- مشاهدة الأطفال مقاطع الحروب وقطع الرؤوس بوسائل «السوشيال ميديا» تخلق لديهم رغبة في العنف وتعطشاً للدم
- للمدرسة دور لا يقل أهمية عن دور الأسرة في السيطرة وعلاج ظاهرة العنف لدى الأطفال برصد أي ظواهر غير طبيعية
كريم طارق
تعد ظاهرة انتشار العنف بين الأطفال واحدة من أبرز الظواهر السلبية التي تعيشها مجتمعاتنا العربية بل والعالم بأسره، ويرجع ذلك إلى العديد من العوامل المتراكمة التي أثرت في نفسية أطفالنا، ولعل خير دليل على ذلك ما نلمسه بشكل يومي من حوادث عنف ضد أو من أطفال لم يتجاوزوا حتى سن البلوغ.
وعلى الرغم من تقرير منظمة اليونيسكو الذي أصدرته في العام الحالي تحت عنوان «القضاء على العنف والتسلط في المدارس»، والذي يشير إلى أن الكثير من البلدان تمكنت من إحراز تقدم كبير في الحد من العنف في المدارس، إلا أنه وبلغة الأرقام وضمن الإحصائيات التي تم جمعها في ذات التقرير تشير تلك الأرقام الى تعرض طالب واحد تقريبا من بين 3 طلاب للمضايقات من قبل أقرانه أو العنف البدني بشكل عام، وقد جرت تلك الدراسة على أكثر من 144 بلدا من مختلف أنحاء العالم.
«الأنباء» التقت الاستشاري النفسي الإكلينيكي د.أميمة حمد للتعرف أكثر على أسباب انتشار تلك الظاهرة بين الأطفال، والتي بدورها أكدت وجود ارتفاع ملحوظ في قضايا العنف بشكل عام في الكويت بزيادة بلغت 1074 قضية في عام 2018 مقارنة بعام 2017، مرجعة السبب وراء انتشار هذه الظاهرة بين الأطفال بشكل خاص إلى عدة عوامل في مقدمتها الألعاب الإلكترونية التي تسهم بشكل أو بآخر في ارتفاع معدلات العنف بين الناشئة، وإلى التفاصيل:
في البداية، تشكل ظاهرة العنف بين أوساط الأطفال والشباب في الكويت واحدة من أبرز الظواهر السلبية وأخطرها على المجتمع، فما تقييمك لحالات العنف في الكويت؟
٭ تعد ظاهرة العنف بشكل عام واحدة من الظواهر التي تشكل خطرا على مختلف فئات المجتمع، خاصة في ظل تزايد معدلات القضايا المتواجدة في أروقة المحاكم، فوفقا للإحصائيات المتوفرة في الكويت فإن قضايا العنف المسجلة في عام 2018 بلغت 3390 حالة، بزيادة بلغت 1074 حالة مقارنة بعام 2017 الذي بلغت فيه إجمالي قضايا العنف المسجلة 2316 حالة.
ويمكننا الإشارة إلى هذا التزايد والواضح يمكن إرجاعه لعدة أسباب وفي مقدمتها، انتشار العنف على شاشات التلفاز والألعاب الإلكترونية المنتشرة بين أيدي الأطفال، إذ تهدف تلك الألعاب في المقام الأول إلى استهلاك أوقاتهم لفترات طويلة، بالإضافة إلى تعرض الأطفال في وسائل التواصل الاجتماعي ورؤيتهم للكثير من مظاهر العنف المنتشرة في أنحاء العالم بكل سهولة وهو ما قد يخلق لدى بعضهم تعودا على رؤية أو ارتكاب مثل هذه الأفعال.
إذا يمكننا الإشارة إلى أن رؤية وتعرض الأطفال لمشاهد العنف عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو ممارستها في الألعاب الإلكترونية من الممكن أن تخلق لديهم رغبة في ممارسة هذا العنف؟
٭ بالتأكيد، فإن مشاهدة الطفل لمثل هذه الأحداث من حروب وقطع رؤوس يخلق لديه رغبة في العنف وتعطش للدم، وهو أمر في غاية الخطورة خاصة أنه في السابق كان من الصعب وصول تلك المشاهد للأطفال إلا أنه أصبح الآن من الأمور الغاية في السهولة.
كما أن البرامج الترفيهية أو المعروف ببرنامج «الفكاهة والمقالب» التي تعتمد في سياستها على والاستهزاء من الآخرين وترهيبهم، ولدت لدى أطفالنا أيضا رغبة في ممارسة التنمر على أقرانهم، فتلك البرامج أيضا خلقت لدينا مفهوما خاطئا عن الفكاهة فليس من الطبيعي أن نضحك لخوف إنسان.
للتوضيح أكثر.. كيف تسهم الألعاب الإلكترونية في زيادة حالات العنف بين أطفالنا؟
٭ قديما كان لدينا الكثير من الألعاب الإلكترونية ولكنها كانت تحتوي في معظمها على الألعاب البدائية والرياضية فقط، أما الآن فإن معظم الألعاب الإلكترونية هدفها الأساسي نشر مظاهر العنف والجريمة بين الجيل الناشئ، ليدخل بذلك إلى عالم افتراضي يعيش من خلاله الجرائم المختلفة من ضرب وقتل وإرهاب، ليتسلل إلى منطقة اللاوعي في عقل الإنسان أو ما يعرف بالعقل الباطن، الذي قد يتحول إلى سلوكيات مع الإدمان المستمر لمثل هذه الألعاب.
العنف والتنمر من أبرز المشكلات التي يعاني منها الأطفال في جميع أنحاء العالم.. فما تأثيرها على تلك الفئة؟
٭ للأسف العنف والتنمر ظاهرتان تعاني منها معظم دول العالم، فهي تقسم شريحة الأطفال إلى قسمين نصف متنمر يعاني من حالة نفسية وتعطش للعنف وتعذيب أقرانهم، والنصف الآخر مستضعف يعاني من التنمر ويخشى مواجهة المجتمع أو إبلاغ ولي أمره خوفا من ضياع صورته أو هيبته في المنزل أيضا.
بينما تزاد المشاكل وتتفاقم عندما يمارس هذا المستضعف سياسة التنمر أيضا على إخوته وأسرته، باعتبارها الوسيلة الوحيدة للتنفيس والهروب من الضغوطات التي يعاني منها خارج المنزل أيضا.
ماذا عن الحلول الجذرية وأهمية الدور الذي يمارسه الآباء والأمهات لمواجهة هذه الظاهرة؟
٭ للأسرة وبالتحديد الوالدان أدور كثيرة ومتعددة، ولابد في البداية أن نشير إلى أهمية تلقي المقبلين على الزواج لجلسات الإرشاد النفسي، قبل الزواج أو إنجاب الأطفال، إذ تساهم تلك الجلسات في تدريب أولياء الأمور على أسس التربية الصحيحة للأطفال ومعالجة القضايا المتعلقة بهم، خاصة أن العنف الأسري في المنزل هو من الأسباب الرئيسية لانتشار العنف لدى الطفل الذي ينقله بعد ذلك إلى خارج المنزل.
كما ان للمدرسة أيضا دورا لا يقل أهمية عن دور الأسرة للسيطرة وعلاج ظاهرة العنف لدى الأطفال، فمن الضروري أن يتوافر إخصائي نفسي مدرب ومتخصص في ذلك المجال لاستكمال دور الأسرة، عبر التواصل معهم وإبلاغهم بوضع الطفل في المدرسة في حالة رصد سلوكيات غير طبيعية يمارسها الطفل.
ولكن في بعض الأحيان يمارس الأطفال العنف أمام أعين الأسرة التي تنظر لتلك المواقف بعين الإهمال.. فماذا عن خطورة ذلك؟
٭ من أكثر الأخطاء الشائعة لدى الكثير من الأسر ترك أطفالهم كممارسين أو متعرضين للعنف، فنجد بعض الأهالي لا تعير انتباها للطفل بحجة أنه عصبي أو حزين بطبيعته، دون النظر والبحث عن الأسباب وإيجاد الحلول المتعلقة بها سواء من داخل الأسرة أو عبر المعالج النفسي المتخصص.
فإهمال تلك الحالات قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تفاقم المشكلة ومعاناة الطفل من أمراض نفسية أخرى مثل الضغط النفسي والاكتئاب والاضطرابات النفسية المختلفة، وبالإضافة إلى ذلك فالكثير من أولياء الأمور يجهلون تماما حقوق الطفل خاصة وقد يعرضون أنفسهم للكثير من العقوبات خاصة أن الكويت لديها قانون كامل يحمي حقوق الأطفال ويدافع عنهم، وهو بشكل عام من القوانين المميزة التي تصب في مصلحته بشكل كبير.
العمالة المنزلية والطفل.. قضية بمحاور متعددة فقد نرى الطفل في بعض الأحيان ممارسا للعنف ضدهم وفي الكثير من الأحيان قد نراه معنفا، فما تحليل ذلك؟
٭ تلك الإشكالية تنتج إما عن إهمال الأسرة ومتابعتها لسلوكيات العمالة المنزلية مع الأطفال، أو عدم معاقبة الطفل في حالة مارس ضدها العنف.
فإذا افترضنا أن العاملة تتحلى بسلوكيات طيبة وإيجابية إلا أنها تفتقر لأدنى مستويات المعرفة بعلم النفس وأساليب التعامل مع الأطفال وهو ما يتأثر به الطفل في الكثير من الأحيان.
22 يونيو المقبل انطلاق أعمال مؤتمر «الإستراتيجيات الحديثة للصحة النفسية»
أشارت المدير التنفيذي لمعهد النهضة الحديث ونائب رئيس «المؤتمر الدولي الثاني للإستراتيجيات الحديثة للصحة النفسية والتنمية المجتمعية» د.أميمة حمد الى انطلاق اعمال المؤتمر خلال الفترة من 22 الى 23 يونيو 2019 في شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية، وذلك بالتعاون بين كلية البنات - جامعة عين شمس ومعهد النهضة الحديث (بالكويت).
وقالت ان المؤتمر يسلط الضوء على أهم الاستراتيجيات الحديثة للصحة النفسية، والعمل على رفع كفاءة المعالج النفسي، واستعراض العلوم الحديث للصحة النفسية، بالإضافة الى استخدام تقنيات مستحدثة في الصحة النفسية، وصقل مهارة المعالج النفسي، وايضا توسيع مدارك المعالجين، كذلك الاهتمام بنفسية أفراد المجتمع والصحة النفسية من الطفولة الى الشيخوخة وايضا من المنظور التربوي والمجتمعي.
وكشفت عن العديد من الأهداف الهادمة والهادفة التي يتناولها المؤتمر منها الصحة النفسية الأسرية، والصحة النفسية المدرسية، والصحة النفسية في العمل، وفعاليات تعزيز الصحة النفسية، والتطبيقات العلاجية في مجال الصحة النفسية، والعلاقة بين الصحة البدنية والنفسية.