ليلى الشافعي ـ ضاري المطيري
استهجن عدد من الدعاة والعلماء خبر تعيين أو اقتراح تعيين مؤذنات نساء للمساجد، مؤكدين أن فقهاء الإسلام اشترطوا في المؤذن الذكورية، كما أكدوا أن حرمة أذان المرأة ورفع صوتها بين الرجال مجمع عليه بين علماء الإسلام بلا خلاف طوال التاريخ الإسلامي، واصفين هذا العمل بالبدعة المستنكرة القبيحة، وفيما يلي آراء بعض الدعاة الذين استفتتهم «الأنباء» حول حيثيات قضية السماح للمرأة بالأذان أسوة بالرجل حيث تم السماح لهن بذلك في مملكة البحرين وذلك بحسب ما نشرته جريدة «إيلاف» الالكترونية. وفيما يلي آراء العلماء حول هذه المسألة:
بداية استنكر الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الداعية حاي الحاي تصدي المرأة لمنصب رجالي ذكوري كوظيفة الأذان، واصفا إياها بالبدعة والمنكر القبيح الذي لم يحدث طوال التاريخ الإسلامي، وقال إنها لمصيبة كبرى وطامة عظمى ومخالفة صريحة ومباينة شنيعة لشريعة الله، حيث يقول سبحانه (وقرن في بيوتكن)، خاصة انها ستحتاج الى الخروج من بيتها للمسجد 5 مرات، وتساءل الحاي كيف سيكون الحال مع المرأة المؤذنة في صلاتي العشاء والفجر حيث الظلام الدامس والحالك، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول «المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان».
وتابع أن المرأة أشد ما تكون أمنا وهي في قعر دارها وبيتها، مشيرا إلى أن صوتها فتنة وذلك لرقته ونعومته ونداوته، وأضاف الحاي أنه لم يثبت عن أحد من العلماء المسلمين على اختلاف مذاهبهم بجواز أذان المرأة أو أنه مستساغ، لافتا إلى أن القول بجوازه باطل لا يجوز شرعا، وتابع قوله كيف ستصنع المرأة المؤذنة في حال أن تأخر الإمام في الحضور، وهل ستتقدم للإمامة حيث من المتعارف عليه عند الفقهاء أن من أذن فهو يقيم.
الأذان فرض كفاية
ومن جهته أوضح رئيس اللجنة العلمية التابعة لجمعية إحياء التراث الإسلامي د.محمد النجدي أن الأذان فرض كفاية على الرجال في الحضر، بينما يسن في المنفرد، لافتا إلى أنه لا أذان على النساء بغير خلاف بين الصحابة ومن بعدهم وأنه لا يجوز أبدا، وتابع أن المرأة ممنوعة من رفع الصوت بالمسجد بقولها سبحان الله بل لها أن تصفق إذا سها الإمام، متسائلا كيف يسمح لها بعد هذا برفع الأذان في الحي وفي المدينة.
ومن جهته أوضح الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الداعية داود العسعوسي أنه لم يعرف في التاريخ الإسلامي قط أن امرأة تولت مهمة الأذان، مشيرا إلى أن جمهور العلماء نصوا على أنه ليس على النساء أذان لأن الأذان لصلاة الجماعة والجماعة لا تجب عليهن، كما أنه يشرع في الأذان رفع الصوت والمرأة ليست من أهل ذلك. وتابع ان الشروط التي اشترطها الفقهاء في المؤذن أن يكون ذكرا، لافتا إلى أن تكليف المرأة بالأذان يعد فتح باب شر ومخالفة لما عليه جماهير الأمة عبر قرون الإسلام، وأضاف العسعوسي أنه لا بأس بأن تؤذن المرأة وتقيم ان كانت في مصلى نساء خاص ولا يسري صوتها وإنما تسمع فقط من حولها من النساء، لأن النساء شقائق الرجال في أصل هذه العبادة ولكن بهذا القيد، لافتا إلى أن ما نقل عن عائشة رضي الله عنها فيه نظر وإن كان فيه دليل على المسألة الأخيرة فقط.
واعتبر د.سعد العنزي ان عمل المرأة مؤذنة من الأمور المبتدعة وهو خلاف السنة وتاريخ العالم الاسلامي لم يحدث فيه مثل هذا إلا في عصرنا الذي اختلطت فيه المفاهيم وجهل فيه الكثير من العلوم الشرعية واصبحت الفتيا رخيصة الثمن، لذا اقول بأنه لم نسمع من قبل او نقرأ عبر التاريخ الاسلامي ان امرأة تولت أذان المسلمين، كما ان المرأة بحكم صوتها عورة، وعلى المرأة ان تتقي الله عز وجل بما خصها الله تعالى من مهام وميزات وان الله تبارك وتعالى قد جعل للمرأة المسلمة صفات خاصة ومهام خاصة بها وجعل ايضا للرجال مهام وصفات لا يجوز الخوض فيها باسم الحرية والديموقراطية او الحضارة، وقال اعتقد ان هذه مشكلة كبيرة، ويجب على الوزارة التي تقوم على شؤون المساجد والمسلمين ان تسأل أهل العلم والفتيا قبل التعيين لهذه الوظيفة او اتخاذ اي قرار، كما انها مفسدة كبيرة وهي بدعة مستحدثة في الدين واختراع جديد ان نجعل المرأة مؤذنة. من قبل في الغرب جعلوها اماما وخطيبا والآن في الدول الاسلامية يجعلونها مؤذنا، وهذا أمر مستهدف في الدين والنبي صلى الله عليه وسلم يقول «كل أمر ليس عليه أمرنا فهو رد» أي مردود على صاحبه.
كما ان هذا لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مع ان في عهده كانت النساء عالمات وفقيهات ومع ذلك لم يكن هناك أذان للنساء، اذن فهو أمر رد. واضاف د.العنزي انه اذا كان في أذان النساء خير كثير وعبادة لفعلته أمهات المؤمنين ولكن لم يسمع ان نساء المؤمنين ولا الصحابيات ولا نساء السلف الصالح عملن مؤذنات ولم نسمع بذلك الا في عصرنا الاغبر.
لم يثبت
وبدوره اكد الداعية احمد الكوس انه لم يثبت على مر العصور الاسلامية ولا على مر التاريخ الاسلامي تولي المرأة الامامة او الاذان وقال: هذه عبادات خاصة بالرجال كما بينها الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك باتفاق المذاهب الاربعة انه ليس على النساء اذان ولا اقامة، وفي المذهب الجنبلي يقول ابن قدامة رحمه الله: ليس للنساء اذان ولا اقامة.
كذلك مذهب الشافعي، يقول الامام النووي لا يصح أذان المرأة للرجال وبه قطع الجمهور وكذلك ايضا جاء في الشرح الكبير «لا يصح لامرأة» (أي الأذان) كذلك ابن عابدين في حاشيته قال «كراهية الاذان للنساء» فالجميع باتفاق على عدم الجواز ويتفق العلماء على عدم مشروعية اذان النساء للرجال، والادلة واضحة، واضاف الكوس: وينص على ذلك فتوى العلامة ابن باز بعدم جواز اذان النساء للرجال وكذلك فتوى اللجنة الدائمة في السعودية، اما ما يقال الآن فهو من الامور المستحدثة وبدعة.
وزاد الكوس ان العبادات توقيفية لم ينص عليها فلا يجوز للمسلم ان يستحدث شيئا من نفسه والا كان بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعلى هؤلاء الناس ان يتقوا الله عز وجل فلا يزيدوا او ينقصوا شيئا من دين الله، فالله تعالى اكمل هذا الدين، وعندما توفى الله النبي صلى الله عليه وسلم اكمل دينه، وكل ما يحتاجه المسلم واضح في الكتاب والسنة فلا يجوز لأي انسان ان يستحدث شيئا في الدين وهذا تلاعب في دين الله فعليهم تقوى الله والرجوع اليه.
بدعة وضلالة
ومن جهته استنكر الداعية صالح الغانم نبأ تعيين ثلاث مؤذنات في مساجد البحرين وقال هذا بدعة منكرة وضلالة وتجرؤ على شرع الله تعالى ولم نسمع ان هناك مؤذنات يقمن بهذا العمل وقد اتفقت المذاهب الاسلامية جميعا على حرمة شغل المرأة لهذا العمل، وقد قرأت نص الخبر واؤيد بشدة وأوافق النائب السلفي الشيخ جاسم السعيدي على ما تفضل به ردا على هذا الخبر، ونسأل الله ان يوفقهم بالرجوع الى الحق.
ومن جانبه، استنكر الامام والخطيب بوزارة الأوقاف الداعية فيحان الجرمان الخبر مؤكدا انه ليس من الاسلام في شيء، واضاف ان الفقهاء اجمعوا على عدم مشروعية الأذان والإقامة للصلاة عند النساء مستشهدا بنص الامام الشافعي في كتابه الأم «ولا تؤذّن امرأة ولو أذّنت للرجال لم يجزئ عنهم أذانها»، وتابع بأن الحنابلة والأحناف يرون ببطلان أذانها في حين يرى المالكية استحباب إعادته. وعقب الداعية خالد السلطان بقوله: ما سمعناه سابقة خطيرة وخرق لما استقرت عليه الأمة، فالأذان في المساجد للرجال، وليس للنساء نصيب في ذلك، وقد منع الشارع المرأة من رفع صوتها بين الرجال وذلك بالتلبية وقت الحج فكيف تنفرد بصوتها ليسمعها القريب والبعيد من الأتقياء والفجّار، فأين إغلاق باب الفتنة وسد الذرائع؟
المهري: على متولي المساجد عدم الموافقة على أذان المرأة
قال وكيل المرجعيات الشيعية في البلاد السيد محمد باقر المهري: لا ينبغي للمرأة المسلمة ان تؤذن في المساجد بصوت عال ومن خلال الميكروفون وإذا كان فيه إثارة وتهييج للرجال فيحرم عليها إسماع صوتها.
وتابع: إن الأذان شعيرة اسلامية مقدسة ومحترمة ولا ينبغي انحراف هذه الشعيرة الدينية عن مجراها فالمرأة المسلمة لا تستطيع من الناحية الشرعية اسماع صوتها للاجانب إذا كان فيه ترقيق وإثارة للرجال ومن الواضح ان أذان المرأة بصوت مرتفع فيه تهييج للسامع فيطمع الذي في قلبه مرض، فعليها ألا توافق على ذلك وعلى المسلمين منع مثل هذه الامور الدخيلة على الشعائر الإسلامية حتى أن خلفاء الجور والظالمين لم يتجرأوا على تعيين النساء بعنوان المؤذنات في المساجد وباعتباري وكيلا لجميع المراجع الدينية أقول على المرأة المسلمة ترك ذلك وعلى متولي المساجد عدم الموافقة على أذان المرأة.
الكردي لـ «الأنباء»: الذكورة شرط واجب للمؤذن وصوت المراة في الأذان يوقع الفتنة
اسامة ابو السعود
خبير الموسوعة الفقهية وعضو هيئة الفتوى في دولة الكويت د. احمد الحجي الكردي اجاب على سؤالي «الانباء» بحسب ما جاء في الموسوعة الفقهية في موضوعي اذان المرأة وإمامتها حيث قال اولا بالنسبة لأذان المرأة: من الشروط الواجبة في المؤذن أن يكون رجلا، فلا يصح أذان المرأة، لأن رفع صوتها قد يوقع في الفتنة، وهذا عند الجمهور في الجملة، ولا يعتد بأذانها لو أذنت. واعتبر الحنفية الذكورة من السنن، وكرهوا أذان المرأة، واستحب الإمام أبو حنيفة إعادة الأذان لو أذنت، وفي البدائع: لو أذنت للقوم أجزأ، ولا يعاد، لحصول المقصود، وأجاز بعض الشافعية أذانها لجماعة النساء دون رفع صوتها.
وفيما يتعلق بإمامة المرأة قال الكردي يشترط لإمامة الرجال أن يكون الإمام ذكرا، فلا تصح إمامة المرأة للرجال، وهذا متفق عليه بين الفقهاء، لما ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أخروهن من حيث أخرهن الله» والأمر بتأخيرهن نهي عن الصلاة خلفهن، ولما روى جابر مرفوعا: «لا تؤمن امرأة رجلا» ولأن في إمامتها للرجال افتتانا بها.
واضاف أما إمامة المرأة للنساء فجائزة عند جمهور الفقهاء ـ وهم الحنفية والشافعية والحنابلة - واستدل الجمهور لجواز إمامة المرأة للنساء بحديث أم ورقة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها».
لكن كره الحنفية إمامتها لهن، لأنها لا تخلو عن نقص واجب أو مندوب، فإنه يكره لهن الأذان والإقامة، ويكره تقدم المرأة الإمام عليهن. فإذا صلت النساء صلاة الجماعة بإمامة امرأة وقفت المرأة الإمام وسطهن. أما المالكية فلا تجوز إمامة المرأة عندهم مطلقا ولو لمثلها في فرض أو نفل.