- المناع: الأوضاع المتوترة بين إيران وأميركا تستوجب التشاور المستمر
- جوهر: الزيارة تؤكد توسع تيار الحكمة والاعتدال في المنطقة
- الغانم: سيكون للزيارة ثقل في تجاوز أي عقبات أمام إنجاز المشروعات
آلاء خليفة
أعرب عدد من أساتذة العلوم السياسية عن سعادتهم بالنتائج المتوقعة لزيارة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد إلى جمهورية العراق الشقيق، مؤكدين أن هذه الزيارة ستصب في مصلحة المنطقة كلها، لاسيما في ظل حالة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، وكون البلدين هما الأقرب لإيران فكان لابد من تعزيز التنسيق والتشاور في التعامل مع هذا الملف.
وأشاروا إلى أن صاحب السمو عودنا دائما أن يكون مثالا للحكمة والرؤية الثاقبة، وبالطبع فإن هذه الزيارة ستسهم بشكل فعال في طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة من العلاقات البناءة لما فيه خدمة الشعبين الشقيقين وهو ما ذكره بالفعل الرئيس العراقي د.برهم صالح على هامش الزيارة، كما أنها ستعزز من فرص التعاون فيaما بينهما في مختلف المجالات.
بداية، أوضح الأكاديمي والباحث السياسي د.عايد المناع في تصريح خاص لـ «الأنباء» أن زيارة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد إلى العراق جاءت لتعزيز وإسناد الحكومة العراقية وتبادل الآراء حول ما بقي من ملفات عالقة بين الكويت والعراق، موضحا انه بالنسبة للكويت مازالت هناك أمور خاصة بها مثل مواطنينا المفقودين منذ الاحتلال العراقي للكويت عام 1990 بالإضافة إلى بعض ما تبقى من ترسيم الحدود في خور عبدالله، مؤكدا ضرورة الاهتمام بالعلامات الحدودية وضرورة ضبط الحدود ما بين الطرفين.
وأكد المناع ان الحدود من الجانب الكويتي مضبوطة 100% ولم يدخل العراق أي أذى من أي نوع من الجانب الكويتي، مشددا على أنه مطلوب حاليا من الحكومة العراقية أن تكون منتبهة لحدودها مع الكويت.
وذكر المناع ان صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد كان له دور في إيجاد مصادر مالية للعراق وإعمار العراق، وبالتأكيد فإن سموه كان من المهم بالنسبة له أن يرى ما عمل من أجله يتحقق فعليا على أرض الواقع.
وأشار المناع إلى أن الأوضاع المتوترة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية تستوجب التشاور المستمر بين الكويت والعراق كونهما متجاورين لإيران وقريبين جدا من الحدود الإيرانية، كما أن هناك فئات في العراق شديدة الولاء لإيران وربما تتصرف من جانب عاطفي أو عقائدي أكثر مما تتصرف من جانب سياسي، موضحا أنه يجب أن يتم ضبط إيقاع تلك القوى من قبل الحكومة العراقية، آملا ألا يكون ذلك صعبا خاصة ان بعض تلك القوى كان لها دور في مقاتلة تنظيم داعش وبالتالي قد لا يكون سهلا على الحكومة العراقية نزع سلاحها لكن قد لا تكون هناك خيارات كثيرة أمام الحكومة العراقية إلا أن تقوم ببسط سلطتها على كل المواطنين وقواها المسلحة.
وزاد: المطلوب أن تكون الدولة هي المسلح الوحيد، مشيرا إلى أن بعض تلك الأطراف قد تستغل الوضع ما بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران للتحرش بالكويت أو لاعتبار أن الكويت صغيرة وربما يعتقدون أنها ضعيفة، موضحا أن الكويت اليوم أفضل بكثير مما كانت عليه في 2 أغسطس 1990 لكن الأجدر والأفضل أن تقوم الحكومة العراقية بواجبها تجاه جارها الكويتي وتمنع أي تجاوز.
وأشار المناع إلى أن الحديث عن الموانئ ومنها ميناء مبارك لم يعد مطروحا نظرا لأن هذا الميناء يخدم جميع الدول بما فيها العراق وإيران، كما قال النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد، لذلك نتمنى من الجميع أن يعمل من أجل التنمية وتعزيز التعاون وهذه الحقيقة هي ديدن الكويت التي تعمل من أجل الكل، موضحا ان الكويت بادرت منذ سقوط نظام صدام حسين إلى تقديم المساعدات والدعم والإسناد الدوائي والغذائي للعراق وأيضا سهلت للقادة السياسيين العبور عبر الكويت إلى العالم عندما لم يكن مطار بغداد عاملا، وساعدت الكويت العراق في الحرب على داعش وفي إطفاء الحرائق في بعض المناطق شمال العراق، مشيرا إلى أن الكويت يهمها «كما أشار صاحب السمو» أن يكون العراق آمنا ومستقرا وهذا إيمان كويتي عبر عنه صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر بأننا نؤمن لو كان جارك آمنا ومستقرا فأنت كذلك آمن ومستقر ولن يأتيك منه أذى، بل بالعكس سيكون هناك تعاون في شتى المجالات وتبادل للمصالح واحترام للسيادة الوطنية وعدم التعدي من اي طرف على الطرف الآخر.
تعزيز فرص التعاون
بدوره، ذكر رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت د.حسن جوهر في تصريح خاص لـ «الأنباء» أن زيارة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد إلى بغداد تعتبر هي الزيارة الرسمية الأولى كرئيس دولة إضافة إلى الزيارة السابقة للمشاركة في القمة الإسلامية ولذلك تأتي أهميتها كباكورة زيارة قمم بهدف دعم العلاقات الثنائية بين الطرفين وكذلك مناقشة الملفات الجديدة التي من شأنها تعزيز فرص التعاون وتدعم العلاقات بين البلدين خاصة فيما يتعلق بموضوع شمال منطقة الخليج وبعد الانتهاء من مشروعي ميناء الفاو من جهة العراق وميناء مبارك الكبير من جهة الكويت ووضعهما تحت التشغيل.
وأردف انه بالإضافة إلى الموضوعات المتعلقة بتطوير الإقليم بشكل عام، لاسيما في ظل المشاريع الإقليمية العالمية الكبرى مثل مشروع الحرير توقع جوهر أن يكون هناك بعد آخر للزيارة يعتبر في غاية الأهمية والتوقيت الملح في زيارة صاحب السمو لبغداد وهو تأكيد وتمثيل ومحاولة توسيع سموه لتيار الحكمة وتيار الاعتدال السياسي والتهدئة في منطقة الخليج خصوصا في ظل التصعيد الذي نراه على الرغم من انه لم يرتق إلى مستوى الخطورة الجسيمة، ولكن استمرار هذا النوع من التوتر والتصعيد مما لا شك فيه أنه قد يتفاقم لأي سبب من الأسباب، موضحا ان دعوة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد لإبعاد المنطقة عن شبح الصراعات والتوترات والمواجهات العسكرية خاصة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران والدعوة إلى الوساطة الحميدة والحوار وتفعيل الأدوات الديبلوماسية لحل أي نوع من الإشكالات فضلا عن مشروع إعادة فهم الأمن الإقليمي للمنطقة، جميع تلك الأمور من صميم هدف زيارة صاحب السمو للعراق في هذا الوقت تحديدا.
وأفاد جوهر بأن ما يجعل مثل تلك الزيارة مثمرة وناجحة ومقدمة لنجاح أكبر ان العراق اليوم يثق ويعتمد على الكويت بالدرجة الأولى كأقرب دولة عربية في المصداقية والتفاهم، والأهم من ذلك تشابه المواقف السياسية سواء فيما يتعلق بمفاهيم الأمن او ما يتعلق بمفهوم صفقة القرن التي تتشابه فيها كذلك المواقف الكويتية والعراقية.
متابعا ان هذه الزيارة تعتبر بداية لرسم ديبلوماسية جديدة للمنطقة تعتمد على الحوار وتوسيع نطاق الدول الداعمة لهذه المسار التصالحي، مسار الوفاق والتهدئة، ولا شك إذا كانت الأهداف السامية لمثل تلك المبادرات تتسم بهذا القدر من التسامح فبالتأكيد سيكتب لها النجاح خاصة مصداقية الكويت على الساحة الديبلوماسية سواء الإقليمية او العالمية وشخصية سمو الأمير على وجه التحديد التي تعتبر عاملا أساسيا ومحوريا لإنجاح أي مشروع من هذا القبيل أملا في أن تعيد الكويت هذا الدور الريادي في مجال التسامح العالمي والتعاون وحل المشاكل بالطرق الحضارية والسلمية.
المصالح المشتركة
من جانبه، ذكر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت د.عبدالله الغانم في تصريح خاص لـ «الأنباء» أن زيارة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد للعراق جاءت استكمالا للزيارات السابقة لسموه التي تعمل على تقوية العلاقات بين الطرفين «الكويتي والعراقي» وتجاوز الكثير من المعوقات التي كانت تقف أمام تطوير تلك العلاقات خاصة عندما تكون تلك الزيارة على مستوى عال جدا يكون لها ثقل كبير في تجاوز أي عقبات كما يكون لها ثقل في إنجاز مشروعات جديدة وطرح أفكار لمشروعات مستقبلية.
وأوضح الغانم ان توقيت الزيارة كان في محله نظرا للوضع الدقيق الذي تمر به المنطقة من ارتفاع وتيرة التوتر في المنطقة في التصعيدات من الجانب الإيراني، موضحا ان الكويت كانت بحاجة بالفعل للتشاور مع الجانب العراقي في هذا الشأن باعتبارها أحد الأطراف التي تملك علاقات جيدة مع الجانب الإيراني، كما ان الكويت تمتلك علاقات متميزة مع الجانب الخليجي والأميركي. وحول مستقبل العلاقات الكويتية ـ العراقية قال الغانم: المستقبل يرتبط بالمشاريع القادمة، موضحا أن الكويت لديها الكثير من المصالح المشتركة مع العراق، حيث ان الكويت تمثل منفذا مائيا مهما جدا للعراق وبالتالي فإن التوافق حول التعامل في هذا الجانب مهم جدا لخدمة العراق من خلال امتلاك الكويت لموقع استراتيجي، بالإضافة إلى أن هناك حقولا نفطية مشتركة في منطقة الشمال وتطويرها يحتاج الى التعاون بين الطرفين،