-
الدولة تولي البحث العلمي اهتماماً كبيراً ولأول مرة في الكويت تتضمن خطة التنمية بنداً لتطويره
-
نسعى لإقامة مشاريع لتوفير مخزون إستراتيجي آمن من المياه عن طريق تقنية الشحن الاصطناعي
-
تطوير جزيرة بوبيان سيوفر 20 - 50 ألف فرصة عمل ويتيح إنشاء منطقة تجارية حرة
-
مـكرمة أميـرية بقـيمـة مليون دينار من صاحب السمو للصرف على مشروعاتنا البحثية
-
«الأبحاث» على أعتاب مرحلة تحوّل إستراتيجي في كثير من التعديلات في بيئة العمل والبرامج بما يخدم المصالح الوطنية والبحث العلمي
-
نقترح إنشاء حزام أخضر بطول 10 كلم وعرض 50م في المنطقة الجنوبية بين أم الهيمان والشعيبة الغربية لمعالجة مشكلة الانبعاثات الغازية
-
تقنية اصطياد ثاني أكسيد الكربون لاتزال في طور التجارب والتكاليف الباهظة تدفعنا للتوجه إلى استخدامه في إنتاج النفط المعزز
-
سننجز عملية الحقن البخاري لاستخراج النفط في المنطقة المقسومة تمهيداً لتطبيقها لإنتاج أكثر من 3 مليارات برميل من النفط الثقيل
-
اتفقنا مع إحدى شركات القطاع الخاص على تطـوير دراسـة بحثية تستهدف توليد الطـاقة مـن الـرياح
-
الكويت تشهد تزايداً في الطلب على الطاقة بنسبة تتراوح بين 4 و6% سنوياً وذلك يتطلب توفير ما يزيد على 20 ألف ميغاوات في عام 2030
-
تعاوننا مع القطاع النفطي وثيق ومثمر بهدف الحفاظ على منشآت هذا القطاع الحيوي وحمايتها من التآكل وإنتاج الوقود النظيف
دارين العلي
إذا كان معهد الكويت للأبحاث العلمية قد اكتسب خلال دوره الممتد على مدار أكثر من 40 عاما خبرة عميقة بالعملية التنموية في البلاد وبالمشكلات التي تواجه القطاعات الوطنية، فإنه كما أكد مديره العام د.ناجي المطيري على أعتاب مرحلة تحول استراتيجي تشهد كثير من التعديلات في بيئة العمل وفي برامج المعهد من خلال مراكز التميز العلمي المزمع إنشاؤها.
وعلى الرغم من أنه يضم نخبة من العلماء والباحثين الذين يمثلون أهم الثروات التي يعتز بها المعهد، إلا أن المطيري يعمل مع فريقه بهدف تطوير المهارات للباحثين والإداريين في تلبية حاجة مراكز التميز التي يمضي المعهد نحو تأسيسها وتختص بمجالات: البترول، والمياه، والطاقة والبناء، والبيئة والعلوم الحياتية.
لذا وضع المطيري مسألة تحسين بيئة العمل على قائمة الأولويات منذ توليه لإدارة المعهد خصوصا أن هناك تفاوتا كبيرا بين الحوافز المالية المخصصة لباحثي المعهد ومثيلاتها في المؤسسات العلمية الوطنية والإقليمية، وقد قطع على حد قوله شوطا مناسبا في النهوض بهذا المحور للوصول إلى الحوافز التي تتناسب مع قيمة ما يقدمه الباحثون في المعهد وبما يحقق الرضا الوظيفي.
وعلى الرغم من المؤشرات الدالة على اهتمام الحكومة بنشاط البحث والتطوير والتي تجسدت وفق المطيري في إضافة هدف استراتيجي خامس في الخطة الخمسية للتنمية 2009/2014 كمبادرة تحدث لأول مرة بالنسبة لخطط التنمية في الدولة تحت عنوان «تطوير مجالات البحث العلمي والتكنولوجي ودعم تطبيقاته لدعم التنمية»، إلا أنه أكد أن ذلك لا يمحو حقيقة وجود حاجة ملحة لرفع نسبة الإنفاق على البحث العلمي والتطوير والوصول بها إلى الحد الأدنى المقرر من قبل الأمم المتحدة (1% من الناتج الإجمالي)، وهي نسبة عالية بالقياس إلى المخصصات الحالية التي لا تتجاوز 0.3% من الناتج القومي.
وفي خضم كل ذلك يسرد المطيري ما تمكن المعهد من إنجازه من المشاريع البحثية التي عادت بالنفع على الدولة بمؤسساتها، سواء في القطاع النفطي حيث النجاح الذي حققته عملية الحقن البخاري لإنتاج النفط عالميا، وسيتم اختبار هذه العملية في المنطقة المقسومة باستخدام وحدة نمطية تمهيدا لتطبيق النتائج على نطاق أكبر لإنتاج 3 بلايين برميل من النفط الثقيل أو في تطبيق نتائج أبحاث المعهد في تكوين مخزون استراتيجي آمن من المياه من خلال تطبيق تقنية توفر ملايين الدنانير على الدولة أو في إيجاد تقنيات الحد من تآكل أجهزة التكييف المركزي والتي تؤدي إلى توفير حوالي 7 ملايين دينار من ميزانية الصيانة السنوية لبعض البنايات العامة أو في القيام بتطوير كود الحفاظ على الطاقة، وهو ما يوفر على الدولة حوالي 90 مليون دينار سنويا.
أما في الشأن البيئي وتحديدا مسألة أم الهيمان، فتحدث المطيري عن الدراسة التي أجراها المعهد لتقييم الوضع البيئي هناك عام 2005 وتدل على أن قراءات محطات رصد التلوث الجوي التابعة لمعهد الكويت للأبحاث العلمية والهيئة العامة للبيئة توضح زيادة في معدل تركيز الملوثات عن الحدود المسموح بها من قبل تشريعات الكويت، وأعرب عن اتفاقه مع رؤية الهيئة العامة للبيئة بخصوص تشجير المنطقة العازلة بين أم الهيمان والشعيبة الغربية، مع ضرورة استحداث مناطق صناعية جديدة بمواقع بعيدة عن المناطق السكنية، حيث تنقل إليها المصانع ذات الحمل البيئي الثقيل.
وحول الطاقة لفت المطيري إلى أن الكويت تشهد تزايدا في الطلب على الطاقة بنسبة تتراوح ما بين 4 و6% سنويا، وذلك يتطلب توفير ما يزيد على 20 ألف ميغاوات في عام 2030، وذلك لا يمكن تحقيقه دون وضع خطط وبرامج وطنية للتعامل المستقبلي مع الطاقة من ضمنها توطين الطاقات البديلة، مشيرا إلى دراسة يقوم بها المعهد حاليا لوضع أكفأ السيناريوهات المتاحة لتوطين تقنيات توليد الطاقة المتجددة للفترة من عام 2012 وحتى عام 2020 لاستيعاب قدرة إنتاجية تتراوح بين 1.000 و1.500 ميجاوات من الكهرباء كل هذه القضايا والرؤى أتت خلال لقاء مطول أجرته «الأنباء» مع المطيري استفاض فيه في شرح عمل المعهد ومنجزاته وأبرز معوقات البحث العلمي وما يمكن أن يعيده على الدولة من نتائج إيجابية، وفيما يلي التفاصيل:
ما تصوراتكم حول تطوير أداء العاملين في المعهد ـ سواء الباحثون أو الإداريون ـ في سبيل تحسين سير العمل؟
القاعدة الأساسية التي تحكم عملنا في هذا الاتجاه هو بناء الإنسان، واكتشاف القدرات الإبداعية لدى موظفي المعهد وتحفيزهم على تقديم أفضل ما لديهم، باعتبارهم العنصر الأهم في هذا الكيان العلمي، وهدفنا في ذلك يتجاوز خدمة برامج المعهد ومشروعاته إلى التأثير في العمل التنموي الوطني والاستجابة لشروط بناء الحضارة الحديثة التي تعتمد على مدى ما تملكه الدولة من كفاءات علمية يمكن أن تنهض ببناء المستقبل.
ومنذ تكليفي بمسؤولية إدارة المعهد وضعت مسألة تحسين بيئة العمل على قائمة الأولويات، خصوصا أن هناك تفاوتا كبيرا بين الحوافز المالية المخصصة لباحثي المعهد ومثيلاتها في المؤسسات العلمية الوطنية والإقليمية، ولقد وجدت من مجلس أمناء المعهد والإدارات الحكومية المسؤولة في الدولة تفهما كبيرا لهذا الأمر، وقد قطعنا شوطا مناسبا في النهوض بهذا المحور، وهناك خطوات نسير بها للوصول إلى الحوافز التي تتناسب مع ما قيمة ما يقدمه الباحثون في المعهد وبما يحقق الرضا الوظيفي.
في الوقت نفسه اعتبرنا الكفاءة معيارا أساسيا في الاختيار، ووضعنا بعض الخطط التي من شأنها تحقيق أكبر قدر من الشفافية واختصار الإجراءات بما يتناسب مع طبيعة عمل البحث العلمي ويحد من الإجراءات الروتينية المعيقة للعمل، وستشهد خطة المعهد للسنوات العشرين المقبلة أسلوبا مختلفا في العمل وفي التقييم، كما ستشهد إنتاج هيكلية جديدة تنسجم مع روح العصر وتحقق أهدافنا نحو تمكين العاملين بالمعهد من تقديم أفضل ما لديهم بالقضاء على سلبيات ناتجة عن بعض النظم مثل نظام التقييم السنوي الذي نقوم بتطويره ليكون أكثر شفافية وإنصافا وعدالة، وتعطي الهيكلية الجديدة أفضلية لمهام مسؤولي المشاريع ومديري البرامج بدلا من وظائف قيادية نمطية.
من جانب آخر سيكون هناك تطوير لنظام الدورات التدريبية، بحيث يتمازج مع حاجة المعهد من خبرات ويتماشى مع خطة عمله وخطط أداء العاملين به وأيضا مع عملية تقييم الانجازات والتي تتم بشكل سنوي، وسيكون لهذا النظام الجديد دور مهم في تطوير المهارات للباحثين والإداريين وفي تلبية حاجة مراكز التميز التي نمضي نحو تأسيسها وتختص بمجالات: البترول، والمياه، والطاقة والبناء، والبيئة والعلوم الحياتية.
تحول إستراتيجي
ما آخر ما توصلت إليه اللجان المشكلة لتغيير هيكلية المعهد والرؤية الجديدة لإستراتيجية المعهد الجديدة بما يخدم المصالح الوطنية والبحث العلمي في الكويت؟
كما ذكرت لك فإننا على أعتاب مرحلة تحول استراتيجي تشهد كثيرا من التعديلات في بيئة العمل وفي برامج المعهد من خلال مراكز التميز العلمي التي أشرت لها منذ قليل، واللجان المشكلة ـ ومنها لجان على مستوى الكويت ولجان دولية تقوم بتخطيط ومراجعة خطة التحول الاستراتيجي ـ قد أنجزت مرحلة متقدمة من التقارير النهائية، وسنبدأ بعد ذلك الخطوات اللازمة لإقرار هذه الخطة سواء من مجلس أمناء المعهد أو من الجهات ذات العلاقة في الدولة.
بالنسبة للاتفاقيات التي عقدها المعهد مؤخرا، ما مدى مساهمتها علميا واقتصاديا وبيئيا في خدمة الكويت؟ وما أهدافها ومتى يمكن أن تكون نتائجها كما هو متوقع منها؟
هناك ثلاثة أشكال من الاتفاقيات التي يشارك بها المعهد، إحداها هي الاتفاقيات الثقافية الموقعة بين حكومة الكويت وحكومات الدول الشقيقة والصديقة في مجال التعاون الثقافي والعلمي، حيث يقوم المعهد بتنفيذ الأنشطة ذات العلاقة بنشاطه، ومن الأمثلة الأخيرة لذلك مساهمته في تأسيس المركز الكويتي المنغولي للأبحاث في جمهورية منغوليا، وذلك في إطار البرنامج التنفيذي لمذكرة التفاهم بين دولتي الكويت ومنغوليا، وقد قام المعهد بتخطيط العمل في هذا المركز وجار الانتهاء من أعمال التشييد والبناء، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة إدارة أنشطة البحث والتطوير والتي سيكون للمعهد دور محوري فيها.
النوع الثاني من اتفاقيات التعاون، هي التي يوقعها المعهد مع المؤسسات والهيئات العلمية والمنظمات الدولية والإقليمية. ومن المؤسسات التي يرتبط معها المعهد باتفاقيات من هذا النوع: منظمة الأمم المتحدة، الوكالة الدولية للطاقة الذرية، البنك الدولي، منظمة الحظر الشامل للتجارب النووية، البنك الإسلامي للتنمية، الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، مركز التعاون الياباني للبترول، شركة النفط اليابانية، مؤسسة hok الكندية، كلية الزراعة بجامعة بروجيا الإيطالية، شركة زينون العالمية، جامعة ميامي الأميركية، شركة الخدمات البترولية الفنية الأميركية، الهيئة الملكية للجبيل وينبع في السعودية، شركة زيتس الألمانية، ومؤخرا تم توقيع اتفاقية تعاون مع جامعة كاليفورنيا وأخرى مع معهد فرنهوفر الألماني، وهو من المعاهد البحثية العالمية في مجال الطاقة المتجددة. كما يقوم معهد الكويت للأبحاث العلمية حاليا بمهام ضابط الاتصال الوطني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وله دور أساسي في تخطيط وتنظيم عدد من المشاريع الوطنية والإقليمية التي تقدمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وبشكل عام فإن المعهد ينفذ العديد من الأنشطة والمشروعات المشتركة في اطار هذه الاتفاقيات، وتخدم الاتفاقيات الموقعة حديثا توجهات المعهد في تبني برامج علمية أكثر تطورا وأعمق انسجاما مع الحاجة الوطنية وخطط التنمية الطموحة.
النوع الأخير من هذه الاتفاقيات هو التعاون مع المؤسسات الوطنية والتي تأخذ مسارين، أحدهما هو الاتفاقيات الشاملة مثل تلك التي تم توقيعها مؤخرا مع وزارة الأشغال العامة وهي مذكرة تفاهم تنظم تعاونا وثيقا وفعالا سيكون له ثمار حيوية لمجموعة من القطاعات والخدمات التي يتعلق عملها بالوزارة، والمسار الآخر هو اتفاقيات التعاون والعقود لإنجاز مشروع بعينه، وتنتهي الاتفاقية أو العقد بانتهاء إنجاز البحث أو الدراسة.
ونعمل الآن على تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص من خلال هذا النوع من الاتفاقيات، باعتبار أن مساهمة هذا القطاع في الإنفاق على البحث العلمي والاستفادة من نتائجه يشكل جزءا أساسيا وقيمة مهمة لتقدم المجتمع، وفي هذا السياق وقعنا قبل عدة أسابيع مذكرة تعاون مع شركة حياة للاتصالات من أجل تطوير دراسة بحثية لتقييم أداء محطة تجريبية لتوليد الطاقة بالرياح، وتعمل هذه الدراسة على فتح الآفاق لاستبدال طاقة الديزل بطاقة الرياح، ونسعى من خلال تعاوننا مع شركة حياة إلى إيجاد حلول متكاملة لتزويد أبراج الاتصالات بحاجتها من الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة كطاقة الرياح وبتكاليف مادية منافسة لتلك المستخدمة من المصادر التقليدية.
إنجازات المعهد
أما بالنسبة لمحور سؤالك المتعلق بمدى مساهمة هذه الاتفاقيات في خدمة الكويت، فأود الإشارة هنا إلى أن المهمة الرئيسية للمعهد هي البحث العلمي التطبيقي والذي ينفذ المعهد جانبا كبيرا منه في إطار الأبحاث التعاقدية، وإذا أردت أن أشير إلى نماذج مما حققه المعهد في هذا الاتجاه فسأوضح لك أنه في قطاع النفط نجح المعهد في نقل وتوطين كثير من التقنيات الحديثة أهمها تقنيات توصيف الصخور ومواقع المكامن النفطية وإدارة المياه في الحقول، وخلال العامين الأخيرين قام بعدة مشاريع مهمة لهذا القطاع مثل: مشروع «خواص ومعالجة المستحلبات البترولية الكويتية»، الذي ساهمت فيه مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، ويسهم تطبيق نتائج هذا المشروع في زيادة معدل الاستفادة من المياه الفيضية المستخدمة حاليا لتحسين إنتاج النفط، ويمكن تقييم التطبيقات على مستحلبات النفط الثقيل في حقول شمال الكويت، وهناك أيضا مشروع «تأسيس القدرة الوطنية لتطبيق تكنولوجيا النظائر النووية للآبار النفطية»، والمنجز بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومن المتوقع أن يسهم تطبيق النتائج في تلبية الاحتياجات المستقبلية في مجال دعم إنتاج النفط، كما نفذ المعهد مشروع «مراقبة وتحليل وحدة نمطية لحقن البخار في حقول الوفرة النفطية»، وتضمنت نتائجه توصيات مهمة بخصوص جدوى الإنتاج الحراري للنفوط الثقيلة في 4 آبار منتجة في المنطقة، وأكدت النجاح الذي حققته عملية الحقن البخاري لإنتاج النفط عالميا، وسيتم اختبار هذه العملية في المنطقة المقسومة باستخدام وحدة نمطية تمهيدا لتطبيق النتائج على نطاق أكبر لإنتاج 3 مليارات برميل من النفط الثقيل، ولا ننسى أن المعهد كان قد نجح في توصيف مكامن النفط الكويتية في مختبراته بعد أن كانت تتم في الخارج بتكلفة عالية ويمكن بذلك توفير 70% من تكلفة الفحوصات، وتقدم هذه الخدمات حاليا للشركات الكويتية والعالمية العاملة في المنطقة مثل شركة النفط البريطانية وشركة شيفرون. كما أنجز المعهد مشروع «إعادة تنشيط المواد الحفازة المستهلكة لاستخدامها مرة أخرى في عمليات التكرير»، وهو سبق علمي للمعهد، ومن المتوقع تطبيق التقنية المطورة من قبل المعهد بالتعاون مع شركة وطنية محلية على نطاق تجاري.
وفي قطاع المياه: حقق المعهد انجازات مهمة، حيث اعتمدت نتائج أبحاثه في تطبيق تقنيات تحلية مياه البحر وفي إنشاء محطة الصليبية لمعالجة مياه الصرف الصحي بأحدث التقنيات المتقدمة، وفي خفض ارتفاع مناسيب المياه تحت السطحية في مناطق عدة بالكويت، علما أن أبحاث المعهد في مجال تطوير تقنية التناضح العكسي تعتبر رائدة في المنطقة وقد استفادت دول خليجية من نتائج أبحاث المعهد في إنشاء محطات إنتاجية ذات سعات كبيرة.
واعتمادا على نتائج أبحاث المعهد يتم إنتاج المياه المعبأة «كاظمة» باستخدام آبار شاطئية، وذلك لتوفير سلعة وطنية ذات نوعية ممتازة ومتوازنة في محتوياتها المعدنية وذات جودة عالية، وهو توجه يسعى المعهد إلى التركيز عليه لإقامة مشاريع تجارية تسهم في توفير منتجات إستراتيجية، كما يسهم تطبيق نتائج أبحاث المعهد في تكوين مخزون استراتيجي آمن من المياه من خلال تطبيق تقنية الشحن الاصطناعي لمكامن المياه الجوفية وبتكلفة مناسبة، وتقل كثيرا عن تكلفة خزانات المياه حيث توفر ملايين الدنانير. وقد انتهى المعهد منذ فترة من وضع المواصفات النموذجية لقواعد وأسس تمديدات المياه داخل البيوت والبنايات والمرافق العامة، ومن المتوقع أن يسهم تطبيقها في تحسين كفاءة استخدام المياه العذبة في الكويت، وهناك أيضا مشروع «دراسة تحديد الفاقد من المياه العذبة في الكويت»، والذي أنجز بتمويل من وزارة الكهرباء والماء، ويسهم تطبيق نتائجه في زيادة الكميات المتاحة من المياه دون زيادة القدرة الإنتاجية لمحطات التحلية.
المعهد ومشكلات البيئة
أما في قطاع البيئة فبشكل عام تغطي أبحاث المعهد ما يتعلق بتقييم التلوث في البيئة البحرية، وتقييم التلوث الهوائي، ومنها ما يرتبط بالظروف الطبيعية مثل: التصحر والجفاف والتحكم في الرمال الزاحفة ومنها ما يركز على تنمية السواحل والجزر الكويتية، ومن أمثلة المشاريع المنجزة مؤخرا لهذا القطاع مشروع «تطوير نظام مسبار لوصف وتحليل المواقع الملوثة أسفل التربة»، ويؤدي تطبيق نتائجه إلى تحقيق فوائد اقتصادية من خلال توفير الوقت والجهد في الكشف المبكر عن التلوث النفطي، ومشروع «تطوير مختبر الحاسب الآلي للمكفوفين في جامعة الكويت»، وأسفرت نتائجه عن تطوير مختبر الحاسب الآلي بجامعة الكويت، وإنشاء مختبر جديد متكامل في منطقة كيفان، وتسهم تطبيقات المشروع في تيسير الدراسة على الطلبة المكفوفين من حيث استخدام الكمبيوتر الشخصي والانترنت، وفي تواصلهم مع هيئة التدريس وزملائهم الطلبة.
أما مشروع «استخدام تقنية الاستشعار عن بعد في تطوير السواحل الكويتية»، فإن نتائجه تساعد متخذ القرار على دراسة التغيرات التي شملت خط الشاطئ مع تحديد أسبابها، كما تمكنه من التخطيط المناسب للمشاريع المستقبلية على سواحل الكويت، وهناك أيضا مشروع «دراسات الرصد والتقييم البيئي والصحي المترتبة على الاحتلال العراقي»، وهو مشروع ممول من الهيئة العامة لتقدير التعويضات، وشملت انجازاته أربعة محاور للدراسات البيئية، وهي: الدراسات المتعلقة بالمياه الجوفية، والدراسات البيئية الساحلية والبحرية، والدراسات البيئية الصحراوية، والدراسات البيئية المتعلقة بالصحة العامة وتقييم المخاطر الناجمة عنها، وقد أنجزت الأعمال وفقا لشروط التعاقد والاتفاقيات الموقعة مع المؤسسات والجهات الاستشارية العالمية، وهناك أيضا مشروع «التقييم البيئي وإعداد المخطط الهيكلي لجزيرة بوبيان»، علما أن تطوير الجزيرة سيوفر ما بين 20 - 50 ألف فرصة عمل مع إنشاء منطقة تجارية حرة وتلبية احتياجات المجتمع من المساكن السياحية المطلة على البحر. وفي قطاع التشييد والبناء تم تطبيق نتائج أبحاث المعهد لاستخدام اللدائن المدعمة بالألياف كبديل لحديد التسليح لزيادة العمر الافتراضي للمنشآت بما لا يقل عن 25%. وكذلك الحد من تآكل أجهزة التكييف المركزي والتي تؤدي الى توفير نحو 7 ملايين دينار من ميزانية الصيانة السنوية لبعض البنايات العامة، وكذلك تطوير اسمنت بورتلاندي من مواد أولية محلية تنتجه شركة اسمنت الكويت، وهو ما يخفض التكاليف بنسبة 10 ـ 15%.
وفي قطاع الطاقة أنجز المعهد مشروع «عمليات التشغيل الذكي لأجهزة التكييف والانارة لتقليل القدرة القصوى في المباني الحكومية»، ويسهم تطبيق نتائج المشروع في خفض الأحمال الكهربائية، وهذا يضاف الى رصيد المعهد السابق في هذا المجال، حيث سبق للمعهد أن قام بتطوير كود الحفاظ على الطاقة وهو ما يوفر على الدولة نحو 90 مليون دينار سنويا، وقام بنقل وتطبيق تقنيات التدقيق على الطاقة بما يمكن أن يوفر نحو 20% من الاستهلاك، كما ابتكر المعهد أنظمة تبريد صحية تلائم الظروف المناخية في الكويت، ويعمل المعهد حاليا على تطوير وتنفيذ برنامج متكامل للطاقة الشمسية باستخدام أحدث التقنيات المتقدمة.
وهناك أيضا الكثير من المشاريع البحثية التي قدمت نتائجها فرصا تنموية لقطاعات الزراعة والغذاء والثروة السمكية، ومن صور ذلك نجاح المعهد في استزراع سمك الزبيدي الذي يعتبر من أهم الأسماك المرغوبة محليا واقليميا، والمعهد أول مؤسسة في العالم تتمكن من تربية سمك الزبيدي بدءا من البيوض وحتى الحجم التجاري، كما طور زراعة أسماك أخرى مثل الهامور والشعم، وقام بتجربة انتاج سمك السبيطي على نطاق شبه تجاري، وللمعهد دراسات عدة لتطوير المخزون السمكي، ووضع أسس لحماية المخزونات السمكية من التدهور وحماية التنوع الاحيائي في البيئة البحرية، اضافة الى تطوير تقنية زراعة الأسماك والروبيان، كما ساهم المعهد بكفاءة في تنفيذ مشاريع التخطيط الاستراتيجي الزراعي لصالح الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية، ووضع خطة متكاملة لتطوير التخضير وتحسين البيئة في الكويت، وله اسهامات رائدة في تطوير البنية التحتية اللازمة للزراعة النسيجية، كما عمل على تحسين معدل الانتاج الحيواني في الكويت بواسطة تقنية نقل الأجنة.
والمعهد في الوقت الحالي يقوم بتطوير التعاون مع مؤسسات وطنية ودولية، ويشكل ذلك محورا مهما في خطة التحول الاستراتيجي التي ستشهد استحداث مراكز تميز بحثية في مجالات ذات أولوية وطنية، ومن التوجهات الرئيسة للخطة بناء تحالفات قوية مع مؤسسات محلية ومراكز بحثية عالمية، ونعمل الآن في هذا السياق على تأسيس برنامج تبادل الكفاءات المتميزة التخصصية بين المعهد والمؤسسات التكنولوجية المرموقة وذلك بهدف استقطاب خبراء عالميين خلال 4 سنوات من جامعات أميركا وأوروبا واستراليا للمشاركة في تطوير هذه المراكز، اضافة الى ابتعاث عدد من الباحثين خلال هذه السنوات الأربع لدعم هذا الهدف.
اهتمام بالبحث العلمي
بالرغم من التصريحات الحكومية عن أهمية البحث العلمي الا أن الدعم مازال ضئيلا، ما رأيكم في هذا الجانب؟
اهتمت الكويت بنشاط البحث العلمي فأنشأت عددا من المؤسسات التي تمارس البحث العلمي، بعضها كنشاط رئيسي مثل معهد الكويت للأبحاث العلمية وهو الجهة الوحيدة التي تمارس البحث العلمي التطبيقي، وبعضها كنشاط ضمني بجانب مهامها التخصصية مثل جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، وبعضها وحدات بحثية ترتبط بهيئات حكومية مثل: ادارة البحوث النباتية التي تتبع الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية، ومركز تنمية مصادر المياه بوزارة الكهرباء والماء، ووحدة البحوث الصحية التابعة لوزارة الصحة، وغيرها. وهناك أيضا مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، الجهة الرائدة في تمويل مشاريع البحث العلمي وتحتل مكانة مميزة على مستوى الكويت وعلى النطاق الاقليمي والدولي.
وقد تلمست القيادة السياسية ما يواجه البحث العلمي من معوقات في السنوات الأخيرة، وسعت الى تنظيمه فتوجهت نحو انشاء مجلس أعلى للبحث العلمي، والذي سيكون له دور مهم في تنسيق جهود البحث والتطوير وتعظيم الاستفادة من نتائجه، وهناك توجهات نحو زيادة نسبة الانفاق على البحث العلمي، وهو أمر سيتيح للبحث العلمي القيام بدور متعاظم ومؤثر في التنمية.
وليس من شك في أن قضية دعم نشاط البحث العلمي والنهوض به أصبحت تشغل حيزا مناسبا من اهتمام قيادتنا، بل وقادة الدول العربية، وقد تجلى ذلك في «اعلان الكويت» الصادر عن القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي عقدت في الكويت العام الماضي، حيث من اللافت في هذه القمة اهتمامها بمجال البحث العلمي والبيئة والطاقة والتكنولوجيات الواعدة، اذ تضمن هذا الاعلان، الذي تبناه قادة الدول العربية، بندا صريحا يخص الاهتمام بتنفيذ خطة تطوير التعليم والبحث العلمي، ودعم ميزانية البحث العلمي، ورعاية الباحثين والعلماء، وتوثيق الصلة بين مراكز البحوث العربية.
أما على مستوى معهد الكويت للأبحاث العلمية، فهناك اهتمام واضح من القيادة السياسية به، وسبق أن شكلت لجنة لدراسة المعوقات التي تواجهه بهدف ازالتها وتهيئة الفرصة لتعظيم دوره، كما أن صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، يولي أعمال المعهد اهتماما فائقا وتجسد ذلك في لقاء سموه بوفد من المعهد قام بتقديم عرض أمام سموه عن نشاط المعهد وانجازاته وبرامجه وخططه، ولقد عبر سموه في أكثر من مناسبة عن اهتمامه بتطوير أنشطة المعهد والدفع نحو التطبيق الفعلي لنتائج أبحاثه لتستفيد منها قطاعات الدولة، كما أن سموه حفظه الله قد منح المعهد منذ فترة وجيزة مكرمة أميرية بقيمة مليون دينار للصرف منها على مشروعاتنا البحثية، وهي لفتة سامية تحمل من المعاني والدلالات ما يفوق كثيرا قيمتها المالية.
أيضا من المؤشرات الدالة على اهتمام الحكومة بنشاط البحث والتطوير هو إضافة هدف استراتيجي خامس في الخطة الخمسية للتنمية 2009/2014، وهي مبادرة تحدث لأول مرة بالنسبة لخطط التنمية في الدولة، وقد حمل هذا الهدف عنوان «تطوير مجالات البحث العلمي والتكنولوجي ودعم تطبيقاته لدعم التنمية»، ويتضمن الهدف تنفيذ عدة مشاريع تنفيذية يشتمل كل منها على عدد من المبادرات تعزز الهدف العام من خطة التنمية فيما يخص تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري، وقد تقدم المعهد في إطار هذه الخطة بحوالي 42 مبادرة تتعلق بأنشطته ومجالات عمله.
وبالإضافة إلى ذلك فإن خطط المعهد الجديدة والتي تصاغ في إطار عملية تحول شاملة تحوز اهتمام القيادات السياسة، وليس من شك في أن دعم الحكومة لإنشاء ثلاث شركات تجارية لتسويق نتائج مشروعات المعهد هو أمر مهم، يتكامل مع اهتمامها بدعم مشروع التحول الاستراتيجي وإنشاء مراكز للتميز في المجالات ذات الأولوية للاقتصاد الوطني، والتي حدثتك عنها قبل قليل.
في الحقيقة فإن أوجه الرعاية هذه تشكل أهم العوامل التي يحتاجها المعهد لتحقيق تقدم كبير في أعماله، ذلك لأن صناعة المستقبل تحتاج إلى إرادة سياسية بقدر ما تحتاج إلى فهم عميق بطبيعة نشاط البحث العلمي وما يتطلبه من جهد ووقت وصرف مالي مناسب، وليس من شك في وجود حاجة ملحة لرفع نسبة الإنفاق على البحث العلمي والتطوير والوصول بها إلى الحد الأدنى المقرر من قبل الأمم المتحدة (1% من الناتج الإجمالي)، وهي نسبة عالية بالقياس إلى المخصصات الحالية التي لا تتجاوز 3% من الناتج القومي، وهي نسبة لا تقارن بنظيراتها في البلدان الأوروبية المتقدمة ولا حتى بتلك الدول الآخذة في النمو مثل دول شرق وجنوب شرق آسيا، حيث تتراوح النسب في البلدان المتقدمة بين 2.5 و5%.
مشكلة في أم الهيمان
ما رأيكم في إنشاء مركز خاص تابع للمعهد يعنى بالقضايا البيئية؟ وما رؤيتكم بحكم وجودكم على رأس جهة تتابع عن كثب وبطرق علمية الحمل البيئي في الكويت، خصوصا في أم الهيمان؟ وما تعليقكم كجهة علمية على التقرير والحلول المقترحة من قبل الهيئة العامة للبيئة لمشكلة التلوث في المنطقة الجنوبية؟
إنشاء مركز تميز في مجال البيئة من أولويات المعهد، لأن مثل هذا المركز يشكل نقلة نوعية في التعاطي مع قضايا البيئة ومعالجة مشكلاتها، ولا ننسى أن للمعهد رصيدا كبيرا من الخبرة في هذا المجال، فهو يتمتع ببنية تحتية متطورة من مختبرات وأنظمة معلومات وكوادر بشرية تمتلك خبرة عميقة في قضايا البيئة، كما يمتلك قواعد معلومات بيئية ونماذج رياضية توفر له رؤية واضحة حول الحلول العلمية والعملية للمشاكل البيئية، وهذه القدرات تؤهل المعهد لأن يوظف إمكانات المركز المزمع إنشاؤه بالتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية لتطوير وتنمية وإدارة البيئة وتحسين النوعية البيئية وإعادة تأهيل المناطق المتدهورة والاستغلال المستدام للموارد الطبيعية والاستثمار الأمثل للأراضي وإدارة الكوارث الطبيعية وغيرها.
أما بالنسبة للحمل البيئي وقضية أم الهيمان فمن المعلوم أن بعض الأنشطة بمنطقة الشعيبة الصناعية لها حمولة بيئية مثل مصافي تكرير البترول ومصانع الأسمدة ووحدات الأمونيا وغيرها، حيث ينتج عنها انبعاثات غازية قد تشكل تهديدا مباشرا للمناطق السكنية، هذا مع الأخذ بعين الاعتبار الاتجاه السائد للرياح (من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي)، إلا أن الدراسة التي أجراها المعهد لتقييم الوضع البيئي في منطقة أم الهيمان عام 2005 تدل على أن قراءات محطات رصد التلوث الجوي التابعة لمعهد الكويت للأبحاث العلمية والهيئة العامة للبيئة توضح زيادة في معدل تركيز الملوثات عن الحدود المسموح بها من قبل تشريعات الكويت. وعليه يجب العمل على الحد من الحمل البيئي للمناطق الآهلة بشكل عام.
والمعهد يتفق من حيث المبدأ على ما جاء في تقرير الهيئة العامة للبيئة المقدم إلى مجلس الوزراء الموقر بشأن ضرورة استحداث مناطق صناعية جديدة بمواقع بعيدة عن المناطق السكنية، حيث تنقل إليها المصانع ذات الحمل البيئي الثقيل والإبقاء على المصانع ذات الحمل البيئي المتوسط على أن تعدل أوضاعها عن طريق الحد من الانبعاثات الغازية خلال مدة محددة، كما نتفق مع رؤية الهيئة بخصوص تشجير المنطقة العازلة بين أم الهيمان والشعيبة الغربية، ونقترح أن تتم زراعة حزام أخضر بطول 10 كم وعرض 50م في المنطقة العازلة بين كل من منطقة الشعيبة الشرقية والغربية ومنطقة أم الهيمان السكنية الواقعة جنوبا، على أن يصمم الحزام الأخضر اعتمادا على تجارب النفق الهوائي.
تعاون مع القطاع النفطي
ما تقييمكم للتعاون مع القطاع النفطي؟ وهل يأخذ بنتائج أبحاثكم في عمليات الإنتاج والمحافظة على البيئة؟
يعمل المعهد بشكل وثيق مع القطاع النفطي ممثلا في كل من: مؤسسة البترول الكويتية وشركة نفط الكويت وشركة البترول الوطنية الكويتية في العديد من المجالات المتعلقة بعمليات الإنتاج والتكرير. ومن ذلك دراسات توصيف المكامن النفطية والدراسات المتعلقة بالحفاظ على مستويات إنتاجية المكامن عن طريق إعادة ضخ مياه المكامن أو مياه البحر وتحديد نسب تركيز الغازات الحمضية في آبار النفط ومراكز التجميع في الحقول النفطية، ونتيجة لهذا التعاون أصبح لدى المعهد خبرات متميزة في التكنولوجيات المرتبطة بهذه المجالات، كما يقوم المعهد بالعديد من الدراسات البحثية المتعلقة بالحفاظ على منشآت المرافق النفطية من خلال تحديد أسباب التآكل والعمل على الحد من آثارها السلبية، وبالنسبة لعمليات التكرير قام المعهد بالعديد من الدراسات والأبحاث بتعاون ومساندة كاملة من قبل شركة البترول الوطنية الكويتية وبتمويل من مؤسسة البترول الكويتية في مجال العمليات المحفزة لإزالة الكبريت من مخلفات النفط وإنتاج أنواع الوقود النظيف، وتطوير طرق تحكم متقدمة لرفع إنتاج المصافي.
كما قام المعهد بدراسات وأبحاث مختلفة تتعلق بمجال المحافظة على البيئة بطلب وبدعم مباشر من القطاع النفطي، ومن ذلك دراسة شاملة لتحديد ونمذجة مصادر انبعاثات الأبخرة الهيدركربونية من جميع وحدات التكرير التابعة للمصافي الثلاث، وكذلك فقد تعاون المعهد مع العاملين في شركة البترول الوطنية الكويتية في إجراء دراسة نمطية لتقليص الانبعاثات من محطات الوقود في المناطق السكنية، حيث تم تركيب أجهزة متقدمة في إحدى هذه المحطات، وتمت مراقبة أدائها على مدى عام كامل، وكانت النتائج مشجعة.
وهنا أود التأكيد أن التعاون والتنسيق بين المعهد والقطاع النفطي وصل إلى مراحل متقدمة، فهناك اتفاقيات بين كل من المعهد والمؤسسة والشركات العاملة، وهناك لجان مشتركة على مستويات قيادية وفنية تجتمع شهريا لتنسيق الأبحاث والنشاطات المشتركة. وتسهم مؤسسات وشركات القطاع النفطي بشكل فعال في تحديد إستراتيجية الأبحاث للمعهد المتعلقة بمجال النفط والبتروكيماويات.
تقنية جديدة
طرح سمو رئيس مجلس الوزراء خلال ترؤسه إحدى جلسات كوبنهاغن تقنية اصطياد الكربون للتخفيف من الاحتباس الحراري، كيف ترون هذه التقنية على الصعيدين العلمي والاقتصادي؟
ليس من شك في أن الحد من ثاني أكسيد الكربون هو موضوع الساعة، واهتمام الكويت به يعود للنسبة المرتفعة لمعدلات انبعاثه في الدولة للفرد، وتشكل تقنية اصطياد غاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه إحدى الوسائل التي قد يتم من خلالها التحكم بنسبة انبعاث الغاز، إلا أن التقنية مازالت في طور التجارب النمطية من قبل جهات بحثية متعددة في العالم. وتتطلب التقنية جمع الغاز من مصادر إنتاجه والتي عادة ما تكون مصادر إنتاج مكثفة، كمحطات توليد الكهرباء أو مصانع تكرير النفط أو بعض مصانع البتروكيماويات، ومن ثم ضخه وتخزينه في خزانات ملائمة كبعض المكامن الجوفية الصلدة التي تمنع تسربه إلى سطح الأرض مرة أخرى أو في أعماق المحيطات، إلا أن تكاليف عمليات الاصطياد والتخزين باهظة وتعتبر عائقا كبيرا للتطبيق، ولتغطية هذه التكاليف هناك توجه لاستخدام غاز ثاني أكسيد الكربون في عمليات إنتاج النفط المعزز، حيث يتم ضخ الغاز لزيادة معدلات استرجاع النفط، وقد قام المعهد بدراسة أولية بالاشتراك مع شركة نفط الكويت منذ بضع سنوات حول هذا الموضوع، كما أنه يتعامل مع هذا الأمر من عدة محاور، تشمل: العمل على تطوير تقنيات أقل كلفة لجمع الغاز، وتقييم مدى ملائمة استخدام الغاز في عمليات إنتاج النفط المعزز في مكامن النفط الكويتية، ويضاف إلى ذلك أبحاث تتعلق بالحد من إنتاج الغاز إما بواسطة تطوير طرق لترشيد استخدام الطاقة الكهربائية، أو العمل على تطوير استخدام مصادر الطاقة المتجددة. ويقوم المعهد بتنسيق هذه الجهود مع مؤسسة البترول الكويتية التي تولي هذا المجال عناية خاصة.
الطاقة الشمسية
قام المعهد بدراسة شاملة لمحطة تجريبية لتوليد الطاقة عبر الطاقة الشمسية، وتنتظرون حاليا موافقة وزارة الكهرباء على التمويل، إلى أين وصل الموضوع؟
في البداية أشير إلى أن الكويت تشهد تزايدا في الطلب على الطاقة بنسبة تتراوح بين 4 و6% سنويا، وذلك يتطلب توفير ما يزيد على 20 ألف ميغاوات في عام 2030، وذلك لا يمكن تحقيقه دون وضع خطط وبرامج وطنية للتعامل المستقبلي مع الطاقة. علما أن الوقود المستخدم حاليا لتوليد الطاقة في الكويت هو مزيج من البترول المكرر والغاز، وباحتساب سعر برميل النفط بـ 50 دولارا، فإن قيمة الاستهلاك منه خلال عام 2008 فقط تقدر بـ 1400 مليون دينار، وأنه من المتوقع خلال عام 2030 أن تصل كمية النفط المستهلكة لتوليد الطاقة الكهربائية إلى 174 مليون برميل من النفط المكافئ، وهي نسبة استهلاك مرتفعة جدا ينبغي أن ننظر لها بعناية ونوجه جهودنا للحد منها من خلال مشاريع الطاقة البديلة وتبني التقنيات الموفرة للطاقة والتي يمكن أن تحقق وفرا يتراوح بين 20 و30% من الطلب على الطاقة في المستقبل.
ولقد أخذ معهد الكويت للأبحاث العلمية هذا التحدي في الاعتبار عند التخطيط لبرنامج بحثي للطاقة البديلة، وقام في البداية بمخاطبة وزارة الكهرباء والماء بمقترح إنشاء محطة تجريبية لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية بقدرة 25 ميغاوات، لتكون نواة لتوطين هذه التكنولوجيا في البلاد والتوسع في استخداماتها حتى تكون الكويت من البلدان المتقدمة في استخدامات الطاقة البديلة والمتجددة، ولا شك أن لهذا المشروع آثاره الإيجابية في النواحي الاقتصادية والبيئية والاجتماعية على المدى البعيد، كما أنه سيعالج مسألة ارتفاع معدلات استهلاك الطاقة الكهربائية والتي تعتمد بشكل أساسي على النفط الخام ومشتقاته كما ذكرت.
ويقوم المعهد في الوقت الحالي بالبدء في ثلاثة مشاريع في هذا الاتجاه، هي: «مشروع تطوير تكنولوجيا الطاقة الشمسية لتلبية متطلبات القطاع النفطي الكويتي ـ المرحلة الأولى: تقييم تطبيقات محتملة»، و«مشروع تطوير استراتيجية لاستغلال مصادر الطاقة المتجددة للكويت»، و«مشروع دراسة الجدوى لتقنيات توليد الطاقة من مصادر متجددة في الكويت» ويقوم المشروع الأخير على أساس دراسة جدوى إقامة محطة للطاقة المتجددة بسعة إنتاجية 100 ميغاوات باستخدام أهم الأنظمة الواعدة في هذا المجال مثل نظام الطاقة الشمسية الحرارية ونظام الطاقة الشمسية الكهروضوئية، ونظام طاقة الرياح، وذلك مع وجود وحدة لتخزين الطاقة الحرارية بسعة 6 إلى 8 ساعات، وستخلص هذه الدراسة إلى وضع أكفأ السيناريوهات المتاحة لتوطين تقنيات توليد الطاقة المتجددة للفترة من عام 2012 حتى عام 2020 لاستيعاب قدرة إنتاجية تتراوح بين 1000 و1500 ميغاوات
إنجازات المعهد تثبت أنه ساهم ويساهم في دفع عجلة التنمية بالبلاد
في سؤال متعلق بانجازات المعهد على المستويات المحلية والإقليمية والدولية خلال السنوات الأخيرة قال المطيري: يتواصل دور المعهد في التنمية المستدامة منذ عدة عقود، وإذا أجريت دراسة تقويمية لإنجازاته التي تتصل بالمحافظة على البيئة وعلى المصادر الطبيعية للمياه والطاقة، وتتصل أيضا بتوفير الخدمات الفنية والاستشارات العلمية والتقنية للمؤسسات الكويتية العاملة في المجالات المختلفة، لتبين لنا علميا وبشكل قاطع مدى مساهمة المعهد في دفع عجلة التنمية.
من جهة أخرى إذا نظرنا إلى مجالات عمل المعهد والتي تتكون من تنمية موارد الغذاء عن طريق الاهتمام بالثروة السمكية والزراعة والأحياء البحرية والإنتاج الحيواني والزراعي، إضافة إلى تطوير الموارد المائية ومساندة قطاع البترول الذي يمثل الشريان الرئيسي للاقتصاد الوطني لأمكن القول إن معهد الكويت للأبحاث العلمية ساهم ويساهم في دفع عجلة التنمية في البلاد، وضمان استمراريتها وتواصلها وفقا للمفهوم الشامل للتنمية المستدامة.
وقد اكتسب المعهد خلال دوره الممتد على مدار أكثر من 40 عاما خبرة عميقة بالعملية التنموية في الكويت وبالمشكلات التي تواجه القطاعات الوطنية، وتمكن من بناء قواعد معلومات بحثية مهمة وقدم نتائج أبحاث تمثل أرصدة هامة له ولمسيرة العمل التنموي، كما أنه يضم نخبة من العلماء والباحثين الذين يمثلون أهم الثروات التي يعتز بها.
وكان أحد خبراء الأمم المتحدة وهو البروفيسور جون بينون ذكر في تقرير له عن المعهد أنه يعتبر على قمة مؤسسات البحث العلمي في منطقة الشرق الأوسط، كما حصد المعهد وباحثوه جوائز دولية واقليمية ومحلية مهمة بلغ عددها خلال العقدين الأخيرين أكثر من 40 جائزة، منها حوالي 20 جائزة عالمية، وسجل مجموعة من براءات الاختراع في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليابان، وتعتبر معظم البراءات التي سجلها المعهد تقنيات مطورة لتصنيع مواد كيماوية وسيطة، ذات تطبيقات مفيدة تخدم الصناعات البتروكيماوية في الكويت ودول الخليج العربي بشكل خاص وبقية دول العالم بشكل عام.
ونتيجة لمكانة المعهد هذه ولقيمة انجازاته فقد تمتع بعلاقات تعاون مع جامعات ومؤسسات ومراكز عربية وإقليمية ودولية، وقد اختير المعهد ضابط الاتصال الوطني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويعد الجهة الرئيسية في الكويت (من الناحية الفنية) المسؤولة عن متابعة أعمال الوكالة، وهو معني بالتنسيق مع الجهات المعنية الأخرى في الدولة للمشاركة في اجتماعات الوكالة ومتابعة وتنفيذ القرارات التي تصدر عنها، كما تعاونت منظمة حظر التجارب النووية مع المعهد في إقامة محطة متخصصة في رصد النويدات المشعة rn40 وهذه المحطة المنشأة في المعهد تعتبر الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، كما قام المعهد بدور محوري في استضافة مركزين رائدين على المستوى العربي هما: المركز الإقليمي لتطوير البرمجيات التعليمية، ومركز مايكروسوفت للابتكار، وقد اختير المعهد من قبل الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي لبناء قاعدة معلومات خليجية للأبحاث، ومؤخرا اختير من قبل الأطراف المصدقة على اتفاقية «استوكهولم» ليكون المركز الإقليمي للملوثات العضوية الثابتة، كما يشارك المعهد كعضو في عدد كبير من التجمعات العلمية الإقليمية والدولية.
د. ناجي المطيري في سطور
-
ـ حاصل على شهادة دكتوراه في الهندسة المدنية من جامعة ميرلاند الاميركية 1980 وماجستير في هندسة المنشآت من جامعة ولاية بنسلفانيا 1986 والبكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة ميامي 1982 ودبلوم عام من كلية برفارد بفلوريدا 1980.
-
ـ مدير معهد الكويت للأبحاث العلمية منذ نهاية عام 2007.
-
ـ منذ مطلع حياته الوظيفية تدرج في عدد من الوظائف من مساعد باحث عام 1983 الى مستشار وباحث مساعد بجامعة ميرلاند عام 1986 الى باحث علمي من 1989 وباحث مشارك عام 1993 ومدير دائرة الهندسة المدنية والبناء عام 1991 ومدير ادارة الهندسة عام 1997 ومدير ادارة البيئة والتنمية الحضرية عام 2001 الى مدير إدارة البحوث بمؤسسة الكويت للتقدم العلمي 2002 ـ 2007.
-
ـ نشر أكثر من 40 ورقة علمية وتقريرا فنيا.
-
ـ يشترك في عضوية أكثر من 42 لجنة ويرأس حوالي 12 لجنة تتوزع في مشاريع الطاقة.
-
ـ نال العديد من شهادات التقدير والتميز والأوسمة.