائي 60% من التعليم الحياتي
- إصلاح وتطوير التعليم لن يتحقق إلا بإعادة تأهيل الموارد البشرية ورفع معدلات الإنفاق على التدريب
- يجب إتاحة الفرصة للقطاع الخاص للاستثمار في مجال التعليم العام والتعليم العالي
- ضرورة التوسع في التعليم الفني والمهني وبحث إنشاء الثانويات المهنية
إعداد وتقديم: د.سلوى عبدالله الجسار - عضو مجلس الأمة السابق أستاذ المناهج وطرق التدريس المشارك - كلية التربية - جامعة الكويت
إن قضية الإصلاح التربوي اليوم قضية كل فرد وكل مجتمع وكل دولة حيث يسعى الجميع نحو التطوير من خلال إعداد الإنسان الصالح المنتج والمتزن، ولقد أضحى التعليم أولوية وطنية تتسابق الدول إلى الاهتمام بها، والاستثمار فيه ومراجعته بهدف تطويره وتحديثه لمواكبة المستجدات العالمية.
ولعل أكثر الأمم نجاحا هي الأمم التي وجهت جهودها الى الاستثمار في تطوير الإنسان من خلال الاهتمام بالتعليم ومتطلباته لأنها قضية ترتبط بالأمن القومي والتعامل معه يجب أن يكون على كل مستويات صناعة القرار، فالتعليم اليوم هو من أهم متطلبات برامج التنمية الشاملة والمستدامة لأن نجاح أي مشروع لا يكون إلا بالتعلم الجيد القادر على التفاعل مع أبعاد التنمية وعناصرها والتي تتمثل في العامل السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
لذا، فالعلاقة بين التربية والتنمية علاقة مترابطة حيث تهدف الأنظمة العامة لأي دولة إلى أن توجه التربية من أجل نمو وازدهار التنمية.
واستطاعت بعض الدول تحقيق نموها الاقتصادي والاجتماعي من خلال التعليم.
فالتعليم يعتبر الركيزة الأساسية في نهضة وتطور البلاد.
ونلاحظ أن عملية التنمية ترتكز على الإنسان الذي يعتبر المحور الأساسي في بناء المجتمعات، فبناء الإنسان أبقى من بناء الماديات التي لا يمكن أن تضع حلولا لأي مشاكل يعاني منها أي نظام كما أنه لا يمكن الارتقاء بالعملية التعليمية دون حدوث نهضة حقيقية في أنظمة التربية، فالتربية تعمل على التنمية البشرية، وإصلاح العملية التربوية هو إصلاح لمسيرة بناء إنسان وتربية المواطنة الصالحة، وعليه يتطلب إصلاح التعليم وضع إستراتيجية مستقبلية حقيقية وواقعية ومحددة الأهداف كي نرتقي بمستوى مخرجات التعليم.
وكما أكد «فرانسوا بيرو» أن التنمية تعد مشروعا متكاملا لسد الفجوة بين المطلوب والواقع بطريقة علمية مخططة وبحركة مجتمعية منظمة وبقيم أخلاقية مشتركة وثمرة، هذا كله هو التنمية المستدامة.
وإلى تفاصيل الدراسة التي تبدأ بنظرة تشخيصية لواقع التعليم في الكويت..
أصدرت اليونسكو تقريرا حول الفساد في التعليم (6/ 2007)، مشيرة الى أن المؤسسات التعليمية في أكثر من 61 بندا تعاني من الغش الأكاديمي والإداري وهذا ما تضمنه تقريرها حول (مدارس وجامعات يعمها الفساد: كيف يمكن مواجهة هذه الظاهرة)، حيث قام بإعداده المعهد الدولي للتخطيط التربوي التابع لليونسكو.
وتناول التقرير أن ما ينفق على التعليم من مليارات لا يعادل الجهد المتمثل في توفير التعليم للجميع فهو يشكل عائقا حول تدني مستوى المعايير التعليمية وبالتالي المستوى التعليمي للطلبة ويرجع أهم الأسباب إلى عدم اعتماد آليات تنظيمية أكثر شفافية تعمل على تعزيز وتأهيل القدرات القيادية والإدارية بأن يكون أكثر قدرة على السيطرة وإدارة النظم التعليمية وحمايتها من الفساد، وقد خرج التقرير بتوصيات من أهمها التأكيد على وضع معايير واضحة ذات جودة عالية تشمل إجراءات تحدد مسؤوليات القائمين على النظام التعليمي من خلال عملية تخطيط وتوزيع واستخدام المدارس التعليمية وتحسين مستوى القيادات والإدارة والمحاسبة واتخاذ نظام رقابي يسمح بالتقويم والمتابعة ومحاسبة المقصرين.
كما يؤكد تقرير البنك الدولي حول (إصلاح التعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) الصادر في (2/2008) أن دول الشرق الأوسط تعمل على إحراز تقدم في عملية إصلاح الأنظمة التعليمية، لكن نوعية وجودة التعليم في المنطقة لم تواكب الاحتياجات الاقتصادية المتسارعة ومازالت هذه الأنظمة لا تستطيع أن تدعم تنمية المهارات التحليلية للطلاب، خاصة التي تتعلق بمهارات حل المشكلات والتفكير الإبداعي.
ولعل التصريح الذي أدلى به نائب رئيس البنك الدولي «دانييلا جرجسياني» بأننا يجب أن نعترف بأهمية الدور الحيوي للتعليم في توفير أنواع الفرص أمام الطلاب ويحب أن تضع الدول جهودا كاملة حول الالتزام السياسي بأن يوجه التعليم ليواكب احتياجات الاقتصاد وألا يكون التعليم فقط لحل مشكلة البطالة وإيجاد فرص عمل للخريجين وإنما في توفير الأعداد الجيدة لممارسة كل أنواع المهن، لذلك من الأهمية أن نوجه الجهود لإعادة النظر في المناهج ومحتوياتها وطرق التعليم وكفاءة المعلمين والموجهين الفنيين لتواكب الاحتياجات الحالية والمستقبلية.
معهد الأبحاث
مما سبق نجد أن الدراسة التي قام بها معهد الكويت للأبحاث العلمية بالتعاون مع جريدة القبس حول مؤشرات ثقة رجال الأعمال وثقة المستهلك ومستوى الرخاء الاجتماعي (ديسمبر 2007) تؤكد ما في التقارير السابقة.
فقد أشارت الدراسة إلى المؤشر العام لقياس درجة ثقة الأسر الكويتية والوافدة في مستوى الخدمات المقدمة لهم من قبل الدولة (ديسمبر 2007) وجاء التقييم للخدمات التعليمية على النحو التالي:٭ معدل التقدير جيد على (10.6%) والتقدير مقبول (46.0%) والتقدير سيئ (43.4%)، حيث بلغ مؤشر الرخاء التعليمي (33.6) نقطة من (100 نقطة) بمعنى أقل من المتوسط ويعتبر هذا المؤشر خطيرا وبحاجة إلى دراسات تعمل على تشخيص مواطن الخلل.
كما عرضت الدراسة التوقعات المستقبلية لمستوى الخدمات الحكومية خلال العامين القادمين، حيث جاء مؤشر الخدمات التعليمية بمؤشر مرتفع يدل على عدم حدوث أي تغيير في المستقبل القريب وهذه دعوة بعدم التفاؤل حيث وصلت نسبة التوقع العام (93.4%) من أصل (100) نقطة (القبس 8 يناير 2008 ـ العدد 12429).
ومن الملاحظ في نتائج الدراسة أعلاه عدم وجود مستوى رضا عن كفاءة الخدمات التعليمية في الكويت من قبل أفراد العينة رغم ارتفاع مؤشرات الإنفاق الحكومي على التعليم الذي وصل إلى اكثر من مليار دينار ما يعادل 5.9% من الإنفاق الحكومي في العام 2015/ 2016 ولعل تقرير التنافسية العالمي للعام (2015/ 2016) كشف عن تراجع جودة التعليم في الكويت إلى المرتبة (106) من أصل (148) دولة، كما جاء في بند (التعليم الأساسي) أن مستوى جودة التعليم الابتدائي حصل على ترتيب (103) من أصل (140) وجودة تعليم الرياضيات والعلوم جاء في المرتبة (99) وجودة إدارة المدارس حصل على الترتيب (88)، ومستوى توافر خدمات التدريب المهني حصل على الترتيب (112) (GCR، 2015، 2016) وبالنظر إلى (الإنفاق التعليمي وتكلفة الطالب للعام الدراسي (2013/2012) فإن هناك تطورا في مصروفات الدراسة وفق التالي:
الأعلى للتخطيط
لعل التقرير الذي صدر عن المجلس الأعلى للتخطيط (2014/ 2015) حول التعليم في الكويت، يشير إلى وجود أزمة حقيقية، وقد شمل التقرير مؤشرات تدل على تراجع جودة عناصر النظام التعليمي من مستوى الطالب، كفاءة المعلم، الإدارة المدرسية المناهج الدراسية.
وبين التقرير أن تكلفة الطالب الكويتي تفوق المتوسط السنوي العالمي بمقدار 11 ضعفا، فقد وصلت تكلفة الطالب في التعليم العام الى (475.14) دينارا كويتيا في مرحلة التعليم الأساسي، كما تحتل الكويت المرتبة (17) في العالم من حيث الإنفاق على التعليم، فقد وصلت في 2011 إلى 13% من مجموع الإنفاق العام مقارنة بما تنفقه سنغافورة على التعليم الذي يصل إلى (3.3%) من معدل الإنفاق العام.
تراجع مؤشرات الجودة
إن الاطلاع على الدراسات والأدبيات والتقارير التي تناولت موضوع إصلاح التعليم يشير إلى العديد من الانتقادات التي تعرضت لها السياسة التعليمية على مدى أكثر من 25 سنة، فقد أشار العديد من الملاحظين السياسيين والتربويين إلى أن هناك قصورا في أداة وآلية عمل هذه السياسات، الأمر الذي أدى إلى حدوث خلل وتدني مستوى الخدمات التعليمية في الدولة ولعل نتائج الطلبة الكويتيين الأخيرة للعام 2012 في الاختبارات الدولية للعلوم والرياضيات والقراءة عكست مؤشرات خطيرة، حيث تناول التقرير (ترتيب الكويت حيث جاءت في المرتبة الأخيرة خليجيا في مؤشرات الإصدار الدولي (TIMSS) في مادتي العلوم والرياضيات حيث احتلت المركز (47) من أصل (53) في اختبار العلوم وسجلت المرتبة (48) من أصل (58) دولة في اختبار الرياضيات وسجلت (46) من اصل (50) دولة في اختبار تقدم القراءة (Pirls)، كما أن النتائج النهائية للعام (2015) لاختبارات الرياضيات العالمية جاءت الكويت في المرتبة الأخيرة حيث احتلت المركز (49) من اصل (49) دولة وجاء ترتيب الكويت في نتائج اختبارات العلوم عالميا في المركز (47) من اصل (47) دولة، ما يستوجب تحليل النتائج للكشف على جوانب الخلل العلمي والإداري والفني والمهني والتي نستعرض منها أهم العوامل التي أدت إلى تدني مستوى التعليم وتراجع مؤشرات الجودة:
٭ السياسة العامة على مستوى السلطتين التشريعية والتنفيذية.
٭ مستوى القرار السياسي والتعليمي في مؤسسات الدولة وقطاع التعليم.
٭ غياب الفلسفة والرؤية التعليمية.
٭ مستوى الإدارة التعليمية والتربوية.
٭ تدني أداء المتعلم.
٭ كفاءة المعلم.
٭طرق التدريس وأساليب التعلم.
٭ المباني والإمكانات.
٭ نوع الاتفاق على التعليم.
٭ أساليب التقويم والمتابعة وقياس الجودة والكشف المبكر لصعوبات التعلم.
٭ الأسرة والتحصيل العلمي للمتعلم.
٭ أثر وسائل الإعلام في التعليم.
٭ نظرة المجتمع إلى التعليم.
٭ مجالس المعلمين والآباء.
٭ المنهج المدرسي.
٭أساليب التدريب والتنمية المهنية للعاملين في القطاع التربوي والتعليمي من الهيئة التدريسية والإدارية والفنية والإشرافية.
٭ برامج الإرشاد والتوجيه الاجتماعي والنفسي والتربوي في مؤسسات التعليم.
٭ برامج قياس جودة التعليم المدرسي وعلاقته بسوق العمل ومتطلبات التنمية المستدامة.
متطلبات ومسؤوليات
لعل متطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية تتطلب تحديد المسؤوليات المهنية والتربوية نحو توضيح الحقائق التي قد تغيب عن العديد من أفراد المجتمع وصناع القرار في المؤسسات التشريعية والتنفيذية والتي يمكن أن نوجزها في التالي:
1 ـ بداية نود أن نؤكد أن جميع المبادرات التي تقوم بها السلطة التنفيذية تؤكد حجم المسؤولية التي تقع على عاتقها والتي تدل على الخلل في الالتزام الكامل باللوائح والقوانين التي دائما تظل صمام الأمان لمسيرة التعليم في الحرص على تقديم أفضل الخدمات في الجهاز التعليمي.
وإذا ظهرت بوادر القصور والعجز في بعض الخدمات فجميع العاملين في القطاع التربوي تقع عليهم المسؤولية.
2 ـ نتيجة تراكمات تعليمية سابقة والتي بكل أسف نعاني منها اليوم يوجد قصور في عدم وجود إدارة تعليمية ذات كفاءة عالية تستطيع أن تستوعب عمل المستجدات والمتطلبات على الساحة التعليمية.
3 ـ إن ما تعاني منه وزارة التربية وباقي الوزارات من بيروقراطية مع أجهزة الدولة الأخرى تؤثر على عدم وجود كل الخدمات في وقت مناسب وان عدم وجود الاستقلالية المالية والإدارية سبب جوهري في تأخر وصول بعض الخدمات مثل الكتب المدرسية ـ توافر أعداد المعلمين ـ نقص في التمديدات واعمال الصيانة وغيرها.
4 ـ إن التعامل مع القضية التعليمية وبكل أسف ما زال تعاملا ماديا بحتا، حيث ان المال لا يمكن أن يعالج الخلل والقصور التربوي وانه من الخطأ أن تظل الدولة هي الوحيدة التي تتحمل تكاليف التعليم المتزايدة بمفردها، فلا بد أن تكون هناك شراكة بين القطاع التربوي وقطاعات الإنتاج وذلك تأكيد بأن التربية هي شأن مجتمعي مهم وخطير ومخرجاته يستفيد منها القطاعان الحكومي والخاص.
5 ـ إن المؤشرات توضح أن معدلات الإنفاق على التعليم في ارتفاع مستمر خلال السنوات القادمة وهذا الإنفاق يتأثر بالعوامل الداخلية والخارجية للنظام التعليمي الأمر الذي ما زالت له آثار سلبية على المستوى التوعوي لمخرجات التعليم وعلى التنمية الشاملة، لذا فالتعليم ما زال يمثل عبئا إضافيا وأداة استهلاكية وليس أداة إنتاج.
6 ـ يجب أن تبدأ وزارة التربية بالاعتماد على نظم تربوية لا مركزية في إدارة القطاعات التعليمية المختلفة سواء داخل الوزارة أو خارجها من خلال التأكيد على العمل بإدارة الفريق والإدارة الإستراتيجية وإدارة التغير والإبداع وإدارة الجودة الشاملة من خلال فك التشابك بين وزارة التربية والمؤسسات الأخرى التي لها دور في تطوير التعليم وهي (المركز الوطني للاعتماد الأكاديمي، مركز تطوير التعليم) وهذا لا يمكن إلا من خلال توجيه الأنظمة التعليمية على إعداد القيادة التربوية ذات الكفاءة العالية من المعلمين التربويين والإداريين، والفنيين.
نحن نعاني من جوانب خلل كبيرة وأن محاولات التغيير والتجديد لا يمكن الأخذ بها بسبب عدم توافر الكفاءات العالية ذات الجودة في الأداء والإنتاج لأنه وبكل أسف ما زالت الأنظمة التعليمية التي تقدم هي الأنظمة التي تركز على تعليم المعرفة وتلقينها وليست أنظمة التجديد والتوظيف الحياتي وصناعة الإنسان الذي أصبح لزاما أن تواجه متطلبات نمو المتعلم لهذه المرحلة الحالية والمستقبلية.
7 ـ عدم توافر الإدارة السياسية والقرار السياسي لدعم خطط واستراتيجيات التطوير من خلال مرونة القيادة السياسية الواعية التي تجعل مصلحة التعليم فوق الاعتبار وهذا ليس بيد وزير التربية فقط وإنما السلطة التشريعية التي يجب أن تعي جيدا أن إصلاح التعليم لا يكون بمعيار الزمن أو بمفهوم المسكنات المؤقتة نحن الآن نعيش ترسبات إدارة تعليمية تقليدية سابقة وإن مناقشة إصلاح التعليم في الدولة ليست بيد جهة معينة بل مسؤولية الجميع من خلال منظور مؤسسي وجماعي وليس فرديا أو حزبيا أو تيارا سياسيا أو دينيا لأن عندما تصاحب مفاهيم السياسية قيم التعليم فإنها بداية النهاية.
ان وضع مدخل علمي ذا منظور موضوعي يجب أن تسند مسؤولية إصلاح التعليم وتطويره إلى المؤسسات التي لها دور أساسي في التعليم، فالاقتصاد والإعلام والاجتماع والسياسة لهم دور في إصلاح التعليم، فالتربية هي قضية دولة ومجتمع وحكومة ومجلس أمة وليست لجهة معينة فقط.
آلية تطوير النظام التربوي
إن عمل تطوير الأنظمة التربوية وإصلاحات القطاع التعليمي لا يمكن تحقيقها إلا بتوافر شروط مهمة والتي ذكرها (الخطيب، 2006):٭ توافر الإدارة السياسية لدعم خطط واستراتيجيات التطوير التربوي.
على أن تقوم القيادة السياسية بتوفير كل الموارد البشرية والمالية والتكنولوجية للنظم التربوية لتمكينها من القيام بمسؤولياتها المتعلقة بتحقيق التنمية البشرية في كل المجالات.
٭ اعتماد المنحنى الوظيفي كمدخل لتطوير وتجديد النظم التربوية، وهذا المدخل يتوجه في عملية الإصلاح التربوية برؤية شاملة تتضمن المدخلات والعمليات والمخرجات، بسياساته وخططه وأهدافه وهياكله وبناه التنظيمية والإدارية ومناهجه وطرق وأساليب التدريس والامتحانات والاختبارات والتقويم والإعداد والتدريب بحيث تتم مراعاة جميع عناصر النظام التربوي.
٭ ان تبدأ وزارة التربية ممارسة للتوجهات الحديثة في مجال إدارة الأنظمة التربوية والتي تعتمد على اللامركزية الإدارية من خلال الفريق وإدارة التغير والإبداع وتطبيق مفاهيم الجودة الشاملة.
٭ ضرورة إيجاد نوع من الشراكة بين القطاع التربوي وقطاعات الإنتاج الأخرى في المجتمع هذه الشراكة لا تتحقق إلا من خلال فرض ضريبة لا تقل عن (5%) مثلا من أرباح الشركات والصناعات والبنوك والمعاملات التجارية والعقارات بحيث توجه إلى الإنفاق على تحسين التعليم.
ومن الأهمية أنه لكونه هناك برامج تقويم شاملة لكل القوانين والتشريعات التي تعمل من خلالها الأنظمة التربوية بهدف التأكيد بأن التعليم هو الأداة نحو بناء الإنسان وأن تحقيق التنمية الشاملة لا يكون إلا من خلال تطوير الموارد البشرية.
الإصلاح أولوية
مما سبق نرى أن عملية تطوير التعليم بصورة عامة تتطلب التأكيد على الاهتمام بإعادة النظر في البنود التالية كأولوية في إصلاح التعليم:
1 ـ أولوية تطوير الخدمات التعليمية في رؤية الحكومة والبرلمان.
2 ـ توظيف العولمة لتطوير التعليم.
3 ـ الثورة العلمية التكنولوجية.
4 ـ التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي صاحبت الحراك المجتمعي ومتطلباته.
5 ـ البدائل في مجال مصادر التعليم وتنويع مساراته.
6 ـ رفع مستوى أداء العاملين في القطاعين التربوي والتعليمي.
مرتكزات التعليم
وتناولت الدراسة مقترح الإطار العام للإستراتيجية التربوية في ظل المستجدات المحلية والعالمية حتى عام 2025، موضحة أن التعليم المتصف بالفاعلية والجودة العالية يجب أن يقوم على عدة مرتكزات رئيسية وهي:1 ـ إعادة صياغة الرؤية والرسالة لنظام التعليم بما يتواكب مع كل المستجدات وطبيعة المتعلم.
2 ـ تكافؤ الفرص التعليمية والتأكيد على مراعاة الفروق الفردية والتنوع الاجتماعي للمتعلمين.
3 ـ اعتبار البعد الإنساني للطلاب أساس التعليم (الخطيب والخطيب، 377:2006).
4 ـ التأكيد على أهمية التدريب والتنمية المهنية لجميع العاملين في القطاع التعليمي والعمل على تقويم الأداء بربط الاحتياجات التعليمية بمحتوى التدريب والتأهيل والإعداد المهني للمعلمين.
5 ـ تطوير أنظمة التقويم والقياس لتشخيص التحصيل الدراسي للطلاب وتطبيق نظام قياس جودة التعليم ومؤشرات قياس التحصيل العلمي والمهاري للمتعلمين.
6 ـ إعادة توجيه أساليب الإنفاق على تطوير التعليم.
محاور الإصلاح
على ضوء المرتكزات السابقة يجب العمل على عدة محاور، وهي:
المحور الأول
أن للجميع حقاً في التعليم، حسب ما جاء في (ميثاق الأمم المتحدة) مادة 28 والتي نصت على:
٭ الاهتمام بمرحلة الرياض والتعليم الابتدائي مع التأكيد على متابعة الالتزام بالتحصيل العلمي لأن هذه المرحلة تمثل أساس العملية التعليمية.
وان توجه فلسفة التعليم في هذه المراحل الى التعليم الحياتي بشكل واسع بحيث يحتل نسبة 60% من الخطة الدراسية والباقي يوجه الى التعليم الاساسي في تعلم مهارات اللغة العربية والرياضيات والتربية الاسلامية والعلوم.
٭ تشجيع تطوير أشكال التعليم الثانوي العام والمهني (التقني) وتوفيرها وإتاحتها لجميع الطلبة واتخاذ التدابير المناسبة لتطوير التعليم وتقديم المساعدة وكل أنواع الدعم الفني عند الحاجة إليها.
٭ جعل التعليم العام بشتى الوسائل المناسبة متاحا للجميع على أساس قدرات الطلبة وميولهم.
٭ جعل المعلومات والمبادئ الإرشادية التربوية والمهنية متوافرة لجميع الطلبة وفي متناولهم.
٭ اتخاذ تدابير لتشجيع الحضور المنتظم في المدارس والتقليل من معدلات التسرب من المدرسة.
٭ الانتقال من تعليم المعرفة الى تعليم استخدام المعرفة لان قيادة التغيير تحتاج الى إكساب المتعلم أنواعا من المعرفة والمهارة والقيم وتعزيز الاتجاهات الإيجابية للمتعلم بهدف اعداد المواطن الصالح.
المحور الثاني
جاء ليؤكد ما جاء في مقولة الرئيس الأميركي بوش عن الإستراتيجية التعليمية في الولايات المتحدة الأميركية: «لقد خطونا خطوة موفقة، ونحن نضع أبصار الأمة على ستة أهداف تربوية قومية طموحة، ووضعنا غايتنا لتحقيق ذلك عام 2000 فلطلبة اليوم لا بد أن نجعل المدارس القائمة أفضل، وأن نجعلها موضعا لمحاسبة أكبر، ولطلبة الغد أعني الجيل القادم لا بد أن نضع جيلا جديدا من المدارس الأميركية»، هذه المبادرة تقوم على جعل المدرسة تناسب كل تلميذ ملتحق بها، وأن يجد كل طالب التعليم الذي يتناسب مع قدراته وإمكانياته مؤكدين أن الجميع لديه القدرة على التعلم.
المحور الثالث
يجب الاهتمام بتعليم القيم التربوية لما لها من مكانة في حياة الفرد والمجتمع وذلك لمحاربة الفساد بأنواعه وإعداد الفرد المتزن والمنتج ومحاربة التعليم المستهلك غير الهادف من خلال تعزيز مفاهيم وقيم المواطنة في إعداد المواطن الصالح لممارسة مسؤولياته في المجتمع.
المحور الرابع
يؤكد رفع معدل حجم الإنفاق على التدريب لأن إصلاح وتطوير التعليم لا يكون إلا بإعادة التأهيل لكل الموارد البشرية وان يصبح التدريب والإعداد والتأهيل أولى الأولويات على سلم التغيير، ليس فقط في موازنة وزارة التربية وإنما على مستوى برنامج عمل الحكومة ومؤسسات المجتمع.
المحور الخامس
إن الاعتقاد بأن المال يعالج القصور والخلل التربوي اعتقاد خاطئ، فالتعليم الجيد مكلف ولا يمكن الحصول على مخرجات ذات كفاءة نوعية إلا من خلال توجيه وسائل وحجم الإنفاق على التعليم بسياسة واضحة تحدد البرامج والمشاريع وفق برنامج زمني محدد.
تكلفة الطالب في العام الدراسي 1993 / 1994
٭ لمرحلة رياض الأطفال: 1975 دينارا
٭ للمرحلة الابتدائية: 1596 دينارا
٭ للمرحلة المتوسطة: 1547 دينارا
٭ للمرحلة الثانوية: 2068 دينارا
تكلفة الطالب في العام الدراسي 2012 / 2013
٭ لمرحلة رياض الأطفال: 3983 دينارا
٭ للمرحلة الابتدائية: 2870 دينارا
٭ للمرحلة المتوسطة: 3220 دينارا
٭ للمرحلة الثانوية: 4402 دينار
مقترحات عامة لتنفيذ إستراتيجية التربية في الكويت
٭ الإيمان بأهمية الإصلاحات في التعليم بهدف مواكبة روح العصر، وتحسين عوائد البرامج التربوية ونتائجها.
٭ إعادة النظر في البرامج التربوية ومضامينها لتصبح قادرة على المنافسة والتأقلم مع متطلبات العصر الحديث، بهدف خلق إنسان جديد قادر على التفكير والابداع والتميز والمنافسة.
٭ بناء أنظمة تربوية مرنة وجذابة لمواجهة التغيرات السريعة والمتلاحقة على الساحة الدولية عبر مسارات التعليم المختلفة التي تواكب متطلبات المتعلم واحتياجاته.
٭ التكامل والتعاون في المؤسسات المجتمعية ومؤسسات التعليم والإنتاج وعدم الاقتصار على المدرسة أو الجامعة، أي التحول من النظرة الضيقة إلى النظرة الموسعة للتربية ومصادر التعلم الواسع.
٭ إن النظام التربوي جزء من منظومة اجتماعية أوسع يؤثر ويتأثر بها، ونجاح الأنظمة التربوية يتأثر إلى حد كبير بطبيعة العلاقة والتغيرات التي تتم في المنظومات الأخرى خاصة الاقتصادية والسياسية والثقافية، أي أن إصلاح التعليم يجب أن يوجه من خلال التخطيط الشامل من كل القطاعات التنموية في المجتمع.
٭ مشاركة مجتمعية موسعة للتطوير والإصلاح التربوي وذلك من خلال خطة وطنية تهدف إلى وضع رؤية لتمكين الإصلاح التعليمي والتربوي وفق برنامج زمني محدد.
٭ الاهتمام بالتقويم الشامل للعملية التربوية وعدم الاهتمام فقط بتقويم التحصيل الدراسي للتلاميذ من خلال المراجعة الدورية المستمرة للمؤسسات التعليمية وتقويمها تقويما داخليا وخارجيا، وفق ضوابط ومعايير الجودة النوعية في مؤسسات التعلم العام والتعليم العالي.
٭ أن تكون هناك صيغ شراكة في تمويل قطاع التعليم العام والجامعي، من خلال إتاحة الفرص للقطاع الخاص بالاستثمار في مجال التعليم العام والعالي.
٭ التوسع في مجال التعليم الفني والمهني والتفكير في مرحلة التعليم العام بإنشاء الثانويات المهنية، وضرورة فتح القنوات بين هذه الأنظمة والأنظمة الأخرى من التعليم مع مراعاة المرونة بين أنظمة التعليم المختلفة.
٭ أن يتم ربط التعليم بسوق العمل ومراكز الإنتاج، والسعي المتواصل لأحداث المواءمة بين برامج التأهيل والتدريب والإعداد لسد حاجة سوق العمل.
٭ التوسع في برامج التدريب المتواصل أثناء الخدمة مع الاهتمام بالنوعية وان يسند التدريب إلى الجامعة. مع الأخذ بتطبيق نظام الترخيص للمعلم والترخيص لمدير المدرسة وفق معايير معتمدة محليا وعالميا لضمان اختيار أصحاب الكفاءة للعمل في المؤسسات التعليمية.
٭ تبني صيغ الإدارة اللامركزية في العمل الإداري والتربوي وإعطاء المزيد من الصلاحيات للمستويات المختلفة في صناعة القرار.
٭ توفير مساحة وحرية أكبر وصلاحيات للمدرسين ومديري المدارس والإدارات التعليمية في صناعة القرارات المرتبطة بتطوير المحتوى التعليمي، وأساليب التدريس وتقويم المتعلمين.
٭ الابتعاد عن الأساليب التقليدية في التعليم المتمركزة حول الحفظ والتلقين، وإحلال طرائق وأساليب ترتكز على الفهم والنقد والتحليل وحل المشكلات وتنمية مهارات التفكير بأنواعه.
٭ لا بد من إعادة النظر في دور المعلم في العملية التعليمية، فيجب التحول من دور الملقن والمسيطر والمرسل إلى دور يهدف إلى إعداد المتعلم لممارسة أدواره الحياتية كمواطن منتج.
٭ البعد عن التسلط الإداري والرقابة التعليمية الموجهة، والدعوة إلى إيجاد مناخ تربوي متبادل تحكمه السلوكيات الديموقراطية والحريات المدروسة.
٭ فرض التعليم المفتوح والتعليم عن بعد كبدائل تربوية إستراتيجية في مراحل التعليم المختلفة مع التأكيد على أهمية وضع الإجراءات والضوابط اللازمة لضمان الجودة والكفاءة النوعية.
٭ الابتعاد عن الأساليب التقليدية في أنظمة التقويم والقياس خاصة الامتحانات والاستعاضة عنها بطرق وأساليب جديدة ومبتكرة تؤكد على أهمية الأداء ونوعيته وليس على النتائج.