حمد العنزي
شن عدد من النواب هجوما عنيفا على وزارة الداخلية ومسؤوليها جراء الحادث الآليم الذي وقع بوصلة الدوحة والذي راح ضحيته أرواح شباب في مقتبل العمر نتيجة تقاعس الداخلية والعاملين بها عن أداء أعمالهم المناطة بهم في حفظ الأمن واستقراره، فقد حمل النواب وزارة الداخلية والحكومة المسؤولية الكاملة لتلك المأساة، مطالبين بضرورة ان تتخذ الوزارة بكل الإمكانيات والأدوات اللازمة كافة الاجراءات لضمان عدم تكرارها بالمستقبل خاصة إذا ما عرفنا ان الشباب هم عماد المستقبل والثروة الحقيقية للبلاد التي ينبغي المحافظة عليها.
حديث النواب جاء في الندوة التي أقامها المحامي سعود الشحومي مساء امس الأول في ديوانه وتركزت حول حادث وصلة الدوحة، حيث قالوا ان الكويت تشهد في طرقها منذ فترة طويلة حرب شوارع نتيجة استمرار غياب الرادع القانوني للمستهترين وعدم تعاطي وزارة الداخلية مع هذه المشكلة بوضع الحلول لمعالجتها، ويرون ان افتقار الكويت لحلبات السباق المتخصصة أسوة بدول الخليج كانت السبب وراء ازدياد نسبة حوادث الاستهتار في الشوارع، مؤكدين ان كل افراد المجتمع والسلطتين التنفيذية والتشريعية شركاء في معالجة هذه الظاهرة المدمرة.
بداية قال النائب علي الدقباسي ان حادثة وصلة الدوحة كانت نتيجة للسياسات الحكومية الفاشلة في تعاطيها مع فئة الشباب الذين يمثلون عصب المجتمع الحكومي، واضاف ان الحكومة أهملت وتجاهلت كل قضايا الشباب من وظائف وتعليم وغيرها، لافتا الى ان كل أفراد المجتمع من نوابا وحكومة ومواطنين يتحملون مسؤولية هذه الكارثة إلا ان الحكومة تتحمل الجزء الأكبر باعتبار امتلاكها لكل الأدوات والوسائل التي من خلالها تستطيع توفير كل شيء للشباب الذي يسيطر عليه الفراغ، مبينا ان «الفراغ هو العدو الأول للإنسان».
واعتبر الدقباسي ما حدث اكبر من وزارة الداخلية، وان على مجلس الوزراء تحمله، وخصوصا ان الإعلام الكويتي يعيش في غيبوبة نتيجة عدم تركيزها واهتمامها بوسائل التوعية والتثقيف الاجتماعي. مؤكدا ان الكويت أمام حرب شوارع تعصف وتدمر شبابها يوميا، وان كل طرف فيها مسؤول ابتداء من الأسرة وصولا لمنفذ وصانع القرار السياسي.
وطالب بأن يتم استثمار طاقات الشباب بما هو مفيد سواء لأنفسهم او لمجتمعهم، مضيفا انهم كأعضاء في مجلس الأمة سيمارسون دورهم التشريعي من اجل الوصول الى حل لوقف استنزاف دماء وأرواح الشباب في الطرق.
ومن جانبه قال النائب مسلم البراك ان ما حدث في وصلة الدوحة سيتكرر في المناطق الأخرى ما لم يتم الوقوف على الأخطاء والأسباب، ورأى ان كل روح أزهقت في تلك الحداثة ستكون في رقبة كل المسؤولين في وزارة الداخلية والحكومة، وأضاف ان الداخلية لم تتفاعل بالشكل المطلوب تجاه هذه القضية، قائلا «ليس بالغريب عدم تفاعل الداخلية التي لها سوابق عديدة».
وانتقد البراك ما يقوم به بعض الشباب من استهتار متواصل في شوارع وطرق الكويت وخصوصا في ظل ما وصفه بـ «غياب رقابة» وزارة الداخلية، مطالبا في الوقت نفسه الداخلية بتقديم أي تشريع قانوني تفتقده الى مجلس الامة للموافقة عليه مباشرة.
واضاف: نعلن من هذا المكان عن «إنشاء الحملة الوطنية لوقف نزيف الأرواح بالشارع الكويتي»، ومن جهته ارجع النائب السابق د.عبدالله النيباري ازدياد حوادث السيارات في الكويت الى وجود انفلات وخلل سلوكي واجتماعي وقانوني داخل المجتمع، وأضاف ان هذا الخلل كان نتيجة غياب الأدوات الانضباطية والقانونية التي تردع الشباب من القيام بأي عملية استهتارية في الطرق، والتي لا تقتصر نتائجها المدمرة عليهم فقط وانما تمتد الى كل من في الطريق من اسر واطفال وكبار بالسن.
وطالب وزارة الداخلية وأجهزتها المختلفة بالتصدي لهذه الظاهرة المدمرة من خلال توفير الكاميرات والدوريات في كل الطرق بالإضافة الى ضرورة تمتع افراد الشرطة بالحس الوطني في اداء الواجب الوظيفي على اكمل وجه، مع ضرورة تطبيق القانون على الكل دون استثناء وابعاد الواسطة عن هذه الوزارة التي تحمي أرواح وامن الناس، واضاف نعم الدولة قادرة على انجاز الكثير، ونحن في الكويت نعيش في نعم كثيرة تستوجب شكر الله عز وجل عليها، ولكن بالنهاية يجب تطبيق القانون بشكله الصحيح والردع حتى لو تطلب الأمر نزول القوات الخاصة والجيش لردع هؤلاء الشباب المستهترين.
ومن جانبه طالب النائب السابق محمد الخليفة بضرورة دراسة تلك الحادثة عبر الأخذ بالأسباب والنتائج، وخاصة ان حجم الضحايا كان كبيرا مقارنة مع إجمالي عدد المواطنين في البلاد.
واضاف ان التمادي وعدم احترام القانون وصل بالشباب الى الاستهتار بشكل علني امام التقاطعات وإشارات المرور دون ان تتواجد سيارة واحدة للشرطة، ورأى ان هناك خللا في وزارة الداخلية مع هذا الحادث.
وقال: لا يمكن تبرير الخطأ بوجود نقص بالأفراد العاملين بالوزارة، حيث ان الدفعة الأخيرة من خريجي الشرطة شملت أعدادا كبيرة، لا يذهبون الى الإدارات الضرورية ولكن يتجهون الى إدارة القوات الخاصة، بالرغم من وجود آلاف الأفراد يخدمون هذا القطاع الأمني، ولكن الذي يدفعهم لتحويلهم لهذا المكان هو كبت الحرية للكويتيين بدلا من حمايتها وتهيئة الأجواء لضرب أهل الكويت في حالة تعرضهم للدستور والحريات معتقدين ان هناك مخططا يمكن ان يصير.
ومن جهته حمل المحامي سعود الشحومي وزارة الداخلية متمثلة بالوزير وكل الوكلاء والقيادات والأقسام الإدارية المختلفة المسؤولية المباشرة عما حدث في وصلة الدوحة من حادث مروري اليم هز شجون وآهات كل الكويتيين.
واضاف ان وزارة الداخلية أرادت إخفاء الحقائق وتغييب الحقيقة عن المواطنين على حد ذكره، ورأى ان تصريح وكيل الوزارة الفريق احمد الرجيب مؤخرا حول ضرورة ان يعود دور المخفر كحصن أمين للمواطنين هو اكبر دليل على وجود تقصير كامل وشامل في هذه الوزارة.
واستنكر الشحومي كل التصريحات التي صدرت في البداية من وزارة الداخلية وذلك على لسان الناطق الرسمي لها العقيد محمد الصبر، واضاف ان الوزارة كان عليها البدء بعملية الاجتماعات الموسعة لقيادييها وإداراتها المختصة بعد وقوع الحادث مباشرة، وليس بعد ان يتم تقديم الشكوى الى النيابة العامة بهذا الخصوص. مطالبا في الوقت نفسه بإحالة كل المسؤولين بالوزارة بعد ذلك الاجتماع الى المساءلة.
واضاف الشحومي من وجهة نظري فهذا الحادث يعتبر جريمة، خصوصا ان الوزارة لم تتحرك وظلت ساكنة بعد ان تلقت نبأ تجمع هؤلاء الشباب في ذلك المكان المشؤوم من قبل احد المواطنين الذي ابلغ غرفة العمليات، وهذا تقصير لا يمكن قبوله في بلد تحكمه القوانين والدستور، وان الوزارة بعد وقوع الحادثة تعتبر الضلع الثالث في هذه المأساة التي يجب على مجلس الوزراء تطبيق المادة الثانية من قانون محاكمة الوزراء، متمنيا الخروج بعبرة من هذه الحادثة للمستقبل.
وأكد ان هذه الندوة لا تمثل اتهاما الى أي شخص بقدر ما هي لمعالجة وضع خاطئ، وان المسألة ليست تصفية حسابات بل تتعلق بمسائل أمنية وإنسانية بالمقام الأول، لافتا الى ان كل أفراد المجتمع والمؤسسات الحكومية شركاء بالنهاية في الحفاظ على أي عملية أمنية تحفظ أرواح ومقدرات الوطن والمواطنين، قائلا «ان كانت الحكومة هي خصمي الأول فلتكن؟».