فُجِع الوسط الإعلامي فجر أمس بخبر الرحيل المفاجئ للزميل الكاتب والشاعر سعد المعطش إثر أزمة صحية، وذلك عن عمر يناهز ٥٤ عاما بعد مسيرة مهنية بارزة كرسته كأحد أعلام الشعر الشعبي في الخليج العربي، وكان رحمه الله متميزا خاصة بفن الزهيريات، وصاحب قلم سياسي ناقد ولاذع لا يخشى في قول الحق لومة لائم.
وبرحيل «بوصالح»، فقد الإعلام الكويتي عموما و«الأنباء» خصوصا أحد الزملاء المشهود لهم بالصراحة والجرأة والشجاعة في الطرح الوطني. على مدى سنوات خصص الزميل المعطش زاويته الدورية في صفحة «آراء» والتي حملت عنوان «رماح» للدفاع عن الكويت وقضاياها العادلة ولمشاركة المواطن الكويتي همومه، ولم يغب أيضا عن القضايا العربية والإنسانية.
نحو 35 عاما قضاها «بوصالح»، رحمه الله، في بحور الشعر الشعبي وعالم الإعلام والصحافة، متنقلا فيها بين عدد من الصحف الكويتية، وصولا الى «الأنباء» التي احتضنت زاويته «رماح» بدءا من مارس 2012.
وللراحل أيضا جولاته في التلفزيون، حيث أعد الكثير من البرامج مثل «على الوتر» عبر تلفزيون الكويت، و«خيمة أبها» و«خيمة هلا فبراير» عبر ART، ومقدم برنامج «اللوبي» عبر قناة «العدالة»، بالإضافة الى إعداد وتقديم برامج إذاعية مثل «مواويل عربية» و«مواهب خليجية» وغيرها.
صاحب قلم بارع ومقالات متميزة، تنقل خلالها بين القضايا الاجتماعية والسياسية والوطنية، والتي كانت تعكس قدرته على تحريك سكون الكلمات بأكبر قدر من خفة الظل والدخول بعمق الى مواضيعه، للوصول مع القارئ بسهولة إلى الفكرة عبر لغة سهلة معبرة عن تطلعاته وأفكاره حتى وإن اختلف معها فقد كان القارئ يتفاعل معها بطريقة متناهية.
مع بداية كتابته المقالات في جريدة «الراي» في اغسطس 2007 اختار «رمح الشمال» عنوانا لزاويته ثم اختصرها إلى «رماح» لتعبر عن شخصيته وكتاباته فالرمح يعد سلاحا بارزا تواجه به عدوك ويعرفه الجميع بمن فيهم الأصدقاء ولا يستطيع احد ان يغيره او يبدله.
في عام 2014 أصدر الراحل كتابا جديدا بعنوان «رماح» وهو مجموعة من المقالات بلغت 278 مقالا، اشتملت على معلومات وطرائف كثيرة نابعة من معرفة مميزة بالتاريخ، كما لم تخل من الاستشهاد بالشعر، إضافة الى العناوين المتميزة لتلك المقالات التي جذبت القارئ لقراءتها.
المعطش بأسلوبه الساخر ضمن مقالاته في ذلك الكثير من الأفكار «الخارجة عن الصندوق أو التفكير النمطي المعتاد وهذه احدى دلالات التميز والإبداع، كما قال الزميل سامي النصف في تقديمه للكتاب».
في ابريل 2015 قرر مجلس إدارة المركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، تكليف الصحافي سعد محمد معطش العنزي سفيرا للصحافة العربية للعام 2015 لدى المركز.
وجاء في كتاب التكليف ان تكليف المعطش جاء بناء على الترشيحات الدولية من السفراء، وبحسب التوصيات الصادرة عن الهيئات والمنظمات الدولية ذات العلاقة، وباستيفاء الشروط المقررة لمهام سفير الصحافة العربية.
ولدوره الريادي في الدفاع عن مسيرة حقوق الإنسان وأعماله المستنيرة لمساندة حرية الصحافة والإعلام التي قدمها في العديد من المحافل الدولية.الكاتب المختلفوصفه الزميل عبدالله الفلاح بأنه كاتب مختلف كالشعر وشاعر مؤتلف في كتابته، يرتب الامكنة بقدومه، وعندما يغادرها لا يخلف سوى التساؤل، اي كاتب غريب هذا الذي لا يمكن ان تكون له كتابة عابرة.. وأي عبور تشكل كلماته خطى مغايرة لها؟سعد المعطش.. الصوت الذي يحمل المدى وما حوى من ثقة ومدى آخر شرع ابوابه للأسئلة ليعيدها بأجوبة لا يمكن ان تمر مرور الكرام.
أول قصيدةعن بداياته في عالم الشعر تحدث الراحل في لقاء صحافي مع «الأنباء» عام 2009 قائلا: كان اول تواجد لي مع الأخت المبرقعة في صفحتها براكين صحراوية في جريدة الهدف، وايضا مع نايف الحربي في جريدة القبس وناصر السبيعي وحمود البغيلي.
أما اول قصيدة تم نشرها فكانت زهيرية عام 1984.
يعتبر نفسه الجيل الذي بنى الساحة الشعبية، وتمنى في لقاء سابق معه أن يكون قد ادى مهمته قائلا: لا يوجد ما يمكن ان اقوله بعد هذه السنوات سوى انني ارجو فعلا ان اكون قد وفقت في ان اقدم شيئا مفيدا للقارئ والمستمع، أحيانا اتمنى ان اكون قد اوصلت معلومة مفيدة وأحيانا ان اكون صوتا للعشرات ممن لا صوت لهم وأما شعريا فأتمنى ان اكون قد قدمت تجربة خالصة تحمل اسمي وخصوصيتي كشاعر.
بهذه المناسبة الحزينة تتقدم «الأنباء» من أسرة الزميل الفقيد بأحر التعازي، داعين الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم ذويه الصبر والسلوان.
( إنا لله وإنا إليه راجعون).
المقال الأخير
رماح
الهيبز العربي
متطلبات البشر كثيرة وتختلف كثيرا عن بعضها، ولو لبينا جميع المتطلبات التي يريدها الآخرون مهما كان قربهم لنا لأصبحت الحياة لا تطاق، وقد تكون رغبات شخص واحد هي نهاية وضياع مجتمع كامل بسببها.
فكثيرا ما نسمع عن متطلبات الشباب وتجد من يصر على أن تلبى رغباتهم وطموحاتهم وتجد أن هذا الإصرار يكون من أشخاص كبار في السن ولهم تجارب كبيرة في الحياة وهذا الإصرار يقودنا لتخوف نسأل الله أن يكفينا شرهم.
فإما أن هذا الشخص هو عدو لمجتمعه ويبحث عن الخراب، أو أنه يريد الوصول لهدفه عن طريق دغدغة مشاعرهم أنه معهم ولهم، والحقيقة أنه لا يهمه الشباب الذي يتحدث عن مستقبلهم، ولا يهمه أمرهم حتى لو كانوا وقودا لحرق المجتمع، وهذا ما يجب أن نحذر الناس منه.
لنعُد بالزمن لما يسمى مجموعة «الهيبز» التي سيطرت على المجتمع الأميركي في فترة السبعينيات، وكيف بدأت من قبل مجاميع من الشباب يريدون أن يعيشوا حسب طريقتهم التي يريدونها دون أن يحاسبهم المجتمع على تصرفاتهم الشاذة والمنبوذة اجتماعيا.
لقد نجحت تلك الحركة في بدايتها باسم الشباب وانتشرت في كل بقاع العالم وغيرت كثيرا من الأمور في حياة المجتمعات التي ظهرت فيها، فانتشرت المخدرات والأمراض لديهم حتى لعنوا الساعة التي ظهرت بها الهيبز التي «هبلوا» بهم.
خلاصة الأمر أنه ليس كل ما يريده الشباب أو الناس يكون صالحا للجميع، فالعالم لا زال يعاني من رغبات البعض، وليأخذ كل شخص عبرة من نفسه وتصرفاته السابقة، فكم من أمر كنا نريده ونتمناه في فترة الشباب واليوم نبكي ندما بسببه.
ولنرجع للهيبز الأميركان، فقد كانت فكرة أسسها ونشرها تجار المخدرات للترويج لما يريدون انتشاره في مجتمعاتهم مستغلين الشباب، والأمر ليس مختلفا عند تجار السياسة العرب فكثير منهم يستغل الشباب للوصول للسلطة وفهمكم كفاية ان كنتم تفهمون.
أدام الله من فوت الفرصة على من يستغله تحت أي حجة، ولا دام من يريد ضياع بلده ومجتمعه بحجة تقليد الآخرين.
سعد المعطش
الجبري: الساحة الإعلامية فقدت أحد أصحاب الأقلام الوطنية
نعى وزير الإعلام ورئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب محمد الجبري أمس المغفور له الزميل سعد المعطش.
وقال الجبري في بيان صحافي ان الساحة الصحافية والإعلامية الكويتية فقدت برحيل الزميل سعد المعطش أحد أصحاب الأقلام الوطنية المعبرة عن القضايا الوطنية بجرأة الناقد العاشق لوطنه وأهله والمستندة إلى قيم الولاء والانتماء الوطني مستهدفا برماح كلماته المصلحة الوطنية وأهله.
وتقدم الوزير الجبري إلى أسرة الفقيد بخالص التعازي وصادق المواساة، داعيا المولى تعالى أن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله ومحبيه وزملاء دربه من الصحافيين والإعلاميين جميل الصبر والسلوان.
كنسمة صيف هادئة رحل..
تاركا في قلب كل صديق حسرة، وفي عقل كل قارئ فكرة، وفي أذن كل مستمع عبارة قام بنحت حروفها بإزميل نحات فنان، جاعلا جمله قطعا فنية لا تتكرر.
.. رحل «بوصالح».. سعد المعطش، وقبل أيام جاء مكتبي معزيا في وفاة والد زوجتي، وكانت ابتسامته المعتادة خافتة هادئة، نظر طويلا الى فنجان قهوته وقال جملة حرص على ان يوضح حروفها حرفا.. حرفا، قال: «يا بوساره انتوا المصريين بتقولوا اللي بيموت بيرتاح.. وما حدش عارف مين هيرتاح قبل مين».. قالها واحتضنني بشدة كعادته.. وانصرف.
الآن استرحت يا بوصالح وتركت لأصدقائك ومحبيك لوعة الفراق.. وقسوة الفقد.
وبرحيلك فقدت الكويت كاتبا وطنيا.. عاشقا لتراب بلده.. مخلصا لأهلها.
رحمك الله وأسكنك فسيح جناته.. وألهمنا الصبر على فقدك، حتى نلتقي.
حسام فتحي
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]
أطلق رماحه الأخيرة.. ورحل
كل من عرف الزميل الفقيد سعد المعطش، رحمه الله، لا بد وقد طُبع في ذاكرته أثر ابتسامته وإنسانيته وكرمه وحبه لبلده الكويت التي لم يتردد في الدفاع عن قضاياها وهموم مواطنيها في كل محطة من محطات مسيرته الإعلامية الثرية التي تنقل خلالها بين أعرق الوسائل الإعلامية الكويتية والخليجية.
كان بوصالح، لكل من عرفه، متسامحا ومنفتحا على الرأي الآخر، يُبقي دائما مساحة الحوار مفتوحة أمام الإقناع كما الاقتناع، لذا كان الحديث معه، مهما تنوع واشتد، متعة دائمة يزيدها تشويقا أسلوبه في الطرح وضحكته التي يلطف بها الأجواء وتجسد جمال روحه وطيبته.
كان شخصية شعبية بامتياز في الشعر والكتابة والأسلوب العفوي والتمسك بالتراث والكثير من الأعراف والتقاليد الاجتماعية وهي عوامل ساهمت معا في تكوين شخصيته الخاصة التي قربته من قلوب الناس، وعكسها الحزن الكبير الذي تلا خبر غيابه المؤلم.
في زاويته الدورية «رماح» بصفحة «آراء» كان الختام دائما مع مقولة بـ «أدام الله من....» و«ولا دام من....».
وخلال مسيرته أطلق الزميل العزيز ما يكفي من «الرماح» والنصائح والرؤى آخرها قبل يومين ليبقى في ذاكرتنا كأحد الأساتذة الذين تعلمنا منهم وأثروا فينا.
نعزي عائلته الكريمة والأسرة الإعلامية ونعزي أنفسنا بفقد زميل وأستاذ، داعين الله أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته وأن يسكنه فسيح جناته.
توقفت «الرماح».. لكن الأثر الطيب الذي حققه صاحبها لن يغيب.
محمد بسام الحسيني
[email protected]
ومَنْ لا يحب سعد المعطش؟!
مؤلما ومحزنا جدا كان وقع خبر رحيل الصديق العزيز سعد المعطش، ومفاجئا أيضا كوننا نعتقد دائما في قرارة أنفسنا أن البَاسِمِين أبعد ما يكونون عن شبح الموت.
مخيف بالنسبة لي شخصيا لأنني وعلى غير العادة سأتصل برقمه ولن يكون بوصالح على الطرف الآخر من الهاتف.
لا أعرف الكاتب المختلف حوله سعد المعطش، ولكنني أعرف جيدا الإنسان الصديق طيب القلب النقي طاهر الروح عفيف اللسان بوصالح.
حتى في أسوأ حالاته كان يضع الابتسامة على وجهه ويصنعها ويوزعها على الجميع، كان رحمه الله أكثر شخص يؤمن بأن الابتسامة صدقة يستحقها الجميع.
كان حتى أكثر الناس اختلافا معه يحبونه سرا بينهم وبين أنفسهم، لأنه وببساطة كان يعزل وبشكل احترافي بين خلافه السياسي وتعامله الإنساني مع الآخرين.
اختلفت معه أم اتفقت، وافقته أم رفضت ما يدعو إليه على طول الخط، لا يمكن إلا أن تعترف انه شخص لا تستطيع كراهيته أو حتى رميه بنظرة كراهية واحدة، لأنك لابد ان تكون قد وقعت في فخ بياض قلبه.
ديوانه يشبه قلبه، يتسع للجميع على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم وآرائهم وأجناسهم، لذا ربما لم يعترض احد عندما اطلق على ديوانه «ديوان الوحدة الوطنية»، لسنوات وديوانه كان مقرا أدبيا سياسيا وعلوم رجال أيضا.
بو صالح الأخ والصديق والزميل وكاتم أسرار الكثيرين رحل عن دنيانا تاركا وراءه أثرا طيبا وذكريات جميلة تجدها في قلوب كل من عاصروه أو عملوا معه أو حتى كان حظهم سعيدا ان دخلوا في دائرة صداقته.
بوصالح كان كويتيا حقيقيا بكل ما تحمل الكلمة من معنى، يقف من الجميع على مسافة واحدة، قلمه يشبهه وحروفه فيها شيء من ملامحه وجمله التي يستخدمها في مقالاته هي ذاتها جمله التي يستخدمها في حياته اليومية، لا يمكنك أن تجد شخصا يكره سعد المعطش لسبب بسيط جدا انه كان لا يجيد الكراهية.
بوصالح رحمه الله كان متصالحا مع نفسه، لم يدع بشيء ليس فيه، عرفته منذ ٢٠ عاما ولم يتغير إلا إلى الأفضل.
شخصيته شخصية السهل الممتنع، قلب يسع الجميع حتى ان لم تسع قلوبهم لبعض آرائه السياسية.
ومن يعرفه جيدا يعرف ماذا أعني جيدا، فرحم الله الصديق والأخ العزيز سعد المعطش رحمة واسعة وبدل سيئاته حسنات، وأبدله دارا خيرا من داره وفتح على قبره روضة من رياض الجنة وكتبه مع الصديقين في عليين، فليس بأيدينا له سوى الدعاء وتقديم خالص العزاء لأسرته الكريمة.
توضيح الواضح:
والله لم أكن أحب أو أن أشأ أن أكتب مقالة رثاء في العزيز بوصالح، ولكن عزائي أن هذه المقالة لم أكتبها أنا بل كتبها بوصالح بطيب الذكرى التي أحفظها وأعرفها عنه لتكون آخر مقالاته بقلمي.. أو بالأصح بقلبه.
ذعار الرشيدي
[email protected]