إعداد: محمود صلاح
«البيوت أسرار» ..ولا يحق لأحد أن يدخل بيتا دون استئذان لكن إذا فتح البيت بابه وقلبه لأخيه الإنسان فقد يجد في ذلك راحة وتفهما
للتواصل
[email protected]
سفاح الإسكندرية الفصل الثاني «2 - 2»
كان المليونير «بولفارا» قد نهض من نومه على طلقات الرصاص.. اضاء نور الحجرة وفتح النافذة المطلة على الحديقة، لكنه لم يتبين شيئا لشدة الظلام، وسمع أنين الخادم وشاهده ملقى على درجات السلم، فهرول إلى الباب الرئيسي واضاء النور ليفاجأ بالخادم والدماء تنزف من ساقه.
ولم تمض دقائق حتى كانت الفيلا الهادئة تغص برجال الشرطة والمباحث وأحاط رجال الشرطة بالخادم المجني عليه، وضربوا حصارا حول الفيلا، وفتشوا كل شبر بحثا عن السفاح.
وعندما عرض رجال المباحث صورة السفاح على الخادم المصاب، لم يكن في كامل وعيه لكنه مع ذلك أدلى بأوصاف تنطبق على السفاح.
قال انه قصير ويرتدي الملابس الأفرنجية!وما جعل ظنون رجال المباحث تتجه إلى اتهام السفاح، أنهم علموا قبل الحادث بساعات أنه شوهد يتجول في منطقة الرمل وهو يرتدي ملابس «خواجة».
والسفاح الهارب يستخدم سيارات التاكسي في تنقلاته.
وهو ينتقل من سيارة تاكسي.. إلى أخرى.
وفي كل مرة يكشف لسائق التاكسي عن شخصيته ويهدده بمسدسه ثم يهبط ويختفي في الظلام!وحدث أنه ركب سيارة تاكسي وطلب من السائق توصيله إلى محطة بنزين كليوباترا بطريق الحرية، لكنه طلب منه التوقف في أحد الاركان المظلمة، ثم شهر مسدسه في وجه سائق التاكسي ومد له يده الأخرى بجريدة فيها صورته.. وقال للسائق وهو يشير إلى الصورة: تعرف ده مين؟عقد الرعب لسان السائق وهو ينظر إلى وجه السفاح، الذي ناوله خطابا.. وقال له: سلم ده.. لرجال المباحث!وفي هذه الرسالة كتب السفاح يقول لرجال المباحث: «ان هدفي الوحيد هو المحامي وزوجتي فقط.. والى أن أتوصل اليهما سأظل أسفك الدماء»!
٭٭٭
وبدأت الصحف سباقا محموما في تتبع أخبار السفاح الهارب.. وكان سباقا صحافيا غريبا، حتى ان الصحف في اليوم التالي عندما لم تعثر على أخبار جديدة عن السفاح كتبت جريدة الأخبار على الصفحة الأولي مانشيتا مثيرا يقول «سفاح الإسكندرية في اجازة 24 ساعة».
وقالت «الأخبار»: ان سفاح الإسكندرية أخذ أمس اجازة لم يطلق فيها رصاصة واحدة!لكنه اتصل بمترجم وهدده بالقتل واتهمه بأنه على علاقة بزوجته نوال!لكن الصحف صدرت في اليوم التالي وهي تحمل على صفحاتها الأولى رسالة من حكمدار الإسكندرية للسفاح يقول له فيها.. سلم نفسك!وقالت الصحف ان محافظ الإسكندرية قال ان محمود أمين سليمان لص وليس سفاحا، وانه فشل في قتل ضحاياه ولم يقتل منهم الا واحدا لكن السرقة هي هوايته!وقال اللواء صديق عبداللطيف حكمدار الإسكندرية: إن من المفترض على الجمهور أن يعاون في القبض عليه، والابلاغ عنه فمعظم البلاغات تكون كاذبة!وقال حكمدار الإسكندرية: ان هذا السفاح في نظرنا شيء تافه وهو يحب السطو على المنازل الكبيرة لأنه لص «أرستقراطي»، وأنا أطلب من الناس ألا يتأثروا بتهديداته، ورجال الشرطة لا ينامون بحثا عنه، ولا بد أن نقبض عليه حيا أو ميتا.. ونصيحتي للسفاح هي «سلم نفسك حتى نضع حالتك النفسية موضع الاعتبار»!وفي نفس اليوم.. قامت اذاعة الإسكندرية المحلية باذاعة أوصاف محمود أمين سليمان، وناشدت الجمهور مساعدة الشرطة بالارشاد عنه وعدم تقديم بلاغات كاذبة، وحذرت كل شخص يتستر عليه!وفي نفس اليوم أيضا..
قامت شرطة الإسكندرية بلصق صور محمود أمين سليمان بالحجم الكبير على حوائط وجدران المدينة، وكان بين كل صورة وصورة مائة متر، وكتب على الصورة «مطلوب القبض على هذا السفاح»!
٭٭٭
وأسرع بعض الصحافيين إلى بيت المحامي بدرالدين أيوب، الذي قال محمود أمين سليمان إنه سيكون الهدف الأول لرصاصات مسدسه..وكان الاضطراب باديا على المحامي.. لكنه كان جالسا يكتب مذكرات السفاح كما رواها له!وتحدث المحامي للصحافيين..
وقال لهم: لقد شوه السفاح محمود أمين سليمان سمعتي، وزلزال مركزي كمحام.. ولقد بدأت حكايتي معه سنة 1950 عندما أحضر لي سكرتيري أنور سالم هذا الشخص إلى مكتبي لأول مرة، وأفهمني أنه عديله وطلب مني محمود أمين سليمان حضور تحقيق خاص بزوجته نوال عبدالرؤوف، التي كانت محتجزة في قسم شرطة باب شرقي لاتهامها باخفاء كاميرا مسروقة، وحضرت التحقيق وقالت نوال إن الكاميرا أهداها لها أحد أقارب زوجها الذي يعيش في سورية وتم الافراج عنها.
وبعد يوم عاد محمود أمين سليمان إلى مكتبي..
ودفع لي باقي أتعابي وكان من عادته أن يدفع أتعابا مجزية تصل إلى مائة جنيه ثم جلس يدردش معي، وعرفت منه أنه صاحب دار نشر كبيرة ويملك جراجا في سيدي بشر، ويمتلك سيارة لكنها محجوزة في قضية عندي.
ومن مناقشتي الأولى معه اعتقدت انه شخص مثقف مهذب!كان يتكلم الانجليزية والفرنسية بطلاقة، ويراعي «الاتيكيت» في تصرفاته كأولاد الذوات!
وبعد أسبوع تقريبا.. حضرت إلى مكتبي زوجته نوال، وأبلغتني أنه محبوس على ذمة قضية سرقة أم كلثوم، وفوجئت بهذا الخبر لأنني لم أكن أتصور أنه لص، وطلبت مني السفر إلى القاهرة للدفاع عنه، أمام محكمة جنح قصر النيل، ولكي تتأكد من سفري طلبت أن تسافر معي، هي وغادة أخت محمود أمين سليمان، التي كانت متزوجة من «أمباشي بحري» اسمه حسن.
وسافرنا بالفعل نحن الثلاثة..
واقمت بمفردي في فندق المغربل. أما هما فلا أدري أين أقامتا. وفي اليوم التالي حضرت القضية وحكم فيها بحبسه 6 شهور.
وكانت صدمة لنوال.. وعدنا إلى الإسكندرية..
٭٭٭
واكمل المحامي بدر الدين ايوب حكايته قائلا:وطلبت مني نوال أن أبحث عن أي وسيلة لاخراج زوجها محمود من السجن، وصارحتني بأنه محكوم عليه غيابيا شهرين لتبديده منقولات كانت محجوزا عليها وفاء لمبلغ 28 جنيها أجرة سكنه بالقاهرة.
وقدمت اشكالا في حبسه أمام محكمة الجنح المستأنفة.
وكان ذلك الأول من نوعه وقضى بقبول الاشكال والافراج عنه.. لكن في اثناء وجود محمود في السجن على ذمة عقوبة قضية فيلا أم كلثوم تمكن من الهرب مرتين، وكلفني بالحضور والدفاع عنه في قضيتي الهرب، وقضي فيهما بالبراءة من محكمتي جنح عابدين والخليفة!وكانت لمحمود أمين سليمان طريقته في الهرب من السجن..كان يحاول الانتحار بابتلاع دبابيس أو شفرات حلاقة، وينقلونه إلى المستشفى ويتظاهر أمام الحراس أن معه محفظة مليئة بالأوراق المالية ويضعها أمامهم تحت المخدة، ثم يطلب التوجه إلى دورة المياه، فلا يخطر على بال الحراس أنه سيهرب مادام قد ترك نقوده تحت المخدة!وعندما صدرت الأحكام بالبراءة في قضايا الهروب وتم الافراج عنه، أذهله ذلك لأنه لم يكن يتصور أنه سيتم الافراج عنه، ولم يكن يخاطبني الا وعيناه في الأرض.
وبدأ محمود يعترف لي بأسراره.. ويعترف أيضا بجرائمه!وقال لي إنه منذ صغره وحتى الآن كان مسيرا وكان مدفوعا إلى طريق الجريمة..وسألني: قل لي.. ماذا أفعل؟
لماذا نحلم .. وما هو تفسير أحلامنا؟!
ما هي حكايتنا مع الأحلام؟
وما هي حكاية الأحلام معنا؟
لماذا نحلم في بعض الليالي.. وفي ليال أخرى لا نحلم؟
وأي طريق نلجأ.. لتفسير أحلامنا؟
وهل تصدق.. تفسير الأحلام؟
توقيع: م.
أتحداك أحد أشهر الأطباء في علم النفسي يرد عليك.
يقول د. عادل صادق: كلنا نحلم..
فيظل الإنسان يحلم طوال عمره.
ونحن نحلم ونحن نائمون.. وهذا شكل آخر من أشكال الحياة التي فقط على مستوى المخ، فنحن في الحلم نتحرك ونجري.. نبكي ونضحك.. ونحزن ونسعد.. ونحن نائمون لا نتحرك.. نفعل كل ذلك وكأنه واقع ولا ندرك اننا نحلم، ونحن نحلم أيضا ونحن مستيقظون وهذه تسمى أحلام اليقظة وقد تظل معنا أحلام اليقظة حتى آخر العمر.. والإنسان لا يكف عن أحلام اليقظة حتى نهاية عمره حتى لو كان على فراش الموت، وهو لا يتوقف عن أحلام اليقظة الا في حالة الاكتئاب.
فالإنسان المكتئب يفقد آماله وطموحاته وحماسه لكل شيء.
تموت الحياة في عينيه، وفي قلبه، ولهذا تموت أحلامه، وأحلام اليقظة ليست هروبا من الواقع كما يقولون، فبعض أحلام اليقظة اذا كان فيها بعض الواقعية قد تكون وقودا يغذي الواقع، وينمي طموح الإنسان، وبعض هذه الأحلام تصورات للمستقبل، والذي لا يحلم وهو مستيقظ مريض، لا يعنيه الغد كيف يكون، ولا يدرك الا يومه.
اما أحلامنا ونحن نائمون فهي نوع من الهلوسة.
نحن نرى ونسمع في الحلم، دون ان يكون هناك مصور أو مؤثر خارجي لهذه المرئيات والسمعيات. وقد يهلوس الإنسان وهو مستيقظ وهذا هو الجنون أو المرض العقلي. وأحلامنا ونحن نائمون تتسم أحيانا بعدم الواقعية، وقد تكون فيها أفكار غير منطقية ولا يكون فيها ترتيب موضوعي، وينتقل الإنسان في الحلم من موقف الى آخر دون أي ارتباط بينها.
هل الحلم نوع أو شكل من أشكال الجنون؟!
الغريب ان الحرمان من الأحلام قد يؤدي الى الجنون.
وللأحلام وظيفة مهمة.. هي وظيفة وقائية من المرض النفسي، ونحن نحتاج الى فترات تشبه الأحلام لكي نحمي أنفسنا من الجنون، فهي دواء الوقاية من الجنون، يكون احيانا بصيص الجنون، وهذا ما نعيشه ونحن نائمون في أحلامنا، فالدواء من نفس الداء.
يقول فرويد: ان مصدر أحلامنا هو العقل الباطن، حيث توجد كل الرغبات المكبوتة، والأفكار المطمورة، والمشاعر المخنوقة، في صندوق داخلي نحكم إغلاقه، حتى لا يتسرب منه شيء، يفضحنا ويكشفنا ويعرينا، وفي حياتنا نفتح كل فترة هذا الصندوق بحذر، ثم نغلقه بشدة حتى لا يتسرب منه شيء، يكشفنا امام الناس الذين يرفضون كل ما نخفيه، وامام الواقع الذي يرفض كل ذلك، الواقع له قوانين ولوائح ونظم ترفض ما نتمناه وما نشتهيه.. لكن الرغبات والنزوات لا تموت أبدا.
تظل في مكانها في الصندوق المغلق، تظل داخلنا، رغم اننا لا ندركها ولا نعيها، قد تضجر امرأة من أمها المريضة كثيرة الشكوى، كثيرة الطلبات، وقد تتمنى موتها حتى تستريح، لكنها لا تستطيع حتى مواجهة نفسها بهذه الرغبة الشريرة، فتزوي هذه الرغبة في الصندوق المغلق، وتظل تؤكد انها تحب امها وعلى استعداد للتضحية طول عمرها من اجل عمرها، لكن في أعماق الصندوق المغلق داخل عقلها الباطن تطل امنيتها الشريرة.
والرغبات المحرمة كذلك، الرغبات الجنسية والعاطفية، التي هي ضد الدين وضد المجتمع، لا يكفي ان تكبت للأبد داخل الإنسان، لا بد من ازاحة لها، رغم ان الإنسان في وعيه يحاول ان يخفيها ويتنكرها، ويبذل في ذلك جهدا كبيرا.. لكنه في النهاية يحتاج الى وقت يواجه فيه هذه الرغبات دون ضغوط.. والفرصة الوحيدة هي الأحلام وهو نائم!
وفي الأحلام.. قد نعيش أحداث العمر كلها كأنها نهارا أو ليلا، وفي الأحلام نعيش سنوات لا تستغرق أكثر من ساعات النوم، في الأحلام نرى أنفسنا أطفالا أو شيوخا، نمشي عراة، أو نتلفظ بأي لفظ، ثم حين نستيقظ ندهش مما قلناه في الحلم.
العقل الباطن إناء مغلق يفور على النار بما فيه.
ولا يوجد سوى متنفس واحد هو الأحلام.
ولهذا يصاب الإنسان بالإرهاق والتوتر، اذا توقف عن الأحلام.
أجريت بعض التجارب المعملية لحرمان بعض الناس من فرصة الحلم وذلك بإيقاظه حين بداية الحلم عن طريق جهاز رسالة المخ الكهربائي، الذي تشير تموجاته الى بداية الحلم.. واذا طالت فترة الحرمان فإن هؤلاء يصابون بحالة تشبه الجنون، وتتسم بالهلوسات.
ويقول فرويد: ان الحلم له شكل ظاهر يختلف عن المعنى الكامن. هناك محتوى ظاهر ومحتوى كامن للأحلام.
ولهذا لا يمكن ان نأخذ الأحلام بشكلها الظاهر، فهناك معنى كامن في الأحلام، لكن في بعض الأحوال يكون الشكل الظاهر مطابقا للمعنى الكامن في بعض الأحوال وليس كلها.
كما ان بعض الكبار يحلمون بشكل مباشر ومطابق لرغباتهم.
ويكون الشكل الظاهر للحلم مطابقا للمعنى الكامن، كما هو الحال في احلام الأطفال، فالطفل يعبر بشكل مباشر عن رغباته، والمتخلف عقليا أو محدود الذكاء كالطفل تطابق أحلامه واقعه المقهور.
والسؤال: هل ترتبط الأحلام ارتباطا مباشرا بواقع الإنسان؟
هل لها علاقة مثلا بطفولته؟
يقول فرويد: نعم.
والعالم الإسلامي محمد بن سيرين يعتبر من أشهر الأوائل الذين قاموا بتفسير الرؤية وتفسير الأحلام، ولد ابن سيرين قبل انتهاء خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، سنة ثلاثة وثلاثين للهجرة، وتوفي سنة عشر ومائة، وكان أحد المؤمنين المحافظين على دينهم، يثق به الجميع ويأتمنونه، وكان ضليعا في علوم الفقه، وإماما واسع الثقافة والعلم، قويا عميق الإيمان، واشتهر بالدقة في المعلومات، فكان مصدر ثقة للجميع، وكان اذا سئل عن الرؤيا يقول للسائل: اتق الله في اليقظة، فلا يضرك ما رأيت في النوم.
وكان يقول عن الأحلام وتفسيرها: هذا علم يقين كالدين.
انظروا جيدا من أين تأتي لكم.
وقد نسبت اليه بعض الكتب في تفسير الأحلام وتعبير الرؤيا أهمها كتاب «تعبير الرؤيا» ومنتحب الكلام في تفسير الأحلام، وقد عاش حياته ضريرا، وبدأ حياته بتفسير الأحلام، وانتهى بحلم.
وفي كتاب «تعبير الرؤيا» يحدد ابن سيرين نهجه في تفسير الأحلام وتعبير الرؤيا، الأصول التي يرجع اليها المعبر أو المفسر ويستعين بها في تفسير ما يقص عليه من رؤيا وأحلام. ويقول: «ولما كانت الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة، لزم ان يكون المعبر عالما بكتاب الله، حافظا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، خبيرا بلسان العرب، واشتقاق الألفاظ، عارفا بهيئات الناس، ضابطا لأصول التعبير.
لكن هذه المعرفة لا تكفي، أو لا تؤهل صاحبها لأن يضطلع بمهمة التفسير، فلا بد من سمات أخلاقية حتى يتمتع برضى الله، ويلهمه الصواب في التعبير، ولهذا لزم ان يكون المعبر عفيف النفس، طاهر الأخلاق، صادق اللسان، ليوفقه الله لما فيه الصواب، ويهديه لمعرفة معارف أولي الألباب، فالمعرفة والخلق الحسن شرطان للاطمئنان الى صدق التفسير وسلامة التعبير، وهذه المعرفة لا بد ان تكون شاملة متكاملة فإن الرؤى باختلاف الأزمنة والأزمات، تارة تعبر من كتاب الله، وتارة تعبر عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتارة تعبير من المثل السائد.
وقد تقول الرؤيا مرة من لفظ الاسم، ومرة من معناه، ومرة من ضميره، ومرة من اشتقاقه، ومرة بالزيادة ومرة بالنقصان.
وكان ابن سيرين بعيد النظر موضوعيا حين اعتبر ان التفسير مرتبط بأحوال الأزمنة والأوقات، خاصة اذا اعتمدنا على المثل السائد في التعبير. فأحلام الناس تتشكل من واقعهم الذي يعيشون فيه، زيادة الحلم مستوحاة من الأفكار والعادات السائدة، في وقت من الأوقات، أو زمن من الأزمنة.
وهذا يعني ان الحلم سوف يختلف باختلاف أحوال الوقت والأزمنة، وبالتالي سوف يختلف التفسير، ولذلك فإن المعبر أو المفسر لا بد ان يلتزم بما هو سائد في عصره.
إذن.. فرويد يتكلم عن الماضي.
وابن سيرين يتحدث عن المستقبل.
لكن الله وحده هو المطلع على الغيب.
والله أعلم.
من هو المجنون.. أنت.. أو أنا.. أو هؤلاء؟!
يقول الطبيب النفسي وهو متعجب: طوال حياتي لم ار مجنونا يكذب او ينافق، لم اعرف مجنونا ينصب او يخدع او يغش.. ولم اجد مجنونا واحدا يدعي او يبالغ، ولم اتعرف الى مجنون ممتلئ بالحقد او الكراهية، ولم اعرف مجنونا يحاول ان يضع قناعا على وجهه او يزيف حقيقة، لم اجد مجنونا يحاول ان يؤذي عن عمد اخاه الانسان، لم أر مجنونا يرتشي او يزور او يسيطر على حق انسان.
المجنون انسان صادق 100%، انه يخرج بمنتهى الشجاعة كل في عقله ودون تحفظ.
والعقلاء ماذا يفعلون؟
انظر حولك، وتأمل هؤلاء الذين تعتقد انهم يتمتعون بعقل سليم، هؤلاء الذين لا تقول عنهم انهم مجانين، مظهرهم حلو، ويتحدثون بذوق وبالمعقول، يبتسمون برقة ويتصرفون بأدب، حاول ان تنظر الى أبعد من ملابسهم النظيفة، ثم حاول ان تتذكر حياتك معهم وحياتهم معك، كم منهم عرفته مرتشيا؟ كم منهم عرفته حقودا يكره الناس ولا يتورع عن ايذاء الغير بكل بساطة من اجل اطماعه وشهواته؟ أليسوا كذلك في الحقيقة؟
ان مشكلة المجنون مع نفسه، انه لا يتعرض لاحد من حوله، انه انسان انسحب الى عالم خاص به، يعيش في هذا العالم مع خيالاته وأوهامه التي يحتفظ بها لنفسه، ويجاهد ليخفيها عن الناس حتى لا يصبح مثارا لسخريتهم.
والعلم الحديث اثبت بما لا يدع مجالا للشك ان الاضطرابات العقلية تحدث نتيجة اضطرابات كيميائية في بعض مراكز مخ الانسان، لكن العلم لم يقدم تفسيرا مقنعا للاعراض المرضية.
هل يأتي الجنون بالوراثة؟
او في البئية؟
او من الاثنين معا؟
الشيء المؤكد ان الاطباء توصلوا الى ادوية معينة تحاول ان تعالج هذا الاضطراب العقلي.
والمثل الشعبي يقول: المجانين في نعيم!
من اذن.. المجنون؟
انا.. انت.. أم هؤلاء الذين يعيشون حولنا ويرتكبون تحت الارض وفوقها كل هذه الاعمال الشيطانية الجنونية؟
ومع ذلك نقول عليهم عقلاء!
ردود خاصة
إلى القارئ (ع. ع)
أرجو ألا تضخم المشكلة.. ولا تعالجها بالخطأ.
بعض الرجال في هذه المرحلة من العمر يتصورون ان بإمكانهم خداع الزمان فيتشبهون بالشباب هذه الأيام، في ملابسهم وسلوكهم، ويتصورون ان بإمكانهم ان بدء حياتهم من جديد، وقد يتزوج الواحد منهم فتاة تصغره بكثير، ويدخل في صراع مضن مع الزوجة الصغيرة، بينما الأفضل له ان يعيش حياة هادئة مطمئنة.
إياك والحزن والاكتئاب.
كل عمر وله ظروفه ولباسه.
والحياة فيها الكثير مما يمكن ان يشغل وقتك ويريح بالك ويسعد قلبك.
إلى (الحائرة د)
يجب ان تكون الابتسامة دائمة على وجهك، كلما طالعك زوجك، ابتسامة المرأة دواء وسعادة، ابتسامتها تشيع الهدوء والاطمئنان والسكينة، المرأة الصالحة لا تكشر في وجه زوجها، وهي التي اذا نظر اليها سرته، وحفظته في ماله وعرضه.
ابتسمي من فضلك.
الابتسامة لا تقلل من كرامتك.. بل ستزيدها وتزيد حبه واحترامه وتقديره لك.
والله معك.