- كل 100 سنة ميلادية تعادلها 103 سنوات هجرية
بقلم الخبير الفلكي عادل يوسف المرزوق
تكلمنا في الجزء الأول من هذا المقال بنظرة تاريخية عن الأشهر القمرية والسنة الهجرية، وفي هذا الجزء سنتحدث عن الفرق بين السنة الشمسية والسنة القمرية أي (السنة الميلادية والسنة الهجرية).
فعندما تتم مقارنة التقويمين الهجري والميلادي نجد أن هناك اختلافل في عدد السنين بين التقويمين حيث ان هناك فرقا شاسعا، فقد قيم هذا الفرق في 3 سنوات لكل 100 سنة، حيث وجد ان كل 100سنة ميلادية تعادلها 103 سنوات هجرية، ويعود هذا الاختلاف إلى أن طول السنة الميلادية أو الشمسية 365 يوما والسنة الهجرية او القمرية 354 يوما فيوجد اختلاف بين التقويمين منذ بداية الهجرة حتى اليوم بمقدار 44 سنة أكثر بسبب قصر مدتها، والتي كما ذكرنا 345 يوما، لكي نوضح الصورة أكثر نقول ان هناكا اختلاف أو فرقا مقداره أحد عشر يوما بين السنتين، ولذلك نجد أن شهر رمضان على سبيل المثال يتأخر في كل سنة حوالي 11 يوما عن السنة الماضية.
ولكي نشرح هذا الأمر لا بد لنا ان نتكلم عن الفلك بعض الشيء، ونقول ان الجميع يعرف ان مدة الشهر الهجري هي بين 29 و30 يوما فليس هناك شهر في السنة الهجرية مدته 28 يوما وكذلك ليس هناك شهر هجري مدته 31 يوما ولكن في واقع الحال فلكيا فإن المدة الحقيقية لدوران القمر حول الكرة الأرضية وهو ما يسمى بالشهر النجمي هي (27 يوما و7 ساعات و43 دقيقة و11 ثانية)، أي ان الفترة الزمنية للشهر النجمي هي أقل من 28 يوما، معنى هذا ان السنة القمرية او الهجرية تبلغ مدتها 354.367.67 يوما، وهذا رقم فيه كسور يصعب استخدامه حسابيا، ولذلك فإن الفلكيين لتسهيل العملية الحسابية يتم جبر الكسور العشرية بحذفها وإضافة رقم 1 بدلا عن الكسر العشري إلى عدد أيام السنة القمرية لتصبح أيام السنة 355 يوما فنتج عن ذلك وجود سنة قمرية كبيسة ولكن بعملية حسابية فلكية اختيرت كل 30 سنة قمرية تكون 11 سنة منها كبيسة ويكون عدد أيامها 355 يوما، و19 سنة بسيطة يكون عدد أيامها 354 يوما.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن مباشرة: لماذا اختيرت 30 سنة قمرية ولم يتم اختيار أرقام سنوات غيرها؟
والإجابة عن هذا السؤال هي أن الفلكيين وجدوا أن قيمة الكسر العشري الذي في السنة القمرية وهو 367.67 يساوي في الواقع 11 على 30 مما يتسبب في وجود فارق حسابي طول السنة فيتم تعويض هذا الفرق بإضافة 11 يوما لكل 30 سنة هجرية.
أي ان السنة القمرية أطول من السنة الهجرية بما مقداره (8 ساعات و48 دقيقة و36 ثانية) والسنة الهجرية (354 يوما)، حيث إن السنة القمرية أطول.
ويتم تعويض هذا الفرق بإضافة 11 يوما بعد كل 30 سنة هجرية.
وهناك عمليات حسابية عديدة لمعرفة السنة الهجرية البسيطة من السنة الكبيسة لا نجد داعيا لأن نذكرها هنا، ولكن إذا كانت هناك رغبة في معرفة السنوات البسيطة من الكبيسة فذلك من باب العلم بالشيء فإننا نقول إن هناك العديد من الفلكيين أشاروا إلى أن السنوات التي تنتهي بالأرقام التالية المدونة أدناه هي لسنوات هجرية كبيسة وهي:
2، 5، 7، 10، 13، 16، 18، 21، 24، 26، 29 وهي سنوات هجرية كبيسة أي يضاف يوم واحد إلى شهر ذي الحجة (وهو آخر شهر في السنة الهجرية) ليصبح بذلك هذا الشهر 30 يوما.
حيث في السنة الهجرية العادية أو (البسيطة) شهر ذي الحجة يتكون من 29 يوما.
وبهذا الشكل يكون وزعنا 11 يوما على السنوات خلال 30 سنة هجرية.
أما فيما يتعلق بالسنة الشمسية فهي الفترة التي تستغرقها الأرض في دورانها حول الشمس ومدتها 365 يوما و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية، ولتسهيل عمليه الحساب يتم حذف الكسور من الأيام أي تحذف (5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية) من اليوم وتجمع لفترة 4 سنوات فتصبح تقريبا يوما واحدا لتضاف كل 4 سنوات الى شهر فبراير ليصبح عدد أيام السنة 366 يوما وتسمى سنة كبيسة.
والفرق بين السنة القمرية والشمسية 10.87515 يوم وبذلك يكون الفرق في كل 33 سنة 358.879917، او ما يقارب السنة وعليه تزيد شهرا تقريبا في كل 3 سنوات.
وبسبب هذه الفروق الحسابية بين هاتين السنتين الشمسية والقمرية ابتدع الفلكيون العرب القدماء بما يسمى بمنازل القمر والتي يكون فيها وضع القمر عند نجم معين في السماء، حيث يمكث القمر في هذه المنزلة مدة 13 يوما فتكون حساباتهم الفلكية دقيقة، معتمدين على النجوم التي تظهر في سماء الجزيرة العربية الواضحة والخالية من الغيوم في أغلب أيام السنة.
ولكي نوضح ذلك فإننا نقول:
إن الفلكيين العرب القدماء قسموا حركة القمر الشهرية إلى 28 موقعا متساوية الأبعاد تقريبا، حيث يبقى القمر في كل موقع ليلة واحدة فيتأخر في شروقه في اليوم الآخر مدة زمنية تبلغ (51 دقيقة و26 ثانية) أي ان القمر يتأخر في الساعة الواحدة دقيقتين و23 ثانية.
وفي كل تأخر يصبح القمر في موقع جديد مختلف عن الليلة السابقة، وهكذا.
ثم اختار الفلكيون العرب 28 مجموعة نجومية موقعها قريب جدا من خط سير القمر في الفضاء في رحلته حول الأرض واتخذوا هذه المجموعات النجمية لتصبح علامات معروفة ومميزة لخط سير القمر اليومي.
وسموا هذه المجموعات النجومية «منازل القمر»، حيث قسمت منازل القمر الـ 28 إلى قسمين رئيسيين وكل قسم يتكون من 14 منزلة والتي عرفت باسم الأنواء الفلكية فتقع 14 منزلة أو نوء الأولى شمال خط الاستواء السماوي وسميت «المنازل الشامية» والتي تتكون من النجوم التالية: 1- الشرطان. 2- البطين. 3- الثريا. 4- الدبران. 5- الهقعة. 6- الهنعة. 7- الذراع. 8- النثرة. 9- الطرفة. 10- الجبهة. 11- الزبرة. 12- الصرفة. 13- العواء. 14- السماك الأعزل.
أما المنازل الـ 14 الأخرى والتي تقع جنوب خط الاستواء السماوي فقد سميت «المنازل اليمانية» والتي تتكون من النجوم التالية: 1- الغفر. 2- الزباني. 3- الإكليل. 4- القلب. 5- الشولة. 6- النعايم. 7- البلدة. 8- سعد الذابح. 9- سعد بلع. 10- سعد سعود. 11- سعد الأخبية. 12- المقدم. 13- المؤخر. 14- الرشاء أو (بطن الحوت).
وعندما نقارن بين منزلة القمر ومنزلة الشمس نجد ان القمر ينتقل من منزلة الى أخرى في يوم وليلة أما الشمس فنجدها تحل في كل منزلة من منازل القمر مدة 13 يوما عدا منزلة او نوء فهناك من الفلكيين من يضيف هذا اليوم الى نوء الطرفة وهو النوء الذي يدلق معه النجم سهيل ويجعله 14 يوما وهناك فريق آخر من الفلكيين يزيد هذا اليوم مع نوء الجبهة الذي يلي نوء الطرفة مباشرة ويجعل نوء الجبهة 14 يوما بدلا من نوء الطرفة.
وفي عملية ضرب حسابية بسيطة نقول عدد منازل القمر = 28 منزلة أو نوءا ومدة كل منزلة أو نوء = 13 يوما إذن بضرب 28x13= 364 يوما ونلاحظ هنا ان الناتج 364 يوما ولذلك فقد زيد عدد أيام نوء الطرفة وأصبح 14 يوما ولكن هناك زيادة أخرى تكون في السنة الكبيسة التي تأتي كل 4 سنوات والتي مدتها 366 يوما يضاف يوم آخر لمنزلة أو نوء القلب أو (قلب العقرب).
بهذا استطاع الفلكيون العرب القدماء أن يحلوا مشكلة اختلاف الفرق الزمني بين السنة الشمسية وهي السنة الميلادية والسنة القمرية وهي السنة الهجرية.