دعت الكويت أمس الاثنين المجتمع الدولي الى ضرورة التعامل مع اي جريمة ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في سورية.
جاء ذلك في كلمة الكويت التي القاها المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الاخرى في جنيف السفير جمال الغنيم امام الدورة الـ 39 لمجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان في اطار الحوار التفاعلي مع اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق في سورية.
وقال الغنيم انه «قد هالنا ما ورد في التقرير عن عمليات النزوح الداخلي الذي تسببت به المعارك في الأشهر الستة الماضية إذ نزح أكثر من مليون مواطن سوري من ديارهم وباتوا يعيشون في ظروف قاسية». وأضاف انه «لمن المقلق أن تحدث عمليات نزوح أخرى في محافظة إدلب إذا لم تتوصل الأطراف إلى تسوية».
وأشار الى التحذير الذي ورد في تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق في سورية من ان اي عمل عسكري جديد في محافظة ادلب السورية سيقود الى ازمة كارثية تمس اكثر من ثلاثة ملايين يعيشون في تلك المنطقة.
ولفت الى ان نصف هؤلاء السكان من النازحين الذين تم إيواء البعض منهم في مباني المدارس غير المهيأة لاستقبالهم، فيما تسكن الغالبية منهم في مخيمات مكتظة وتفتقر للحد الأدنى من الخدمات الأساسية.
وأكد ان الكويت تطالب المجتمع الدولي بأن يولي هذه المسألة أهمية قصوى منعا لأي تداعيات إنسانية سلمية والعمل على تجنب ذلك البلد الشقيق المزيد من الآلام والمآسي والتشريد.
كما دعا إلى الاهتمام بالمسائل الإنسانية كالسماح الآمن والمستدام لدخول المساعدات الإنسانية والإخلاء الطبي ومنع حصار المناطق السكنية وذلك انطلاقا من الالتزام والتقيد بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
وقال ان الكويت تدين بشدة الانتهاكات الخطيرة والممنهجة لحقوق الإنسان التي يتعرض لها أبناء الشعب السوري الشقيق في كل أنحاء سورية والتي تم توثيقها في تقرير اللجنة بما في ذلك ما ورد عن استمرار الاعتداءات على المدنيين الأبرياء دون وازع أو ضمير واعتداءات عشوائية متعمدة على الأهداف المدنية واستخدام الأسلحة المحظورة وارتكاب كم كبير من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تعد انتهاكات صريحة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأضاف ان الكويت تدين ايضا الاعتداءات المتكررة على المرافق الطبية وغيرها من البنى التحتية المدنية والاستخدام العشوائي للأسلحة الثقيلة وعمليات القصف الجوي التي غالبا ما يكون ضحاياها من المدنيين الأبرياء. في السياق ذاته، شرح الغنيم دور الكويت من خلال عضويتها في مجلس الأمن لإيجاد آلية لتحسين الوضع الإنساني في سورية بقدر الإمكان وذلك عبر تبني القرار رقم 2401 بالإجماع في فبراير الماضي، معربا عن «خيبة أمل» إزاء عدم تنفيذ هذا القرار على ارض الواقع بشكل كامل.
وقال إن هذا القرار جاء برغبة إنسانية صادقة لإعطاء الفرصة للمدنيين العزل من التقاط أنفاسهم بعد أن جاءت الحرب على كل ممتلكاتهم والمنشآت المدنية والمستشفيات والمراكز الطبية في مخالفة واضحة وصريحة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأكد ان الكويت تجدد مطالبتها بالسماح بحرية وصول الأمم المتحدة والهيئات الإنسانية ودون عوائق إلى جميع المناطق السورية بما في ذلك إمكانية الوصول الفوري للمناطق المحاصرة كي تقوم بدورها الإنساني تجاه المدنيين الموجودين في مناطق القتال.
وقال إن الكويت تدرك مسؤوليتها وواجبها للوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق الذي يمر بمأساة إنسانية غير مسبوقة في عصرنا الحديث فتبنت ديبلوماسية إنسانية تجاه هذه الأزمة وحققت نتائج ملموسة من خلال استضافتها لثلاثة مؤتمرات دولية للمانحين لدعم الشعب السوري الشقيق في الداخل والخارج في الأعوام 2013 و2014 و2015 علاوة على مشاركتها في رئاسة مؤتمرات المانحين في لندن وبروكسل.
وبين أن الكويت تولي أهمية بالغة لدعم جهود المنظمات المعنية برعاية اللاجئين في مجالي رعاية الطفل والتعليم، مشيرا في هذا الإطار الى التذكير بالدعوة التي أطلقها صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لدعم ومساعدة الأطفال والشباب من النازحين واللاجئين السوريين من خلال اعتماد برامج وخطط توفر لهم فرصا للتعلم بما يمكنهم من مواجهة أعباء الحياة ويعينهم على رسم مستقبلهم ومستقبل بلادهم ويحصن عقولهم من الأفكار الهدامة.
وناشد كل الدول التي أعلنت عن تعهداتها في المؤتمرات الستة التي عقدت لدعم الشعب السوري الشقيق الإيفاء بتلك التعهدات والالتزامات لرفع المعاناة عن الشعب السوري الشقيق في الداخل والخارج.
وقال ان الكويت لاتزال مقتنعة بأن الحل الوحيد الممكن للأزمة السورية يتمثل في الحل السياسي الذي يلبي تطلعات الشعب السوري وفقا لما ورد في بيان جنيف عام 2012 واستنادا الى ما نصت عليه القرارات والبيانات الدولية الصادرة بهذا الصدد.
ودعا الغنيم مجلس الامم المتحدة لحقوق الإنسان إلى التحرك لوقف المزيد من التداعيات الإنسانية، كما تطلع إلى تعاون الجميع مع جهود مبعوث الأمين العام ستافان ديمستورا الهادفة إلى تحقيق السلام.
وكانت الدورة الـ 29 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد بدأت في العاشر من سبتمبر وتواصل أعمالها حتى الـ 28 منه لمتابعة ملفات حقوق الإنسان كافة ومناقشة المقررين الخواص حول كيفية تعزيزها والتغلب على الثغرات.