- النوع المنتشر في الكويت حالياً هو ذبابة المنزل وتعيش 15-25 يوماً والأنثى تضع ما يقرب من 1000 بيضة بعد التزاوج
- الرجل الواحدة تحمل الآلاف من البكتيريا والتخلص منها بأجهزة الصواعق الكهربائية أو المبيدات التقليدية المنزلية
محمد راتب
كشفت الأستاذ المساعد في قسم العلوم كلية التربية الأساسية التطبيقي د.جنان الحربي ان الكويت تتعرض لاجتياح من ذبابة المنزل التي تعد من الحشرات الخطرة، بسبب طبيعة حياتها ووجودها في القمامة والمخلفات البشرية فهي تحمل الميكروبات في أمعائها وفي أرجلها، وتتقيأ كل حمولتها من البكتيريا على مكان نزولها، ويمكن أن تتسبب في العديد من الأمراض الناتجة عن العدوى إذا ظلت موجودة بهذا العدد الكبير.
وحذرت من الاستهانة بهذه الحشرة في المنازل والمطاعم او المستشفيات مع ضرورة القضاء عليها فورا، والاحتياط منها فهي ناقلة حيوية للتيفوئيد والكوليرا والسالمونيلا ومرض السل والإسهال ومرض الجمرة الخبيثة، متوقعة انتهاء الظاهرة قريبا عند وصول درجة الحرارة إلى أقل من 20 درجة مئوية، مشيرة إلى انه سيكون هناك اكتساح آخر للذباب مع الربيع، وبدايات الصيف، وقبل أن تشتد الحرارة بسبب المخزون الكبير من الشرانق الذي تكون بعد تزاوج العدد الكبير الحالي من الحشرات.
«الأنباء» التقت الأستاذ المساعد في قسم العلوم كلية التربية الأساسية التطبيقي د.جنان الحربي للحديث عن ظاهرة خطرة تتعرض لها الكويت، وجاءت تفاصيل اللقاء كما في السطور التالية:
بداية، انتشار الذباب في الكويت أحدث الهلع والخوف بسبب وجود هذه الحشرة بشكل غير مسبوق، هلا أخبرتنا عن هذه الذبابة وبعض التفاصيل عن حياتها؟
٭ الذبابة المنتشرة الآن وبكثرة تسمى ذبابة المنزل Musca domestica، وهي تتميز بدورة حياة قصيرة من 15إلى 25 يوما، ويمكن أن تعيش لفترة تصل الى 28 يوما أو شهر على حسب المؤثرات الخارجية، وخاصة المناخية، وأهمها درجة الحرارة والرطوبة. تمتاز ذبابة المنزل بدورة حياة كاملة تبدأ من البيض ثم اليرقة ثم الشرنقة حتى تصبح حشرة كاملة، وبعد التزاوج تضع الأنثى ما بين 5 و6 أكياس بيض في كل منها 100-150 بيضة، ويمكن أن يزيد عدد البيض في الكيس الواحد على حسب الطقس.
كم تحتاج هذه الشرنقة حتى تتحول إلى ذبابة كاملة؟
٭ الفترة الزمنية التي تستغرقها الشرنقة (وهي المرحلة المهمة الحرجة) لتتحول إلى ذبابة كاملة هي ما بين 4 و6 أيام، وترتكز هذه الفترة على عاملين الرطوبة ودرجة الحرارة، فدرجات الحرارة العالية تقتلها، والبرودة العالية تدخلها في فترة البيات الشتوي، وتسمى بفترة الكمون او الخمول، حيث تقلل الشرنقة جميع معدلات التنفس والأيض إلى أقل مستوى يجعلها حية إلى أن ينتهى الشتاء، ولدى أنثى الذبابة القدرة على وضع البيض بعد ساعة من خروجها، وإضافة إلى ذلك يمكن للانثى إنتاج البيض طول حياتها من تزاوج واحد فقط إن كانت قابلة لذلك.
بم نسمي الظاهرة التي تجتاح الكويت اليوم؟
٭ ما يحدث الآن يمكن تسميته بظاهرة اكتساح الذباب المنزلي.
وهل يجتاح الكويت كلها بنفس الكميات؟
٭ لا، فهذا الاكتساح متباين بين المناطق المختلفة في الكويت، فهناك مناطق لا تعاني منه ومناطق غزاها الذباب كليا كما نراه في السوشيال ميديا.
ما السبب وراء هذا العدد الهائل والاجتياح غير المسبوق؟
٭ أرجح أن يكون وراء هذا الانتشار بدء موسم التكاثر (موسم الصفري)، الذي جاء متزامنا مع مياه الأمطار الأخيرة، فما حدث هو بالضبط مع بداية فصل الخريف فهذه الحشرة بدأت في التكاثر ووضع البيض في الأماكن المفضلة لديها مثل مخلفات الحيوانات والنفايات البشرية ليدخل مرحلة الشرنقة، ولكن كانت الأمطار هذه السنة غير اعتيادية، وجرفت التربة والمخلفات العضوية بمحتوياتها، وكشفت عن الشرانق الكامنة، والمفترض أن تكون في بداية مرحلة الكمون.
ولذلك نجد أن هناك تجمعات من الشرانق في أماكن معينة بأعداد مهولة غير طبيعية أو متوقعة.
وبسبب ارتفاع الرطوبة والاعتدال البسيط في درجات الحرارة مباشرة بعد فترة الأمطار والرطوبة العالية أدى ذلك كله إلى خروج الشرنقة من فترة الكمون وتحولها إلى حشرة كاملة وانتشارها، وزادت نسبة التزاوج والتكاثر من جديد.
وعلى حسب خبرتي العملية، ونتاج أبحاثي وأبحاث العديد من العلماء، ومتابعتي لدرجات الحرارة والرطوبة أثناء اكتساح الحشرات أن الرطوبة العالية التي تصل إلى ما بين 65 و90%، ودرجة الحرارة ما بين 22 و25 درجة مئوية معا يعطيان معدل بقاء على قيد الحياة، ونمواً لمرحلة الشرانق بنسبة 80-100%، وهذا ما حصل مع هذه الحشرة.
هل من أسباب أخرى أيضا أم أن السبب هو ما ذكرت فقط؟
٭ هناك سبب آخر ومهم جدا، وهو تعفن وتحلل الكثير من المخلفات البشرية من أطعمة ونفايات بسبب الأمطار والرطوبة العالية، المصاحبة لها رفع من مستوى المواد العضوية المتكونة التي تعتبر غذاء لجميع مراحل هذه الحشرة.
فالغذاء الوافر مع الارتفاع اللاحق في درجة الحرارة بعد نزول الأمطار والرطوبة وفرت بيئة خصبة غير اعتيادية لزيادة خصوبة الحشرة وتكاثرها ونموها بسرعة أكبر، وهذا في اعتقادي التفسير العلمي لهذه الظاهرة.
السؤال الذي ينتظره الكثيرون، متى ستنتهي هذه الظاهرة؟
٭ من المتوقع أن تنتهي هذه الظاهرة عندما تصل درجة الحرارة إلى أقل من 20 درجة مئوية، وعندما يبرد الجو، وأتوقع أن يكون هناك اكتساح آخر للذباب مع الربيع ومع بدايات الصيف، وقبل أن تشتد الحرارة بسبب المخزون الكبير من الشرانق الذي تكون بعد تزاوج العدد الكبير الحالي من الحشرات.
هل من نصائح واحتياطات يجب على المواطنين والمقيمين أخذها بعين الاعتبار، وهل هذه الحشرة خطرة؟
٭ يجب أن يحتاط الجميع من هذه الحشرة، فهي معروفة بأنها ناقل حيوي للعديد من الأمراض مثل التيفوئيد والكوليرا والسالمونيلا ومرض السل والإسهال ومرض الجمرة الخبيثة وغيرها من العدوى.
وبسبب كثرة استخدام المبيدات الحشرية زادت مقاومتها، ومن هذه المبيدات الفوسفات العضوي، والكالسيوم العضوي، والكارباميت والبيريثرويدات المستخدمة في كل مكان في العالم.
البعض يستهين بهذه الحشرة ويعدها من الطوافات عليهم في البيت وكأنها شيء عادي، فهل هذا التصرف صحيح؟
٭ يجب ألا نستهين بوجودها في المنزل أو على الطعام أو في المستشفيات لأنها حاملة للبكتيريا والميكروبات بنسبة مخيفة.
هل من دلائل علمية على هذا الكلام؟
٭ أثبتت الدراسات العلمية العالمية والدراسات التي أعمل بها والمتعلقة بها أن هذه الحشرة ضارة جدا بسبب طبيعة حياتها ووجودها في القمامة والمخلفات البشرية وتحمل الميكروبات في أمعائها وفي أرجلها، وتتقيأ كل حمولتها من البكتيريا على مكان نزولها، ومن الممكن أن تتسبب في العديد من العدوى إذا ظلت موجودة بهذا العدد الكبير.
فالرجل الواحدة لها تحمل الآلاف من البكتيريا فلا يجب أن نتهاون في التعامل مع هذه الحشرة، خاصة بعد زيادة التخمر وتلف العديد من النفايات. فعلى الجميع أن يتخلص منها عن طريق أجهزة الصواعق الكهربائية أو المبيدات التقليدية المنزلية ونحرص على تغطية الأطعمة.
د.جنان الحربي في سطور
الأستاذ المساعد في قسم العلوم بكلية التربية الأساسية د.جنان الحربي، متخصصة في مجال الحشرات وحاصلة على رسالة الدكتوراه من الكلية الملكية (أمبريالك) في بريطانيا، والماجستير من جامعة باث البريطانية، كلاهما في فسيولوجية الحشرات، ومقاومتها وطرق والتكيف ودورات حياتها.
وهي حاليا تعمل أستاذا مساعدا في قسم العلوم بكلية التربية الأساسية، وقضت أكثر من 13 سنة في العمل على الحشرات، وقدرتها على نقل الأمراض والعدوى.