- نحتاج إلى معرفة المبيد المستخدم في الرش حالياً وننصح المزارعين ومربي الماشية بتجنب أماكن الرش
- أطالب بفريق عمل متكامل لعمل مسح حيوي بيئي حقلي على مدار السنة خاصة في مواسم تزاوج الحشرات الآفة
ذكرت مسبقا في أحد لقاءاتي التلفزيونية أن الجرادة حشرة حساسة جدا للملوثات الجوية مثل غاز ثاني وأول أكسيد الكربون، فهناك احتمال كبير في أن تموت هذه الحشرة من جراء ارتفاع نسب الكربون في الهواء الجوي والسبب في ذلك أن الجرادة تتنفس من فتحات تتواجد على جانبيها، فبمجرد أن ترتفع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو يتسارع معدل التنفس ويزيد على المعتاد لكي تستطيع أن تتكيف مع التغيرات الطارئة.
وبالتالي يضطرب انقباض عضلات جسمها المهمة في الطيران وتصاب الحشرة بالإجهاد فيتقلص عمل الجهاز العصبي التحفيزي للتنفس ويقل نشاطها وقدرتها على الطيران فتموت.
التغير المناخي وزيادة نسبة الملوثات من جراء عملية حرق الآبار جراء الغزو الغاشم في 1990 تسببا في اختفاء العديد من الحشرات المحلية التي حلت محلها في السلسلة الغذائية حشرات جديدة وكانت الجرادة إحداها، الى جانب العديد من الخنافس، ولهذا السبب أصبحت الجرادة من النوع المنعزل غير موجود في الكويت ولكن النوع الجماعي المهاجر يدخل إلى الكويت عن طريق المملكة العربية السعودية، وصرحت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بأن هناك فصائل من الجراد تم القضاء عليها تماما، ولكن فشلت العديد من المحاولات في إبادة الجراد الصحراوي لقدرته الكبيرة على التكيف البيئي.
دخلت أسراب الجراد إلى الكويت أوائل شهر أبريل وهو في مراحل الحوريات «الدبا» غير المكتملة النمو ليكمل مراحل تطوره إلى حشرة بالغة.
وكان من المفترض أن يكافح أثناء هذه المرحلة لأن الحوريات في مراحلها لا تقوى على الطيران ولا تستطيع أن تتغلغل إلى المناطق الداخلية للكويت.
فهذه المرحلة من الممكن السيطرة عليها والحد من أثرها بعدة طرق سهلة من غير استخدام المبيدات الحشرية شديدة السمية التي قد تقضي على الكساء الخضري وتلحق أضرارا بالمنتجات الزراعية، ولكن المخاوف ستكون جلية عند استخدام المبيدات القاتلة شديدة السمية مثل مركبات البيريثرينات والفسفورية العضوية والكاربامات والكلورونية التي لديها تأثير واسع المدى.
من أهم الطرق لمكافحة «الدبا» في مراحل النمو الأولى عمل حواجز من خطوط أرضية عرضية من المبيدات قليلة السمية ذات تراكيز قليلة مثل «الفيبرونيل» توضع حول أو أمام مقدمة سرب «الدبا» للحد من حركته وتقدمه وهذا المبيد يكون فعالا وآمنا نوعا ما وهو ثابت بدرجة كبيرة وفعاليته ممتازة وقليل التأثير على الثدييات.
وأصبح استخدام الفيرامونات دارجا نوعا ما أثناء الغزو الخفيف للحشرات لأنه يحدث تغيرات في سلوك الحشرات حيث يمكن أن تهرب او تتراجع إلى الخلف.
كما ان مستخلصات النباتات مثل نبات النييم أثبتت فعاليتها في قتل بعض الأنواع من الحشرات والمبدأ مشابه لأحد الأبحاث التي أجريها حاليا لاستخلاص مركب فعال من أحد النباتات المحلية يستخدم لقتل الحشرات دون أضرار.
من وجهة نظري المكافحة محدودة الضرر يجب أن تكون في المراحل الأولى من هجوم الجراد وليس بعد توغله وتحوله إلى حشرات طائرة.
رش المبيدات القاتلة بغرض الإبادة التامة سيقضي على أنواع أخرى من الحشرات المفيدة غير المستهدفة ويلوث الوسط النباتي ويلحق خسائر مادية فادحة بالإضافة إلى احتمالية ترسب المبيدات في أنسجة النباتات وفي الطبقة العليا للتربة، ما يزيد من خطورة استخدامها لاحقا في الزراعة.
نحن كباحثين يهمنا أن يصرح لنا بنوعية المبيد المستخدم في المكافحة الحشرية الإقليمية وفعاليته ومدة تأثيره وبقائه والثبات والتأثير السلبي وخاصة بعدما صرحت الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية عن سمية هذه المبيدات وأعتقد أن سميتها كما يعلم أغلب الباحثين الأكاديميين لها تأثير متباين على الثدييات.
لذلك أنصح المزارعين ومربي المواشي بتجنب هذه النباتات أو أماكن الرش وأيضا تجنب ملامسة النباتات المرشوشة أو التواجد في أماكن الرش.
من أهم أعمالي البحثية ونتائجها التي نشرت في المؤتمر العالمي للحشرات في فرنسا 2008 استخدام فطر (Fungi Metarhiziumspp) في قتل الجرادة.
وكانت الدراسة مبنية على حقن هذه الحشرة بهذا الفطر ومتابعة عملية تطوره في داخل بطن الحشرة وهي لا تزال حية باستخدام تقنية «X-ray microCT imaging» وهي أول دراسة تمت باستخدام هذا الجهاز على الجرادة.
استخدام Metarhizium أصبح شائعا لدى العديد من شركات مكافحة الحشرات عالميا لأن سميتها على الثدييات منخفضة جدا وهي آمنة ومتخصصة ولكن مشكلتها تكمن في التخزين وطريقة التحضير.
وللحد من الكوارث الحشرية مستقبلا أتمنى أن يكون هناك فريق متكامل من المتخصصين في الزراعة والحشرات والأكاديميين بالتعاون مع عناصر من مكافحة الآفات الزراعية ليقوم بمسح حيوي بيئي حقلي على مدار السنة خاصة في مواسم تزاوج الحشرات الآفة. وأعتقد أن هذا كاف لاتخاذ إجراءات وقائية وإعداد خطط احترازية ضد فورة الآفات الحشرية والحد من الخسائر المادية والمعنوية لدى أغلب المزارعين.
العديد من شركات صناعة الأغذية والعديد من المزارع والمنظمات العالمية تبنت ملف تربية الجراد والحشرات كمصدر بروتيني يستخدم كعلف حيواني وكغذاء للإنسان إذا تمت تربيتها على أساس تغذية نظيفة وصحيحة مدروسة.
من ناحيتي أنا بدأت بتربيتها لأغراض بحثية خاصة ولكن هل من الممكن أن تصبح الكويت إحدى هذه الدول المساهمة في تعزيز الأمن الغذائي الدولي والعالمي عن طريق تربية الحشرات الصالحة للأكل.